ايصال الطالب الي المكاسب المجلد 7

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: الحسيني الشيرازي، محمد، 1380 - 1305، شارح

عنوان واسم المؤلف: ايصال الطالب الي المكاسب: شرح واف بغرض الكتاب، تيعرض لحل مشكلاته و ابداآ مقاصد في ايجاز و توضيح/ محمد الحسيني الشيرازي

تفاصيل المنشور: تهران : موسسة كتابسراي اعلمي ، 1385.

خصائص المظهر: ج 16

شابك : 964-94017-6-8(دوره): ؛ 964-7860-59-5(ج. 1): ؛ 964-7860-58-7(ج. 2): ؛ 964-7860-57-9(ج. 3): ؛ 964-7860-56-0(ج. 4): ؛ 964-7860-54-4(ج. 6): ؛ 964-7860-53-6(ج. 7): ؛ 964-7860-55-2(ج. 8): ؛ 964-7860-52-8(ج. 9): ؛ 964-7860-51-X(ج. 10): ؛ 964-7860-50-1(ج. 11): ؛ 964-7860-49-8(ج. 12): ؛ 964-7860-45-X(ج. 13): ؛ 964-7860-47-1(ج. 15):

لسان : العربية

ملحوظة : الفهرسة على أساس المعلومات فيپا

ملحوظة : هذا الكتاب هو وصف"المكاسب مرتضي بن محمد امين انصاري" يكون

عنوان آخر: المكاسب. شرح

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1281 - 1214ق. المكاسب -- نقد و تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

موضوع : فقه جعفري -- قرن ق 13

المعرف المضاف: انصاري، مرتضي بن محمدامين ، 1281 - 1214ق. المكاسب. شرح

ترتيب الكونجرس: BP190/1/الف8م702133 1385

تصنيف ديوي: 297/372

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 85-16816

ص: 1

اشارة

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله و كفى، و صلى الله على محمد المصطفى، و آله اهل الوفاء هذا هو القسم الثالث من البيع من كتابنا (ايصال الطالب) فى شرح كتاب (المكاسب) للعالم العامل الزاهد آية الله الحاج الشيخ المرتضى الانصارى (قدس سره)

كتبته تصبرة للمبتدئين، و تذكرة لغيرهم، و الله الموفق للاتمام، و ان يجعله ذخرا ليوم «لا ينفع فيه مال و لا بنون»

كربلاء المقدسة

محمد بن المهدى الحسينى الشيرازى

ص: 2

[تتمة كتاب البيع]

[تتمة الكلام في شروط المتعاقدين]

اشارة

مسئلة و من شروط المتعاقدين اذن السيد لو كان العاقد عبدا،

فلا يجوز للمملوك ان يوقع عقدا الا باذن سيّده، سواء كان لنفسه فى ذمته، او بما فى يده، أم لغيره؟ لعموم: ادلة عدم استقلاله فى اموره قال الله تعالى: ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ.

و عن الفقيه: بسنده الى زرارة عن ابى جعفر و ابى عبد الله عليهما السلام قالا: المملوك لا يجوز نكاحه و لا طلاقه الا باذن سيّده قلت: فإن كان السيد زوجه بيد من الطلاق؟ قال عليه السلام: بيد السيد، ضرب الله مثلا

______________________________

(مسأله: و من شروط المتعاقدين: اذن السيد لو كان العاقد عبدا فلا يجوز للمملوك ان يوقع عقدا الا باذن سيّده، سواء كان) العقد (لنفسه فى ذمته) نسية (او بما فى يده) نقدا (أم لغيره) ممن اجازه فى العقد.

اشارة

و انما يحتاج عقد العبد الى اذن السيد (لعموم: ادلة عدم استقلاله فى اموره قال الله تعالى: ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا) اى مثلا للآلهة الباطلة التى لا تقدر على اى شي ء من التصرفات، و المثل هو (عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ ءٍ) فانه يدل على ان العبد لا يقدر- تشريعا- من التصرفات، كما ان الآلهة الباطلة كالاصنام و ما اشبه لا تقدر- تكوينا- على التصرفات.

(و عن الفقيه بسنده الى زرارة عن ابى جعفر و ابى جعفر و ابى عبد الله عليهما السلام، قالا: المملوك لا يجوز نكاحه، و لا طلاقه، الا باذن سيده، قلت:

فإن كان السيد زوجه بيد من الطلاق) كانه يريد ان يقول: حيث ان السيد زوجه، فاللازم ان يكون الطلاق بيد العبد، اذ: الطلاق من توابع النكاح الّذي اجازه السيد (قال عليه السلام: بيد السيد، ضرب الله مثلا

ص: 3

عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء، فشي ء الطلاق.

و الظاهر من القدرة خصوصا بقرينة الرواية هو: الاستقلال.

اذ: المحتاج الى غيره فى فعل غير قادر عليه.

فيعلم عدم استقلاله فيما يصدق عليه انه شي ء فكل ما صدر عنه من دون مدخلية المولى، فهو- شرعا- بمنزلة العدم لا يترتب عليه الاثر المقصود منه، لا انه لا يترتب عليه حكم شرعى اصلا.

______________________________

عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء، فشي ء: الطلاق).

و صورة القياس هكذا: الطلاق شي ء، و العبد لا يقدر على شي ء، فلا يقدر على الطلاق.

(و الظاهر من القدرة خصوصا بقرينة الرواية، هو: الاستقلال).

فالمعنى: ان العبد لا يتمكن من الاستقلال فى تصرفاته اما التصرف باذن السيد فلا تنفيه الآية.

(اذ: المحتاج الى غيره فى فعل غير قادر عليه) عرفا، فيصدق انه:

لا يقدر على شي ء.

(فيعلم) من الآية (عدم استقلاله) اى العبد (فيما يصدق عليه انه شي ء)

اما ما لا يصدق عليه انه شي ء عرفا، مثل ان يذكر الله تعالى و ما اشبه، و إن كان شي ء لغة، فلا بأس به (فكل ما صدر عنه من دون مدخلية المولى فهو شرعا- بمنزلة العدم لا يترتب عليه الأثر المقصود منه) كالنقل و الانتقال فى باب البيع و الحلّية و الحرمة فى باب النكاح و الطلاق، و هكذا (لا انه لا يترتب عليه) اى على ما يصدر عن العبد (حكم شرعى اصلا).

ص: 4

كيف و افعال العبيد موضوعات لاحكام كثيرة، كالاحرار.

[هل ينفذ إنشاء العبد إذا لحقته إجازة السيد]

و كيف كان فانشاءات العبد لا يترتب عليها آثارها من دون اذن المولى اما مع الاذن السابق، فلا اشكال.

______________________________

و (كيف) يمكن، ان يقال: بعدم ترتب اىّ اثر (و) الحال ان (افعال العبيد موضوعات لاحكام كثيرة، كالاحرار) فاجراماته توجب ترتب الحدود عليه، و ضماناته توجب تبعة الضمان و عباداته تسقط القضاء و الكفارة، و جنابته توجب الغسل، الى غيرها من الاحكام الكثيرة.

فمعنى: لا يقدر على شي ء ممّا يرى العرف انه تصرف فى حق المولى، أو نص على ذلك الشرع.

لكن ربما يقال: بعدم شمول الآية و الرواية، لمثل عقد البيع، فاذا عقد رتب عليه الأثر، اذ: الآية الكريمة بقرينة ذيلها: ينفق منه سرا و جهرا، لا تدل على ان العبد مطلقا محجور التصرف، و الرواية انما هى بصدد بيان ان المحرم ما يقال له فى العرف: انه شي ء.

و من المعلوم ان اجراء العقد للغير الّذي لا ينافى حق المولى، ليس:

بشي ء.

فالقول بالحرمة تكليفا و الاحتياج الى اجازة المولى فى تأثير عقده الاثر المطلوب منه وضعا محل اشكال.

(و كيف كان فانشاءات العبد لا يترتب عليها آثارها من دون اذن المولى) سابقا أو لاحقا.

(اما مع الاذن السابق فلا اشكال) فى الصحة و تأثير الأثر.

ص: 5

و اما مع الاجازة اللاحقة فيحتمل عدم الوقوع، لان المنع فيه ليس من جهة العوضين اللذين يتعلق بهما حق المجيز فله ان يرضى بما وقع على ماله من التصرف فى السابق و ان لا يرضى، بل المنع من جهة راجعة الى نفس الانشاء الصادر، و ما صدر على وجه لا يتغير منه بعده.

و بتقرير آخران الاجازة انما تتعلق بمضمون العقد، و حاصله: اعنى انتقال المال بعوض، و هذا فيما نحن فيه ليس منوطا برضى المولى قطعا اذ:

______________________________

(و اما مع الاجازة اللاحقة) كما لو عقد بدون اجازة المولى ثم اجاز العقد (فيحتمل عدم الوقوع) لمقتضى العقد (لان المنع فيه) اى منع الشارع عن هذا العقد (ليس من جهة العوضين اللذين يتعلق بهما حق المجيز) كالفضولى، اذ: المنع فيه من جهة تعلق حق المالك المجيز، بالمال (فله) اى للمالك- فى مثل الفضولى- (ان يرضى بما وقع على ماله من التصرف فى السابق، و ان لا يرضى) فلا يؤثر العقد الفضولى اثرا (بل المنع) هنا فى باب عقد العبد بدون اجازة السيد (من جهة راجعة الى نفس الانشاء الصادر) فكانّ الانشاء لا إنشاء (و ما صدر على وجه) كالبطلان للانشاء فى المقام (لا يتغير منه) الى وجه آخر (بعده) بعد ان صدر على وجه خاص، لانه من قبيل انقلاب الموجود الى موجود آخر، و هذا غير معقول.

(و بتقرير آخران الاجازة) اللاحقة (انما تتعلق بمضمون العقد و حاصله) اى حاصل العقد، و: الواو، عطف على: مضمون (اعنى انتقال المال بعوض و هذا فيما نحن فيه ليس منوطا برضى المولى قطعا اذ) المال ليس للمولى فان

ص: 6

المفروض انه اجنبى عن العوضين، و انما له حق فى كون إنشاء هذا المضمون قائما بعبده، فاذا وقع على وجه يستقل به العبد، فلحوق الاجازة لا يخرجه عن الاستقلال الواقع عليه قطعا الا ان الاقوى، هو: لحوق اجازة المولى لعموم ادلة: الوفاء بالعقود.

و المخصص انما دلّ على عدم ترتب الأثر على عقد العبد، من دون مدخلية المولى اصلا سابقا، و لاحقا، لا مدخلية اذنه السابق.

و لو شك أيضا وجب الاخذ: بالعموم فى مورد الشك.

______________________________

(المفروض انه) اى المولى (اجنبى عن العوضين، و انما له) اى للمولى (حق فى كون إنشاء هذا المضمون) اى إنشاء النقل و الانتقال (قائما بعبده فاذا وقع) هذا الانشاء (على وجه يستقل به العبد، فلحوق الاجازة) الى الانشاء من المولى (لا يخرجه عن الاستقلال الواقع عليه) الانشاء (قطعا)

هذا وجه عدم تصحيح الاجازة اللاحقة لعمل العبد (الا ان الاقوى هو: لحوق اجازة المولى) فاذا اجاز اثمر العقد ثمره (لعموم: ادلة الوفاء بالعقود) فيجب على المالكين ان يفيا بما عقداه.

(و المخصص) و هو: عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء، (انما دلّ على عدم ترتب الأثر على عقد العبد، من دون مدخلية المولى اصلا) لا (سابقا و) لا (لاحقا لا مدخلية اذنه السابق) فقط.

(و لو شك أيضا) فى الاذن اللاحق هل يكفى، أم لا؟ (وجب الاخذ:

بالعموم) لاوفوا بالعقود (فى مورد الشك).

اذ: العام، شامل و الخارج هو دون الاذن، فاذا شك فى فرد آخر- هل هو

ص: 7

و يؤيد إرادة الاعم من الإجازة، الصحيحة السابقة فان جواز النكاح يكفيه لحوق الاجازة.

فالمراد بالاذن، هو: الاعم، الا انه خرج الطلاق بالدليل.

و لا يلزم تأخير البيان، لان الكلام المذكور مسوق لبيان نفى استقلال

______________________________

خارج أم لا؟ كان اللازم التمسك بعموم العام.

(و يؤيد) اى يؤيّد كفاية الاذن اللاحق (إرادة الاعم من) الاذن السابق و (الاجازة) اللاحقة (الصحيحة السابقة) و هى: رواية زرارة (فان جواز النكاح يكفيه لحوق الاجازة) مع انه تصرف انشائى فى ملك المولى، و ربط لنفسه بالزواج، و فى العقد للعين تصرف انشائى فقط.

(فالمراد بالاذن) الّذي يحتاج إليه صحة عمل العبد (هو: الاعم) من السابق و اللاحق (الا انه خرج الطلاق بالدليل) فانه قام الدليل على انه اذا طلق العبد بطل طلاقه، و ان اجاز المولى طلاقه بعد ذلك.

(و) ان قلت: فاذا لم يصح الطلاق بالاجازة اللاحقة، يلزم ان يكون اطلاق الامام، فى الصحيحة صحة النكاح و الطلاق بالاذن: الشامل للاذن السابق و اللاحق بدون التنبيه على ان الطلاق لا يصح بالاجازة اللاحقة تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة.

و على هذا: فلا بد ان نقول: المراد بالاذن فى الصحيحة الاذن السابق فقط فلا يكن الاستدلال بها للصحة، اذ الحق عقد العبد الاجازة.

قلت: (لا يلزم) من ذلك (تأخير البيان لان الكلام المذكور) فى الصحيحة (مسوق لبيان نفس استقلال

ص: 8

العبد فى الطلاق بحيث لا يحتاج الى رضى المولى أصلا بل و مع كراهة المولى كما يرشد إليه التعبير عن السؤال بقوله: بيد من الطلاق؟

و يؤيد المختار بل يدل عليه ما ورد فى صحة نكاح العبد الواقع بغير اذن المولى اذا اجازه، معللا بانه لم يعص الله تعالى و انما عصى سيده فاذا اجازه جاز، بتقريب ان الرواية تشتمل ما لو كان العبد هو العاقد على نفسه.

______________________________

العبد فى الطلاق، بحيث لا يحتاج الى رضى المولى اصلا بل و مع كراهة المولى كما يرشد إليه) اى الى كون البيان بهذا الصدد، لا بصدد بيان الاحتياج الى الاذن، حتى يقال: عدم ذكر استثناء الاجازة اللاحقة فى الطلاق يوجب تأخير البيان (التعبير عن السؤال بقوله: بيد من الطلاق) فانه يظهر منه انه فى مقام السؤال عن ان الطلاق بيد السيد، كالنكاح او بيد العبد بعد ان اذن له السيد فى النكاح.

(و يؤيّد المختار) من كفاية الاجازة اللاحقة (بل يدل عليه ما ورد فى صحة نكاح العبد الواقع بغير اذن المولى اذا اجازه) المولى بعد ذلك (معللا) وجه الصحة (بانه) اى العبد فى نكاحه بدون الاجازة (لم يعص الله تعالى) اى معصية ابتدائية كشرب الخمر، و ما اشبه (و انما عصى سيده) حيث اوقع النكاح بدون اجازته (فاذا اجاز) السيد النكاح (جاز) و صح.

و وجه التأييد (بتقريب ان الرواية تشتمل ما لو كان العبد هو العاقد على نفسه) فاذا صح لحوق الاجازة بهذا العقد فصحة لحوقها بعقد

ص: 9

و حمله على ما اذا عقد الغير له مناف لترك الاستفصال.

مع ان تعليل الصحة بانه لم يعص الله تعالى الى آخره فى قوة ان يقال: انه اذا عصى الله بعقد كالعقد على ما حرم الله تعالى على ما مثل به الامام (ع) فى روايات أخر واردة فى هذه المسألة

______________________________

العبد على غيره بطريق اولى.

(و حمله) اى الحديث (على ما اذا عقد الغير له) اى للعبد (مناف لترك الاستفصال) فانه لو كان المراد من هذا الحديث هذه الصورة فقط لكان اللازم ان يخصصها الامام بالذكر (مع ان تعليل الصحة) لعقده اذا اجاز سيده (بانه لم يعص الله تعالى الى آخره) كاف فى الدلالة على ان الاجازة تكفى فى صحة العقد المتقدم، بتقريب ان هذا التعليل (فى قوة ان يقال: انه) اى العبد (اذا عصى الله بعقد كالعقد) اى كان يعقد (على ما حرم الله تعالى) كالاخت، و الام (على ما مثل به الامام (ع) فى روايات اخر، واردة فى هذه المسألة) اى مسئلة عقد العبد لنفسه بدون اذن السيد، فقد روى زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج عبده بغير اذنه فدخل بها، ثم اطلع على ذلك مولاه فقال عليه السلام: ذلك الى مولاه ان شاء فرق بينهما و ان شاء اجاز نكاحهما و للمرأة ما اصدقها الا ان يكون اعتدى فاصدقها صداقا كثيرا، فان اجاز نكاحه فهما على نكاحهما الاول، فقلت: لابى جعفر عليه السلام، فانه فى اصل النكاح كان عاصيا فقال عليه السلام: انما اتى شيئا حلالا، و ليس بعاص لله و انما عصى سيده و لم يعص الله ان ذلك ليس كإتيانه ما حرّم الله عليه

ص: 10

كان العقد باطلا، لعدم تصور رضاء الله تعالى بما سبق من معصيته اما اذا لم يعص الله، و عصى سيده، امكن رضا سيده فيما بعد بما لم يرض به سابقا فاذا رضى به، و اجاز صح، فيكون الحاصل: ان معيار الصحة فى معاملة، العبد بعد كون المعاملة فى نفسها مما لم ينه عنه الشارع هو: رضى سيده بوقوعه سابقا، أو لاحقا، و انه اذا عصى سيده بمعاملة ثم رضى السيد بها صح، و ان ما قاله المخالف من: ان معصية السيد لا يزول حكمها برضاه بعده و انه لا ينفع الرضا اللاحق كما نقله السائل عن طائفة من العامة

______________________________

من نكاح فى عدة و اشباهه.

فعليه: اذا عصى الله بعقد (كان العقد باطلا لعدم تصور رضاء الله تعالى بما) اى بالعمل الّذي (سبق من معصيته) كان يزنى الشخص مثلا ثم يرضى الله تعالى سبحانه به (اما اذا لم يعص الله، و عصى سيده امكن رضا سيده فيما بعد بما لم يرض به سابقا) فان للانسان ان يرضى فيما بعد بما كرهه فيما قبل (فاذا رضى به و اجاز، صح) ذلك الشي ء (فيكون الحاصل) من الحديث (ان معيار الصحة فى معاملة العبد بعد كون المعاملة فى نفسها مما لم ينه عنه الشارع) بان لا يكون كالربا و بيع الخمر مثلا (هو: رضى سيده بوقوعه) رضا (سابقا) على العقد (أو لاحقا و انه انا عصى سيده بمعاملة ثم رضى السيد بها) اى بتلك المعاملة (صح و ان ما قاله المخالف) اى السنة (من: ان معصية السيد لا يزول حكمها برضاه بعده) اى بعد ان خالف (و انه لا ينفع الرضا اللاحق كما نقله السائل عن طائفة من العامة).

ففى موثقه زرارة عن ابى جعفر عليه السلام سألته عن مملوك تزوج

ص: 11

غير صحيح، فافهم و اغتنم.

و من ذلك: يعرف ان استشهاد بعض بهذه الروايات على صحة عقد العبد و ان لم يسبقه اذن و لم يلحقه اجازة بل و مع سبق النهى أيضا لان غاية الامر هو: عصيان العبد و اثمه فى ايقاع العبد و التصرف فى لسانه الّذي هو ملك للمولى.

______________________________

بغير اذن سيده فقال عليه السلام: ذاك الى سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما قلت: اصلحك اللّه انّ الحكم ابن عيينة و ابراهيم النخعى و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا يحلله اجازة السيد فقال، عليه السلام: انه لم يعص الله و انما عصى سيده فاذا اجاز فهو جائز له.

فالقول المخالف للسنة (غير صحيح، فافهم و اغتنم) لما فيه من الدقة و الفائدة.

(و من ذلك) الّذي ذكرنا من توقف عقد العبد على اذن السيد سابقا أو لاحقا- لانه تصرف فى حقه فيتوقف على اجازته (يعرف ان استشهاد بعض بهذه الروايات) التى مرت اثنتان منها (على صحة عقد العبد و إن لم يسبقه اذن و لم يلحقه اجازة بل و مع سبق النهى أيضا) من السيد.

فان صور المسألة ان العبد قد يعقد لنفسه و قد يعقد لغيره.

و كل منهما اما مع سبق الاجازة من المولى او سبق المنع، أو لا هذا و لا ذاك او لحوق الاجازة او المنع، او السكوت (لان غاية الامر هو: عصيان العبد و اثمه فى ايقاع العبد و التصرف) من العبد (فى لسانه الّذي هو ملك للمولى) حيث حركه تحريكا باجراء العقد بدون اجازة المولى

ص: 12

لكن النهى مطلقا لا يوجب الفساد، خصوصا النهى الناشئ عن معصية السيد كما يؤمى إليه هذه الاخبار الدالة على ان معصية السيد لا يقدح بصحة العقد.

فى غير محله، بل الروايات ناطقة- كما عرفت- بان الصحة من

______________________________

(لكن النهى) عن التصرف (مطلقا) اىّ قسم من اقسام النهى كان (لا يوجب الفساد) حتى اذا كان من الله تعالى.

كما نرى فى النهى عن البيع وقت النداء، فانه لا يوجب فساد البيع، و انما كان البائع (خصوصا النهى الناشئ عن معصية السيد) لانه ليس ذات العمل عصيانا لله تعالى (كما يؤمى إليه) اى الى ان عصيان السيد لا يوجب الفساد (هذه الاخبار الدالة على ان معصية السيد لا يقدح بصحة العقد)

و قوله: (فى غير محله) خبر: ان استشهاد،

و وجه استشهاد البعض بهذه الروايات على الصحة، انه لو كان العقد بدون الاذن باطلا، لم يفده تعقب الرضا، فاذا دلت الروايات على افادة تعقب الرضا، دلت على صحة العقد، و اذا صح العقد فى صورة عدم الاذن، صح فى صورة النهى أيضا، لانه يتبين منها ان هذا العقد ليس من التصرف فى مال المولى.

و لا يخفى ان مراد البعض، هو: فيما اذا عقد على مال غير المولى اما العقد على مال المولى، فلا اشكال فى احتياجه الى الاذن السابق او الاجازة اللاحقة. (بل الروايات ناطقة- كما عرفت- بان الصحة) للعقد (من

ص: 13

جهة ارتفاع كراهة المولى، و تبدله بالرضا بما فعله العبد،

و ليس ككراهة الله عز و جل، بحيث يستحيل رضاه بعد ذلك بوقوعه السابق، فكانّه قال: لم يعص الله، حتى يستحيل تعقبه للاجازة و الرضا، و انما عصى سيده، فاذا اجاز جاز، فقد علق الجواز صريحا على الاجازة.

و دعوى: ان

______________________________

جهة ارتفاع كراهة المولى، و تبدّله) اى تبدل كرهه (بالرضا) من المولى (بما فعله العبد) من العقد.

(و ليس) كره المولى (ككراهة الله عز و جل) لشي ء كالعقد على المحارم (بحيث يستحيل رضاه بعد ذلك) الكره (بوقوعه) اى وقوع العمل المكروه (السابق).

فيمكن من المولى الرضا، و لذا يصح عقد العبد، و لا يمكن فى الله الرضا على محرم، فلا يصح العقد (فكانه) اى الامام عليه السلام (قال لم يعص) العبد (الله، حتى يستحيل تعقبه) اى تعقب العقد (للاجازة و الرضا، و انما عصى سيده، فاذا اجاز، جاز) العقد و نفذ (فقد علق) الامام (الجواز) تعليقا (صريحا على الاجازة).

فكيف يمكن ان يقال: بصحة العقد و لو بدون الاجازة، او مع النهى السابق.

(و دعوى) هذا البعض لتصحيح العقد، و لو بدون اجازة المولى او نهيه، بما حاصله: (ان) المولى قد يملك: مضمون العقد، فقط

ص: 14

تعليق الصحة على الاجازة، من جهة مضمون العقد، و هو: التزويج المحتاج الى اجازة السيد اجماعا، لا نفس إنشاء العقد، حتى لو فرضناه للغير يكون محتاجا الى اجازة مولى العاقد.

مدفوعة: بان المنساق من الرواية اعطاء قاعدة كلية بان رضا المولى بفعل العبد بعد وقوعه، يكفى فى كل ما يتوقف على

______________________________

دون: الانشاء، كما لو زوج اجنبى لعبد المولى، فان المولى لا يملك الانشاء و انما يملك المضمون.

و قد يملك المولى: الانشاء، دون: المضمون، كما لو انشأ عبده عقدا لانسان آخر، فان المولى يملك الانشاء دون العقد.

و قد يملكهما، كما اذا عقد العبد لنفسه، و اللازم ان نخصص ما دل على تعليق صحة عقد العبد على اجازة السيد بالقسم الثالث حيث انه تصرف فى مال المولى.

ف (تعليق الصحة) للعقد (على الاجازة) من المولى، انما هو: (من جهة مضمون العقد، و هو) اى المضمون (التزويج المحتاج الى اجازة السيد اجماعا، لا) ان المحتاج الى الاجازة (نفس إنشاء العقد، حتى لو فرضناه) اى الانشاء (للغير) بان عقد العبد لانسان غير مربوط بالمولى (يكون) عقده (محتاجا الى اجازة مولى العاقد) حتى اذا لم يجز لم يصح العقد.

(مدفوعة: بان المنساق من الرواية اعطاء قاعدة كلية بان رضا المولى بفعل العبد بعد وقوعه) اى وقوع ذلك الفعل (يكفى فى كل ما يتوقف على

ص: 15

مراجعة السيد و كان فعله من دون مراجعة او مع النهى عنه، معصيته له، و المفروض ان نفس العقد من هذا القبيل.

ثم ان ما ذكره: من عصيان العبد بتصرفه فى لسانه، و انه لا يقتضي الفساد، يشعر بزعم ان المستند فى بطلان عقد العبد لغيره، هو حرمة تلفظه بألفاظ العقد، من دون رضا المولى.

و فيه، أولا: منع حرمة هذه التصرفات الجزئية، للسيرة المستمرة

______________________________

مراجعة السيد) سواء كان عقدا انشائيا، او مضمونا للعقد؟ (و كان فعله) اى العبد (من دون مراجعة) السيد (او مع النهى) من السيد (عنه) عن ذلك الفعل (معصيته له) يتوقف على اجازته (و المفروض ان نفس العقد) إنشاء- و لو كان لاجنبى- (من هذا القبيل)

و صورة القياس: العقد إنشاء يتوقف على مراجعة السيد، و كل ما يتوقف على مراجعة السيد يتوقف على اجازته ان صدر بدون المراجعة

(ثم ان ما ذكره) هذا المعاصر (من عصيان العبد بتصرفه فى لسانه) بدون اجازة السيد (و انه) اى هذا التصرف (لا يقتضي الفساد) اذ:

ليس تصرفا فى المضمون (يشعر بزعم) هذا المعاصر (ان المستند فى بطلان عقد العبد لغيره، هو حرمة تلفظه بألفاظ العقد، من دون رضى المولى) بهذا التصرف.

(و فيه) ان سبب التحريم ليس ذلك.

اذ: يرد عليه (أولا: منع حرمة هذه التصرفات الجزئية) مما لا يعد تصرفا عرفا و منافيا لملك المولى (للسيرة المستمرة

ص: 16

على مكالمة العبيد، و نحو ذلك من المشاغل الجزئية.

و ثانيا: بداهة ان الحرمة فى مثل هذه، لا توجب الفساد، فلا يظن استناد العلماء فى الفساد الى الحرمة.

و ثالثا: ان الاستشهاد بالرواية لعدم كون معصية السيد بالتكلم بألفاظ العقد، و التصرف فى لسانه، قادحا فى صحة العقد، غير صحيح

لان مقتضاه: ان التكلم، ان كان معصية لله تعالى، يكون مفسدا.

______________________________

على مكالمة العبيد) بدون اذن السيد (و نحو ذلك: من المشاغل الجزئية) كحركة اليد، و شرب الماء، و ما اشبه.

(و ثانيا: بداهة ان الحرمة فى مثل هذه) الفعلة اى التلفظ بلفظ العقد (لا توجب الفساد) للعقد.

فان متعلق النهى عنوان مغاير لعنوان المعاملة، مقارن له فى الوجود فهو من قبيل النهى عن البيع وقت النداء، لا من قبيل النهى عن البيع الربوي، و ما اشبه (فلا يظن استناد العلماء فى الفساد الى الحرمة) المذكورة.

(و ثالثا: ان الاستشهاد بالرواية لعدم كون معصية السيد) عصيانا (ب) سبب (التكلم بألفاظ العقد، و) بسبب (التصرف فى لسانه، قادحا فى صحة العقد): قادحا، خبر: كون، (غير صحيح) خبر: ان الاستشهاد.

(لان مقتضاه) اى مقتضى ان عصيان السيد لا يضر (ان التكلم، ان كان معصية لله تعالى، يكون مفسدا) لان الحديث قال: لم يعص الله و انما عصى سيده.

و من المعلوم ان مفهومه انه لو عصى الله تعالى كان النكاح باطلا، و

ص: 17

مع انه لا يقول به احد، فان حرمة العقد من حيث انه تحريك اللسان، كما فى الصلاة، و القراءة المضيقة، و نحوهما، لا يوجب فساد العقد اجماعا.

فالتحقيق: ان المستند فى الفساد هو الآية المتقدمة، و الروايات الواردة فى عدم جواز امر العبد، و مضيه مستقلا، و انه ليس له من الامر شي ء.

فرع: لو امر العبد آمر ان يشترى نفسه من مولاه، فباعه مولاه [صح و لزم]

______________________________

التلفظ العصيانى لا يوجب البطلان.

(مع انه لا يقول به) اى بالفساد (احد) كما فصلوا ذلك فى الاصول (فان حرمة العقد من حيث انه تحريك اللسان، كما فى الصلاة) بان عقد عقدا فى الصلاة مما كان حراما، لانه اوجب بطلان الصلاة، و بطلان الفريضة حرام (و القراءة المضيقة) كان نذر قراءة قبل الغروب و حان الغروب مما ضاقت القراءة، فعقد عقدا فى هذا الحال (و نحوهما) كالتلبية المضيقة، و ما اشبه (لا يوجب فساد العقد اجماعا).

لان متعلق النهى عنوان مغاير لعنوان المعاملة.

(فالتحقيق: ان المستند فى الفساد) اذا اجرى العبد العقد بدون اذن السيد (هو الآية المتقدمة) عبدا مملوكا لا يقدر على شي ء (و الروايات الواردة فى عدم جواز امر العبد، و مضيه) اى نفوذ فعل العبد (مستقلا) عن المولى (و انه ليس له) اى للعبد (من الامر شي ء) بل و التعليل فى قوله عليه السلام: فشي ء الطلاق و نحوه.

(فرع: لو امر العبد آمر ان يشترى نفسه من مولاه، فباعه مولاه) بأن صار

ص: 18

صح، و لزم، بناء اعلى كفاية رضى المولى الحاصل من تعريضه للبيع من اذنه الصريح، بل يمكن جعل نفس الايجاب موجبا للاذن الضمنى.

و لا يقدح عدم قابلية المشترى للقبول فى زمان الايجاب لان هذا الشرط، ليس على حد غيره من الشروط المعتبرة فى كل من المتعاقدين، من اوّل

______________________________

العبد طرف القبول عن قبل ذلك الموكل (صح) البيع (و لزم) و ان لم يأذن المولى صريحا، فى اجراء العبد عقد اشتراء نفسه (بناء اعلى كفاية رضى المولى) بانشاء عبده (الحاصل) ذلك الرضا (من تعريضه للبيع) اى جعل المولى العبد فى معرض البيع (من اذنه الصريح) متعلق ب: كفاية، اى:

يكفى الرضى عن الاذن، فلا يحتاج الى ان يصرح بالاذن (بل يمكن جعل نفس الايجاب موجبا للاذن الضمنى).

فانه لو لا اجازة المولى و رضاه بالعقد الّذي يجريه العبد، لم يوجب البيع.

(و) ان قلت: العبد فى حال ايجاب مولاه بيعه من نفسه غير قابل، اذ: هو عبد غير مأذون فيكون حاله، كما لو اوجب الشخص بيعا مع المجنون، فكما انه باطل كذلك فى المقام.

قلت: (لا يقدح عدم قابليه المشترى) الّذي هو العبد (للقبول فى زمان الايجاب) «فى» متعلق ب: عدم قابلية.

و انما لا يقدح (لان هذا الشرط) اى شرط اذن المولى فى صحة معاملة العبد (ليس على حد غيره من الشروط المعتبرة فى كل من المتعاقدين من اوّل

ص: 19

الايجاب الى آخر القبول، بل هو نظير اذن مالك الثمن فى الاشتراء حيث يكفى تحققه بعد الايجاب و قبل القبول الّذي بنى المشترى على انشائه فضولا.

و عن القاضى البطلان فى المسألة، مستدلا عليه: باتحاد عبارته مع عبارة السيد، فيتحد الموجب، و القابل.

و فيه:- مع اقتضائه المنع لو اذن له السيد سابقا- منع الاتحاد أوّلا.

______________________________

الايجاب الى آخر القبول) كشرط البلوغ، و العقل، و الحياء، و ما اشبه (بل هو نظير اذن مالك الثمن) كعمرو- مثلا- (فى الاشتراء) كاشتراء زيد الفضول من خالد داره بثمن عمرو (حيث يكفى تحققه) اى تحقق الاذن (بعد الايجاب و قبل القبول الّذي) حفه القبول (بنى المشترى) الفضول (على انشائه) اى إنشاء القبول (فضولا) فانه يكفى الاذن المتوسط، و لا يحتاج الى الاذن من اوّل الايجاب.

(و عن القاضى البطلان) للعقد (فى المسألة) اى اشتراء العبد نفسه من مولاه (مستدلا عليه: باتحاد عبارته مع عبارة السيد) اذ: العبد امتداد للسيد (فيتحد الموجب) اى المولى (و القابل) اى العبد.

(و فيه) اى فى منع القاضى (- مع) اى بالإضافة الى (اقتضائه) اى اقتضاء هذا الدليل (المنع) عن صحة بيع العبد (لو اذن له السيد سابقا-) قبل تلفظه بالايجاب (منع الاتحاد) بين الموجب و القابل (أو لا) اذ لا وجه للاتحاد، فانه لا وحدة، لا عقلا، و لا شرعا، و لا عرفا.

ص: 20

و منع قدحه ثانيا،

هذا اذا امره الآمر بالاشتراء من مولاه، فان امره بالاشتراء من وكيل المولى، فعن جماعة منهم: المحقق، و الشهيد الثانيان، انه لا يصح، لعدم الاذن من المولى.

و ربما قيل بالجواز حينئذ، أيضا بناء اعلى ما سبق منه، من: ان المنع لاجل النهى، و هو: لا يستلزم الفساد.

و فيه: ما عرفت من ان وجه المنع: ادله عدم استقلال العبد فى شي ء، لا منعه عن التصرف فى لسانه، فراجع ما تقدم و الله اعلم.

______________________________

(و منع قدحه) اى الاتحاد (ثانيا) اذ لا دليل على لزوم تعدد الموجب و القابل، اذا كان هناك اثنينية فى الموجب و القابل.

(هذا اذا امره الآمر بالاشتراء) لنفسه (من مولاه، فان امره بالاشتراء من وكيل المولى، فعن جماعة منهم: المحقق، و الشهيد الثانيان، انه لا يصح، لعدم الاذن) للعبد فى اشتراء نفسه (من) قبل (المولى) فبيعه يكون كالفضولى.

(و ربما قيل بالجواز حينئذ، أيضا بناء اعلى ما سبق منه، من: ان المنع) عن هذا البيع (لاجل النهى، و هو) اى النهى (لا يستلزم الفساد).

(و فيه) اى فى القبول بالصحة (ما عرفت من ان وجه المنع) عن معاملة العبد بدون اذن السيد (ادلة عدم استقلال العبد فى شي ء) كالآية، و الرواية السابقة (لا منعه عن التصرف فى لسانه،) باجراء لفظ العقد (فراجع ما تقدم و الله اعلم).

ص: 21

مسئلة: و من شروط المتعاقدين، ان يكونا مالكين، او مأذونين من المالك، او الشارع،

فعقد الفضولى لا يصح، اى لا يترتب عليه ما يترتب على عقد غيره من اللزوم.

و هذا: مراد من جعل الملك و ما فى حكمه شرطا، ثم فرع عليه بان بيع الفضولى موقوف على الاجازة، كما فى القواعد.

______________________________

و ربما يقال: بالفرق بين ما اذا كان الوكيل وكيلا حتى من هذه الجهة، فيصح بيعه للعبد من نفسه، او كان وكيلا لا من هذه الجهة.

لكن الظاهر من القولين المجوز و المانع صورة عدم الوكالة.

(مسئلة) (مسئلة: و من شروط المتعاقدين، ان يكونا مالكين، او مأذونين من المالك) كالوكيلين (او) من (الشارع) كالحاكم و الولى، او بالاختلاف كالمأذون و الحاكم، و هكذا (فعقد الفضولى) و هو من ليس بمالك مجاز فى التصرف، و لا مأذون من المالك او الشارع.

و انما قلنا: مجاز فى التصرف، لاخراج المالك غير المجاز كالراهن و المحجور: ف (لا يصح، اى لا يترتب عليه ما يترتب على عقد غيره من اللزوم) بما يتبعه من الآثار.

(و هذا) اى عدم اللزوم فى عقد الفضولى (مراد من جعل الملك و ما فى حكمه) كالإذن المالكى او الشرعى (شرطا، ثم فرع عليه) اى على هذا الشرط (بان بيع الفضولى موقوف على الاجازة، كما فى القواعد) للعلامة.

ص: 22

فاعتراض جامع المقاصد عليه بان التفريع فى غير محله، لعله فى غير محله.

[الكلام في عقد الفضولي]
اشارة

و كيف كان فالمهم التعرض لمسألة عقد الفضولى التى هى من اهم المسائل، فنقول:

اختلف الاصحاب و غيرهم فى بيع الفضولى،

بل مطلق عقده- بعد اتفاقهم على بطلان ايقاعه

______________________________

(فاعتراض جامع المقاصد عليه بان التفريع فى غير محله) حيث زعم المحقق ان المتبادر من الشرط: كونه شرط الصحة اللازم منه البطلان اذا لم يوجد هذا الشرط (لعله فى غير محله).

اذ: المراد بالشرط، ما عرفت من عدم اللزوم، بدون هذا الشرط لا البطلان، و لا نسلم التبادر المذكور.

(و كيف كان فالمهم التعرض لمسألة عقد الفضولى التى هى من اهم المسائل، فنقول: اختلف الاصحاب و غيرهم فى بيع الفضولى، بل مطلق عقده) رهنا، و اجارة، و صلحا، و نكاحا، و غيرها (- بعد اتفاقهم على بطلان ايقاعه) كالطلاق و العتق.

قالوا لاصالة عدم الوقوع، و لا دليل على الوقوع.

اما من الشرع فواضح، اذ: لا آية، و لا رواية تدل على ذلك، و ما ورد فى باب العقود لا يمكن سحبه الى الايقاع، لعدم العلم بوحدة المناط.

و اما من العقل فاوضح، اذ: لا ربط لمثل هذه الامور بالعقل.

و اما من العرف، فان العرف مرجع فى التطبيق، لا فى التشريع، مثلا كون هذا كرا أم لا؟ من شأن العرف، اما ان الكر: لا ينجس بملاقات النجاسة

ص: 23

كما فى غاية المراد- على اقوال.

و المراد بالفضولى:- كما ذكره الشهيد هو: الكامل غير المالك للتصرف و لو كان غاصبا، و فى كلام بعض العامة: انه العاقد بلا اذن من يحتاج الى اذنه.

و قد يوصف به نفس العقد، و لعله تسامح.

و كيف كان فيشمل العقد الصادر من الباكرة الرشيدة بدون اذن الولى.

______________________________

فليس الا من شأن الشرع (كما فى غاية المراد- على اقوال) كما سيأتى توضيحه

(و المراد بالفضولى) الّذي يقوم به العقد (- كما ذكره الشهيد- هو:

الكامل غير المالك للتصرف) بدون ولاية او اجازة (و لو كان غاصبا، و فى كلام بعض العامة) فى تعريف الفضولى (انه العاقد بلا اذن من يحتاج الى اذنه)- و لم يذكر عدم كونه مالكا لوضوحه-.

(و قد يوصف به) اى بالفضولى (نفس العقد) فعلى هذا يقال: العقد الفضولى، و على الاول يقال عقد الفضولى (و لعله تسامح) لانه من باب الوصف بحال متعلق الموصوف.

و اعلم انه ان اضاف العقد الى الفضولى كان الياء للنسبة، لان العاقد غير المأذون منسوب الى الفضول، و ان جي ء به على سبيل الوصف كان الياء للمبالغة كالاحمرى بمعنى المبالغ فى حمرته.

(و كيف كان، فيشمل) الفضولى (العقد الصادر من الباكرة الرشيدة بدون اذن الولى) على القول باحتياج عقدها الى اذن وليها.

ص: 24

و من المالك، اذا لم يملك التصرف لتعلق حق الغير بالمال، كما يؤمى إليه استدلالهم لفساد الفضولى، بما دل على المنع من نكاح الباكرة بغير اذن وليها، و حينئذ فيشمل بيع: الراهن، و السفيه، و نحوهما، و بيع العبد بدون اذن السيد.

و كيف كان، فالظاهر شموله لما اذا تحقق رضى المالك للتصرف باطنا، و طيب نفسه بالعقد من دون حصول اذن منه صريحا، او فحوى لان العاقد لا يصير

______________________________

(و) العقد الصادر (من المالك، اذا لم يملك التصرف) فى ملكه (لتعلق حق الغير بالمال) كالمرهون، و المحجور، و المنذور، و ما اشبه (كما يؤمى إليه) اى الى شمول الفضولى لهذين القسمين (استدلالهم لفساد الفضولى بما دل على المنع من نكاح الباكرة بغير اذن وليها) فاذا عقدت نفسها بدون اذنه كان تصرفا فى حق الغير، فيكون فضوليا (و حينئذ) اى حين كان الفضولى شاملا حتى للمالك غير المالك للتصرف (فيشمل) الفضولى (بيع:

الراهن، و السفيه، و نحوهما) كالصغير، و المريض، ان قيل بانه محجور من التصرف فى الزائد من الثلث (و بيع العبد بدون اذن السيد) ان قلنا بملكه.

(و كيف كان، ف) هل المعيار فى تحقق الفضولية عدم الرضا لفظا و قلبا، أم يكفى عدم الرضا لفظا و ان رضى قلبا؟ (الظاهر شموله) اى الفضولى (لما اذا تحقق رضى المالك للتصرف باطنا، و) تحقق (طيب نفسه بالعقد، من دون حصول اذن منه صريحا) كان يقول: اذنت لك (او فحوى) كان يأذن فى افنائه، فانه بطريق اولى آذن فى بيعه- مثلا-

و انما قلنا لا يكفى الرضا قلبا (لان العاقد، لا يصير

ص: 25

مالكا للتصرف، و مسلطا عليه بمجرد علمه برضى المالك.

و يؤيده: اشتراطهم فى لزوم العقد كون العاقد مالكا، او مأذونا، او وليا.

و فرعوا عليه بيع الفضولى.

و يؤيده أيضا استدلالهم على صحة الفضولى، بحديث عروة البارقى، مع ان الظاهر علمه برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم، بما يفعله و إن كان الّذي يقوى

______________________________

مالكا للتصرف، و مسلطا عليه بمجرد علمه برضى المالك) و العاقد لا بدو ان يكون مالكا للتصرف.

(و يؤيده) اى يؤيد عدم كفاية الرضا فقط (اشتراطهم فى لزوم العقد كون العاقد مالكا، او مأذونا، أو وليا) و لم يذكروا، او عالما برضى المالك.

(و فرعوا عليه) اى على هذا الشرط (بيع الفضولى) مما يدل على ان الفضول عبارة عمن ليس احد الثلاثة، و ان علم برضى المالك.

(و يؤيده) اى عدم كفاية الرضا (أيضا استدلالهم على صحة الفضولى، بحديث عروة البارقى) و هو من اصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم وكّله النبي صلى الله عليه و آله و سلم فى اشتراء شاة فاشترى شاتين بالثمن فى تفصيل يأتى، فان هذا عدّوه من الفضولى (مع ان الظاهر) من الحال (علمه) اى عروة (برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم، بما يفعله) و لو كان الرضى من المالك يخرج العقد عن الفضولى، لما استدل الاصحاب بالحديث على صحة الفضولى، اذ لم يكن عمل عروة حينذاك فضوليا.

هذا (و إن كان الّذي يقوى

ص: 26

فى النفس- لو لا خروجه عن ظاهر الاصحاب- عدم توقفه على الاجازة اللاحقة، بل يكفى فيه رضى المالك المقرون بالعقد، سواء علم به العاقد؟

او انكشف بعد العقد حصوله حينه؟ او لم ينكشف اصلا؟ فيجب على المالك فيما بينه و بين الله تعالى امضاء ما رضى به، و بترتيب الآثار عليه، لعموم:

وجوب الوفاء بالعقود، و قوله تعالى: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

و لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه،

و ما دل على: ان علم المولى بنكاح العبد

______________________________

فى النفس- لو لا خروجه) اى خروج ما يقوى (عن ظاهر الاصحاب- عدم توقفه) اى البيع (على الاجازة اللاحقة، بل يكفى فيه) اى فى عدم كونه فضوليا (رضى المالك المقرون) ذلك الرضا (بالعقد، سواء علم به) اى بالرضا (العاقد؟) حين العقد (او انكشف بعد العقد حصوله) اى الرضا (حينه؟) اى حين العقد.

و ذلك لان العلم ليس الا طريقيا، فلا مدخلية له، و انما المدخلية للرضا (او لم ينكشف اصلا؟) للعاقد (فيجب على المالك) الراضى بالعقد (فيما بينه و بين الله تعالى امضاء ما رضى به) بان يعمل على طبقه (و بترتيب الآثار عليه).

و انما نقول بكفاية الرضا (لعموم: وجوب الوفاء بالعقود) فهذا عقد يجب الوفاء به (و قوله تعالى: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) فهى تجارة فيها رضى المالك (و لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه) فمال البائع حلال للمشترى، لان انتقاله صادر عن طيب النفس (و ما دل على:

ان علم المولى بنكاح العبد

ص: 27

و سكوته اقرار منه، و رواية عروة البارقى الآتية، حيث اقبض المبيع، و قبض الدينار، لعلمه برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و لو كان فضوليا موقوفا على الإجازة لم يجز التصرف فى المعوض و العوض، بالقبض و الاقباض.

و تقرير النبي صلى الله عليه و آله و سلم له على ما فعل، دليل على جوازه هذا، مع ان كلمات الاصحاب فى بعض المقامات، يظهر منه خروج هذا الفرض عن الفضولى، و عدم وقوفه على الإجازة، مثل قولهم فى الاستدلال

______________________________

و سكوته اقرار منه) مع انه ليس فى البين الا الرضا (و رواية عروة البارقى الآتية، حيث اقبض) عروة (المبيع، و قبض الدينار) فاشترى أولا شاه ثم باعها، و اشترى بنصف الثمن شاه و جاء بالدينار و الشاه الى الرسول (لعلمه برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و لو كان فضوليا موقوفا على الإجازة، لم يجز التصرف فى المعوض و العوض، بالقبض و الاقباض) اذ:

لا يجوز للفضول التصرف.

(و تقرير النبي صلى الله عليه و آله و سلم له على ما فعل) من القبض و الاقباض (دليل على جوازه) اذ: لو لا الجواز لكان حراما فكان النبي صلى الله عليه و آله و سلم ينبهه على ذلك.

(هذا) ادله كفاية الرضا فى خروج العقد عن الفضولية (مع ان كلمات الاصحاب فى بعض المقامات، يظهر منه خروج هذا الفرض) اى فرض رضى المالك (عن الفضولى، و عدم وقوفه على الإجازة) فليس الاصحاب متفقين على عدم كفاية الرضا (مثل قولهم فى الاستدلال

ص: 28

على الصحة: ان الشرائط كلها حاصلة الارضى المالك، و قولهم: ان الاجازة لا يكفى فيها السكوت، لانه اعم من الرضا، و نحو ذلك.

ثم: لو سلم كونه فضوليا، لكن ليس كل فضولى يتوقف لزومه على الاجازة لانه لا دليل على توقفه مطلقا على الاجازة اللاحقة، كما هو احد الاحتمالات فيمن باع ملك غيره، ثم ملكه.

______________________________

على الصحة) لبيع الفضولى: (ان الشرائط كلها حاصلة) اى شرائط صحة المعاملة (الارضى المالك) فان الظاهر منه: ان الشرط هو الرضا لا الاجازة (و قولهم: ان الاجازة لا يكفى فيها السكوت، لانه) اى السكوت (اعم من الرضا) اذ: قد يسكت الانسان و هو كاره.

وجه الاستدلال بهذا القول لكفاية الرضا: ان المفهوم من هذا الكلام انه لو كان السكوت مساويا للرضا لكفى، فيدل على كفاية الرضا (و نحو ذلك) من ساير الكلمات التى وردت بهذا الصدد، مما ظاهرها كفاية الرضا.

(ثم: لو سلم كونه) اى التعامل مع الرضا (فضوليا، لكن ليس كل فضولى يتوقف لزومه على الاجازة) فهذا القسم من المعاملة المقرونة بالرضا فضولى لا يتوقف على الاجازة (لانه لا دليل على توقفه) اى الفضولى (مطلقا) سواء كان مقرونا بالرضا، أم لا؟ (على الإجازة اللاحقة، كما هو احد الاحتمالات) اى عدم التوقف على الإجازة (فيمن باع ملك غيره، ثم ملكه) كما لو باع زيد دار ابيه، ثم مات الأب و ملك زيد الدار، فان بعض الفقهاء قال: بانه لا يحتاج البيع الفضولى السابق الى الاجازة.

ص: 29

مع انه يمكن الاكتفاء فى الاجازة بالرضا الحاصل بعد البيع المذكور آنا مّا.

اذ: وقوعه برضاه، لا ينفك عن ذلك مع الالتفات.

ثم: انه لو اشكل فى عقود غير المالك فلا ينبغى الاشكال فى عقد العبد نكاحا، او بيعا،- مع العلم برضى السيد و لو لم يأذن له- لعدم تحقق المعصية التى هى مناط المنع فى الاخبار.

و عدم منافاته، لعدم استقلال

______________________________

(مع انه يمكن الاكتفاء فى الاجازة بالرضا الحاصل بعد البيع المذكور آنا مّا) بان امتد الرضا الى ما بعد البيع، فهذا الرضا اجازة.

(اذ: وقوعه) اى البيع (برضاه) المقارن للعقد (لا ينفك عن ذلك) اى تأخر الرضا آنا مّا عن العقد (مع الالتفات) الى العقد بعد تمامه.

نعم لو ذهل عند تمام العقد عن ذلك لم يكن له رضى فعلى بعد العقد.

(ثم انه لو اشكل فى) كفاية الرضا فقط فى (عقود غير المالك) و غير الوكيل، و المأذون (فلا ينبغى الاشكال فى عقد العبد نكاحا) لنفسه (او بيعا) لنفسه على القول بملك العبد (- مع العلم) من العبد (برضى السيد و لو لم يأذن) السيد (له-).

و انما نقول بالكفاية هنا، و لم نقل بها فى سائر الفضوليات (لعدم تحقق المعصية التى هى مناط المنع فى الاخبار) فى صورة رضى السيد، اذ: لا يصدق ان العبد عصى السيد.

(و عدم منافاته) اى نكاح العبد مع علمه برضى سيده (لعدم استقلال

ص: 30

العبد فى التصرف.

[صور بيع الفضولي]
اشارة

ثم اعلم: ان الفضولى، قد يبيع للمالك، و قد يبيع لنفسه.

و على الاول فقد لا يسبقه منع من المالك، و قد يسبقه المنع،

فهنا مسائل ثلاث.
الأولى: ان يبيع للمالك مع عدم سبق منع من المالك،
اشارة

و هذا هو المتيقن من عقد الفضولى،

و المشهور الصحة

______________________________

العبد فى التصرف) حتى يقال: ان العبد لا يحق له ان يتصرف تصرفا مستقلا.

و انما قلنا: لعدم، لوضوح ان عمل العبد برضى السيد لا يعد استقلالا فى العرف.

(ثم اعلم: ان الفضولى، قد يبيع للمالك، و قد يبيع لنفسه) كالغاصب الّذي يبيع مال الناس بقصد انه له، و ان الثمن عائد إليه، لا الى المالك الاصلى.

(و على الاول) و هو: ما اذا باعه للمالك (فقد لا يسبقه منع من المالك، و قد يسبقه المنع، فهنا مسائل ثلاث).

المسألة (الاولى:) (ان يبيع للمالك مع عدم سبق منع من المالك، و هذا هو المتيقن من عقد الفضولى) الّذي رفع الكلام فيه بين الاصحاب، هل هو صحيح، أم لا؟

(و المشهور الصحة) و استدل لها بامور ستة- كما يأتى فى الجملة-
اشارة

الاول: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، بعد الاستناد الى المالك باجازته له أو رضاه به.

الثانى: حديث عروة البارقى.

الثالث: حديث محمد بن قيس.

ص: 31

بل فى التذكرة نسبه الى علمائنا، تارة صريحا، و اخرى ظاهرا بقوله عندنا.

الا انه ذكر عقيب ذلك، ان لنا فيه قولا بالبطلان.

و فى غاية المراد حكى الصحة عن العمانى، و المفيد، و المرتضى و الشيخ فى النهاية، و سلار و الحلبى، و القاضى، و ابن حمزة، و حكى عن الاسكافى، و استقر عليه رأى من تأخر، عدا فخر الدين، و بعض متأخرى المتأخرين كالاردبيلى، و السيد الداماد، و بعض متأخرى المحدثين لعموم

______________________________

الرابع: بناء العقلاء و عدم ردع الشارع.

الخامس: اصل الصحة فيما اذا شك فى انه هل يشترط شرط زائد أم لا؟

السادس: فحوى صحة نكاح الفضولى (بل فى التذكرة) للعلامة (نسبه) اى القول بالصحة (الى علمائنا، تارة) نسبه (صريحا، و اخرى ظاهرا بقوله عندنا) فانه ظاهر بان المراد عند علماء الامامية لا عنده نفسه فقط.

(الا انه ذكر عقيب ذلك) اى عقيب: عندنا، (ان لنا فيه) اى فى الفضولى (قولا بالبطلان) و هذا يوجب ضعف ظهور: عندنا، فى كونه نسبة الى العلماء.

(و فى غاية المراد، حكى الصحة عن العمانى، و المفيد، و المرتضى و الشيخ فى النهاية، و سلار، و الحلبى، و القاضى، و ابن حمزه، و حكى عن الاسكافى، و استقر عليه رأى من تأخر، عدا فخر الدين) ابن العلامة (و بعض متأخرى المتأخرين كالاردبيلى، و السيد الداماد، و بعض متأخرى المحدثين).

و انما ذهبوا الى الصحة (لعموم:

ص: 32

ادلة البيع، و العقود، لان خلوه عن اذن المالك، لا يوجب سلب اسم العقد و البيع عنه.

و اشتراط ترتب الأثر بالرضا و توقفه عليه أيضا لا مجال لانكاره، فلم يبق الكلام الا فى اشتراط سبق الاذن.

و حيث لا دليل عليه، فمقتضى الاطلاقات: عدمه.

و مرجع ذلك كله الى: عموم حل البيع، و وجوب الوفاء بالعقد خرج منه العارى عن الاذن، و الاجازة معا، و لم يعلم خروج ما فقد الاذن و لحقه الاجازة.

______________________________

ادلة البيع) نحو: احل الله البيع، فانه يشمل الفضولى أيضا (و العقود) نحو:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (لان خلّوه) اى الفضولى (عن اذن المالك، لا يوجب سلب اسم العقد و البيع عنه) فانه عقد و بيع عرفا، فيدخل تحت العموم.

(و اشتراط ترتب الأثر) المطلوب من النقل و الانتقال (بالرضا) من المالك (و توقفه) اى الأثر (عليه) اى على الرضا (أيضا لا مجال لانكاره) اذ:

لا يقول احد بترتب الاثر بدون رضا المالك (فلم يبق الكلام الا فى اشتراط سبق الاذن) على العقد حتى يقال: بعدم صحة الفضولية.

(و حيث لا دليل عليه) اى على هذا الاشتراط (فمقتضى الاطلاقات:

عدمه) و المراد بالإطلاقات اطلاقات ادلة البيع و ادله الاشتراط بالرضا.

(و مرجع ذلك) الدليل على الصحة (كله الى: عموم حل البيع و وجوب الوفاء بالعقد) مطلقا (خرج منه) اى من هذا العموم (العارى عن الاذن، و الاجازة معا) بان لا يكون له اذن سابق، و لا اجازة لاحقة (و لم يعلم خروج ما فقد الاذن و لحقه الاجازة) فاللازم الرجوع فى هذا الفرد الى: عموم العام كما

ص: 33

و الى ما ذكرنا يرجع استدلالهم، بانه عقد صدر عن اهله فى محله.

فما ذكره فى غاية المراد، من انه: من باب المصادرات لم اتحقق وجهه لان كون العاقد اهلا للعقد، من حيث انه بالغ عاقل، لا كلام فيه و كذا كون المبيع قابلا للبيع، فليس محل الكلام الا خلو العقد عن مقارنة اذن المالك و هو

______________________________

لو علمنا بخروج مرتكب الكبيرة عن: اكرم العلماء، و لم نعلم بخروج مرتكب الصغيرة، فان الاصل قاض بوجوب اكرامه.

(و الى ما ذكرنا) من شمول العموم له (يرجع استدلالهم) لصحة الفضولى (بانه عقد صدر عن اهله فى محله) فلا نقص له من جانب الفاعل الّذي هو العاقد الجامع للشرائط، و لا من جهة القابل الّذي هو الجنس المبتاع، فليس كعقد السفيه، و لا كالعقد على الخمر- مثلا-

(فما ذكره فى غاية المراد) لابطال هذا الدليل: انه عقد صدر ... (من انه: من باب المصادرات) و هو الاستدلال على المطلوب بنفس المطلوب، كان يقول الدليل على حدوث العالم هو حدوث العالم، فكانه اراد بذلك ان هذا الدليل معناه: ان عقد الفضولى عقد صدر عن اهله فلذا يصح، بدليل انه صدر عن اهله.

فهذا الّذي ذكره غاية المراد (لم اتحقق وجهه) لانه ليس مصادرة (لان كون العاقد اهلا للعقد، من حيث انه بالغ عاقل، لا كلام فيه) لفرض كون الفضول كذلك مستجمعا لجميع الشرائط ما خلا كونه مالكا او مأذونا (و كذا كون المبيع قابلا للبيع، فليس محل الكلام) و الاشكال (الا خلو العقد عن مقارنة اذن المالك، و هو) غير ضار.

ص: 34

مدفوع بالاصل.

و لعل مراد الشهيد: ان الكلام فى اهلية العاقد.

و يكفى فى اثباتها: العموم المتقدم،

و قد اشتهر الاستدلال عليه بقضية عروة البارقى،

حيث دفع إليه النبي صلى الله عليه و آله و سلم دينارا، و قال له: اشتر لنا به شاة للاضحية، فاشترى به شاتين، ثم باع احدهما فى الطريق بدينار، فاتى النبي صلى الله عليه و آله و سلم بالشاة و الدينار فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: بارك الله لك فى صفقة يمينك، فان بيعه وقع فضولا،- و ان وجهنا شرائه على وجه يخرج

______________________________

لان اشتراطه (مدفوع بالاصل) اى اصالة عدم اشتراط مقارنة الاذن للعقد.

(و لعل مراد الشهيد) من كونه مصادرة (ان الكلام فى اهلية العاقد) حيث انه لم يكن مالكا، و لا مأذونا.

(و) لكن (يكفى فى اثباتها) اى الاهلية (العموم المتقدم) اى عموم:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ (و قد اشتهر الاستدلال عليه) اى على الفضولى (بقضية عروة البارقى، حيث دفع إليه النبي صلى الله عليه و آله و سلم دينارا، و قال له: اشتر لنا به شاة للاضحية، فاشترى به شاتين، ثم باع احدهما فى الطريق بدينار، فاتى النبي صلى الله عليه و آله و سلم بالشاة و الدينار فقال له رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: بارك الله لك فى صفقة يمينك) و صفقة اليمين كناية عن عقد البيع، حيث ان المتعاملين يصفق احدهما يمينه على يمين الآخر دلالة على تمام المعاملة (فان بيعه) لاحدى الشاتين (وقع فضولا) قطعا (- و ان وجهنا شرائه) للشاتين (على وجه يخرج

ص: 35

عن الفضولى-.

هذا، و لكن لا يخفى ان الاستدلال بها يتوقف على دخول المعاملة المقرونة برضى المالك فى بيع الفضولى.

توضيح ذلك: ان الظاهر علم عروة برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم بما يفعل، و قد اقبض المبيع و قبض الثمن، و لا ريب ان الاقباض و القبض فى بيع الفضولى حرام، لكونه تصرفا فى مال الغير.

______________________________

عن الفضولى-) بان نقول: ان التنوين فى: شاة، فى كلام النبي صلى الله عليه و آله و سلم للتمكن، لا للوحدة، فالمراد بها الجنس الشامل للاكثر من واحده.

(هذا) تمام الكلام فى الاستدلال بحديث عروة، لصحة الفضولى (و لكن لا يخفى: ان الاستدلال بها يتوقف على دخول المعاملة المقرونة برضى المالك فى بيع الفضولى).

اذ: قد عرفت الاشكال فى ذلك و انه لو كان رضى من المالك و ان لم يكن اذن، لم يكن من الفضولى على ما قواه الماتن.

و (توضيح ذلك) الاشكال فى الاستدلال على صحة الفضولى بحديث عروة (ان الظاهر) من الحال (علم عروة برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم بما يفعل) من البيع و الشراء (و قد اقبض) عروة (المبيع) و هو الشاة الثانية (و قبض الثمن) من المشترى (و لا ريب ان الاقباض و القبض فى بيع الفضولى حرام، لكونه تصرفا فى مال الغير) فان الفضول البائع لمال زيد يحرم عليه ان يتصرف فى مال زيد اقباضا، كما يحرم عليه ان يقبض الثمن

ص: 36

فلا بد اما من: التزام ان عروة فعل الحرام فى القبض و الاقباض، و هو:

مناف لتقرير النبي صلى الله عليه و آله و سلم.

و اما من القول بان البيع الّذي يعلم بتعقبه للاجازة، يجوز التصرف فيه قبل الإجازة بناء على كون الاجازة كاشفه- و سيجي ء ضعفه، فيدور الامر بين ثالث، و هو جعل هذا الفرد من البيع- و هو المقرون برضاء

______________________________

من عمرو.

لانه اما صار لزيد فاخذه بدون اذنه حرام.

و اما بقى على ملك عمرو فاخذه بعنوان انه ثمن، حرام، اذ عمرو لم يجوز الاخذ الا بهذا العنوان، و هذا العنوان مفقود حسب الفرض، فتدبر.

(فلا بد اما من: التزام ان عروة فعل الحرام فى القبض و الاقباض) اذا لم يكن النبي صلى الله عليه و آله و سلم راضيا و كان البيع فضوليا (و هو: مناف لتقرير النبي صلى الله عليه و آله و سلم) عمله، اذ: الظاهر انه لم يؤنبه، بل العكس اذ: بارك عمله.

(و اما من القول بان البيع الّذي يعلم بتعقبه للاجازة، يجوز التصرف فيه) اى فى المبيع (قبل الاجازة- بناء على كون الاجازة كاشفة-) اذ: بناء على النقل لا مجال للقول بجواز التصرف المعاملى (و سيجي ء ضعفه) اى ضعف جواز التصرف حتى على الكشف.

و اذ: لم يتم الامران، اى ان عروة فعل حراما، و جواز التصرف على الكشف (فيدور الامر بين ثالث، و هو جعل هذا الفرد من البيع- و هو المقرون برضا

ص: 37

المالك- خارجا عن الفضولى كما قلناه، و رابع، و هو: علم عروة برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم باقباض ماله للمشترى حتى يستأذن و علم المشترى بكون البيع فضوليا حتى يكون دفعه للثمن بيد البائع على وجه الامانة، و الا فالفضولى ليس مالكا، و لا وكيلا، فلا يستحق قبض المال، فلو كان المشترى عالما، فله ان يستأمنه على الثمن حتى ينكشف الحال بخلاف ما لو كان جاهلا.

و لكن الظاهر، هو: اوّل الوجهين،

______________________________

المالك- خارجا عن الفضولى، كما قلناه) و ان الفضولى هو الّذي لا يقرن برضا المالك اطلاقا (و) بين (رابع، و هو:) فضولية بيع عروة، اما تسليمه و تسلمه ف (علم عروة برضى النبي صلى الله عليه و آله و سلم باقباض ماله للمشترى) اذ: الشاة كانت للنبى صلى الله عليه و آله و سلم و اقبضها عروة لمن اشتراها بدرهم (حتى يستأذن) فيقرن الاذن بالرضا الموجب لنفوذ التصرف (و علم المشترى) عطف على: علم عروة، (بكون البيع فضوليا حتى يكون دفعه للثمن بيد البائع) لا على وجه الثمنية حتى يحرم تصرف البائع فيه، بل (على وجه الأمانة، و الا) يكن على وجه الامانة (فالفضولى) لا يجوز له التصرف فى المال لانه (ليس مالكا، و لا وكيلا، فلا يستحق قبض المال، فلو كان المشترى عالما) بان البائع فضول (فله ان يستأمنه على الثمن حتى ينكشف الحال) و ان المالك هل يجيز، أم لا؟ (بخلاف ما لو كان جاهلا) فلا يحق للفضول اخذ المال، لانه ليس امانة مالكية، و لا انه وكيل عن مالك المثمن.

(و لكن الظاهر) من حال عروة وكيل الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فى اشتراء الشاه (هو: اوّل الوجهين) الاخيرين الّذي عبر عنه المصنف بالثالث

ص: 38

كما لا يخفى.

خصوصا بملاحظة ان الظاهر وقوع تلك المعاملة على جهه المعاطاة.

و قد تقدم ان المناط فيها: مجرد المراضاة و وصول كل من العوضين الى صاحب الآخر، و حصوله عنده باقباض المالك، او غيره، و لو كان صبيا، او حيوانا، فاذا حصل التقابض بين الفضوليين، او فضولى و غيره مقرونا برضا المالكين، ثم وصل كل من

______________________________

اى ان البيع حيث كان مقرونا بالرضا كان خارجا عن الفضولية (كما لا يخفى) عند اهل العرف الذين هم المستند فى فهم قوله تعالى: تجارة عن تراض، و ما اشبه، فانهم لا يفهمون الا كفاية الرضا.

(خصوصا بملاحظة ان الظاهر وقوع تلك المعاملة على جهة المعاطاة) لا على جهة الرضا من الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بتسليم ماله، و تسلم عروة الثمن امانة مالكية.

(و قد تقدم ان المناط فيها) اى المعاطاة (مجرد المراضاة) بين الفضول، و الطرف.

(و وصول كل من العوضين الى صاحب الآخر) بوصول المثمن الى صاحب الثمن، و بالعكس (و حصوله عنده) اى حصول كل من العوضين عند صاحب العوض الآخر، سواء كان (باقباض المالك) كالمعاطاة العادية (او غيره) كالفضول (و لو كان) المعطى (صبيا، او حيوانا) كمن يعلّم الكلب او الحمام بإيصال الثمن، و اخذ المثمن من صاحب الدكان (فاذا حصل التقابض بين الفضوليين، او فضولى و غيره) كالمالك (مقرونا برضا المالكين ثم وصل كل من

ص: 39

العوضين الى صاحب الآخر، و علم برضى صاحبه، كفى فى صحة التصرف.

و ليس هذا من معاملة الفضولى، لان الفضولى صار آلة فى الايصال، و العبرة برضا المالك المقرون به.

______________________________

العوضين الى صاحب) العوض (الآخر، و علم برضى صاحبه، كفى فى صحة التصرف) لانه تصرف برضا، و يصدق عرفا التعامل، و التجارة عن الرضا و ما اشبه.

و ما ابعد الفرق بين قول من يكفى الرضا فى الفضولية، و قول من لا يصحح الفضولى حتى بالاذن اللاحق، بحجة ان استناد فعل الفضول الى المالك مجاز، فلا يتحقق: عقودكم، المستفاد من: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، اذ: ليس المراد مطلق عقد اىّ احد، بل: العقود، المستندة إليكم.

و الجواب عدم تسليم انه مجاز، بل انما يكون مجازا اذا كان فعلا تكوينيا مثلا لو امر بجلوس زيد يكون استناد الجلوس الى الآمر مجازا، اما اذا كان الفعل اعتباريا صح الاستناد حقيقة، مثلا لو امر بالبيع صح ان يقال باع الآمر، و مثله لو امر بقتل انسان، صح ان يقال: قتله الآمر.

و الحاصل انما يراد استناد اسم المصدر اى: البيع، لا المصدر، و الكلام حول الموضوع طويل خارج عن مقصود الشرح.

(و ليس هذا من معاملة الفضولى، لان الفضولى صار آلة فى الايصال) كالحيوان، و الصبى، بل و الآلة التى تشتغل تلقائيا (و العبرة برضا المالك المقرون به) اى بالايصال.

ص: 40

و استدل له أيضا تبعا للشهيد فى الدروس، بصحيحة محمد بن قيس

عن ابى جعفر الباقر عليه السلام، قال: قضى امير المؤمنين (ع) فى وليدة باعها ابن سيدها و ابوه غائب، فاستولدها الّذي اشتراها فولدت منه فجاء سيدها فخاصم سيدها الآخر فقال: وليدتى باعها ابنى بغير اذنى فقال عليه السلام:

الحكم ان يأخذ وليدته و ابنها فناشده الّذي اشتراها فقال: له خذ ابنه الّذي باعك الوليدة حتى ينفذ البيع لك فلما رآه ابوه قال: له ارسل ابنى، قال:

لا و الله، لا ارسل ابنك، حتى

______________________________

(و استدل له) اى لكون الفضولى صحيحا (أيضا تبعا للشهيد فى الدروس بصحيحة محمد بن قيس عن ابى جعفر الباقر عليه السلام، قال: قضى امير المؤمنين (ع) فى وليدة) اى أم ولد (باعها ابن سيدها، و ابوه) اى ابو ابن السيد (غائب، فاستولدها الّذي اشتراها، فولدت) الامة (منه، فجاء سيدها) بعد الولادة (فخاصم سيدها الآخر) اى المشترى (فقال:) السيد:

(وليدتى باعها ابنى بغير اذنى) فلاحق لك ايها المشترى فيها (فقال عليه السلام: الحكم ان يأخذ) السيد الاول (وليدته، و ابنها) الّذي اتت به من السيد المشترى (فناشده الّذي اشتراها) و انه كيف يحق للمولى الاول ان يأخذ ولد المشترى! (فقال: له) الامام عليه السلام (خذ) ايها المشترى (ابنه) اى ابن السيد الاول (الّذي باعك الوليدة) فضوليا (حتى ينفذ) السيد الاول (البيع لك) فان للمشترى الحق فى اخذ الابن الّذي غره، و اخذ منه المال حتى يرد عليه خسائره (فلما رآه ابوه) و انه مأخوذ بيد المشترى (قال له) اى للمشترى (ارسل ابنى، قال) المشترى (لا و الله، لا ارسل ابنك، حتى

ص: 41

ترسل ابنى، فلما رأى ذلك سيد الوليدة، اجاز بيع ابنه، الحديث، قال فى الدروس: و فيها دلالة على صحة الفضولى، و ان الاجازة كاشفة.

و لا يرد عليها شي ء مما يوهن الاستدلال بها، فضلا عن ان يسقطه.

______________________________

ترسل ابنى) الّذي اولدته من الامة (فلما رأى ذلك) المنع من المشترى لتسليم ولده (سيد الوليدة، اجاز بيع ابنه) للوليدة و استراح المشترى (الحديث، قال فى الدروس: و فيها دلالة على صحة الفضولى) لانه لو لم يصح لم يكن معنى للإجازة (و ان الاجازة كاشفة) لانها لو كانت ناقلة، لم يكن الولد للمشترى، لانه حصل فى ملك السيد الاول.

(و لا يرد عليها) اى على هذه الرواية (شي ء مما يوهن الاستدلال بها) على صحة الفضولى (فضلا عن ان يسقطه) عن الدلالة رأسا.

و الموهنات التى ذكروها، هى الحكم باخذ الوليدة قبل ان يسمع من المشترى دعواه.

فلعله كان يدعى وقوع العقد باذن السيد و رضاه.

و الحكم باخذ الوليدة و ابنها مع عدم السؤال بانه يريد الاجازة أولا.

و الحكم باخذ ابنها مع انه ولد الحر، اذ: الظاهر كون الوطي بالشبهة و الحكم باخذ ابن السيد، مع انه لا يجوز، اذ كون الابن غاصبا لا يوجب اخذه.

بالإضافة الى: تعليم الامام عليه السلام للمشترى الحيلة، مع انه ليس من شأنه.

و الحكم بصحة الاجازة بعد الرد، مع ان المصنف ادعى الاجماع

ص: 42

و جميع ما ذكر فيها من الموهنات، موهونة، الا ظهور الرواية فى تأثير الاجازة المسبوقة بالرد،

من جهة ظهور المخاصمة فى ذلك،

و اطلاق حكم الامام عليه السلام بتعين اخذ الجارية، و انها من المالك بناء على

______________________________

بعدم الصحة.

و عدم ورود هذه الموهنات، اذ: الظاهر عدم ادعاء المشترى كون العقد باذن السيد.

و كذلك الظاهر ان السيد لم يرد الاجازة،

و كذلك الظاهران المشترى كان يعلم انه فضولى فليس الولد حرا.

و اخذ ابن السيد لاجل مطالبته بما دفع إليه من الثمن.

و الحيلة الشرعية اى علاج حل المشكلة من شأن الائمة عليهم السلام بيانها.

(و) على هذا ف (جميع ما ذكر فيها من الموهنات، موهونة، الا ظهور الرواية فى تأثير الاجازة المسبوقة بالرد).

و استدل المصنف ره لهذا الظهور ب: ظهور المخاصمة، و: اطلاق، و:

مناشدة، و: حتى ترسل.

(من جهة ظهور المخاصمة) بين السيد و المشترى (فى ذلك) الرد من السيد للمعاملة، اذ: لو لا الرد لم تكن مخاصمة.

(و) من جهة (اطلاق حكم الامام عليه السلام بتعين اخذ الجارية، و انها من المالك) اى المشترى فان الظاهر منه ان السيد رد البيع (بناء على

ص: 43

انه لو لم يرد البيع، وجب تقييد الاخذ بصورة اختيار الرد.

و مناشدة المشترى للامام (ع) و الحاجة إليه فى علاج فكاك ولده.

و قوله: حتى ترسل ابنى الظاهر فى انه حبس الولد و لو على قيمته يوم الولادة.

و

______________________________

انه لو لم يرد) السيد (البيع، وجب تقييد الاخذ) اى تقييد الامام اخذ السيد لهما (بصورة اختيار) السيد (الرد) كان يقول عليه السلام: ان رددت البيع فخذ الجارية و ولدها.

فاطلاق كلام الامام دال على انه رد البيع.

(و) من جهة (مناشدة المشترى للامام ع) و طلبه منه تخليصه وليده من يد السيد (و الحاجة) من المشترى (إليه) اى الى الامام عليه السلام (فى علاج فكاك ولده) فانه لو لا الرد من المالك، لم يكن وجه للمناشدة، و الحاجة.

(و) من جهة (قوله: حتى ترسل ابنى الظاهر فى انه) اى المالك (حبس الولد) للمشترى (و لو) كان الحبس (على قيمته) اى الولد (يوم الولادة) بان يأخذ المالك من المشترى قيمة الولد- الّذي هو له تبعا لامه- فانه لو لم يكن المالك رد البيع لم يكن وجه لحبسه حتى يأخذ قيمته من المشترى.

(و) ان قلت: انا نسلم ان المالك اخذ الوليدة و الولد، و لكن لم يكن ذلك لاجل رد البيع، بل لاجل تحصيل ثمنها، فلا دليل فى الرواية على ان المالك رد البيع، ليكون مخالفا للاجماع الّذي ادعاه المصنف ره على عدم

ص: 44

حمل امساكه الوليدة على حبسها لاجل ثمنها، كحبس ولدها على القيمة.

ينافيه قوله عليه السلام: فلما رأى ذلك سيد الوليدة، اجاز بيع الوليد و الحاصل ان ظهور الرواية فى رد البيع أولا، مما لا ينكره المنصف.

الا ان الانصاف ان ظهور الرواية فى ان اصل الاجازة مجدية فى الفضولى مع قطع النظر عن الاجازة الشخصية فى مورد الرواية.

______________________________

فائدة للاجازة بعد الرد.

قلت: (حمل امساكه) اى المالك (الوليدة على حبسها لاجل) استيفاء (ثمنها) من المشترى (كحبس ولدها على القيمة) حيث ان: الاجازة ناقلة، فالولد للمالك، فلم يكن اخذه للولد لاجل رد البيع، بل لاجل ان الولد له، فاخذه لاجل ان يستوفى من المشترى قيمته ليرده عليه، فلا دلالة فى اخذ المالك الام و الولد، على انه رد البيع.

(ينافيه قوله عليه السلام: فلما رأى ذلك) اى اخذ المشترى ولد السيد (سيد الوليدة اجاز بيع الوليد) اذ: ظاهره ان المالك اجاز البيع بعد اخذ ولده لا من الاول.

(و الحاصل: ان ظهور الرواية فى رد البيع أولا، مما لا ينكره المنصف) فلا بد اما من رفع اليد عن: الاجماع الّذي يقول: بعدم صحة الاجازة بعد الرد، و اما من رفع اليد عن: هذه الرواية.

(الا ان الانصاف: ان ظهور الرواية فى ان اصل الاجازة مجدية فى الفضولى) فالاجازة تقلب الفضولى عقدا مالكيا (مع قطع النظر عن الاجازة الشخصية فى مورد الرواية) حيث ان هذه الاجازة فى مورد الرواية ترد عليها

ص: 45

غير قابل للانكار.

فلا بد من تاويل ذلك الظاهر، لقيام القرينة- و هى الاجماع- على اشتراط الاجازة بعدم سبق الرد.

و الحاصل: ان مناط الاستدلال لو كان نفس القضية الشخصية من جهة اشتمالها على تصحيح بيع الفضولى بالاجازة بناء على قاعدة اشتراك جميع القضايا المتحدة نوعا فى الحكم الشرعى

______________________________

مخالفتها للاجماع القائم على عدم فائدة الاجازة بعد الرد.

قوله (غير قابل للانكار) خبر: ظهور، و اذ كانت الاجازة الشخصية فى هذه الرواية محل نظر لمصادمتها للاجماع.

(فلا بد من تأويل ذلك الظاهر) الّذي يقول بان الاجازة كانت بعد الرد، و انما كان لا بد من التأويل (لقيام القرينة- و هى الاجماع- على اشتراط الاجازة) النافعة فى كون العقد مالكيا (بعدم سبق الرد) بان نأول ان الظهور المستفاد من الرواية ليس مما يعتمد عليه، بل لا بد و ان نقول: بان الاجازة حصلت قبل الرد (و الحاصل) فى الاستدلال بالرواية على كون الاجازة نافعة (ان مناط الاستدلال) بالرواية لتصحيح الفضولى (لو كان نفس القضية الشخصية) المذكورة فى الرواية- الظاهرة فى كون الاجازة بعد الرد- (من جهة) متعلق ب: نفس (اشتمالها) اى الرواية (على تصحيح بيع الفضولى بالاجازة) يعنى ان القضية الشخصية لو كانت جهة استدلالنا بالرواية لتصحيح البيع الفضولى (بناء على قاعدة اشتراك جميع القضايا المتحدة نوعا) اى فى النوع (فى الحكم الشرعى) كما لو قال الامام لزرارة:

ص: 46

كان ظهورها فى كون الاجازة الشخصية فى تلك القضية مسبوقة بالرد مانعا عن الاستدلال بها، موجبا للاقتصار على موردها، لوجه علمه الامام عليه السلام. مثل كون مالك الوليدة كاذبا فى دعوى عدم الاذن للولد، فاحتال عليه السلام حيلة يصل بها الحق الى صاحبه،

______________________________

اغسل يدك من بول صبيك، حيث يكون هذا الكلام موجبا لاستفادة قاعدة كلية هى: وجوب غسل اليد من بول كل صبى.

و قوله بناء، وجه لقوله: مناط الاستدلال.

و قوله: فى الحكم متعلق ب: اشتراك (كان) مربوط بقوله: لو كان (ظهورها) اى الرواية (فى كون الاجازة الشخصية فى تلك القضية) اى قضية الوليدة، فى حال كون الاجازة (مسبوقة بالرد) من المالك (مانعا) خبر: كان (عن الاستدلال بها) اى بالرواية، لانها اجازة بعد الرد، و مثله غير صحيح فى مقام نفسه، فكيف بسائر المقامات و (موجبا) عطف على:

مانعا (للاقتصار) فى تصحيح الاجازة (على موردها) اى مورد الرواية بان نقول: قام الاجماع على عدم صحة الاجازة بعد الرد، الا انه حيث فى المقام ورد حديث خاص بصحتها، نقول بها خلافا للقاعدة (لوجه علمه) اى علم ذلك الوجه (الامام عليه السلام) قوله: لوجه، علة لقوله: موجبا، و الوجه (مثل كون مالك الوليدة كاذبا فى دعوى عدم الاذن للولد) فقد كان اذن سابقا، و علم الامام به، لكنه حيث لم يكن اعتراف و لا شهود (فاحتال عليه السلام حيلة) اى عالج الامر علاجا (يصل بها الحق) اى كون الوليدة للمشترى (الى صاحبه) بان امر المشترى بأخذ ولد السيد ليصير

ص: 47

اما لو كان مناط الاستدلال ظهور سياق كلام الامير عليه السلام فى قوله:

خذ ابنه حتى ينفذ لك البيع، و قول الباقر عليه السلام فى مقام الحكاية:

فلما رأى ذلك سيد الوليدة اجاز بيع ابنه فى ان للمالك ان يجيز العقد الواقع على ملكه، و ينفذه لم يقدح فى ذلك ظهور الاجازة الشخصية فى وقوعها بعد الرد.

فيئول ما يظهر منه الرد بإرادة عدم الجزم، بالاجازة و الرد.

______________________________

مجبورا لاجازة البيع (اما لو كان مناط الاستدلال) بالرواية لتصحيح الاجازة فى الفضولى (ظهور سياق كلام الامير عليه السلام فى قوله: خذ ابنه حتى ينفذ لك البيع، و) ظهور (قول الباقر عليه السلام فى مقام الحكاية: فلما رأى ذلك سيد الوليدة اجاز بيع ابنه) اى البيع الفضولى الصادر من ابنه (فى ان للمالك ان يجيز العقد الواقع على ملكه، و ينفذه) بان صرفنا النظر عن القضية الشخصية (لم يقدح فى ذلك) اى فى هذا الظهور (ظهور الاجازة الشخصية فى وقوعها بعد الرد).

و عليه فللرواية ظهور ان.

ظهور فى ان الاجازة مصححة.

و ظهور فى ان الاجازة كانت بعد الرد.

و وجه الاستدلال بالرواية الظهور الاول، اما الظهور الثانى فيجب ان يرفع اليد عنه.

(فيئول ما يظهر منه الرد) اى رد السيد أولا- ثم اجازته- (بإرادة عدم الجزم) اى ان السيد لم يجزم- ابتداءً- (بالاجازة و الرد) فاوّلا: كان

ص: 48

او كون حبس الوليدة على الثمن.

او نحو ذلك.

و كانه قد اشتبه مناط الاستدلال على من لم يستدل بها فى مسئلة الفضولى، او يكون الوجه فى الاغماض عنها، ضعف الدلالة المذكورة فانها لا تزيد على الاشعار، و لذا لم يذكرها فى الدروس، فى مسئلة الفضولى بل ذكرها فى موضع آخر، لكن الفقيه فى غنى منه بعد العمومات المتقدمة.

و ربما يستدل أيضا بفحوى صحة عقد النكاح

من

______________________________

السيد مرددا، ثم اجاز، لا انه أوّلا ردّ، ثم اجاز.

(او كون حبس) السيد (الوليدة على الثمن) ليستوفيه من المشترى لا انه كان لاجل انه رد البيع.

(او نحو ذلك) من التأويلات.

(و كانه قد اشتبه مناط الاستدلال) بهذه الرواية حيث ان المناط ظهور الاجازة فى الكفاية، لا ظهور القضية الشخصية، ليكون مصادما للاجماع (على من لم يستدل بها) اى بهذه الرواية (فى مسئلة الفضولى، او يكون الوجه فى الاغماض عنها) اى عن الرواية و عدم الاستدلال بها فى الفضولى (ضعف الدلالة المذكورة) اى دلالة الرواية على كفاية الاجازة (فانها لا تزيد على الاشعار) اذ الظاهر منها كون الاجازة بعد الرد و لا نقول به (و لذا لم يذكرها) اى الرواية (فى الدروس فى مسئلة الفضولى بل ذكرها فى موضع آخر لكن الفقيه فى غنى منه) اى من الاستدلال بهذه الرواية لتصحيح الفضولى (بعد العمومات المتقدمة) الدالة على صحة الفضولى كأحلّ الله البيع، و: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

(و ربما يستدل) لتصحيح الفضولى (أيضا بفحوى صحة عقد النكاح من

ص: 49

الفضولى، فى الحر، و العبد الثابتة بالنص، و الاجماعات المحكية، فان تمليك بضع الغير، اذ الزم بالاجازة كان تمليك ماله اولى بذلك.

مضافا: الى ما علم من شدة الاهتمام فى عقد النكاح، لانه يكون منه الولد كما فى بعض الاخبار

______________________________

الفضولى، فى الحر، و العبد) اى سواء كان الذكر نكح حرا او عبدا (الثابتة بالنص، و الاجماعات المحكية)

وجه الفحوى و الاولوية: ما ذكره بقوله: (فان تمليك بضع الغير، اذا لزم بالاجازة كان تمليك ماله) اى مال الغير (اولى بذلك) اى باللزوم بسبب الاجازة، اذ: البضع اهم فى نظر الشارع، فاذا مشى الفضولى فالاهم مشى فى المهم بطريق اولى.

(مضافا: الى ما علم) من الشارع (من شدة الاهتمام فى عقد النكاح لانه يكون منه الولد) فان الاهمية العرفية بالإضافة الى الاهمية الشرعية توجبان الفحوى المذكورة، و انه اذا صح فى النكاح صح فى البيع بطريق اولى (كما فى بعض الاخبار) الّذي اشار الى اهمية النكاح، لان منه الولد، و هو صحيح علاء بن سيابة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة وكلت رجلا بان يزوجها من رجل، فقبل الوكالة، فاشهدت له بذلك، فذهب الوكيل فزوجها، ثم انها انكرت ذلك الوكيل، و زعمت انها عزلته عن الوكالة فاقامت شاهدين انها عزلته، فقال عليه السلام: ما يقول من قبلكم فى ذلك؟ قال: قلت: يقولون ينظر فى ذلك، فإن كانت عزلته قبل ان يزوج، فالوكالة باطلة و التزويج باطلة، و ان عزلته و قد زوجها

ص: 50

و قد اشار الى هذه الفحوى فى غاية المراد، و استدل بها فى الرياض بل قال: انه لولاها اشكل الحكم، من جهة الاجماعات المحكية على المنع و هو حسن الا انها ربما توهن بالنص الوارد فى الرد على العامة الفارقين بين تزويج الوكيل المعزول مع جهله بالعزل و بين

______________________________

فالتزويج ثابت على ما زوج الوكيل، و على ما اتفق معها من الوكالة اذا لم يتعد شيئا مما امرت به و اشترطت عليه فى الوكالة، قال: ثم قال: يعزلون الوكيل عن وكالتها و لم تعلم بالعزل، قلت: نعم يزعمون انها لو وكلت رجلا و اشهدت فى الملاء و قالت فى الخلاء اشهدوا انى قد عزلته و ابطلت وكالته بلا ان تعلم فى العزل و ينقضون جميع ما فعل الوكيل فى النكاح خاصة و فى غيره لا يبطلون الوكالة الا ان يعلم الوكيل بالعزل، و يقولون المال منه عوض لصاحبه، و الفرج ليس منه عوض اذا وقع منه ولد، فقال عليه السلام: سبحان الله ما اجور هذا الحكم و افسده، ان النكاح احرى و اجدر ان يحتاط فيه، و هو فرج، و منه يكون الولد، ان عليا عليه السلام اتته امرأة تستعديه على اخيها فقالت يا امير المؤمنين انى وكلت هذا اخى، الحديث.

(و قد اشار الى هذه الفحوى فى غاية المراد، و استدل بها فى الرياض) لصحة الفضولى (بل قال: انه لولاها) اى الفحوى (اشكل الحكم) بصحة الفضولى (من جهة الاجماعات المحكية على المنع) عن الفضولى (و هو) اى الاستدلال لصحة الفضولى فى البيع، بفحوى الفضولى فى النكاح (حسن، الا انها) اى الفحوى (ربما توهن بالنص الوارد فى الرد على العامة الفارقين بين تزويج الوكيل المعزول مع جهله) اى الوكيل (بالعزل، و بين

ص: 51

بيعه بالصحة فى الثانى لان المال له عوض و البطلان فى الاول لان البضع ليس له عوض حيث قال الامام:- فى مقام ردهم و اشتباههم فى وجه الفرق-

______________________________

بيعه) اى بيع الوكيل المعزول مع جهله بالعزل (بالصحة فى الثانى) اى البيع دون الاول.

و وجه الوهن: ان الصحة فى البيع ليست اولى من الصحة فى النكاح بل الامر بالعكس، كما يستفاد من الرواية على ما يأتى.

و انما قالت العامة بالصحة فى الثانى (لان المال له عوض) فصاحب المال لم يتضرر، اذا قلنا بصحة الفضولية فانه ذهب منه شي ء و جاء فى مكانه شي ء آخر (و البطلان فى الاول) اى النكاح (لان البضع ليس له عوض) فانه لكثرة فوائده لا يعد المهر عوضا عنه بل كانه تسليط للزوج على البضع بدون عوض لها فاذا قلنا بصحة نكاح الفضول كان معناه: ان الفضول اخرج البضع من المرأة الى الزوج بدون ان يدخل عوضه الى الزوجة فلذا نقول بفساد النكاح الفضولى- هذا كلام العامة- فى تصحيحهم المعاملة الفضولية، دون النكاح الفضولى.

فهم يقولون: بأولوية البيع من النكاح، و الامام فى مقام ردهم، جعل الاولى النكاح.

و عليه: فما دلّ على صحة الفضولية فى النكاح لا يدل على صحة الفضولية فى البيع، فيسقط الاستدلال لصحة الفضولى فى البيع، بما ورد من صحته فى النكاح (حيث) بيان قوله: ربما يوهن (قال الامام:- فى مقام ردهم) اى العامة (و اشتباههم فى وجه الفرق-) اى ان ما بينوا من وجه

ص: 52

سبحان الله ما اجور هذا الحكم و افسده؟ فان النكاح اولى و اجدر ان يحتاط فيه لانه الفرج، و منه يكون الولد، الخبر.

و حاصله: ان مقتضى الاحتياط، كون النكاح الواقع اولى بالصحة من البيع، من حيث الاحتياط المتأكد فى النكاح، دون غيره.

فدل: على ان صحة البيع يستلزم صحة النكاح بطريق اولى، خلافا للعامة حيث عكسوا و حكموا بصحة البيع دون النكاح، فمقتضى حكم الامام عليه السلام ان صحة المعاملة المالية

______________________________

الفرق بين النكاح الّذي قالوا ببطلانه، و بين البيع الّذي قالوا بصحته (سبحان الله ما اجور هذا الحكم و افسده) اى الحكم بصحة البيع دون النكاح (فان النكاح اولى و اجدر ان يحتاط فيه) بان لا يقال ببطلانه، اذ: معنى بطلانه ان تتزوج المرأة برجل آخر، و الحال انها زوجة للاول (لانه الفرج، و منه يكون الولد) الموجب للنسب و سائر الاحكام المترتبة عليه، الى آخر (الخبر).

(و حاصله) اى حاصل كلام الامام فى رد العامة (ان مقتضى الاحتياط كون النكاح الواقع اولى بالصحة من البيع، من حيث الاحتياط المتأكد فى النكاح) المقتضى لعدم ابطال النكاح الواقع (دون غيره) من سائر المعاملات، لان امر المال اهون من امر الفرج.

(فدل) كلام الامام عليه السلام الّذي جعل صحة النكاح اولى من صحة البيع (على ان صحة البيع يستلزم صحة النكاح بطريق اولى، خلافا للعامة حيث عكسوا) فيما يظهر من الحديث السابق (و حكموا بصحة البيع دون النكاح)

و على هذا (فمقتضى حكم الامام عليه السلام ان صحة المعاملة المالية

ص: 53

الواقعة فى كل مقام يستلزم صحة النكاح الواقع بطريق اولى،

و حينئذ فلا يجوز التعدى من صحة النكاح فى مسئلة الفضولى الى صحة البيع، لان الحكم فى الفرع، لا يستلزم الحكم فى الاصل فى باب الاولوية، و الّا لم يتحقق الاولوية، كما لا يخفى. فالاستدلال بصحة النكاح على صحة البيع مطابق لحكم العامة من كون النكاح اولى بالبطلان من جهة ان البضع غير قابل للتدارك بالعوض.

______________________________

الواقعة فى كل مقام، يستلزم صحة النكاح الواقع بطريق اولى) لوجود الاحتياط فى النكاح و عدم وجوده فى المعاملة.

(و حينئذ ف) فى مسئلتنا (لا يجوز التعدى من صحة النكاح فى مسئلة الفضولى الى صحة البيع) اذ: صار البيع الاصل، و النكاح الفرع (لان الحكم) بالصحة (فى الفرع) الّذي هو النكاح (لا يستلزم الحكم) بالصحة (فى الاصل) الّذي هو البيع (فى باب الاولوية) فانه ينسحب الحكم من غير الاولى الى الاولى، لا من الاولى الى غير الاولى (و الا لم يتحقق الاولوية، كما لا يخفى)

فمثلا: اذا نهى عن الضرب لم يدل على النهى عن قوله: اف، بخلاف العكس.

و على هذا (فالاستدلال بصحة النكاح على صحة البيع) كما تقدم فى الاستدلال بفحوى الفضولية فى النكاح (مطابق لحكم العامة، من كون النكاح اولى بالبطلان) من بطلان البيع فى صورة الفضولية فى مسئلة الوكيل المعزول (من جهة) ما استدل العامة به من (ان البضع غير قابل للتدارك بالعوض) لانه لكثرة فائدته لا يعوض، بخلاف البيع لانه فى

ص: 54

بقى الكلام فى وجه جعل الامام (ع) الاحتياط فى النكاح هو ابقائه دون ابطاله، مستدلا: بانه يكون منه الولد مع ان الامر فى الفروج كالاموال دائر بين محذورين، و لا احتياط فى البين.

و يمكن ان يكون الوجه فى ذلك ان ابطال النكاح فى مقام الاشكال، و الاشتباه يستلزم التفريق بين الزوجين على تقدير الصحة واقعا فيتزوج المرأة

______________________________

مقابل الثمن، فيمكن الصحة فى البيع دون النكاح.

(بقى الكلام فى وجه جعل الامام (ع) الاحتياط فى النكاح) فى صورة عزل الوكيل و (هو ابقائه دون ابطاله مستدلا) لوجوب الابقاء (بانه يكون منه) اى من النكاح (الولد مع ان الامر فى الفروج، كا) لامر فى ا (لاموال دائر بين محذورين) الوجوب و التحريم، لانه ان قيل: بصحة النكاح، و كان باطلا واقعا، لزم ترتب المحرمات الواقعية عليه من: الوطي، و الارث، و ما اشبه.

و ان قيل: ببطلانه، و كان صحيحا واقعا، لزم ترتب المحرمات الواقعية أيضا، من زواج المرأة برجل آخر و الحال انها زوجة للاول، و اخذ الزوج الخامسة، و غير ذلك (و لا احتياط فى البين).

اذ: ليس الامر دائرا بين الوجوب و الجواز، حتى يقال: بترجيح الفعل، او بين الحرمة و الجواز، حتى يقال: بترجيح الترك.

(و يمكن ان يكون الوجه فى ذلك) الترجيح للنكاح (ان ابطال النكاح فى مقام الاشكال) فى صحته (و الاشتباه) بانه هل وقع صحيحا أم لا؟ (يستلزم التفريق بين الزوجين على تقدير الصحة) للنكاح (واقعا، فيتزوج المرأة

ص: 55

و يحصل الزنا بذات البعل بخلاف ابقائه فانه على تقدير بطلان النكاح لا يلزم منه الا وطى المرأة الخالية عن المانع، و هذا اهون من وطى ذات البعل.

فالمراد بالاحوط: هو الاشد احتياطا.

و كيف كان: فمقتضى هذه الصحيحة انه اذا حكم بصحة النكاح الواقع من الفضولى، لم يوجب ذلك التعدى الى الحكم بصحة بيع الفضولى.

______________________________

و يحصل الزنا بذات البعل) و ذلك من اشد المحرمات (بخلاف ابقائه) اى النكاح (فانه على تقدير بطلان النكاح لا يلزم منه، الا وطى المرأة الخالية عن المانع، و هذا اهون من وطى ذات البعل).

بل ربما يمكن ان يكون صحيحا أيضا، اذا كان الرجل و المرأة راضيين، لانه من المعاطات التى ربما قيل بانها نوع نكاح أيضا.

(فالمراد بالاحوط: هو الاشد احتياطا) لا الاحوط المطلق، فان العقل حيث يرى التخيير بين المحذورين كان الاولى الجنوح الى الاشد احتياطا، هذا بالنسبة الى التكليف حسب القواعد الاولية.

اما بحسب الواقع، فالتكليف هو هذا، بعد ان حكم به الامام عليه السلام كما لا يخفى، فالاحتياط التام و ان امكن لكن مولى الموالى لم يرد الاحتياط.

(و كيف كان) فى وجه كون الابقاء احوط (فمقتضى هذه الصحيحة انه اذا حكم بصحة النكاح الواقع من الفضولى لم يوجب ذلك) الحكم بالصحة فى النكاح (التعدى الى الحكم بصحة بيع الفضولى) حسب ما جعل الامام عليه السلام النكاح اقل مئونة

ص: 56

نعم لو ورد الحكم بصحة البيع، امكن الحكم بصحة النكاح، لان النكاح اولى بعدم الابطال، كما هو نص الرواية.

ثم ان الرواية و ان لم يكن لها دخل بمسألة الفضولى الا ان المستفاد منها قاعدة كلية، هى: ان امضاء العقود المالية، يستلزم امضاء النكاح من دون العكس الّذي هو مبنى الاستدلال فى مسئلة الفضولى، هذا.

[ما يؤيد لصحة بيع الفضولي]

ثم انه ربما يؤيد صحة الفضولى بل يستدل عليها بروايات كثيرة وردت فى مقامات خاصة مثل: موثقة جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام فى رجل دفع الى رجل مالا ليشترى به ضربا من المتاع مضاربة.

______________________________

من البيع بملاحظة هذا الاحتياط، و لا يتعدى من الاضعف الى الاقوى.

(نعم) مقتضى هذا الحديث انه (لو ورد الحكم بصحة البيع امكن الحكم بصحة النكاح لان النكاح اولى بعدم الابطال كما هو نص الرواية).

و عليه فلا فحوى لما دل على صحة النكاح الفضولى حتى يتعدى عنه الى صحة بيع الفضولى (ثم ان الرواية) المتقدمة (و ان لم يكن لها دخل بمسألة الفضولى، الا ان المستفاد منها قاعدة كلية هى: ان امضاء العقود المالية) كالبيع و الاجارة (يستلزم امضاء النكاح من دون العكس) فإمضاء النكاح لا يستلزم امضاء العقود المالية (الّذي) اى العكس الّذي (هو مبنى الاستدلال فى مسئلة الفضولى) بفحوى الصحة فى النكاح (هذا) تمام الكلام فى باب الفحوى.

(ثم انه ربما يؤيد صحة الفضولى بل يستدل عليها بروايات كثيرة وردت فى مقامات خاصة مثل: موثقة جميل عن ابى عبد اللّه عليه السلام، فى رجل دفع الى رجل مالا ليشترى به ضربا) اى قسما (من المتاع مضاربة) بان يكون

ص: 57

فاشترى غير الّذي امره قال: هو ضامن و الربح بينهما على ما شرطه.

و نحوها، غيرها الواردة فى هذا الباب.

فانها ان ابقيت على ظاهرها من عدم توقف ملك الربح على الاجازة كما نسب الى ظاهر الاصحاب، و عدّ هذا خارجا عن بيع الفضولى بالنص كما فى المسالك و غيره.

______________________________

المال من الدافع و العمل من العامل و الربح بينهما (فاشترى) العامل (غير) المتاع (الّذي امره) الدافع (قال: هو) اى العامل (ضامن) للخسارة (و الربح) إن كان فهو (بينهما على ما شرطه) الدافع حسب ما تباينا عليه، من:

الثلث، و النصف، و ما اشبه.

(و نحوها، غيرها الواردة فى هذا الباب) اى باب تخلف العامل عن الّذي امره صاحب المال.

و وجه الاستدلال بهذه الاحاديث انها اما من مسئلة الفضولى، فتدل على صحتها و اما ليست من مسئلة الفضولى فيستأنس بهذه الاحاديث لمسألة الفضولى.

(فانها) اى هذه الاخبار (ان ابقيت على ظاهرها من عدم توقف ملك) الدافع و العامل (الربح على الاجازة) من الدافع، لما اوقعه العامل من العقد على ماله بدون اذنه (كما نسب) هذا الابقاء و الفتوى بمقتضاه (الى ظاهر الاصحاب، و عدّ هذا) العمل من العامل بدون اذن الدافع (خارجا عن بيع الفضولى بالنص، كما فى المسالك و غيره) من ان هذا خارج عن الفضولى بالنص، و الا فمقتضى القاعدة اما اذن المالك لتصحيح المعاملة

ص: 58

كان فيها استيناس لحكم المسألة من حيث عدم اعتبار اذن المالك سابقا فى نقل مال المالك الى غيره و ان حملناها على صورة رضى المالك بالمعاملة بعد ظهور الربح- كما هو الغالب- و بمقتضى الجمع بين هذه الاخبار، و بين ما دل على اعتبار رضى المالك فى نقل ماله، و النهى عن اكل المال بالباطل اندرجت المعاملة فى الفضولى و صحتها فى خصوص المورد- و ان احتمل كونها للنص الخاص- الا انها لا تخلو عن تأييد للمطلب.

______________________________

و اما بطلانها اذا لم يأذن (كان) جواب: ان، (فيها) اى فى هذه الاخبار (استيناس لحكم المسألة) اى مسئلة الفضولى (من حيث عدم اعتبار اذن المالك سابقا فى نقل مال المالك الى غيره) بل مسئلة الفضولى اولى بالصحة لان فيها اجازة المالك (و ان حملناها) اى اخبار المضاربة (على صورة رضى المالك بالمعاملة بعد ظهور الربح- كما هو الغالب-) حيث: ان الانسان يرضى بمعاملة الفضول اذا وجد فيها ربحا (و بمقتضى) متعلق ب:

حملناها، اى ان الروايات و إن كانت مطلقه، الا انها محموله على صوره رضى المالك بمقتضى (الجمع بين هذه الاخبار) المطلقة (و بين ما دل على اعتبار رضى المالك فى نقل ماله) المخصص لهذه الاخبار (و النهى عن اكل المال بالباطل) الّذي من اظهر مصاديقه صورة عدم رضاه، و: النهى عطف على: اعتبار (اندرجت) خبر: و ان حملناها (المعاملة) المضاربية (فى الفضولى، و صحتها) اى هذه المعاملة (فى خصوص المورد) اى المضاربة (- و ان احتمل كونها للنص الخاص- الا انها) اى الصحة فى هذا المورد (لا تخلو عن تأييد للمطلب) اذ: يستأنس

ص: 59

و من هذا القبيل: الاخبار الواردة فى اتجار غير الولى فى مال اليتيم و ان الربح لليتيم، فانها ان حملت على صوره اجازه الولى، كما هو صريح جماعة تبعا للشهيد، كان من افراد المسألة و ان عمل بإطلاقها كما عن جماعة ممن تقدمهم خرجت عن مسئلة الفضولى.

لكن يستأنس لها بالتقريب المتقدم.

و ربما احتمل دخولها فى المسألة،

______________________________

الفقيه منها كون مطلق الفضولى هكذا.

(و من هذا القبيل) الدال على صحة الفضولى (الاخبار الواردة فى اتجار غير الولى فى مال اليتيم، و ان الربح لليتيم) و الاخبار و ان لم تكن صريحة فى غير الولى لكن بإطلاقها تشمل غير الولى، كصحيحة الربعى عن الصادق عليه السلام، فى رجل عنده مال اليتيم، فقال عليه السلام: إن كان محتاجا ليس له مال، فلا يمس ماله، و ان هو اتّجر به فالربح لليتيم، و هو ضامن (فانها ان حملت على صورة اجازة الولى، كما هو صريح جماعة، تبعا للشهيد) حيث استفاد من هذه الاخبار صورة اجازة الولى (كان من افراد المسألة) اذ: تدل على ان الاجازة لعقد الفضولى تكفى فى صحة العقد (و ان عمل بإطلاقها) اى ان المعاملة صحيحة سواء اجاز الولى، أم لا؟ (كما عن جماعة ممن تقدمهم) اى تقدم الشهيد، و جماعته (خرجت عن مسئلة الفضولى) لانها صحيحة بحكم الامام لا بسبب اجازة المالك و وليه.

(لكن يستأنس لها) اى لمسألة الفضولى (بالتقريب المتقدم) من حيث عدم اعتبار اذن المالك سابقا فى نقل مال المالك الى غيره.

(و ربما احتمل دخولها) اى مسئلة الاتجار بمال الصغير (فى المسألة)

ص: 60

من حيث ان الحكم بالمضى اجازة إلهية لاحقه للمعاملة، فتأمل.

و ربما يؤيد المطلب أيضا برواية ابن اشيم الواردة فى العبد المأذون الّذي دفع إليه مال ليشترى به نسمة، و يعتقها و يحجه عن ابيه فاشترى اباه، و اعتقه، ثم تنازع مولى المأذون، و مولى الأب، و ورثة الدافع، و ادعى كل منهم انه اشتراه بماله.

______________________________

اى مسئلة الفضولية- على القول بالإطلاق- (من حيث ان الحكم، بالمضى اجازه إلهية لاحقة للمعاملة) فيستفاد منها: ان الاجازة المالكية أيضا كذلك، فاذا الحقت بالمعاملة صحت (فتامل) اذ: الاجازة الالهية سابقة، و ليست لاحقة بالإضافة الى انه لا ملازمة بين الصحة بسبب الاجازة الالهية و الاجازة المالكية.

(و ربما يؤيد المطلب) اى صحة الفضولى اذا لحقتها الاجازة (أيضا برواية ابن اشيم الواردة فى العبد المأذون الّذي دفع إليه مال ليشترى به نسمة، و يعتقها، و يحجه عن ابيه) اى يرسل العبد المعتوق الى الحج نيابة عن والد صاحب المال (فاشترى) العبد (اباه، و اعتقه ثم تنازع مولى المأذون) اى مولى العبد (و مولى الأب) اى العبد الّذي هو اب للعبد المأذون (و ورثة الدافع) للمال، حيث مات نفس الدافع (و ادعى كل منهم) اى من الثلاثة (انه) اى العبد المأذون (اشتراه) اى اباه (بماله).

مثلا: محمد، و على، و الحسن، احرار و كان لمحمد عبد اسمه فيروز و كان لعلى عبد اسمه مبارك، و كان مبارك أبا لفيروز، و كان فيروز عنده مال كل واحد من الثلاثة الاحرار، و طلب منه الحسن ان يشترى عبدا و يعتقه

ص: 61

فقال ابو جعفر عليه السلام: يرد المملوك رقا لمولاه، و اى الفريقين اقاموا البينة بعد ذلك على انه اشتراه بماله كان رقّا له، الخبر، بناء على انه لو لا كفاية الاشتراء بعين المال فى تملك المبيع، بعد مطالبة المتضمّنة: لاجازه البيع، لم يكن مجرد دعوى الشراء

______________________________

و يحجه عن والد الحسن، فاشترى فيروز مباركا و اعتقه و احجه، فتنازع الثلاثة الاحرار، قال محمد: انه اشترى مباركا بمالى، فالمبارك لى و عتقه باطل، لانى لم آذن له فى العتق، و قال على: انه اشترى مباركا بمالى فالبيع باطل من اصله، لانه اشترى عبدى بدرهمى، و مثل هذا الاشتراء لا يصح، و قال الحسن: بل انه اشتراه بمالى فالبيع، و العتق، صحيحان (فقال ابو جعفر عليه السلام: يرد المملوك رقّا لمولاه) فالمبارك يبقى على ملكية على، لاصالة عدم الانتقال (و اى الفريقين) من محمد، و الحسن (اقاموا البينة بعد ذلك على انه) اى العبد المأذون- و هو فيروز- (اشتراه بماله كان رقّا له) فان اقام محمد البينة، كان مبارك رقّا له، و ان اقام الحسن البينة كان مبارك حرا (الخبر).

و انما يؤيد هذا الخبر المطلب (بناء على) ان محمدا كان له مال عند عبده فيروز، فاشترى فيروز المبارك له- حسب الفرض من انه ان اقام البينة كان العبد له- و كان هذا الاشتراء فضوليا، فاجازه محمد، فصار العبد اى المبارك، بسبب هذه الإجازة له ف (انه لو لا كفاية الاشتراء بعين المال فى تملك المبيع، بعد مطالبة المتضمنة: لاجازة البيع) كمطالبة صاحب المال و هو: محمد للمبيع، و هو: المبارك فى المثال (لم يكن مجرد دعوى الشراء

ص: 62

بالمال و لا اقامة البينة عليها كافية فى تملك المبيع.

و مما يؤيد المطلب أيضا: صحيحه الحلبى، عن الرجل يشترى ثوبا، و لم يشترط على صاحبه شيئا فكرهه، ثم رده على صاحبه فابى ان يقبله الا بوضيعة، قال: لا يصلح له ان يأخذه بوضيعه، فان جهل فاخذه فباعه باكثر من ثمنه يرد على صاحبه الاول ما زاد.

______________________________

بالمال) اى دعوى محمد ان فيروز اشترى المبارك بمالى (و لا اقامة البينة عليها) اى على هذه الدعوى (كافية فى تملك المبيع) فالكفاية تلازم صحة الفضولية التى تلحقها الاجازة.

و لكن ان هذا البناء محل ايراد، حيث يحتمل ان يكون كل من الاحرار موكلا لفيروز فى الاتجار بماله، بل يؤيده وجود مال كل واحد منهم عنده.

(و مما يؤيد المطلب) اى صحه الفضولية (أيضا: صحيحه الحلبى، عن الرجل يشترى ثوبا، و لم يشترط على صاحبه شيئا) بان يرده اذا كرهه (فكرهه) اى المشترى (ثم رده على صاحبه فابى ان يقبله الا بوضيعة) اى التنقيص فى الثمن (قال) عليه السلام (لا يصلح له ان يأخذه بوضيعة) لان الزائد من الثمن عند البائع، من اكل المال بالباطل (فان جهل) البائع انه لاحق له فى الاخذ بوضيعة (فاخذه) اى الثوب بوضيعة (فباعه باكثر من ثمنه) كما لو باع زيد عمروا ثوبا بدينار، ثم رده عمرو عليه، و اخذ من ثمنه نصف دينار فقط، ثم باع زيد الثوب مرة ثانية بثلاثة ارباع الدينار (يرد على صاحبه الاول) اى المشترى (ما زاد) اى الربع الزائد رده على عمرو، لان الثوب له، و رده على زيد لم يوجب بطلان البيع.

ص: 63

فان الحكم برد ما زاد لا ينطبق بظاهره الاعلى صحة بيع الفضولى لنفسه.

و يمكن التأييد له أيضا: بموثقة عبد الله، عن ابى عبد الله عليه السلام:

عن السمسار يشترى بالاجر، فيدفع إليه الورق فيشترط عليه: انك تأتى بما تشترى، فما شئت اخذته، و ما شئت تركته، فيذهب ليشترى، ثم يأتى بالمتاع، فيقول خذ ما رضيت ودع ما كرهت، قال: لا بأس، الخبر. بناء على ان الاشتراء من السمسار يحتمل ان يكون لنفسه ليكون الورق عليه قرضا فيبيع على صاحب

______________________________

(فان الحكم بردّ ما زاد لا ينطبق بظاهره) اى ظاهر الرد، مقابل ان عمروا اودعه ثانيا عند زيد ليبيعه له (الاعلى صحة بيع الفضولى لنفسه) فان زيدا فضول، و قد باع الثوب لنفسه، لكنه ملك لعمرو واقعا، فالبيع صحيح و الزائد له.

فاذا صح بيع الفضول لنفسه، فبيعه للمالك يصح بطريق اولى.

(و يمكن التأييد له) اى للفضولى (أيضا: بموثقة عبد الله، عن ابى عبد الله عليه السلام: عن السمسار يشترى بالاجر) اى اجرة عمله (فيدفع إليه) المالك (الورق) اى الدرهم (فيشترط) المالك للورق (عليه: انك تأتى بما تشترى، فما شئت اخذته، و ما شئت تركته، فيذهب) السمسار (ليشترى، ثم يأتى بالمتاع، فيقول) السمسار بعد ما اشترى المتاع، لصاحب الورق (خذما رضيت، و دع ما كرهت) فهل يصح هذا (قال) عليه السلام (لا بأس، الخبر).

و دلالته على صحة الفضولى (بناء على ان الاشتراء) الصادر (من السمسار) عن بائع للمتاع (يحتمل ان يكون لنفسه، ليكون الورق) من صاحب الورق (عليه قرضا، فيبيع) السمسار (على صاحب

ص: 64

الورق ما رضيه من الامتعة، و يوفيه دينه.

و لا ينافى هذا الاحتمال، فرض السمسار فى الرواية ممن يشترى بالاجر، لان توصيفه بذلك باعتبار اصل حرفته و شغله، لا بملاحظة هذه القضية الشخصية.

و يحتمل ان يكون لصاحب الورق باذنه، مع جعل خيار له على بائع الامتعة، فيلتزم بالبيع فيما رضى، و يفسخه فيما كره.

______________________________

الورق ما رضيه من الامتعة، و يوفيه) اى يوفى السمسار صاحب الورق (دينه) لانه يعطيه المتاع عوض ما اقترض منه من الورق.

(و) ان قلت: هذا ينافى قوله: يشترى بالاجر، اذ: ظاهره ان السمسار يشترى لصاحب الورق، و يأخذ منه الأجرة،

قلت: (لا ينافى هذا الاحتمال فرض السمسار فى الرواية ممن يشترى بالاجر) الظاهر فى ان الاشتراء ليس لنفسه (لان توصيفه بذلك) الاشتراء بالاجر (باعتبار اصل حرفته و شغله) و انه شأنه الاشتراء بالأجرة (لا بملاحظة هذه القضية الشخصية) هذا هو الاحتمال الاول فى الرواية.

(و يحتمل ان يكون) الاشتراء الصادر من السمسار (لصاحب الورق باذنه، مع جعل خيار له على بائع الامتعة) حتى لا يكون صاحب الورق ملزما بقبول كل ما اشتراه (فيلتزم) صاحب الورق (بالبيع فيما رضى) من الاجناس المبيعة (و يفسخه فيما كره) و هذا هو الاحتمال الثانى فى الرواية.

ص: 65

و يحتمل ان يكون فضوليا عن صاحب الورق، فيتخير ما يريد، و يرد ما يكره.

و ليس فى مورد الرواية ظهور فى اذن صاحب الورق للسمسار على وجه ينافى كونه فضوليا كما لا يخفى.

فاذا احتمل مورد السؤال لهذه الوجوه و حكم الامام عليه السلام بعدم البأس من دون استفصال عن المحتملات، افاد ثبوت الحكم على جميع الاحتمالات.

______________________________

(و يحتمل ان يكون) اشتراء السمسار (فضوليا عن صاحب الورق، فيتخير) صاحب الورق (ما يريد) من الامتعة (و يرد ما يكره).

(و) ان قلت: ظاهر الرواية اذن صاحب الورق للسمسار فى الاشتراء فكيف يكون فضوليا؟

قلت: (ليس فى مورد الرواية ظهور فى اذن صاحب الورق للسمسار على وجه ينافى كونه فضوليا) لان المالك انما يريد الّذي يرضاه وقت رؤيته المتاع، و قبل الرؤية لم يكن اذن فى الاشتراء (كما لا يخفى) و هذا هو الاحتمال الثالث.

(فاذا احتمل مورد السؤال) فى هذه الرواية (لهذه الوجوه) الثلاثة (و حكم الامام عليه السلام بعدم البأس) فى ذلك (من دون استفصال عن المحتملات) بان لم يقل انه يصح على احتمال دون احتمال آخر (افاد) الحديث (ثبوت الحكم) بالجواز (على جميع الاحتمالات) فيدل على صحة الفضولى.

و لا يخفى ما فى احتمال الرواية للفضولى أولا، و الاستدلال بها على تقدير الاحتمال ثانيا نظر ظاهر.

ص: 66

و ربما يؤيد المطلب: بالاخبار الدالة على عدم فساد نكاح العبد بدون اذن مولاه معللا: بانه لم يعص الله و انما عصى سيده، و حاصله:

ان المانع من صحه العقد، اذا كان لا يرجى زواله، فهو الموجب لوقوع العقد باطلا، و هو عصيان الله تعالى.

و اما المانع الّذي يرجى زواله كعصيان السيد، فبزواله يصح العقد.

و رضى المالك من هذا القبيل فانه لا يرضى أولا و يرضى ثانيا بخلاف سخط الله عز و جل بفعل فانه يستحيل رضاه.

______________________________

(و ربما يؤيد المطلب) اى صحة الفضولى (بالاخبار الدالة على عدم فساد نكاح العبد بدون اذن مولاه معللا) عدم الفساد (بانه) اى العبد (لم يعص الله و انما عصى سيده) و التأييد بهذا الحديث لا من جهة الاولوية كما سبق بل ما ذكره بقوله (و حاصله: ان المانع من صحه العقد) الّذي اجراه العبد (اذا كان لا يرجى زواله، فهو الموجب لوقوع العقد باطلا، و هو عصيان الله تعالى) اذ: المعصية لا تنقلب طاعة.

(و اما المانع الّذي يرجى زواله كعصيان) العبد (السيد، فبزواله يصح العقد) اذ: حينما يزول المانع يعمل المقتضى عمله.

(و رضى المالك) فى العقد الفضولى (من هذا القبيل، فانه) اى المالك (لا يرضى أولا) حين جريان العقد (و يرضى ثانيا) حين الاجازة (بخلاف سخط الله عز و جل بفعل، فانه يستحيل رضاه) فاذا باع الخمر مثلا لم يمكن صحة البيع، اما اذا باع فضولا فانه يمكن صحة البيع.

ص: 67

[مختار المصنف الصحة]

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 7، ص: 68

هذا غاية ما يمكن ان يحتج، و يستشهد به، للقول بالصحة، و بعضها و إن كان مما يمكن الخدشة فيه الا ان فى بعضها الآخر غنى و كفاية.

و احتج للبطلان: بالأدلّة الاربعة
اما الكتاب [الاستدلال بآية التجارة]

فقوله تعالى: لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ دل بمفهوم الحصر، او سياق التحديد على ان غير التجارة عن تراض او التجارة لا عن تراض غير مبيح لا كل مال الغير، و ان لحقها الرضا، و من المعلوم: ان الفضولى غير داخل فى المستثنى.

و فيه: ان دلالته على الحصر ممنوعة، لانقطاع الاستثناء

______________________________

(هذا) الّذي ذكرناه من مختلف الاستدلالات للفضولى بالآية، و الرواية و القاعدة (غاية ما يمكن ان يحتج، و يستشهد به، للقول بالصحة، و بعضها و إن كان مما يمكن الخدشة فيه، الا ان فى بعضها الآخر غنى و كفاية).

(و احتج للبطلان) اى بطلان الفضولى (بالأدلّة الاربعة اما الكتاب فقوله تعالى: لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ، إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) الآية، (دل بمفهوم الحصر) حيث حصر الجائز بالتجارة عن رضى (او سياق التحديد) و المراد: مفهوم الوصف، حيث حددت التجارة فى الآية بتوصيفها ب: عن تراض (على ان غير التجارة عن تراض) هذا مستفاد من مفهوم الحصر (او التجارة لا عن تراض) هذا مستفاد من مفهوم الوصف (غير مبيح لاكل مال الغير، و ان لحقها الرضا) لاطلاق المستفاد من الحصر، او الوصف (و من المعلوم: ان الفضولى غير داخل فى المستثنى) و هو: عن تراض فيدخل فى المستثنى منه و هو: لا تأكلوا.

(و فيه: ان دلالته على الحصر ممنوعة، لانقطاع الاستثناء) اذ: التجارة

ص: 68

كما هو ظاهر اللفظ، و صريح المحكى عن جماعة من المفسرين، ضرورة عدم كون: التجارة عن تراض، فردا من الباطل خارجا عن حكمه.

و اما سياق التحديد الموجب لثبوت مفهوم القيد، فهو مع

______________________________

عن تراض، ليس اكلا بالباطل- الّذي هو المستثنى منه- (كما هو) اى الانقطاع (ظاهر اللفظ) اذ: المستثنى، ليس من جنس المستثنى منه (و صريح المحكى عن جماعه من المفسرين) و اذا كان الاستثناء منقطعا لم يفد الحصر، اذ لم يدل على ان الخارج من المستثنى منه المستثنى فقط- الّذي هو قوام الحصر- فانك اذا قلت: ما جاءني احد إلا زيدا، أفاد أن الخارج من حكم: عدم المجي ء زيد، فقط، فيدل على انه لم يجئ عمرو، و خالد و بكر، اما اذا قلت: ما جاءني احد إلا حمار، كان: الا، بمعنى: لكن، و من المعلوم ان مجرد قولة العام اى: ما جاءني احد، ليست منافية لوجود مخصص له كسائر العمومات.

و انما نقول بان الاستثناء فى الآية منقطع ل (ضرورة عدم كون: التجارة عن تراض، فردا من الباطل) المستثنى منه (خارجا عن حكمه).

نعم ربما قيل: ان الاستثناء فى الآية ليس منقطعا لانه فى قوة ان يقال لا تأكلوا اموالكم باى نوع من انواع الاكل، لانه اكل بالباطل، الا اذا كان تجارة عن تراض، ف: بالباطل، ليس الا علة.

كما انه ربما قيل: بان الاستثناء المنقطع يفيد الحصر أيضا، لانه فى قوة ان يقال لم يأتنى انسان و حيوان، إلا حمار، و لتفصيل الكلام يراجع المفصلات.

(و اما سياق التحديد الموجب لثبوت مفهوم القيد) اى الوصف (فهو مع

ص: 69

تسليمه مخصوص بما اذا لم يكن للقيد فائدة اخرى لكونه واردا مورد الغالب كما فى ما نحن فيه، و فى قوله تعالى: وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ، مع احتمال ان يكون: عن تراض خبرا بعد خبر، ليكون على قراءة نصب التجارة لا قيدا لها.

و إن كان غلبه توصيف النكرة تؤيد التقييد، فيكون المعنى: الا ان يكون

______________________________

تسليمه) اذ: لا نسلم ان المفهوم فى الآية من قبيل مفهوم الوصف (مخصوص بما اذا لم يكن للقيد فائدة اخرى لكونه) اى القيد (واردا مورد الغالب، كما فى ما نحن فيه) فان الغالب ان يكون غير التجارة عن تراض، اكلا بالباطل (و) كما (فى قوله تعالى: وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ) فان الغالب ان تكون الربيبة، و هى بنت المرأة فى حجر الزوج الثانى و الا فلا خصوصية لكونها فى الحجر (مع احتمال ان يكون: عن تراض) فى الآية (خبرا بعد خبر، ليكون) فاسم: يكون، الضمير العائد الى: الاكل، المفهوم من:

لا تأكلوا، و خبره: تجارة، و كلمة: عن تراض، خبر ثان، و ليس بوصف، و قيل حتى يكون له مفهوم الوصف (على قراءة نصب التجارة) اما على قراءة الرفع فاوضح، لان: التجارة، اسم، و: عن تراض، خبر، فلا وصف فى البين اصلا (لا قيدا لها) اى للتجارة، ليكون له مفهوم.

(و إن كان غلبة توصيف النكرة) مثل: تجارة، فى الآية (تؤيد التقييد) بان يكون: عن تراض، قيدا، لا خبرا بعد خبر (فيكون المعنى) بناء على كونه خبرا بعد خبر (الا ان يكون

ص: 70

سبب الاكل تجارة، و يكون عن تراض، و من المعلوم ان السبب الموجب لحل الاكل فى الفضولى انما نشأ عن التراضي مع ان الخطاب لملّاك الاموال.

و التجارة فى الفضولى انما تصير تجارة المالك بعد الاجازة فتجارته عن تراض.

و قد حكى عن المجمع ان مذهب الامامية، و الشافعية، و غيرهم، ان معنى التراضي

______________________________

سبب الاكل تجارة، و يكون) ذلك السبب (عن تراض، و من المعلوم ان) الفضولى داخل حينئذ فى المستثنى، اذ: (السبب الموجب لحل الاكل فى الفضولى انما نشأ عن التراضي) فزيد الّذي يأكل الثمن بعد رضاية المشترى اكل المال عن رضى من صاحب الثمن (مع ان الخطاب) فى: لا تأكلوا (لملّاك الاموال) اى صاحب المثمن، و صاحب الثمن.

فعلى تقدير كون: عن تراض، قيدا، لا يلزم أيضا عدم صحة الفضولى اذ: التجارة قبل الاجازة، لا تكون تجارة المالك، فلا يجوز الاكل حينذاك و بعد ان صح نسبتها الى المالك بعد الاجازة، تكون تجارة عن تراض.

(و) ذلك لوضوح ان: (التجارة فى الفضولى انما تصير تجارة المالك بعد الاجازة) و حينذاك (فتجارته عن تراض).

و على هذا، فالآية دالة على جواز الاكل بعد الرضا، سواء قلنا بان:

عن تراض، قيد، او انه خبر بعد خبر.

(و قد حكى عن المجمع ان مذهب الامامية، و الشافعية، و غيرهم) من بعض العلماء الآخرين مقابل مذهب مالك، و ابى حنيفة (ان معنى التراضي

ص: 71

بالتجارة امضاء البيع بالتصرف او التخاير بعد العقد.

و لعله يناسب ما ذكرنا من: كون الظرف خبرا بعد خبر.

و اما السنة فهي أخبار،

منها: النبوى المستفيض، و هو

______________________________

بالتجارة) فى الآية (امضاء البيع) الّذي فيه الخيار (بالتصرف) فى المبيع، فانه مسقط للخيار (او التخاير) بان يقول: من له الخيار: اخترت البيع، فان الاول امضاء عملى، و الثانى امضاء قولى (بعد العقد) خلافا لمالك، و ابى حنيفة، حيث قالا: ان التراضي هو التراضي بالعقد فقط، و لا يحتاج الى الامضاء عملا، او قولا.

(و لعله) اى كلام المجمع (يناسب ما ذكرنا من: كون الظرف) اى: عن تراض، (خبرا بعد خبر) و ليس قيدا.

وجه المناسبة ان المراد بالرضى- على هذا القول- الرضى باسقاط الخيار عملا، او قولا، فلا يراد منه الرضا بالعقد.

و عليه فاذا لم يكن فى باب الفضولى، رضى بالعقد حين العقد، لم يضر و لم يوجب ان تشمله الآية.

و الحاصل: انه على هذا القول يلزم الرضى بعد العقد، و هو حاصل بعد الاجازة فى الفضولى، كما لا يخفى، و لو كان: عن تراض، قيدا، لزم ان يراد به الرضا حين العقد، لا بعد العقد.

(و اما السنة) الدالة على بطلان الفضولى، على ما ذكره القائلون بالبطلان (فهى اخبار منها: النبوى المستفيض) و هو و إن كان عاصيا، لكن استفاضته، و ورود مثله فى اخبار الخاصة كاف فى الحجية، او الاستناد (و هو

ص: 72

قوله صلى الله عليه و آله و سلم، لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك، فان عدم حضوره عنده، كناية عن عدم تسلطه على تسليمه لعدم تملكه، فيكون مساوقا للنبوى الآخر: لا بيع الا فيما يملك، بعد قوله صلى الله عليه و آله و سلم لا طلاق الا فيما يملك، و لا عتق الا فيما يملك.

و لما ورد فى توقيع العسكرى الى الصفار: لا يجوز بيع ما ليس يملك.

و ما عن الحميرى ان مولانا عجل الله فرجه كتب فى جواب بعض مسائله:

ان الضيعة لا يجوز ابتياعها الا عن مالكها او بامره، او رضى منه.

______________________________

قوله صلى الله عليه و آله و سلم، لحكيم بن حزام: لا تبع ما ليس عندك)

و من المعلوم: ان الفضولى ليس عنده الشي ء الّذي يجرى المعاملة عليه (فان عدم حضوره عنده) فى الخبر (كناية عن عدم تسلطه على تسليمه لعدم تملكه) لاغيا به عنه، و إن كان ملكا له و قادرا على تسلميه (فيكون) هذا الخبر (مساوقا) و مساويا (للنبوى الآخر: لا بيع الا فيما يملك) بالمعلوم، و المراد ملك البيع، و ان لم يكن له، بل كان وليا او وكيلا (بعد قوله صلى الله عليه و آله و سلم: لا طلاق الا فيما يملك، و لا عتق الا فيما يملك) مما يكون قرينة على ان الفعل مبنى للمعلوم، لا للمجهول اذ: لا معنى لطلاق لا يملك بالمجهول.

(و) مساوق (لما ورد فى توقيع العسكرى) عليه السلام (الى الصفار: لا يجوز بيع ما ليس يملك) بناء على قراءة يملك معلوما.

(و ما عن الحميرى ان مولانا عجل الله فرجه كتب فى جواب بعض مسائله ان الضيعة لا يجوز ابتياعها الا عن مالكها، او بامره، او رضى منه).

و من المعلوم ان الكلام فيما اذا لم نعلم رضى المالك.

ص: 73

و ما فى الصحيح عن محمد بن مسلم الوارد فى ارض، بفم النيل اشتراها رجل، و اهل الارض يقولون: هى ارضنا، و اهل الاستان يقولون: هى من ارضنا، فقال: لا تشترها الا برضى اهلها.

و ما فى الصحيح عن محمد بن القاسم بن الفضل، فى رجل اشترى من امرأة من آل فلان بعض قطائعهم، فكتب إليها كتابا قد قبضت المال، و لم تقبضه فيعطيها المال أم يمنعها؟، قال: قل يمنعها اشد المنع، فانها باعت ما لم تملكه.

______________________________

(و ما فى الصحيح عن محمد بن مسلم الوارد فى ارض، بفم النيل اشتراها رجل، و اهل الارض يقولون: هى ارضنا، و اهل الاستان) بالضم و فى اخيره نون، اربع كور ببغداد و (يقولون: هى من ارضنا، فقال: لا تشترها الا برضى اهلها) اى اهل الارض المشرفون عليها، لا اهل الاستان، و المراد بفم النيل محل فى العراق قرب بغداد، لا انه نيل مصر، كما ربما زعم.

(و ما فى الصحيح عن محمد بن القاسم بن الفضل، فى رجل اشترى من امرأة من آل فلان بعض قطائعهم) و الظاهر ان المراد آل عباس، لكن ترك الاسم خوفا (فكتب إليها) اى الى تلك الامرأة (كتابا) بانها (قد قبضت المال) اى الثمن (و) الحال انها (لم تقبضه) كما هو المعتاد بانهم يكتبون الكتاب قبل القبض و الاقباض (فيعطيها المال أم يمنعها؟، قال) الامام عليه السلام (قل) للمشترى (يمنعها) اى المرأة البائعة (اشد المنع، فانها باعت ما لم تملكه).

اما من جهة ان ارض العراق مفتوحة عنوة.

و اما من جهة ان الامام عليه السلام هو المالك، فلا حق لها فى الثمن.

ص: 74

و الجواب عن النبوى أولا: ان الظاهر من الموصول هى العين الشخصية، للاجماع و النص على جواز البيع الكلى، و من البيع البيع لنفسه لا عن مالك العين، و حينئذ: فاما ان يراد بالبيع مجرد الانشاء، فيكون دليلا على عدم جواز بيع الفضولى لنفسه فلا يقع له، و لا للمالك بعد اجازته.

و اما ان يراد ما عن التذكرة: من ان يبيع عن نفسه ثم يمضى ليشتريه من مالكه قال

______________________________

(و الجواب) عن الاستدلال بهذه الروايات لبطلان الفضولى (عن النبوى) اى: لا تبع ما ليس عندك (أولا: ان الظاهر من الموصول) اى: ما فى: ما ليس عندك (هى العين الشخصية) اى شي ء شخصى ليس لك، كان يبيع الانسان دار زيد، بيعا لنفسه (للاجماع و النص على جواز بيع الكلى) كما فى السلف حيث: ان الجنس كلى، و ليس موجودا الحال عند البائع، بل ربما ليس بموجود فى الخارج اصلا، و كما فى النسيئة بالنسبة الى الثمن (و من البيع) اى المراد من قوله صلى الله عليه و آله و سلم: لا تبع (البيع لنفسه لا عن مالك العين) لانه هو المنصرف من: لا تبع، اذ: كلام النبي صلى الله عليه و آله و سلم وقع جوابا لسؤال هو نص فى ذلك- كما سيأتى- (و حينئذ) اى حين كان المراد: البيع لنفسه (فاما ان يراد بالبيع مجرد الانشاء) اى لا تنشأ عقد البيع (فيكون) الحديث (دليلا على عدم جواز بيع الفضولى لنفسه) هذا الانشاء باطل (فلا يقع له، و لا للملاك بعد اجازته) فهو اجنبى عما نحن بصدده من كون البيع عن المالك فضوله.

(و اما ان يراد ما عن التذكرة: من ان يبيع) الجنس الموجود لزيد مثلا (عن نفسه، ثم يمضى ليشتريه من مالكه، قال) العلامة و انما نفسر كلام

ص: 75

لانه صلى الله عليه و آله و سلم ذكره جوابا لحكيم بن حزام، حيث سأله عن ان يبيع الشي ء، فيمضى و يشتريه، و يسلمه، فان هذا البيع غير جائز و لا نعلم فيه خلافا، للنهى المذكور.

و للغرر، لان صاحبها قد لا يبيعها، انتهى.

و هذا المعنى يرجع الى المراد من روايتى خالد، و يحيى، الآتيتين فى بيع الفضولى لنفسه، و يكون بطلان البيع بمعنى عدم وقوع البيع للبائع، بمجرد انتقاله إليه بالشراء فلا ينافى اهليته لتعقب الاجازة من المالك.

______________________________

الرسول صلى الله عليه و آله و سلم هكذا (لانه صلى الله عليه و آله و سلم ذكره جوابا لحكيم بن حزام، حيث سأله عن ان يبيع الشي ء، فيمضى و يشتريه، و يسلمه، فان هذا البيع غير جائز، و لا نعلم فيه خلافا).

أولا (للنهى المذكور) فى كلام الرسول صلى الله عليه و آله و سلم.

(و) ثانيا (للغرر) بالنسبة الى البائع و المشترى (لان صاحبها) اى صاحب العين (قد لا يبيعها، انتهى) كلام التذكرة.

(و هذا المعنى) الثانى لقوله صلى الله عليه و آله و سلم: لا تبع ما ليس عندك (يرجع الى المراد من روايتى خالد و يحيى الآيتين فى بيع الفضولى لنفسه) اى مسئلة من باع شيئا ثم ملكه (و يكون بطلان البيع) المستفاد من النهى (بمعنى عدم وقوع البيع للبائع بمجرد انتقاله إليه بالشراء) كما لو باع زيد دار محمد لخالد ثم اشترى زيد الدار من محمد، فان بمجرد انتقال الدار الى زيد لا ترجع الدار الى خالد (فلا ينافى) البطلان بهذا المعنى (اهليته) اى البيع الفضولى هكذا (لتعقب الإجازة من المالك) الّذي هو محمد فيما اذا اجاز البيع.

ص: 76

و بعبارة اخرى: نهى المخاطب عن البيع، دليل على عدم وقوعه مؤثرا فى حقه، فلا يدل على الغائه بالنسبة الى المالك، حتى لا تنفعه باجازة المالك فى وقوعه له.

و هذا المعنى اظهر من الاول، و نحن نقول به، كما سيجي ء.

و ثانيا: سلمنا دلالة النبوى على

______________________________

(و بعبارة اخرى: نهى المخاطب عن البيع، دليل على عدم وقوعه مؤثرا فى حقه) فاذا باع ما ليس له، ثم انتقل إليه، لم يكن هذا الانتقال موجبا لانتقاله الى المشترى فورا بدون اجازة لاحقة (فلا يدل) هذا النهى (على الغائه) اى البيع (بالنسبة الى المالك) كمحمد فى المثال (حتى لا تنفعه باجازة المالك فى وقوعه) اى البيع (له) اى للمالك.

و الحاصل: ان هنا اربع احتمالات، صورة البيع لمحمد، و صورة البيع لنفسه، و كل مع اجازة المالك، او هو بعد الانتقال إليه، و بدون ذلك.

و الحديث ظاهره: انه سواء باع لنفسه او للمالك، لم يكن البيع مؤثرا بدون الاجازة.

(و هذا المعنى) الّذي ذكره العلامة للحديث (اظهر من) المعنى (الاول) الّذي ذكرناه ابتداءً.

و وجه الاظهرية ان المنساق من الحديث، بعد كونه جوابا لسؤال حكيم (و نحن نقول به) اى بهذا المعنى (كما سيجي ء) إن شاء الله تعالى.

(و ثانيا) جوابا عن الاستدلال بالنبوى نقول: (سلمنا دلالة النبوى على

ص: 77

المنع، لكنها بالعموم، فيجب تخصيصه بما تقدم من الادلة الدالة على تصحيح بيع ما ليس عند العاقد لمالكه اذا اجاز.

و بما ذكرناه من الجوابين، يظهر الجواب عن دلالة قوله: لا بيع الا فى ملك فان الظاهر منه كون المنفى هو البيع لنفسه، و ان النفى راجع الى نفى الصحة فى حقه، لا فى حق المالك، مع: ان العموم لو سلم، وجب تخصيصه بما دل على وقوع البيع للمالك اذا اجاز.

و اما الروايتان

______________________________

المنع، لكنها) اى الدلالة (بالعموم، فيجب تخصيصه بما تقدم من الادلة الدالة على تصحيح بيع ما ليس عند العاقد لمالكه) متعلق بالبيع، اى يبيع الفضولى الجنس لمالكه (اذا اجاز) المالك.

(و بما ذكرناه من الجوابين) عن الاستدلال بالنبوى (يظهر الجواب عن دلالة قوله) عليه السلام (لا بيع الا فى ملك) حيث استدل به لعدم صحة بيع الفضول، لان الشي ء ليس ملكا له.

(ف) وجه الجواب (ان الظاهر منه) اى من هذا الحديث (كون المنفى هو البيع لنفسه) بان يبيع زيد دار محمد لنفسه، لا لمحمد (و ان النفى) فى الرواية (راجع الى نفى الصحة فى حقه لا فى حق المالك) فيمكن ان يكون صحيحا فى حق المالك، اذا دل الدليل على ذلك (مع: ان العموم) فى الحديث (لو سلم) بحيث يشمل نفى الصحة له، و للمالك (وجب تخصيصه بما دل على وقوع البيع للمالك اذا اجاز) كما يأتى مفصلا.

(و اما الروايتان) اى روايتا خالد و يحيى، الآتيتان فى بيع الفضولى

ص: 78

فدلالتهما على ما حملنا عليه السابقين اوضح، و ليس فيهما ما يدل- و لو بالعموم- على عدم وقوع البيع الواقع من غير المالك له اذا اجاز.

و اما الحصر فى صحيحة ابن مسلم، و التوقيع، فانما هو فى مقابله عدم رضى اهل الارض، و الضيعة رأسا، على ما يقتضيه السؤال فيهما.

و توضيحه: ان النهى فى مثل المقام و إن كان يقتضي الفساد، الا انه بمعنى عدم ترتب الأثر المقصود من المعاملة عليه.

______________________________

لنفسه (فدلالتهما على ما حملنا عليه السابقين) اى انه لو باع، ثم ملك لم ينتقل الى المشترى بمجرد ان ملكه الفضول بدون اجازة لاحقة (اوضح) كما سيأتى (و ليس فيهما ما يدل- و لو بالعموم- على عدم وقوع البيع الواقع) ذلك البيع (من غير المالك له) اى للمالك (اذا اجاز) فهما اوضح دلالة من هذه الجهة، من النبوى الّذي احتملنا العموم فيه، و قلنا بانه على تقدير عمومه يجب تخصيصه.

(و اما الحصر فى صحيحه ابن مسلم، و) فى (التوقيع) اى المروى عن الحميرى (فانما هو فى مقابلة عدم رضى اهل الارض، و الضيعة رأسا، على ما يقتضيه السؤال فيهما) فذلك فى مقابل انتفاء الرضا سابقا و لاحقا، لا فى مقابل انتفاء الرضا سابقا، حتى يكون دليلا لمن يقول: بعدم صحة الفضولى حتى فيما تعقبه الرضا.

(و توضيحه: ان النهى فى مثل المقام و إن كان يقتضي الفساد) لانه نهى عن الاثر (الا انه) فساد (بمعنى عدم ترتب الأثر المقصود من المعاملة) و هو النقل و الانتقال (عليه) اى على بيع الفضول.

ص: 79

و من المعلوم: ان عقد الفضولى لا يترتب عليه بنفسه الملك المقصود منه و لذا يطلق عليه الباطل، فى عباراتهم كثيرا.

و لذا عدّ فى الشرائع و القواعد، من شروط المتعاقدين، اعنى شروط الصحة كون العاقد مالكا، او قائما مقامه.

و ان ابيت الّا عن ظهور الروايتين فى لغوية عقد الفضولى رأسا، وجب تخصيصها بما تقدم من: ادلة الصحة.

و اما رواية القاسم بن فضل، فلا دلالة فيها الاعلى عدم جواز اعطاء الثمن للفضولى، لانه باع ما لا يملك.

______________________________

(و من المعلوم: ان عقد الفضولى لا يترتب عليه بنفسه الملك المقصود منه، و لذا) الّذي ذكرنا من عدم ترتب الأثر المقصود (يطلق عليه الباطل، فى عباراتهم كثيرا) فيقولون عقد الفضولى باطل.

(و لذا) الّذي يعدونه باطلا (عد فى الشرائع و القواعد، من شروط المتعاقدين، اعنى شروط الصحة) للعقد (كون العاقد مالكا، او قائما مقامه) كالولى و الوكيل.

فما فى الرايتين من ما ظاهره بطلان العقد يراد به عدم ترتب الأثر لا البطلان المطلق.

(و ان ابيت إلا عن ظهور الروايتين فى لغوية عقد الفضولى رأسا، وجب تخصيصها بما تقدم من: ادلة الصحة) للفضولى اذا لحقته الاجازة.

(و اما رواية القاسم بن فضل، فلا دلالة فيها الاعلى عدم جواز اعطاء الثمن للفضولى، لانه باع ما لا يملك) لان الملك للامام او للمسلمين.

ص: 80

و هذا حق لا ينافى صحه الفضولى.

و اما توقيع الصفار، فالظاهر منه: نفى جواز البيع فيما لا يملك، بمعنى وقوعه للبائع على جهة الوجوب و اللزوم.

و يؤيد تصريحه عليه السلام بعد تلك الفقرة بوجوب البيع فيما يملك، فلا دلالة على عدم وقوعه لمالكه اذا اجاز.

و بالجملة: فالانصاف انه لا دلالة فى تلك الاخبار باسرها على عدم وقوع بيع غير المالك للمالك اذا اجاز و لا تعرض فيها الّا لنفى وقوعه للعاقد.

______________________________

(و هذا) اى عدم جواز اعطاء الثمن للفضولى (حق لا ينافى صحة الفضولى) بل فى الرواية اشعار بصحة المعاملة فى الجملة.

(و اما توقيع الصفار، فالظاهر منه: نفى جواز البيع فيما لا يملك) اى لا يملكه البائع (بمعنى) نفى (وقوعه للبائع على جهة الوجوب و اللزوم).

اما نفى الصحة مطلقا حتى للمالك، اذا اجاز فلا دلالة له على ذلك.

(و يؤيد) ما ذكرناه من المعنى (تصريحه عليه السلام بعد تلك الفقرة) المتقدمة (بوجوب البيع فيما يملك) مما يظهر ان المراد بالفقرة السابقة عدم الوجوب (فلا دلالة) للتوقيع (على عدم وقوعه لمالكه اذا اجاز) البيع كما لا دلالة له على عدم وقوعه للبائع الفضول اذا انتقل الى نفسه، فى مسئلة من باع، ثم ملك.

(و بالجملة: فالانصاف انه لا دلالة فى تلك الاخبار باسرها) اى باجمعها (على عدم وقوع بيع غير المالك للمالك اذا اجاز) المالك بعد ذلك (و لا تعرض فيها الا لنفى وقوعه للعاقد) او للمالك بدون اجازته.

ص: 81

الثالث: الاجماع على البطلان،

ادعاه الشيخ فى الخلاف معترفا: بان الصحة مذهب قوم من اصحابنا معتذرا عن ذلك بعدم الاعتداد بخلافهم.

و ادعاه ابن زهرة أيضا فى الغنية، و ادعى الحلى فى باب المضاربة:

عدم الخلاف فى بطلان شراء الغاصب اذا اشترى بعين المغصوب.

و الجواب: عدم الظن بالاجماع، بل الظن بعدمه بعد ذهاب معظم القدماء، كالقديمين، و المفيد، و المرتضى، و الشيخ بنفسه فى النهاية التى هى آخر مصنفاته- على ما قيل- و اتباعهم على الصحة و اتباع المتأخرين

______________________________

(الثالث) من ادلة القائلين ببطلان الفضولى (الاجماع على البطلان، ادعاه الشيخ فى الخلاف معترفا: بان الصحة مذهب قوم من اصحابنا معتذرا عن ذلك) الخلاف، و انه كيف يمكن الجمع بين دعوى الاجماع و وجود الخلاف؟ (بعدم الاعتداد بخلافهم) لشذوذهم، أو لأنهم معلومى النسب، او ما اشبه ذلك من الاعذار التى يذكرونها فى مقام عدم مضرة المخالف بوجود الاجماع (و ادعاه ابن زهرة أيضا فى الغنية) بان قال: بوجود الاجماع فى المسألة (و ادعى الحلى) ابن ادريس (فى باب المضاربة: عدم الخلاف فى بطلان شراء الغاصب اذا اشترى بعين المغصوب) كما لو غصب دينار او اشترى به شيئا فانه لو كان الفضولى صحيحا لم يكن وجه لبطلان المعاملة.

(و الجواب: عدم الظن) منا (بالاجماع، بل الظن بعدمه) و انه لا اجماع فى المسألة اصلا (بعد ذهاب معظم القدماء، كالقديمين، و المفيد، و المرتضى و الشيخ بنفسه فى النهاية التى هى آخر مصنفاته- على ما قيل- و اتباعهم) من سائر الفقهاء (على الصحة، و اتباع المتأخرين) اى متابعة المتأخرين، للفقهاء

ص: 82

عليه عدا فخر الدين، و بعض متأخرى المتأخرين.

الرابع: ما دل من العقل و النقل: على عدم جواز التصرف فى مال الغير الا باذنه،

فان الرضا اللاحق لا ينفع فى رفع القبح الثابت حال التصرف ففى التوقيع المروى فى الاحتجاج، لا يجوز لاحد ان يتصرف فى مال غيره الا باذنه.

و لا ريب ان بيع مال الغير تصرف فيه عرفا.

______________________________

المذكورين (عليه) اى على انه تصح معامله الفضولى (عدا فخر الدين) ولد العلامة (و بعض متأخرى المتأخرين) فكيف يمكن بعد هذا دعوى الاجماع على البطلان؟

(الرابع) من ادلة القول ببطلان الفضولى مطلقا (ما دل من العقل و النقل: على عدم جواز التصرف فى مال الغير إلا بإذنه).

و من المعلوم ان البيع تصرف، و ليس باذن المالك، فهو قبيح باطل (فان الرضا اللاحق لا ينفع فى رفع القبح الثابت حال التصرف) الّذي هو ملاك البطلان، فان ذلك مثل ان يزنى ثم يعقد على المرأة، فان العقد اللاحق لا يرفع آثار الزنا السابقة.

(ففى التوقيع المروى فى الاحتجاج لا يجوز لاحد ان يتصرف فى مال غيره الا باذنه) هذا من النقل، و اما العقل فهو بديهى لكل احد.

(و لا ريب ان بيع مال الغير تصرف فيه عرفا).

الا ترى ان العقلاء يقولون: لم فعلت هكذا؟ و هكذا لو نكح بنت الغير و لو لم يكن تصرفا لم يلمه العقلاء.

ص: 83

و الجواب: ان العقد على مال الغير متوقعا لاجازته غير قاصد لترتيب الآثار عليها ليس تصرفا فيه.

نعم: لو فرض كون العقد علة تامة- و لو عرفا- لحصول الآثار، كما فى بيع المالك او الغاصب المستقل، كان حكم العقد جوازا او منعا، حكم معلوله المترتب عليه.

ثم لو فرض كونه تصرفا

______________________________

(و الجواب) منع الصغرى، فان القياس مكون هكذا: هذا تصرف، و كل تصرف غير جائز، ف (ان العقد على مال الغير متوقعا لاجازته غير قاصد لترتيب الآثار عليها ليس تصرفا فيه) اى فى مال الغير.

(نعم: لو فرض كون العقد علة تامة- و لو عرفا- لحصول الآثار) بان رآه العرف علة تامة تتوقف على شي ء آخر، و ان بمجرد العقد يرتب العرف الآثار عليه (كما فى بيع المالك) فانه علة تامة لحصول الآثار، اذ: لا ينتظر بعد ذلك الى شي ء- و هذا مثال للعلية شرعا- (او الغاصب المستقل) كالدولة بدون توقف من الغاصب لاذن المالك- و هذا مثال للعلية عرفا- (كان حكم العقد جوازا) بان يكون جائزا شرعا (او منعا) بان يكون محرما (حكم معلوله المترتب عليه) اى الآثار، فإن كانت محرمة كان العقد حراما، و الا كان جائزا.

و الحاصل: ان ترتب الأثر على هذا العقد، إن كان جائزا كما فى عقد المالك، كان العقد جائزا و إن كان حراما كما فى عقد الغاصب المستقل كان العقد حراما.

(ثم لو فرض كونه) اى عمل الفضول غير المستقل (تصرفا) بان سلمنا

ص: 84

فمما استقل العقل بجوازه مثل الاستضاءة و الاصطلاء بنور الغير، و ناره، مع انه قد يفرض الكلام فيما اذا علم الاذن فى هذا، من المقال، او الحال بناء على ان ذلك لا يخرجه عن الفضولى.

مع ان تحريمه لا يدل على الفساد.

______________________________

الصغرى (ف) لا نسلم الكبرى، و هى: ان كل تصرف حرام، اذ: مثل هذا التصرف المتوقع للحوق الاجازة (مما استقل العقل بجوازه) فلا يشمله دليل العقل بحرمة التصرف فى مال الغير، و لا التوقيع المتقدم (مثل الاستضاءة و الاصطلاء بنور الغير، و ناره) من قبيل اللف و النشر المرتب، و من قبيل الاستظلال بظله، و الاستبراد بمبردته و التلذذ ببنائه او عمله او ما اشبه ذلك.

نعم لا يخفى: ان ذلك فيما لم يعد تصرفا كما لو اوقد النار، و حوطها بعنايته، و يأخذ من كل احد يتقرب الى المحوطة درهما مثلا (مع انه) قال التوقيع: بعدم الجواز فى صورة عدم الاذن، و (قد يفرض الكلام) فى باب الفضولى (فيما اذا علم) الفضول (الاذن فى هذا) الفضولى الخاص (من المقال) بان قال المالك: شيئا دل على اذنه المستقبل، كما لو قال:

سآذن لكل من باع عبدى فضولة (او الحال) كما لو عرفنا من حال المالك انه يأذن (بناء على ان ذلك) العلم بالاذن (لا يخرجه) اى البيع (عن الفضولى) كما تقدم سابقا، بل يحتاج فى الاخراج الى الاذن الصريح المتقدم.

(مع ان تحريمه) اى هذا التصرف الصادر من الفضول، لو قلنا بحرمة هذا التصرف (لا يدل على الفساد) اذ: النهى التحريمى لا يلازم الفساد

ص: 85

مع انه: لو دل لدل على بطلان البيع، بمعنى عدم ترتب الأثر عليه.

و عدم استقلاله فى ذلك، و لا ينكره القائل بالصحة، خصوصا اذا كانت الاجازة ناقلة.

و مما ذكرنا ظهر: الجواب عن ما لو وقع العقد من الفضولى، قاصدا لترتيب الأثر، من دون مراجعة المشترى، بناء على ان العقد المقرون

______________________________

كما فى البيع وقت النداء، و انما الدال على الفساد، النهى الارشادى، كالنهى عن المعاملة الربوية الّذي هو ارشاد الى عدم الانعقاد.

(مع انه) اى النهى (لو دل) على الفساد (لدل على بطلان البيع بمعنى عدم ترتب الأثر عليه) من النقل، و الانتقال، و ما اشبه.

(و) بمعنى (عدم استقلاله) اى عقد البيع (فى ذلك) اى ترتب الأثر بل يتوقف تأثيره على الاذن (و لا ينكره) اى البطلان بهذا المعنى فى الفضولى (القائل بالصحة) اى بصحة الفضولى (خصوصا اذا كانت الاجازة) على مسلكه (ناقلة) لا كاشفة اذ: لا اثر على النقل اطلاقا و انما يأتى الأثر بعد الاجازة.

(و مما ذكرنا) من وجه عدم بطلان بيع الفضولى فيما اذا قصد الفضول تحصيل الاجازة (ظهر: الجواب عن) القول بالبطلان فى (ما لو وقع العقد من الفضولى قاصدا) ذلك الفضول (لترتيب الأثر من دون مراجعة المشترى) اى المالك- فانه أيضا فضولى يحتاج الى الاجازة، و ليس بباطل اطلاقا حتى يقال: بان الاجازة لا تفيد صحته (بناء) هذا وجه البطلان فى هذا المقام الّذي قلنا بانه ظهر الجواب عنه- (على ان العقد المقرون

ص: 86

بهذا القصد قبيح محرم، لا نفس القصد المقرون بهذا العقد.

و قد يستدل للمنع بوجوه اخر ضعيفه.

أقواها ان القدرة على التسليم، معتبرة فى صحه البيع، و الفضولى غير قادر.

و: ان الفضولى، غير قاصد حقيقة الى مدلول اللفظ، كالمكره كما صرح فى المسالك.

______________________________

بهذا القصد قبيح محرم) لانه تصرف فى مال الغير عرفا (لا) ان المحرم (نفس القصد المقرون بهذا العقد).

و وجه ظهور الجواب، ما ذكرناه بقولنا: مع انه لو دل لدل.

و حاصله ان التحريم للعقد، لا يلازم البطلان، بمعنى عدم صلاحيته عن لحوق الاجازة.

(و قد يستدل للمنع) عن صحة الفضولى حتى اذا لحقته الاجازة (بوجوه اخر ضعيفة) غير الكتاب، و السنة، و الاجماع، و العقل- مما تقدم-

(أقواها ان القدرة على التسليم، معتبرة فى صحة البيع)

و لذا: لا يصح بيع العبد الآبق، و الطير فى الهواء، و السمك فى الماء (و الفضولى غير قادر) على التسليم شرعا، و إن كانت له قدرة خارجية.

(و) الثانى: (ان الفضولى، غير قاصد حقيقة الى مدلول اللفظ) اى لفظ العقد (كالمكره) الّذي يأتى باللفظ فقط غير قاصد مدلوله (كما صرح) بذلك الشهيد (فى المسالك).

ص: 87

و يضعف الاول، مضافا: الى ان الفضولى قد يكون قادرا على رضا المالك بان هذا الشرط غير معتبر فى العاقد قطعا، بل يكفى تحققه فى المالك فحينئذ يشترط فى صحة العقد مع الاجازة، قدرة المجيز على تسليمه، و قدرة المشترى على تسلمه- على ما سيجي ء-.

و يضعف الثانى: بان المعتبر فى العقد، هو: هذا القدر من القصد الموجود فى الفضولى، و المكره، لا ازيد منه، بدليل: الاجماع على صحة نكاح الفضولى، و بيع المكره بحق.

______________________________

(و يضعف) الوجه (الاول، مضافا: الى ان الفضولى قد يكون قادرا على رضا المالك) فيقدر على التسليم، خصوصا اذا قلنا: بان رضى المالك المقارن لا يخرج العقد عن الفضولية (بان هذا الشرط) اى شرط التسليم (غير معتبر فى العاقد قطعا).

و لذا: يصح ان يعقد الوكيل غير القادر على التسليم (بل يكفى تحققه فى المالك) فقط (فحينئذ يشترط فى صحة العقد مع الاجازة) اللاحقة (قدرة المجيز على تسليمه، و قدرة المشترى على تسلمه- على ما سيجي ء-) من كفاية احد الامرين فى صحة البيع.

(و يضعف الثانى) و هو: اشكال ان الفضول غير قاصد (بان المعتبر فى العقد، هو: هذا القدر من القصد الموجود فى الفضولى، و المكره، لا ازيد منه) بان يكون كعقد القاصد المختار المالك (بدليل: الاجماع على صحة نكاح الفضولى و بيع المكره بحق) كالذى يكرهه الحاكم على البيع، لاداء دينه مثلا-.

ص: 88

فان دعوى عدم اعتبار القصد فى ذلك للاجماع كما ترى.

المسألة الثانية: ان يسبقه منع المالك،

و المشهور أيضا صحته، و حكى عن فخر الدين: ان بعض المجوزين للفضولى اعتبر عدم سبق نهى المالك.

و يلوح إليه ما عن التذكرة، فى باب النكاح من: حمل النبوى: ايما عبد تزوج بغير اذن مولاه، فهو عاهر، بعد تضعيف السند على انه ان نكح بعد منع مولاه

______________________________

(ف) ان قلت: نقول بانه لا يشترط القصد فى نكاح الفضول، و بيع المكره للاجماع المذكور، و ما دل على صحتها.

قلت: (ان دعوى عدم اعتبار القصد فى ذلك) اى فى كل من نكاح الفضولى، و بيع المكره بحق (للاجماع كما ترى).

اذ: ليس الامر على خلاف القاعدة، بل المتيقن ان المفقود فيهما الملكية و الإرادة، لا القصد.

(المسألة الثانية) من مسائل بيع الفضولى (ان يسبقه) اى العقد (منع المالك) بان يقول المالك: لزيد لا تبع دارى، ثم يبيعها زيد فضولة (و المشهور أيضا صحته، و حكى عن فخر الدين: ان بعض المجوزين للفضولى اعتبر عدم سبق نهى المالك) و الا كان باطلا قطعا.

(و يلوح) اى يشير (إليه) اى شرط عدم سبق النهى (ما عن التذكرة فى باب النكاح من: حمل) التذكرة الحديث (النبوى: ايما عبد تزوج بغير اذن مولاه، فهو عاهر) اى زان (بعد تضعيف) العلامة (السند على انه ان نكح بعد منع مولاه

ص: 89

و كراهته فانه يقع باطلا.

و الظاهر: انه: لا يفرق بين النكاح، و غيره.

و يظهر من المحقق الثانى، حيث: حكم بفساد بيع الغاصب نظرا الى القرينة الدالة على عدم الرضا، و هى الغصب.

و كيف كان فهذا القول لا وجه له ظاهرا، عدا تخيل ان المستند فى عقد الفضولى، هى رواية عروة المختصة بغير المقام، و ان العقد اذا وقع منهيا عنه فالمنع الموجود بعد العقد، و لو آنا مّا، كاف فى الرد، فلا ينفع الاجازة اللاحقة

______________________________

و كراهته) للنكاح (فانه يقع باطلا).

(و الظاهر) من وحده الملاك (انه: لا يفرق) الحكم بالبطلان، على مذاق العلامة (بين النكاح، و غيره) من سائر العقود.

(و يظهر من المحقق الثانى) أيضا، البطلان، مع النهى السابق (حيث:

حكم بفساد بيع الغاصب نظرا الى القرينة الدالة على عدم الرضا، و هى) اى تلك القرينة (الغصب) فان المغصوب منه، غير راض قطعا.

(و كيف كان) فسواء قال العلامة، و المحقق الثانى بالبطلان أم لا؟ (فهذا القول) ببطلان الفضولى، مع النهى السابق (لا وجه له ظاهرا) اى وجها ظاهرا (عدا تخيل ان المستند فى عقد الفضولى، هى رواية عروة) البارقى المتقدّمة (المختصّة بغير المقام) اى مقام النهى، لانها فى حال رضى المالك (و ان العقد اذا وقع منهيا عنه فالمنع) من المالك (الموجود بعد العقد و لو آنا مّا، كاف فى الرد فلا ينفع الاجازة اللاحقة) اذ الاجازة بعد الرد لا تنفع كما سيأتى

ان قلت: لا رد موجود بعد العقد.

ص: 90

بناء على انه لا يعتبر فى الرد سوى عدم الرضا الباطنى بالعقد، على ما يقتضيه حكم بعضهم، بانه اذا حلف الموكل على نفى الاذن فى اشتراء الوكيل انفسخ العقد، لان الحلف عليه أمارة عدم الرضا.

هذا و لكن الاقوى: عدم الفرق.

لعدم انحصار المستند حينئذ فى رواية العروة.

و كفاية العمومات.

مضافا: الى ترك الاستفصال فى صحيحة محمد بن قيس.

______________________________

قلت: الرد موجود (بناء على انه لا يعتبر فى الرد سوى عدم الرضا الباطنى بالعقد) فانه ممتد الى ما بعد العقد (على ما يقتضيه حكم بعضهم، بانه اذا حلف الموكل على نفى الاذن فى اشتراء الوكيل انفسخ العقد) قال:

(لان الحلف عليه أمارة عدم الرضا) فيتبين منه، ان عدم الرضا، كاف فى الرد.

(هذا و لكن الاقوى: عدم الفرق) بين النهى السابق، و عدمه، فى وقوع الفضولى متوقفا على الاجازة.

(لعدم انحصار المستند حينئذ) اى حين النهى السابق (فى رواية العروة) حتى يقال: انها فى صورة رضى المالك.

(و) ل (كفاية العمومات) الدالة على صحة الفضولى، ان لحقتها الاجازة، و إن كان مسبوقا بالنهى.

(مضافا: الى ترك الاستفصال فى صحيحة محمد بن قيس) المتقدمة فى مسئلة الوليدة، و ان الامام لم يقل- اذا نهاه الأب سابقا- كان باطلا، و ان

ص: 91

و جريان فحوى ادلة نكاح العبد بدون اذن مولاه.

مع ظهور المنع فيها، و لو بشاهد الحال بين الموالى، و العبيد.

مع ان رواية اجازته، صريحة فى عدم قدح معصية السيد حينئذ.

جريان المؤيدات المتقدمة له، من: بيع مال اليتيم، و المغصوب و مخالفة العامل لما اشترط عليه رب المال الصريح فى منعه عما عداه.

______________________________

لم ينهه توقف على الاجازة.

(و جريان فحوى ادلة نكاح العبد بدون اذن مولاه) على ما تقدم من:

انه لو صح النكاح، و هو اهمّ، صح غيره، بطريق اولى.

(مع ظهور المنع فيها) اى و الحال ان منع المولى عن نكاح عبده ظاهر فى تلك الادلة، اذ: غالبا لا يرضى المولى بنكاح عبده (و لو) كان الظهور (بشاهد الحال بين الموالى، و العبيد) فاذا اجاز الشارع هذا النكاح، اجاز البيع، بطريق اولى.

(مع ان رواية اجازته) اى الرواية الدالة على ان اجازة المولى كافية (صريحة فى عدم قدح معصية السيد حينئذ) و النهى نوع من المعصية، فمع سبق النهى، أيضا، يمكن لحوق الاجازة.

(جريان المؤيدات المتقدمة) فى صحة اصل الفضولى (له) اى للمقام فان تلك المؤيدات لاصل الفضولى، مؤيدة للفضولى المسبوق بالمنع أيضا (من: بيع مال اليتيم) من غير الولى (و المغصوب، و مخالفة العامل لما اشترط عليه رب المال الصريح فى منعه) اى منع العامل (عما عداه).

فكل ذلك يدل: على الصحة، مع النهى السابق، و حيث لا خصوصية

ص: 92

و اما ما ذكره من المنع، الباقى بعد العقد، و لو آنا مّا.

فلم يدل دليل على كونه فسخا، لا ينفع بعده الاجازة.

و ما ذكره فى حلف الموكل، غير مسلم، و لو سلم، فمن جهه ظهور الاقدام على الحلف على ما انكره فى رد البيع، و عدم تسليمه له.

و مما ذكرنا، يظهر وجه صحه عقد المكره بعد الرضا.

و ان كراهة المالك حال العقد، و بعد العقد، لا يقدح فى صحته

______________________________

لهذه الموارد، فاللازم، القول بالتعميم فى كل فضولى.

(و اما ما ذكره) القائل بالبطلان (من) الاستدلال ب (المنع، الباقى بعد العقد، و لو آنا مّا) و المنع المتأخر عن العقد رد، فلا مكان للاجازة.

(ف) نقول: انه (لم يدل دليل على كونه) اى المنع الباقى (فسخا لا ينفع بعده الإجازة) و انما الرد الصريح، و الفسخ عينان عن الاجازة- كما سيأتى-.

(و ما ذكره فى حلف الموكل) دليلا على ابطال النهى للفضولى (غير مسلم) فلا نقول: بان الحلف تفيد هذه الفائدة، بل الحلف عبارة عن إنشاء الفسخ، فلا دخل له بما نحن فيه، من النهى السابق.

و كانه إليه اشار بقوله (و لو سلم) ان الحلف كذلك (فمن جهة ظهور الاقدام على الحلف على ما انكره فى رد البيع، و عدم تسليمه) اى المالك (له) بمعنى انه لم يقبله.

(و مما ذكرنا، يظهر وجه صحه عقد المكره بعد الرضا) اذ: الكره، ليس اشد من النهى (و) يظهر (ان كراهة المالك حال العقد، و بعد العقد، لا يقدح فى صحته

ص: 93

اذ الحقته الاجازة.

المسألة الثالثة: ان يبيع الفضولى لنفسه،
اشارة

و هذا غالبا يكون فى بيع الغاصب و قد يتفق من غيره، بزعم ملكية المبيع، كما فى مورد: صحيحة الحلبى المتقدمة فى الاقالة بوضيعة.

و الأقوى فيه: الصحة،

وفاقا للمشهور، للعمومات المتقدمة، بالتقريب المتقدم.

و فحوى: الصحة فى النكاح.

و اكثر ما تقدم من المؤيدات،

______________________________

اذا لحقته الاجازة) فالكراهة أيضا غير ضارة.

(المسألة الثالثة) من مسائل عقد الفضولى (ان يبيع الفضولى لنفسه، و هذا غالبا يكون فى بيع الغاصب، و قد يتفق) هذا النوع (من غيره) اى غير الغاصب (بزعم ملكية المبيع) كالمشتبه (كما فى مورد: صحيحة الحلبى المتقدمة فى الاقالة بوضيعة) اى باقل من الثمن- كما سبق-.

(و الاقوى فيه) اى فى هذا النوع من الفضولى (الصحة، وفاقا للمشهور، للعمومات المتقدمة) ك أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و غيرها (بالتقريب المتقدم) فى المسألة الاولى من مسائل الفضولى.

(و فحوى: الصحة فى النكاح) فانه اذا صح الفضولى فى النكاح، ففى المقام بطريق اولى.

(و اكثر ما تقدم من المؤيدات) التى تؤيد صحة الفضولى، بقول مطلق

ص: 94

مع ظهور صحيحة ابن قيس المتقدمة.

و لا وجه: للفرق بينه و بين ما تقدم، من: بيع الفضولى للمالك، الا وجوه يظهر من كلمات جماعة، بعضها مختص على بيع الغاصب، و بعضها مشترك بين جميع صور المسألة.

منها: اطلاق ما تقدم من النبويين: لا تبع ما ليس عندك، و لا بيع الا فى ملك، بناء على اختصاص مورد الجميع ببيع الفضولى لنفسه.

______________________________

(مع ظهور صحيحة ابن قيس المتقدمة) فى: ان الولد باع الوليدة لنفسه لا عن ابيه.

(و لا وجه: للفرق بينه) اى بين بيع الفضولى لنفسه (و بين ما تقدم، من: بيع الفضولى للمالك).

و قد فرّق ابن ادريس بين الغاصب، و غيره، بالبطلان فى الاول دون الثانى.

كما فرق جمع، منهم: العلامة، و ولده بين علم الغاصب بالغصبية، و جهله.

فلا وجه للفرق (الا وجوه، يظهر من كلمات جماعة، بعضها مختص على بيع الغاصب، و بعضها مشترك بين جميع صور المسألة).

و الوجوه المذكورة خمسة.

(منها: اطلاق ما تقدم من النبويين) و هو: (لا تبع ما ليس عندك، و لا بيع الا فى ملك) فان الفضول، ليس عنده، و ملكه، هذا الشي ء الّذي يبيعه (بناء على اختصاص مورد الجميع) اى النبويين (ببيع الفضولى لنفسه) حتى يكون نصا

ص: 95

و الجواب عنها، يعرف مما تقدم من: ان مضمونها عدم وقوع بيع غير المالك لبايعه، غير المالك، بلا تعرض فيها لوقوعه، و عدمه بالنسبة الى المالك اذا اجاز.

و منها: بناء المسألة على ما سبق، من: اعتبار عدم سبق منع المالك و هذا غالبا مفقود فى المغصوب.

و قد تقدم عن المحقق الكركى: ان الغصب قرينة عدم الرضا.

و فيه: أولا ان الكلام فى الاعم، من: بيع الغاصب.

______________________________

فى المسألة.

و ان قلنا: بعدم الاختصاص، كان اطلاقه شاملا لما نحن فيه.

(و الجواب عنها، يعرف مما تقدم) فى المسألة الاولى (من: ان مضمونها عدم وقوع بيع غير المالك لبايعه) الّذي هو (غير المالك بلا تعرض فيها لوقوعه) اى البيع (و عدمه) اى عدم الوقوع (بالنسبة الى المالك اذا اجاز) فيتمسك فى ذلك بالإطلاقات.

(و منها: بناء المسألة) اى مسأله بيع الغاصب لنفسه (على ما سبق) فى المسألة الثانية (من: اعتبار عدم سبق منع المالك، و هذا) الشرط (غالبا مفقود فى المغصوب) لان المالك ناه، كاره.

(و قد تقدم عن المحقق الكركى: ان الغصب قرينة عدم الرضا) فهو من قبيل سبق النهى الّذي يوجب بطلان العقد رأسا، بحيث لا يصح ان تلحقه الاجازة.

(و فيه: أولا ان الكلام فى الاعم، من: بيع الغاصب) فلا يطرد هذا الدليل

ص: 96

و ثانيا: ان الغصب أمارة عدم الرضا بالبيع للغاصب، لا مطلقا، فقد يرضى المالك ببيع الغاصب لتوقع الاجازة، و تملك الثمن، فليس فى الغصب دلالة على عدم الرضا باصل البيع، بل الغاصب، و غيره، من هذه الجهة سواء.

و ثالثا: قد عرفت ان سبق منع المالك غير مؤثر.

و منها: ان الفضولى، اذا قصد بيع مال الغير لنفسه، فلم يقصد حقيقة المعاوضة

______________________________

فى جميع فروع هذه المسألة.

(و ثانيا: ان الغصب أمارة عدم الرضا بالبيع للغاصب، لا مطلقا) اى لا عدم البيع مطلقا حتى للمالك (فقد يرضى المالك ببيع الغاصب) و ذلك (لتوقع الاجازة) اى رضى متوقفا على الاجازة (و تملك) المالك (الثمن فليس فى الغصب دلالة على عدم الرضا باصل البيع) بل بخصوصية البيع و ذلك مما لا يضر (بل الغاصب، و غيره، من هذه الجهة) اى جهة الرضا بالبيع و عدمه (سواء).

فقد يرضى المالك ببيع الغاصب لانه يراه نافعا لنفسه.

و قد لا يرضى ببيع غير الغاصب.

فبين الدليل و المقصد عموم من وجه.

(و ثالثا: قد عرفت ان سبق منع المالك غير مؤثر).

(و منها: ان الفضولى، اذا قصد بيع مال الغير لنفسه، فلم يقصد حقيقة المعاوضة) فلا بيع، اذ: هو اراد دخول مال الغير فى كيس المشترى بإزاء دخول الثمن فى كيس نفسه.

ص: 97

اذ: لا يعقل دخول احد العوضين فى ملك من لم يخرج عن ملكه الآخر، فالمعاوضة الحقيقية، غير متصوره، فحقيقته: يرجع الى اعطاء المبيع، و اخذ الثمن لنفسه، و هذا ليس بيعا.

و الجواب من ذلك- مع اختصاصه ببيع الغاصب- ان قصد المعاوضة الحقيقية، مبنى على جعل الغاصب نفسه مالكا حقيقيا، و إن كان هذا الجعل لا حقيقة له، لكن المعاوضة المبنية على هذا الامر غير الحقيقى

______________________________

و هذا ليس ببيع (اذ: لا يعقل دخول احد العوضين فى ملك من لم يخرج عن ملكه) العوض (الآخر، فالمعاوضة الحقيقية غير متصورة) و انما هى معاوضة صورية.

و عليه (فحقيقته) اى ما يعمله الغاصب من صورة البيع (يرجع الى اعطاء المبيع، و اخذ الثمن لنفسه، و هذا ليس بيعا).

اذ: المعاوضة الحقيقية، دخول الثمن فى كيس من خرج من عنده المثمن، و دخول المثمن فى كيس من خرج من عنده الثمن- كما تقدم-.

(و الجواب من ذلك- مع اختصاصه) اى هذا الاشكال (ببيع الغاصب-) اذ: غيره الّذي لا يعلم ان المبيع ليس له، يقصد المعاوضة الحقيقية بخروج الثمن من كيس من يدخل الى كيسه المثمن، و بالعكس (ان قصد المعاوضة الحقيقية، مبنى على جعل الغاصب نفسه مالكا حقيقيا) بالتنزيل، فان الغاصب لا يقصد انه غاصب حين البيع، بل يقصد انه المالك (و إن كان هذا الجعل لا حقيقة له) بمعنى انه ليس جعلا يقبله العقلاء فيما تبانوا عليه من الامور الاعتبارية (لكن المعاوضة المبنية على هذا الامر غير الحقيقى) بناء

ص: 98

حقيقية نظير المجاز الا دعائى فى الاصول.

نعم: لو باع لنفسه من دون بناء على ملكية المثمن، و لا اعتقاد له كانت المعاملة باطلة، غير واقعة له، و لا للمالك لعدم تحقق معنى المعاوضة.

و لذا ذكروا انه: لو اشترى بماله لغيره شيئا بطل، و لم يقع له و لا لغيره.

و المراد: ما لو قصد تملك الغير

______________________________

(حقيقية).

اذ: لو لا هذا الجعل لم تتحقق المعاوضة (نظير المجاز الا دعائى فى الاصول) نحو: و اذا المنية انشبت اظفارها، فانه ادعى ان المنية سبع، ثم رتب هذا الادعاء ترتيب لوازم السبع الّذي هو الظفر عليها.

(نعم: لو باع) الغاصب (لنفسه، من دون بناء على ملكية المثمن، و لا اعتقاد له) اى لم يبن بناء على انه المالك، و لم يكن يعتقدانه مالك- جهلا بالواقع- اذ: الاعتقاد المطابق للواقع لا يمكن (كانت المعاملة باطلة غير واقعة له) اى للغاصب (و لا للمالك) فلا تفيد اجازته فى تحقق المعاملة (لعدم تحقق معنى المعاوضة) اذ: معناها خروج المثمن الى مكان الثمن و خروج الثمن الى مكان المثمن.

(و لذا) الّذي ذكرنا من عدم تحقق معنى المعاوضة (ذكروا) الفقهاء كاصل مسلم (انه: لو اشترى بماله لغيره شيئا) كما لو اعطى درهما للخباز، و قال: اعط به خبزا لهذا الفقير (بطل) الاشتراء (و لم يقع له) اى لصاحب المال (و لا لغيره) كالفقير فى المثال، لانه لا يمكن ان يخرج الدرهم من كيس زيد ليأتى الخبز الى كيس الفقير.

(و المراد) من هذه المسألة (ما لو قصد) زيد (تملك الغير) كالفقير فى

ص: 99

للمبيع بإزاء مال نفسه.

و قد تخيل بعض المحققين ان البطلان هنا يستلزم البطلان للمقام، و هو: ما لو باع مال غيره لنفسه، لانه عكسه.

و قد عرفت: ان عكسه هو ما اذا قصد تملك الثمن من دون بناء، و لا اعتقاد لتملك المثمن

______________________________

المثال (للمبيع) كالخبز (بإزاء مال نفسه) كالدرهم.

نعم: لو قصد ان يكون الخبز لنفسه، ثم يعطيه الخباز للفقير وكالة عنه، او قصد ان يكون الدرهم للفقير حتى يكون الخبز فى ازاء مال الفقير، او قصد عدم المعاملة بل اعراضه عن الدرهم للخباز فى مقابل اعراضه عن الخبز للفقير، او ما اشبه ذلك، صحّ.

(و قد تخيل بعض المحققين ان البطلان هنا) فيما لو اشترى بماله شيئا لغيره (يستلزم البطلان للمقام، و هو) اى المقام (ما لو باع مال غيره لنفسه) كبيع الغاصب (لانه) اى المقام (عكسه) اى عكس: هنا، ففى: هنا يعطى مال نفسه ليدخل العوض فى كيس الغير، و فى: المقام، يعطى مال الغير ليدخل العوض فى كيس نفسه.

(و) لكن لا صحة لهذه المقايسة اذ: المقام، ليس عكس: هنا.

اذ: (قد عرفت: ان عكسه) اى عكس: هنا، (هو ما اذا قصد) الغاصب (تملك الثمن) فى ازاء اعطائه مال الناس (من دون بناء) على كونه المالك (و لا اعتقاد) جهلا (لتملك) الغاصب (المثمن) بان قصد الغاصب ان يخرج المثمن من كيس المغصوب منه ليدخل الثمن فى كيس نفسه.

ص: 100

لان المفروض الكلام فى وقوع المعاملة للمالك، اذا اجاز.

و منها: ان الفضولى، اذا قصد البيع لنفسه، فان تعلقت اجازة المالك بهذا الّذي قصده البائع، كان منافيا لصحة العقد، لان معناها هو: صيرورة الثمن لمالك المثمن باجازته.

و ان تعلقت بغير المقصود كانت بعقد مستأنف، لا امضاء لنقل الفضولى

______________________________

و انما ليس: المقام، عكس: هنا (لان المفروض) فى بيع الغاصب ان (الكلام فى وقوع المعاملة للمالك) الاصلى (اذا اجاز).

و من المعلوم: ان هذا لا يكون الا فى صورة التنزيل، و صورة التنزيل ليس عكس: هنا.

و عليه: فلا ملازمة بين بطلان مسئلة خبز الفقير.

و بين بطلان مسئلة بيع الغاصب.

و من اشكالات بيع الفضولى لنفسه ان الاصل عدم الانعقاد.

و فيه: انه مرفوع بالأدلّة المتقدمة.

(و منها: ان الفضولى، اذا قصد البيع لنفسه، فان تعلقت اجازة المالك) فيما بعد (بهذا الّذي قصده البائع، كان منافيا لصحة العقد) الّذي اجراه الفضول (لان معناها) اى الاجازة (هو: صيرورة الثمن لمالك المثمن باجازته) اى بهذه الاجازة اللاحقة.

(و ان تعلقت) الاجازة (بغير المقصود) بان اجاز المالك ليكون الثمن لنفسه، لا للغاصب (كانت) الاجازة متعلقة (بعقد مستأنف، لا) ان الاجازة (امضاء لنقل الفضولى) اذ: نقل الفضولى كون الثمن له، لا للمالك

ص: 101

فيكون النقل من المنشئ غير مجاز، و المجاز غير منشئ.

و قد اجاب عن هذا المحقق القمى ره فى بعض اجوبة مسائله، بان الاجازة فى هذه الصورة مصححة للبيع- لا بمعنى لحوق الاجازة لنفس العقد، كما فى الفضولى المعهود-

______________________________

(فيكون النقل من المنشئ) الغاصب (غير مجاز) اذ: المالك لم يجوّز نقل الغاصب (و) النقل (المجاز) الّذي اجازه المالك (غير منشئ) اذ: الفضول لم ينشأ البيع، بحيث يكون الثمن للمالك.

و قد اجابوا عن هذا الاشكال بأربعة جوابات.

الاول: ان المالك اجاز ما اوقعه الغاصب، مع تبديل اضافة الثمن الى الغاصب، الى اضافة الثمن الى المالك- كما عن القمى-.

الثانى: اجاز ما اوقعه الغاصب، و لا مانع من دخول الثمن فى كيس غير من خرج من كيسه المثمن- كما عن كاشف الغطاء-.

الثالث: اجاز لنفسه، و الاجازة معاملة جديدة- كما عن شيخ كاشف الرموز-.

و الرابع: اجاز لنفسه، و الاضافة الى الغاصب شي ء خارج عن حقيقة المعاملة لا ربط لها بالمعاملة- كما اختاره المصنف-.

و الى هذه الاجوبة، اشار الماتن بقوله:

(و قد اجاب عن هذا المحقق القمى ره فى بعض اجوبة مسائله، بان الاجازة فى هذه الصورة) اى فى صورة بيع الغاصب لنفسه (مصححة للبيع لا بمعنى لحوق الاجازة لنفس العقد، كما فى الفضولى المعهود-) الّذي

ص: 102

بل بمعنى: تبديل رضى الغاصب، و بيعه لنفسه برضى المالك، و وقوع البيع عنه.

و قال: نظير ذلك فيما لو باع شيئا ثم ملكه.

و قد صرح فى موضع آخر، بان حاصل الاجازة، يرجع الى ان العقد الّذي قصد الى كونه واقعا على المال المعين لنفس البائع الغاصب، و المشترى العالم قد بدلته- بكونه على هذا الملك بعينه- لنفسى، فيكون عقدا جديدا- كما هو احد الاقوال فى الاجازة-.

______________________________

يبيع مال زيد لزيد، لا لنفسه (بل) الاجازة المصححة هنا (بمعنى:

تبديل رضى الغاصب، و بيعه) المتاع (لنفسه برضى المالك، و وقوع البيع عنه) اى عن المالك.

(و قال) القمى (نظير ذلك) اى تبديل الرضا (فيما لو باع) الفضول (شيئا، ثم ملكه) فان الفضول قصد الاضافة الى مالكه، ثم تبدلت الإضافة الى نفسه.

(و قد صرّح) المحقق القمّى (فى موضع آخر، بان حاصل الاجازة) فى بيع الغاصب لنفسه (يرجع الى ان) المالك كانه قال: (العقد الّذي قصد) الغاصب (الى كونه واقعا على المال المعين) كدار زيد (لنفس البائع الغاصب) الّذي هو بكر (و المشترى العالم) الّذي هو خالد، فيما اذا باع بكر- غصبا- دار زيد لخالد (قد بدلته- بكونه) اى ذلك العقد (على هذا الملك بعينه-) اى الدار، و لكن (لنفسى، فيكون عقدا جديدا كما هو احد الاقوال فى الاجازة-) لكن لا عقدا جديدا بمعنى الكلمة بل

ص: 103

و فيه: ان الاجازة على هذا تصير- كما اعترف- معاوضة جديدة من طرف المجيز، و المشترى، لان المفروض عدم رضا المشترى ثانيا بالتبديل المذكور.

لان قصد البائع البيع لنفسه اذا فرض تأثيره فى مغايرة العقد الواقع للعقد المجاز، فالمشترى انما رضى بذلك الايجاب المغاير لمؤدّى الاجازة فاذا التزم، يكون مرجع الاجازة الى تبديل عقد بعقد.

و بعدم الحاجة الى قبول المشترى ثانيا،

______________________________

بمعنى التجديد فى تبديل: الاضافة.

(و فيه: ان الاجازة على هذا) الجواب (تصير- كما اعترف-) المحقق (معاوضة جديدة، من طرف المجيز، و المشترى) بمعنى ان العقد الجديد قائم، بالمجيز، فاجازته قائمة مقام الايجاب من المجيز، و القبول من المشترى.

و انما نقول: بان المشترى أيضا يجب ان يقبل المعاملة الجديدة (لان المفروض عدم رضا المشترى ثانيا بالتبديل المذكور) اى تبديل البائع من الفضول الى المالك (لان قصد البائع البيع لنفسه)- فيما اذا اجاز- (اذا فرض تأثيره فى مغايرة العقد الواقع) أولا من الفضول (للعقد المجاز) الّذي اجازه المالك و: للعقد، متعلق ب: مغايرة (فالمشترى انما رضى) حين عقد الفضول (بذلك الايجاب) الاول (المغاير لمؤدى الاجازة) الّذي يقصده المالك (فاذا التزم) الفقيه (يكون مرجع الاجازة) من المالك (الى تبديل عقد بعقد) اى عقد الفضول بعقد المالك- الّذي هو مفاد الاجازة-.

(و) التزم (بعدم الحاجة الى قبول المشترى ثانيا) بل لا يشترط علمه اصلا

ص: 104

فقد قامت الإجازة من المالك مقام ايجابه، و قبول المشترى.

و هذا خلاف الاجماع، و العقل.

و اما القول بكون الاجازة عقدا مستأنفا، فلم يعهد من احد من العلماء و غيرهم، و انما حكى كاشف الرموز عن شيخه ان الإجازة من مالك المبيع بيع مستقل بغير لفظ البيع، و هو قائم مقام ايجاب البائع، و ينضم إليه القبول المقدم من المشترى.

______________________________

(فقد قامت الاجازة من المالك مقام) شيئين (ايجابه) اى المالك (و قبول المشترى) لان العقد يحتاج الى الايجاب و القبول.

(و هذا) اى قيام الاجازة مقام الايجاب و القبول (خلاف الاجماع) لانهم لا يقولون بذلك (و العقل) لانه لا يعقل تغيير الشي ء الواقع عما وقع عليه، فكيف يمكن تغيير العقد الواقع بين الفضول و المشترى الى عقد جديد بين المالك و المشترى.

(و اما القول بكون الاجازة عقدا مستأنفا) و هذا هو الجواب الثانى حسب ما عرفت- و ان ادمجه المصنف فى الجواب الاول (فلم يعهد من احد من العلماء و غيرهم) القول به (و انما حكى كاشف الرموز عن شيخه ان الاجازة من مالك المبيع) فى الفضولى (بيع مستقل) و ليست تابعة للعقد السابق، فهو: بيع (بغير لفظ البيع و هر قائم مقام ايجاب البائع، و ينضم إليه) تتميما للعقد (القبول المقدم من المشترى) و القبول و ان لم يكن قبولا لهذا الايجاب، لكن يرتبط به بالمناط، و العلم بعدم خصوصية الايجاب السابق فضولة.

ص: 105

و هذا: لا يجرى فيما نحن فيه.

لانه: اذا قصد البائع البيع لنفسه، فقد قصد المشترى تمليك الثمن للبائع، و تملك المبيع منه، فاذا بنى على كون وقوع البيع للمالك مغايرا لما وقع فلا بد له من قبول آخر.

فالاكتفاء عنه بمجرد اجازه البائع الراجعة الى تبديل البيع للغاصب بالبيع لنفسه التزام بكفاية رضى البائع، و انشائه عن رضى المشترى، و انشائه.

و هذا ما ذكرنا انه: خلاف

______________________________

(و هذا) الكلام الّذي ذكره شيخ كاشف الرموز حول الاجازة، فى باب الفضولى العادى (لا يجرى فيما نحن فيه) من الفضول الّذي يبيع لنفسه

(لانه: اذا قصد البائع) الغاصب (البيع لنفسه، فقد قصد المشترى تمليك الثمن للبائع، و تملك المبيع منه فاذا بنى على كون وقوع البيع للمالك مغايرا لما وقع) لان الواقع هو كون البيع للغاصب لا للمالك (فلا بد له) اى للبيع (من قبول آخر) أيضا، لان القبول السابق كان مرتبطا بالبيع السابق.

(فالاكتفاء عنه) اى عن قبول جديد (بمجرد اجازة البائع الراجعة) تلك الاجازة (الى تبديل البيع للغاصب بالبيع لنفسه) اى لنفس المالك فان المالك- باجازته- يبدل البيع للغاصب، الى البيع لنفسه (التزام بكفاية رضى البائع، و انشائه) الحاصل بالاجازة (عن رضى المشترى، و انشائه) لانكم قلتم لا يحتاج الى قبول جديد من المشترى.

(و هذا) اى قيام الاجازة مقام الايجاب و القبول معا (ما ذكرنا انه: خلاف

ص: 106

الاجماع، و العقل.

فالاولى فى الجواب: منع مغايرة ما وقع لما اجيز.

و توضيحه: ان البائع الفضولى، انما قصد تمليك المثمن للمشترى بإزاء الثمن.

و اما كون الثمن مالا له او لغيره، فإيجاب البيع ساكت عنه، فيرجع فيه الى ما يقتضيه مفهوم المعاوضة، من دخول العوض فى ملك مالك المعوض تحقيقا لمعنى المعاوضة و المبادلة.

______________________________

الاجماع، و العقل) لما عرفت من: ان قيام الاجازة مقام القبول لا وجه له اطلاقا.

(فالاولى فى الجواب) عن الاشكال لتصحيح بيع الغاصب بالاجازة (منع مغايرة ما وقع لما اجيز) بان نقول: ان ما وقع من الغاصب، هو عين ما اجازه المالك.

(و توضيحه: ان البائع الفضولى، انما قصد تمليك المثمن) كدار زيد (للمشترى، بإزاء الثمن) و هو: الف دينار.

(و اما كون الثمن مالا له) اى للغاصب (او لغيره، فإيجاب البيع ساكت عنه) كما هو كذلك بالنسبة الى من يبيع الجنس فى الدكان، فانه ساكت عن انه اصيل، او وكيل، او ولى، او ما اشبه (فيرجع فيه) اى فى هذا الامر المسكوت عنه (الى ما يقتضيه مفهوم المعاوضة، من دخول العوض فى ملك مالك المعوض) فيدخل الألف دينار فى ملك صاحب الدار.

و ذلك (تحقيقا لمعنى المعاوضة و المبادلة) حيث: ان معناها

ص: 107

و حيث ان البائع يملك المثمن بانيا على تملكه له و تسلطه عليه عدوانا او اعتقادا لزم من ذلك بنائه على تملك الثمن، و التسلط عليه.

و هذا معنى قصد بيعه لنفسه.

و حيث ان المثمن ملك لمالكه واقعا فاذا اجاز المعاوضة انتقل عوضه إليه.

فعلم من ذلك ان قصد البائع البيع لنفسه، غير مأخوذ فى مفهوم الايجاب حتى تردد الامر فى هذا المقام

______________________________

دخول العوض فى ملك صاحب المعوض، و بالعكس.

(و حيث ان البائع) الغاصب (يملك) المشترى (المثمن بانيا على تملكه) اى الغاصب (له) للمثمن (و تسلطه عليه عدوانا) فيما اذا علم انه غاصب (او اعتقادا) فيما اذا تيقن انه مالك- جهلا مركبا- (لزم من ذلك) اى من بنائه انه مالك للمثمن (بنائه على تملك الثمن، و التسلط عليه) اى على الثمن.

(و هذا) اى اخراج المثمن من نفسه، و ادخال الثمن بدله (معنى قصد بيعه لنفسه).

(و حيث: ان المثمن ملك لمالكه) الواقعى (واقعا) و حقيقة لا الغاصب (فاذا اجاز) المالك (المعاوضة انتقل عوضه) و هو الثمن (إليه).

(فعلم من ذلك) الّذي ذكرنا ان المعاملة، مبادلة بين المالين، من دون دخل لاضافة المعوض الى الغاصب- الّذي بنى عليه عنادا او اعتقادا- (ان قصد البائع البيع لنفسه غير مأخوذ فى مفهوم الايجاب) بل الايجاب صرف إنشاء المبادلة (حتى تردد الامر فى هذا المقام) مقام بيع

ص: 108

بين المحذورين المذكورين.

بل مفهوم الايجاب، هو: تمليك المثمن بعوض من دون تعرض فيه لمن يرجع إليه العوض الا باقتضاء المعاوضة لذلك.

و لكن يشكل فيما اذا فرضنا الفضولى مشتريا لنفسه بمال الغير فقال للبائع الاصيل تملكت منك، او ملكت هذا الثوب بهذه الدراهم، فان مفهوم هذا الانشاء، هو تملك الفضولى للثوب.

______________________________

الغاصب لنفسه (بين المحذورين المذكورين) و هو: ان المالك، ان اجاز ما اوقعه الغاصب، لزم عدم تحقق مفهوم المعاوضة، لانه ادخال الثمن فى كيس من لم يخرج من كيسه المثمن، و ان اجاز العقد لنفسه لم يكن عقد بهذه الكيفية قابلا للاجازة، لان العقد كان للغاصب لا للمالك.

(بل مفهوم الايجاب، هو: تمليك المثمن بعوض من دون تعرض فيه لمن يرجع إليه العوض) و انه هل يرجع الى المالك للمثمن، أم الى الغاصب؟ (الا باقتضاء المعاوضة لذلك) فان المعاوضة تقتضى ان يدخل الثمن فى كيس مالك المثمن.

(و لكن يشكل) تصحيح معاملة الفضولى، بالاجازة، فى صورة كون الفضول مشتريا لا بايعا (فيما اذا فرضنا الفضولى مشتريا لنفسه بمال الغير) كما لو غصب زيد دينارا من محمد، فاشترى به ثوبا من بكر لنفسه (فقال) المشترى الغاصب (للبائع الاصيل) و هو بكر (تملكت منك، او ملكت هذا الثوب بهذه الدراهم، ف) لا يصح اجازه المالك، و هو محمد لهذه المعاملة ل (ان مفهوم هذا الانشاء، هو: تملك الفضولى للثوب) لا ان المفهوم،

ص: 109

فلا مورد لاجازة مالك الدراهم على وجه ينتقل الثوب إليه فلا بد من: التزام كون الاجازة نقلا مستأنفا غير ما انشأه الفضولى الغاصب.

و بالجملة: فنسبة المتكلم الفضولى بتملك المثمن الى نفسه، بقوله: ملكت او تملكت

______________________________

المبادلة بين الثوب و الدراهم (فلا مورد لاجازة مالك الدراهم) و هو محمد (على وجه ينتقل الثوب إليه) اى الى المالك.

اللهم الا ان يقال: انه من قبيل قول الوكيل: تملكت هذا الثوب بالدينار فى كون الضمير للتكلم فقط، لا للاضافة، من قبيل: بعتك، فيما اذا كان المشترى وكيلا، فان: الكاف لمجرد الخطاب.

و لا فرق بين: تملكت، و: قبلت، عرفا.

كما لا فرق بين: بعتك، و: ملكتك.

و كيف كان (فلا بد) على كلام المصنف، فيما اذا اردنا تصحيح المعاملة باجازة مالك الدراهم (من: التزام كون الاجازة) من مالك الدراهم (نقلا مستأنفا) جديدا، و معاملة جديدة (غير ما انشأه الفضولى الغاصب) لانه دائر بين المحذورين المتقدمين.

و محذور جعل الاجازة نقلا مستأنفا، اقلهما اشكالا.

(و بالجملة) لا يصح البيع باجازة مالك الدراهم، اذا كان الغاصب مشتريا، بحيث ان البائع الاصلى ملكه، بنفسه، المبيع (فنسبة المتكلم الفضولى) و هو: المشترى (بتملك المثمن الى نفسه) حيث يشترى المتاع من:

البائع الاصلى (بقوله: ملكت) بالتخفيف (او تملكت) بالتشديد من باب التفعل

ص: 110

كايقاع المتكلم الاصلى التمليك على المخاطب الفضولى، بقوله ملكتك هذا الثوب بهذه الدراهم، مع علمه بكون الدراهم لغيره او جهله بذلك.

و بهذا استشكل العلامة ره فى التذكرة حيث قال: لو باع الفضولى مع جهل الآخر فاشكال من ان الآخر انما قصد تمليك العاقد

______________________________

(كايقاع) خبر: فنسبه (المتكلم الاصلى) و هو: البائع (التمليك على المخاطب الفضولى) اى المشترى الغاصب (بقوله ملكتك هذا الثوب بهذه الدراهم، مع علمه) اى المتكلم الاصلى (بكون الدراهم لغيره) اى لغير المخاطب (او جهله) اى المتكلم الاصلى (بذلك) اى بكون الدراهم لغير المخاطب.

و عليه: فكل واحد من البائع و الغاصب، يملك و يتملك المتاع للغاصب، فكيف يمكن ان تكون اجازة المالك الاصلى للدراهم موجبة لنقل المال من الغاصب الى المالك.

(و بهذا) الاشكال، و هو: ما ذكرناه بقولنا: و لكن يشكل (استشكل العلامة ره فى التذكرة حيث قال: لو باع الفضولى، مع جهل الآخر) اى المشترى بان البائع فضولى (فاشكال) فى صحة البيع (من) جهة (ان) الطرف (الآخر) اى من ليس بفضولى (انما قصد تمليك العاقد) الّذي هو الفضول.

و من المعلوم: ان العاقد ليس قابلا لان يتملك، فما قصده العاقد لا يمكن وقوعه، و ما يمكن وقوعه من تملك المالك الاصلى، لم يقصده العاقد.

ص: 111

و لا ينتقض بما لو جهل الآخر وكالة العاقد، او ولايته لانه حينئذ انما يقصد به المخاطب بعنوانه الاعم من كونه اصيلا، او نائبا.

و لذا يجوز مخاطبته، و اسناد الملك إليه مع علمه بكونه نائبا

______________________________

(و لا ينتقض) هذا الاشكال- الّذي ذكره العلامة- (بما لو جهل الآخر) الاصلى (وكالة العاقد، او ولايته).

وجه الانتقاض: انه لو قلتم بالاشكال فى الفضولى، من جهة ان الاصيل يملك العاقد، و الحال انه ليس قابلا للتملك، لانه فضول، لزم ان تستشكلوا فى ما لو كان وكيلا، او وليا، و جهل الاصيل ذلك، من جهة ان الاصيل يملك العاقد، و الحال انه ليس قابلا للتملك، لانه وكيل، او ولى، و ليس اصيلا.

و انما لا ينتقض (لانه) اى الاصيل (حينئذ) اى حين جهله بكون طرفه وليا، او وكيلا (انما يقصد به) اى بالتمليك (المخاطب بعنوانه الاعم من كونه اصيلا، او نائبا).

و لذا لو سألته لمن بعت؟ قال: لصاحب المال، و لو قلت: له و من صاحب المال؟ قال: هذا المخاطب، او موكله، او وليه، اذ لا يهم الاصيل ان تكون المعاوضة مع مخاطبه، او مع من المخاطب يمثله؟

(و لذا) الّذي ذكرنا من: ان الاصيل يقصد الاعم- و لا يقصد خصوص المخاطب- (يجوز مخاطبته، و اسناد الملك إليه) بان يقول لزيد الوكيل:

بعتك الكتاب (مع علمه) اى الاصيل (بكونه) اى المخاطب (نائبا)

ص: 112

و ليس الا بملاحظة المخاطب باعتبار كونه نائبا، فاذا صح اعتباره نائبا صح اعتباره على الوجه الاعم من كونه نائبا، او اصيلا اما الفضولى فهو اجنبى عن المالك لا يمكن فيه ذلك الاعتبار.

و قد تفطن بعض المعاصرين لهذا الاشكال فى بعض كلماته

______________________________

(و ليس) هذا الجواز فى صورة العلم بكونه نائبا (الا بملاحظة المخاطب) اى ملاحظة الاصيل مخاطبه (باعتبار كونه نائبا، فاذا صح اعتباره نائبا) و مع ذلك يخاطب، و يسند الملك إليه (صح اعتباره) اى المخاطب (على الوجه الاعم من كونه نائبا، او اصيلا).

ان قلت: نفس هذا الاعتبار يمكن اجرائه فى الفضولى بان يقصد الاصيل الاعم.

قلت: (اما الفضولى، ف) لا يصح فيه هذا الاعتبار، اذ: (هو اجنبى عن المالك) لا يرتبط به بوكالة، او ولاية، ف (لا يمكن فيه) اى فى الفضولى (ذلك الاعتبار) اى اعتبار الاعم، اذ: لا جامع بين المالك، و الفضول حتى يلاحظه الاصيل حال بيعه.

اللهم الا ان يقال: بامكان الجامع، حيث ان الاصيل يقصد البيع، و المبادلة مع صاحب هذا المال الّذي هو بيد الطرف، سواء كان مالكا، او وليا، او فضوليا؟ و لذا لو قيل له ان الغاصب قال ان رضى صاحب المال الواقعى فانى باق على معاملتى.

(و قد تفطن بعض المعاصرين لهذا الاشكال فى بعض كلماته) اى الاشكال

ص: 113

فالتزم تارة ببطلان شراء الغاصب لنفسه- مع انه لا يخفى مخالفته للفتاوى و اكثر النصوص المتقدمة فى المسألة كما اعترف به اخيرا.

و اخرى، بان الاجازة انما تتعلق بنفس مبادلة العوضين و إن كانت خصوصية ملك المشترى الغاصب للمثمن مأخوذة فيها.

و فيه ان حقيقة العقد فى العبارة التى ذكرناها فى الاشكال، اعنى قول المشترى الغاصب: تملكت او ملكت هذا منك بهذه الدراهم ليس

______________________________

الّذي تقدم بقوله: و لكن يشكل (فالتزم) هذا المعاصر (تارة ببطلان شراء الغاصب لنفسه- مع انه) اى القول بالبطلان (لا يخفى مخالفته للفتاوى و اكثر النصوص المتقدّمة فى المسألة) اى مسئلة بيع الفضول، حيث ان تلك النصوص شاملة لبيع الفضول للمالك، و لنفسه (كما اعترف) ذلك المعاصر (به) اى بكون البطلان مخالفا للنص و الفتوى (اخيرا) فى آخر كلامه.

(و) التزم المعاصر تارة (اخرى، بان الاجازة انما تتعلق بنفس مبادلة العوضين) فالمجيز انما يجيز المبادلة، اما ارتباطها بالفضول، فلغو و لذا تصحح الاجازة البيع (و إن كانت خصوصية ملك المشترى الغاصب للمثمن مأخوذة فيها) اى فى المبادلة و: ان، وصلية، اى ان هذه الخصوصية لا تمنع من تصحيح الاجازة للمعاملة التى هى نفس المبادلة.

(و فيه) انه لا وجه لالغاء هذه الخصوصية، ف (ان حقيقة العقد) الّذي اجراه الغاصب (فى العبارة التى ذكرناها فى الاشكال، اعنى قول المشترى الغاصب: تملكت او ملكت) بالتخفيف (هذا) المتاع (منك بهذه الدراهم) حال كون الدراهم مغصوبة (ليس

ص: 114

الا إنشاء تملكه للمبيع.

فاجازة هذا الانشاء لا يحصل بها تملك المالك الاصلى له بل يتوقف على نقل مستأنف.

فالانسب فى التفصّى، ان يقال: ان نسبه الملك الى الفضولى العاقد لنفسه فى قوله تملكت منك، او قول غيره له ملكتك، ليس من حيث هو بل من حيث جعل نفسه مالكا

______________________________

الا إنشاء تملكه للمبيع).

فالمعنى: هذا الى، و اجازة المالك لا يمكن ان تصحح هذا- لانه خلاف مقتضى المعاوضة- و لا يمكن ان تبدل: هذا لى، ب: هذا للمالك لانه لم ينشأ.

(فاجازة هذا الانشاء) الّذي اجراه الغاصب (لا يحصل بها) اى بهذه الاجازة (تملك المالك الاصلى له) اى للمبيع (بل يتوقف) تملك المالك الاصلى (على نقل مستأنف).

و على هذا، فالاشكال المتقدم بقى بلا جواب.

(فالانسب فى التفصي، ان يقال) يمكن تصحيح المعاملة بالاجازة، و ان قال المشترى الغاصب: تملكت المتاع منك بهذه الدراهم، ف (ان نسبة الملك) المتاع (الى الفضولى العاقد لنفسه) اى نسبة الفضولى العاقد، الملك لنفسه (فى قوله) للاصيل (تملكت منك، او قول غيره له) اى قول الاصيل للفضول المشترى (ملكتك، ليس) تملكا و تمليكا (من حيث هو) هو، اى من حيث الفضول فضول (بل من حيث جعل) الفضول (نفسه مالكا

ص: 115

للثمن اعتقادا او عدوانا.

و لذا لو عقد لنفسه من دون البناء على مالكيته للثمن التزمنا بلغويته.

ضرورة عدم تحقق مفهوم المبادلة بتملك شخص المال بإزاء مال غيره فالمبادلة الحقيقية، من العاقد لنفسه لا يكون الا اذا كان مالكا حقيقيا، او ادعائيا فلو لم يكن احدهما و عقد لنفسه، لم يتحقق المعاوضة، و المبادلة حقيقة

______________________________

للثمن اعتقادا) فى صورة جهله بالواقع (او عدوانا) فى صورة علمه بانه غاصب، هذا فيما اذا قال: تملكت، و فيما اذا قال الاصيل له: ملكتك جعله الاصيل مالكا.

(و لذا) الّذي انه يجعل نفسه مالكا (لو عقد) الفضول (لنفسه من دون البناء على مالكيته) اى انه مالك (للثمن) بان قال الفضول: انا لست بمالك، و لا اجعل نفسى مالكا بنائيا، و مع ذلك تملكت (التزمنا بلغويته) اى ان البيع يكون لغوا، اذ: العرف لا يتصور تملكا فيما اذا لم يكن المتملك لا مالكا حقيقيا، و لا مالكا جعليا.

(ضرورة عدم تحقق مفهوم المبادلة بتملك شخص) كالغاصب (المال) كالمبيع (بإزاء مال غيره) قوله: ضرورة، علة لقوله: التزمنا بلغويته.

اذا (فالمبادلة الحقيقية، من العاقد لنفسه لا يكون الا اذا كان) من يقول تملكت (مالكا حقيقيا، او ادعائيا) بان يدعى انه مالك، جهلا، او عدوانا (فلو لم يكن) العاقد (احدهما) لا حقيقيا، و لا ادعائيا (و عقد لنفسه، لم يتحقق المعاوضة و المبادلة حقيقة) بل هى مبادلة صورية لا تؤثر عرفا اثرها المترتب

ص: 116

فاذا قال الفضولى الغاصب المشترى لنفسه تملكت منك كذا بكذا فالمنسوب إليه التملك انما هو المتكلم، لا من حيث هو، بل من حيث عدّ نفسه مالكا اعتقادا، او عدوانا.

و حيث ان الثابت للشي ء من حيثية تقييدية، ثابت لنفس تلك الحيثية.

فالمسند إليه التملك حقيقة هو المالك للثمن.

______________________________

على كل مبادلة (فاذا قال الفضولى الغاصب المشترى لنفسه) اى يشترى المتاع لنفسه، لا للمالك الاصلى (تملكت منك) ايها البائع الاصيل (كذا) من المتاع (بكذا) من الدراهم (فالمنسوب إليه التملك انما هو المتكلم، لا من حيث هو) متكلم (بل من حيث عد نفسه مالكا اعتقادا) فيما اذا كان الغاصب جاهلا بان الدراهم ليست له (او عدوانا) فيما اذا كان الغاصب عالما بانه غاصب.

(و حيث ان الثابت للشي ء من حيثية تقييدية، ثابت لنفس تلك الحيثية) فانك اذا قلت: صلّ وراء زيد من حيث انه عادل، كان جواز الصلاة ثابت لحيثية العدالة، و ذلك بخلاف الحيثية التعليلية، فان الثابت للشي ء من حيثية تعليلية ثابت للمعلول، لا للحيثية، فانك اذا قلت: الغرفة مضيئة، من حيث ان الشمس طالعة، كانت الإضاءة ثابتة للغرفة، لا لطلوع الشمس.

(فالمسند إليه التملك) فى قول الغاصب: تملكت (حقيقة) و فى الواقع (هو المالك للثمن) اى المغصوب منه، لان معنى كلام الغاصب: تملكت من حيث انى مالك الثمن، فالملك ثابت لحيثية المالكية المنطبقة على المالك للثمن حقيقة، و لا ربط للملك فى: تملكت، للغاصب.

ص: 117

الا ان الفضولى لما بنى على انه المالك المسلط على الثمن، اسند ملك المثمن الّذي هو بدل الثمن الى نفسه فالاجازة الحاصلة من المالك، متعلقة بانشاء الفضولى، و هو التملك المسند الى مالك الثمن، و هو:

حقيقة نفس المجيز فيلزم من ذلك انتقال الثمن إليه

هذا مع انه ربما يلتزم صحة ان يكون الاجازة لعقد الفضولى موجبة لصيرورة العوض ملكا للفضولى ذكره شيخ مشايخنا فى شرحه على القواعد، و

______________________________

(الا ان الفضولى لما بنى على انه المالك المسلط على الثمن، اسند ملك المثمن) فى قوله: تملكت الدار، (الّذي هو بدل الثمن الى نفسه) لا الى المالك الحقيقى للدراهم (فالاجازة الحاصلة من المالك، متعلقة بانشاء الفضولى، و هو التملك المسند) ذلك التملك (الى مالك الثمن، و هو) اى مالك الثمن (حقيقة نفس المجيز) و إن كان ادعاء الغاصب (فيلزم من ذلك) التجويز من المالك (انتقال الثمن إليه) فتتحقق المعاوضة الحقيقية.

(هذا) تمام الكلام فى جوابنا عن اشكال بيع الفضولى لنفسه (مع) ان هناك جوابا آخر- تقدم اجماله عن كاشف الغطاء- و هو: (انه ربما يلتزم صحة ان يكون الاجازة لعقد الفضولى موجبة لصيرورة العوض) فيما اذا كان الفضول بائعا، و صيرورة المعوض فيما اذا كان الفضول مشتريا (ملكا للفضولى) بان لا يدخل الثمن فى كيس مالك المثمن و لا يدخل المثمن فى كيس مالك الثمن (ذكره شيخ مشايخنا فى شرحه على القواعد، و

ص: 118

تبعه غير واحد من اجلاء تلامذته، و ذكر بعضهم فى ذلك وجهين احدهما ان قضية بيع مال الغير عن نفسه، و الشراء بمال الغير لنفسه، جعل ذلك المال له ضمنا حتى انه على فرض صحة ذلك البيع، و الشراء تملكه قبل انتقاله الى غيره ليكون انتقاله إليه عن ملكه.

نظير ما اذا قال: اعتق عبدك عنى، او قال: بع مالى عنك او اشتر لك بمالى كذا.

______________________________

تبعه غير واحد من اجلاء تلامذته، و ذكر بعضهم فى ذلك) اى فى وجه صحة ما ذكره كاشف الغطاء (وجهين احدهما ان قضية) اى مقتضى (بيع) الغاصب (مال الغير عن نفسه، و الشراء بمال الغير لنفسه، جعل ذلك المال) اى مال الغير (له) اى لنفس الغاصب (ضمنا) اى فى ضمن البيع فمعنى بيع زيد دار بكر لنفسه- فضولة-: ان زيدا جعل دار بكر لنفسه ثم باعها (حتى انه على فرض صحة ذلك البيع، و الشراء) فيما اذا اجاز المالك (تملكه) اى مال الغير بان يكون الغاصب مالكا له (قبل انتقاله الى غيره) عن ملك الغاصب.

و انما ينتقل الى الغاصب آنا مّا، قبل بيعه (ليكون انتقاله) اى المال (إليه) اى الى الطرف الآخر- كالمشترى- (عن ملكه) اى ملك الغاصب

(نظير ما اذا قال: اعتق عبدك عنى) حيث ان معناه: ملكنى عبدك أولا، ثم اعتقه عنى، اذ لا عتق الا فى ملك (او قال: بع مالى عنك) بمعنى ان يكون ثمنه لك فان معناه: املكك مالى، ثم بعه عن نفسك، (او اشتر لك بمالى كذا) بمعنى ان يدخل المبيع فى ملكك، فان معناه: املكك

ص: 119

فهو تمليك ضمنى حاصل ببيعه او الشراء.

و نقول فى المقام: أيضا اذا اجاز المالك صحّ البيع و الشراء، و صحته بتضمن انتقاله إليه حين البيع، او الشراء.

فكما ان الاجازة المذكورة تصحح البيع، او الشراء.

كذلك تقتضى بحصول الانتقال الّذي يتضمنه البيع الصحيح فتلك الاجازة اللاحقة قائمة مقام الاذن السابق

______________________________

الدراهم لتشترى بها المتاع لنفسك.

(فهو) اى هذا الامر من المالك (تمليك ضمنى) فى ضمن الامر بالبيع، او الشراء (حاصل) هذا التمليك (ببيعه) اى المخاطب مال الآمر (او الشراء) بدراهم الآمر.

(و) اذا عرفت امكان ذلك التمليك الضمنى فى مسئلة العتق، و الامر بالبيع و الشراء (نقول فى المقام) الّذي هو اجازة المالك لبيع الغاصب (أيضا اذا اجاز المالك صح البيع و الشراء) الّذي فعله الغاصب (و صحته بتضمن انتقاله) اى المال (إليه) اى الى الغاصب (حين البيع، او الشراء) فمعنى قول المالك: اجزت البيع: ملكتك المال الّذي اوقعت البيع عليه.

(فكما ان الاجازة المذكورة تصحح البيع، او الشراء) حتى يكونا نافذين.

(كذلك تقتضى) الاجازة (بحصول الانتقال) للمال من المالك الى الغاصب (الّذي يتضمنه البيع الصحيح) لانه لا يصح بيع الغاصب لنفسه، الا اذا انتقل إليه المال (فتلك الاجازة اللاحقة) من المالك، على البيع (قائمة مقام الاذن السابق) فيما لو قال المالك الغاصب: بع مالى عن نفسك

ص: 120

قاضية بتمليكه المبيع، ليقع البيع فى ملكه و لا مانع منه.

الثانى انه لا دليل على اشتراط كون احد العوضين ملكا للعاقد فى انتقال بدله إليه بل يكفى ان يكون مأذونا فى بيعه لنفسه او الشراء به فلو قال: بع هذا لنفسك، او اشتر لك بهذا ملك الثمن فى الصورة الاولى، بانتقال المبيع عن مالكه الى المشترى.

و كذا ملك المثمن فى الصورة الثانية.

______________________________

فانه تمليك ضمنى للغاصب، فيكون البيع فى مال نفس الغاصب (قاضية) تلك الاجازة اللاحقة (بتمليكه) اى الغاصب (المبيع، ليقع البيع فى ملكه) اى ملك الغاصب (و لا مانع منه) اى من ان تكون الاجازة هكذا.

(الثانى) من وجهى صحة كلام كاشف الغطاء (انه لا دليل على اشتراط كون احد العوضين ملكا للعاقد فى انتقال بدله إليه) بل من الجائز ان يكون المبيع للمالك، و البدل ينتقل الى الغاصب، اذا اجاز المالك (بل يكفى) فى صحة الانتقال للبدل الى غير مالك المبدل (ان يكون) البائع (مأذونا فى بيعه لنفسه) فيما كان بيده المثمن (او الشراء به) لنفسه فيما كان بيده الثمن (فلو قال) مالك الثوب لزيد: (بع هذا لنفسك، او) قال مالك الدرهم: (اشتر لك بهذا) الدرهم ثوبا (ملك) المأمور (الثمن فى الصورة الاولى) و هى: بع هذا لنفسك، و ذلك (ب) سبب (انتقال المبيع عن مالكه الى المشترى) فانه بهذا الانتقال ينتقل الثمن من مالكه الى المأمور- لا الى مالك المثمن-.

(و كذا ملك) المأمور (المثمن فى الصورة الثانية) و هى: اشتر لك بهذا

ص: 121

و يتفرع عليه انه لو اتفق بعد ذلك فسخ المعاوضة، رجع الملك الى مالكه دون العاقد.

اقول و فى كلا الوجهين نظر، اما الاول فلان صحة الاذن فى بيع المال لنفسه، او الشراء لنفسه، ممنوعة كما تقدم فى بعض فروع المعاطاة.

مع ان قياس الاجازة على الاذن

______________________________

(و يتفرع عليه) اى على انتقال الثمن الى غير مالك المثمن، و انتقال المثمن الى غير مالك الثمن (انه لو اتفق بعد ذلك فسخ المعاوضة، رجع الملك الى مالكه دون العاقد) لان المالك انما اجاز البيع، لا انه ملك العاقد الدار، فى الاولى، و لا انه ملك العاقد الدرهم، فى الثانية، فاذا بطل البيع انفقد موضع الاجازة، و عليه يرجع كل ملك الى مالكه.

(اقول: و فى كلا الوجهين) الذين ذكرا لتوجيه كلام كاشف الغطاء (نظر، اما) ما فى الوجه (الاول، فلان صحة الاذن) من المالك (فى بيع) المأمور (المال لنفسه، او الشراء لنفسه، ممنوعة، كما تقدم فى بعض فروع المعاطاة).

اذ: المالك انما اجاز البيع لنفسه، و لم يجز تمليكه المتاع لنفسه أولا ثم بيعه.

نعم لو قصد ذلك، صح، لكن الكلام فى انه لم يقصد الا مفهوم هذا اللفظ الّذي ذكره، فلا تمليك من المالك، و لا دليل على تمليك من الشارع و دليل: الناس مسلطون، انما يدل على تسلط الناس على اموالهم لا على احكامهم.

(مع ان قياس الاجازة) اللاحقة (على الاذن) السابق، فيما لو قال

ص: 122

قياس مع الفارق، لان الاذن فى البيع يحتمل فيه ان يوجب- من باب الاقتضاء- تقدير الملك آنا مّا، قبل البيع، بخلاف الاجازة فانها لا تتعلق الا بما وقع سابقا و المفروض انه لم يقع الا مبادلة مال الغير بمال آخر.

نعم لما بنى هو على ملكية ذلك المال عدوانا، او اعتقادا قصد بالمعاوضة رجوع البدل إليه.

فالاجازة من المالك، ان رجعت الى نفس المبادلة افادت دخول

______________________________

المالك لزيد: بع مالى لنفسك (قياس مع الفارق، لان الاذن فى البيع يحتمل فيه ان يوجب) ذلك الاذن (- من باب الاقتضاء-) اى دلالة الاقتضاء و هى ما يتوقف صحة الكلام، او صدقه عليه، مثل تقدير: الاهل، فى:

اسئل القرية، فان صحة الكلام تتوقف على هذا التقدير (تقدير الملك) اى فرض مالكية المأذون، و: تقدير، مفعول: يوجب (آنا مّا، قبل البيع) جمعا بين ما دل على انه: لا بيع الا فى ملك، و بين ما دل على صحة مثل هذا الاذن (بخلاف الاجازة) اللاحقة (فانها لا تتعلق الا بما وقع سابقا) من العقد (و المفروض انه لم يقع الا مبادلة مال الغير بمال آخر) من دون تمليك من المالك لماله الى العاقد، او تملك منه لمال المالك.

(نعم لما بنى هو) اى العاقد (على ملكية ذلك المال) الّذي هو للمالك (عدوانا، او اعتقادا قصد بالمعاوضة رجوع البدل إليه) رجوعا ادعائيا لا حقيقيا.

(فالاجازة من المالك، ان رجعت الى نفس المبادلة) بدون كون الثمن راجعا الى العاقد (افادت) الاجازة (دخول

ص: 123

البدل فى ملك المجيز.

و ان رجعت الى المبادلة منضمة الى بناء العاقد، على تملك المال فهى، و ان افادت دخول البدل فى ملك العاقد الا ان مرجع هذا الى اجازه ما بنى عليه العاقد من التملك و امضائه له اذ: بعد امضائه يقع البيع فى ملك العاقد فيملك البدل الا ان من المعلوم عدم الدليل على تأثير الإجازة فى تأثير ذلك البناء فى تحقق متعلقه شرعا.

بل الدليل على عدمه لان هذا مما لا يؤثر

______________________________

البدل فى ملك المجيز) لان المبادلة مقتضية لذلك.

(و ان رجعت) الاجازة (الى المبادلة منضمة) تلك المبادلة (الى بناء العاقد على تملك المال) لنفسه (فهى، و ان افادت دخول البدل فى ملك العاقد) لا المالك (الا ان مرجع هذا الى اجازة ما بنى عليه العاقد) الغاصب (من التملك) لمال المالك (و امضائه له) اى امضاء المالك تملك العاقد لماله (اذ: بعد امضائه) لهذا التملك (يقع البيع فى ملك العاقد) لترتب البيع على الملك (فيملك) العاقد (البدل).

و هذا و إن كان مصححا للبيع (الا ان من المعلوم عدم الدليل) الشرعى (على تأثير الاجازة) من المالك (فى تأثير ذلك البناء) من العاقد- فى كونه مالكا- (فى تحقق متعلقه) اى متعلق البناء- اى ملكية مال المالك للعاقد- (شرعا) فقد بنى الغاصب ان الثوب له، و اجاز المالك هذا البناء، لكن هل امضى الشارع صحة ذلك؟ كلا.

(بل الدليل على عدمه، لان هذا) البناء على التملك (مما لا يؤثر

ص: 124

فيه الاذن لان الاذن فى التملك، يؤثر التملك، فكيف اجازته.

و اما الثانى، فلما عرفت من منافاته لحقيقة البيع التى هى: المبادلة و لذا صرح العلامة ره فى غير موضع من كتبه، تارة بانه لا يتصور.

و اخرى بانه لا يعقل ان يشترى الانسان لنفسه بمال غيره شيئا.

______________________________

فيه الاذن) فانك اذا قلت لزيد: اذنت لك ان تتملك ثوبى، لم يؤثر اذنك فى ان يصبح الثوب له، اذ: للملك اسباب خاصة، و ليس منها الاذن (لان الاذن فى التملك، لا يؤثر التملك، فكيف اجازته) اى اجازة التملك، بان يجيز المالك ان ما فعله الغاصب من التملك كان صحيحا، فان الاذن الّذي هو اقوى من الاجازة اذا لم ينفع لم تنفع الاجازة التى هى اضعف.

هذا تمام الكلام فى التوجيه الاول من توجيهى كلام كاشف الغطاء رحمه اللّه.

(و اما) النظر فى الوجه (الثانى، فلما عرفت من منافاته) اى دخول الثمن فى كيس غير من خرج من كيسه المثمن (لحقيقة البيع التى هى:

المبادلة) اذ: لا تسمى حينئذ مبادلة.

(و لذا صرح العلامة ره فى غير موضع من كتبه، تارة بانه لا يتصور) تحقق المبادلة اذا خرج الثمن من كيس من لم يدخل فى كيسه المثمن.

(و اخرى بانه لا يعقل ان يشترى الانسان لنفسه بمال غيره شيئا) اذ: لا يكون هذا اشتراء، فعدم المعقولية بمعنى عدم تحقق الاعتبار.

ص: 125

بل ادعى بعضهم فى مسئلة قبض المبيع عدم الخلاف فى بطلان مالك الثمن اشتر لنفسك به طعاما.

و قد صرح به الشيخ، و المحقق، و غيرهما.

نعم سيأتى فى مسئلة جواز تتبع العقود للمالك- مع علم المشترى بالغصب- ان ظاهر جماعة كقطب الدين، و الشهيد، و غيرهما ان الغاصب مسلط على الثمن، و ان لم يملكه فاذا اشترى به شيئا ملكه.

______________________________

(بل ادعى بعضهم فى مسئلة قبض المبيع عدم الخلاف فى بطلان) قول (مالك الثمن) للفقير- مثلا- بعد ان يعطيه الدرهم (اشتر لنفسك به طعاما) بدون ان يهب الدرهم له، او يشترى الفقير الخبز للمالك ثم يهبه لنفسه وكالة عنه.

(و قد صرح به) اى بالبطلان المذكور (الشيخ، و المحقق، و غيرهما).

(نعم سيأتى فى مسئلة جواز تتبع العقود للمالك) متعلق ب: جواز (- مع علم المشترى بالغصب-) كما لو باع مال زيد عمرو لبكر، و بكر لخالد و خالد لخويلد، و كلهم يعلمون بالغصبية، فانه يجوز للمالك ان يجيز احد العقود، فيبطل غيرها (ان ظاهر جماعة كقطب الدين، و الشهيد، و غيرهما، ان الغاصب مسلط على الثمن، و ان لم يملكه) فيما اذا باع مال الغير (فاذا اشترى) الغاصب (به) اى بالثمن الّذي حصله من بيع الغصب (شيئا ملكه) اى صار مالكا لذلك الشي ء، مثلا باع زيد الغاصب، ثوب عمر و غصبا، فاخذ درهما فاشترى بالدرهم خبزا، فانه يملك الخبز.

ص: 126

و ظاهر هذا، امكان ان لا يملك الثمن و يملك المثمن المشترى.

الا ان يحمل ذلك منهم على التزام تملك البائع الغاصب للمثمن مطلقا كما نسبه الفخر الى الاصحاب او آنا مّا، قبل ان يشترى به شيئا

______________________________

(و ظاهر هذا) الكلام منهم، (امكان ان لا يملك الثمن) كالدرهم (و يملك المثمن) كالخبز (المشترى) بصيغة المجهول، اى الخبز الّذي اشتراه.

و قول المصنف: نعم، بيان انه يظهر من جماعة تحقق المعاملة فى بيع الغاصب لنفسه، خلافا لكلام العلامة، و غيره، الذين قالوا بعدم تحقق المبادلة، اذ: لو لا تحقق المعاملة لم تتحقق ملكية الغاصب للمثمن- كالخبز فى المثال-

(الا ان يحمل ذلك) القول بتملك الغاصب للمثمن- كالخبز- (منهم) اى من هؤلاء الفقهاء الذين قالوا بتملك الغاصب للثمن، بناء (على التزام) هؤلاء (تملك البائع) للخبز (الغاصب للمثمن) اى الخبز (مطلقا) اى سواء كان مالكا للثمن أم لا؟ اذ: بائع الخبز يريد ان يسلطه الغاصب على الدرهم، سواء كان حلالا أم حراما؟ فهو يملك الغاصب خبزه

و عليه فلا دلالة لكلام هؤلاء الفقهاء على تحقق المعاملة فى بيع الغاصب ثوب زيد (كما نسبه) اى هذا الالتزام (الفخر الى الاصحاب) و انهم انما يقولون بملكية الغاصب للخبز، لاجل ان البائع له انما يملكه مطلقا (او) يحمل منهم على تملك الغاصب للثمن (آنا مّا، قبل ان يشترى به شيئا

ص: 127

تصحيحا للشراء و كيف كان فالاولى فى التفصي عن الاشكال المذكور فى البيع لنفسه ما ذكرنا.

ثم ان مما ذكرنا- من ان نسبة ملك العوض حقيقة انما هو الى مالك المعوض لكنه بحسب بناء الطرفين

______________________________

تصحيحا للشراء) اى شراء الخبز.

فعلى هذين المحملين، لا ينافى كلام القطب، و الشهيد لكلام العلامة.

و الحاصل ان العلامة يقول: باستحالة تحقق المبادلة بين المغصوب و المثمن، فلا يملك الغاصب الثمن، و الجماعة يقولون ان الغاصب اذا اشترى بالثمن شيئا ملك ذلك الشي ء و هذا فيه احتمالات.

الاول- ان يملك الغاصب الثمن و عليه ينافى كلام العلامة.

الثانى- ان يملكه الخباز الخبز مطلقا.

الثالث- ان يملك الغاصب الثمن آنا مّا، و على هذين الاحتمالين لا ينافى كلامهم كلام العلامة.

(و) اذ قد عرفت الاشكال فى كلام كاشف الغطاء الّذي اراد تصحيح بيع الغاصب لنفسه، اذا اجاز المالك (كيف كان فالاولى فى التفصي) و التخلص (عن الاشكال المذكور فى البيع) اى بيع الغاصب (لنفسه ما ذكرنا) بان حقيقة البيع، هى: المبادلة، اما الاضافة الى الغاصب فهى خارجه عن البيع، و المالك انما يجيز المبادلة و لا محذور فيه.

(ثم ان مما ذكرنا- من ان نسبه ملك العوض حقيقة انما هو الى مالك المعوض) الّذي هو المغصوب منه، لا الغاصب (لكنه بحسب بناء الطرفين

ص: 128

على مالكية الغاصب للعوض منسوب إليه- يظهر اندفاع اشكال آخر فى صحة البيع لنفسه، مختص بصورة علم المشترى، و هو ان المشترى الاصيل اذا كان عالما بكون البائع لنفسه غاصبا.

فقد حكم الاصحاب على ما حكى عنهم بان المالك لو رد، فليس للمشترى

______________________________

على مالكية الغاصب للعوض منسوب) ملك العوض (إليه-) اى الى الغاصب (يظهر اندفاع اشكال آخر فى صحة البيع) اى بيع الغاصب (لنفسه، مختص) هذا الاشكال (بصورة علم المشترى، و هو ان المشترى الاصيل) اى الّذي يشترى من الغاصب (اذا كان) المشترى (عالما بكون البائع لنفسه غاصبا)

و حاصل الاشكال: ان الثمن يدخل فى ملك الغاصب- حيث ان المشترى العالم اعطاه اياه- فاذا اجاز المالك البيع، كان بلا ثمن، و هذا غير معقول.

و الجواب من وجوه.

الاول- ان الثمن لا يكون ملكا للغاصب، لان المشترى اباح له، و لم يملكه.

الثانى- الثمن يؤخذ من الغاصب، الا فى صورة عدم اجازة المالك.

الثالث- الثمن يؤخذ منه الا فى صورة تلفه عند الغاصب.

الرابع- انه على النقل لا يؤخذ الثمن من الغاصب، اما على الكشف، فان الثمن صار ملك المالك من الاول

(فقد حكم الاصحاب على ما حكى عنهم بان المالك لورد) البيع الّذي اجراه الغاصب (فليس للمشترى

ص: 129

الرجوع على البائع بالثمن، و هذا كاشف عن عدم تحقق المعاوضة الحقيقية و الا لكان ردها، موجبا لرجوع كل عوض الى مالكه.

و حينئذ فاذا اجاز المالك، لم يملك الثمن، لسبق اختصاص الغاصب به، فيكون البيع، بلا ثمن.

و لعل هذا هو: الوجه فى اشكال العلامة فى التذكرة، حيث قال- بعد الاشكال فى صحة بيع الفضولى مع جهل المشترى-: ان الحكم فى الغاصب مع علم المشترى

______________________________

الرجوع على البائع) الغاصب (بالثمن) بل قال بعضهم بعدم الحق له حتى اذا كان الثمن موجودا (و هذا كاشف عن عدم تحقق المعاوضة الحقيقية، و الا) فلو كانت معاوضة حقيقية (لكان ردها) اى رد المعاوضة من قبل المالك (موجبا لرجوع كل عوض الى مالكه) فان المعاوضة اذا بطلت، رجع كل عوض الى مالكه.

(و حينئذ) اى حين قلنا: لا يرد الثمن اذا لم يجز المالك (فاذا اجاز) المعاوضة (المالك، لم يملك الثمن، لسبق اختصاص الغاصب به) اذ: المشترى العالم دفع الثمن الى الغاصب لا ببدل (فيكون البيع، بلا ثمن).

و حيث انه لا يعقل البيع بلا ثمن، لزم ان نقول: ببطلان بيع الغاصب من الاول.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 7، ص: 130

(و لعل هذا) الاشكال (هو: الوجه فى اشكال العلامة فى التذكرة) على بيع الغاصب (حيث قال- بعد الاشكال فى صحة بيع الفضولى مع جهل المشترى-) بالغصب (ان الحكم فى الغاصب مع علم المشترى

ص: 130

اشكل، انتهى.

اقول: هذا الاشكال، بناء على تسليم ما نقل عن الاصحاب، من انه ليس للمشترى استرداد الثمن، مع رد المالك و بقائه- و بعد تسليم ان الوجه فى حكمهم ذلك- هو مطلق التسليط، على تقديرى الرد، و الاجازة لا التسليط المراعى بعدم اجازة البيع.

انما يتوجه، على القول بالنقل، حيث: ان تسليط المشترى للبائع على الثمن قبل انتقاله الى مالك المبيع،

______________________________

اشكل، انتهى) كلام العلامة.

(اقول: هذا الاشكال) انما هو (بناء على تسليم ما نقل عن الاصحاب من انه ليس للمشترى استرداد الثمن، مع رد المالك، و بقائه) اذ: لو لم نقل بذلك، لم يكن وجه لهذا الاشكال- كما عرفت- (- و بعد تسليم ان الوجه فى حكمهم ذلك-) اى انه ليس للمشترى استرداد الثمن (هو مطلق التسليط) من المشترى للغاصب على ثمنه (على تقديرى الرد) من المالك (و الاجازة، لا التسليط المراعى بعدم اجازة البيع) اذ: لو سلطه هكذا كان معناه: ان لم يجز المالك فهو لك، و ان اجاز فهو للمالك، فلا يصح ان يقال: بان اجازة المالك لا تفيد فى نقل الثمن إليه الّذي هو مبنى الاشكال.

(انما يتوجه) خبر: هذا الاشكال، (على القول بالنقل) لا الكشف.

وجه اختصاص هذا الاشكال، بالقول بالنقل (حيث: ان تسليط المشترى للبائع على الثمن) انما هو: (قبل انتقاله الى مالك المبيع

ص: 131

بالاجازة، فلا يبقى مورد للاجازة.

و اما على القول بالكشف، فلا يتوجه اشكال اصلا، لان الرد كاشف عن كون تسليط المشترى تسليطا له على مال نفسه.

و الاجازة كاشفة عن كونه تسليطا له على ما يملكه غيره، بالعقد السابق على التسليط الحاصل بالاقباض.

و لذا لو لم يقبضه الثمن حتى اجاز المالك، او رد، لم يكن للغاصب انتزاعه من يد المشترى، او المالك.

______________________________

بالاجازة) متعلق ب: انتقاله (فلا يبقى مورد للاجازة) اذ: لا ثمن فى المقام و ما لا ثمن له، لا يكون بيعا يمكن الاجازة فيه.

(و اما على القول بالكشف، فلا يتوجه اشكال اصلا، لان الرد) من المالك (كاشف عن كون تسليط المشترى) الغاصب (تسليطا له على مال نفسه)

(و الاجازة) من المالك (كاشفة عن كونه) اى تسليط المشترى (تسليطا له) اى للغاصب (على ما يملكه) من الثمن (غيره) و هو: المالك (بالعقد السابق) ذلك العقد (على التسليط الحاصل) ذلك التسليط (بالاقباض) فانه بالبيع يصبح الثمن ملكا للمالك.

فتسليط المشترى الغاصب على الثمن تسليط للعين على مال المالك بدون اذنه، فلا يملك الغاصب الثمن، بل يكون فى يده، و هو للمالك.

(و لذا) الّذي ذكرنا انه على الكشف ملك للمالك (لو لم يقبضه) اى لم يقبض المشترى الغاصب (الثمن حتى اجاز المالك، او رد) البيع، و (لم يكن للغاصب انتزاعه من يد المشترى) فيما لو رد المالك (او المالك)

ص: 132

و سيأتى فى مسألة جواز تتبع العقود للمالك تتمة لذلك، فانتظر.

ثم اعلم: ان الكلام فى صحة بيع الفضولى لنفسه، غاصبا كان او غيره؟

انما هو: فى وقوعه للمالك اذا اجاز، و هو: الّذي لم يفرق المشهور بينه و بين الفضولى البائع للمالك، لا لنفسه.

و اما الكلام فى صحة بيع الفضولى، و وقوعه لنفسه اذا صار مالكا للمبيع، و اجاز، سواء باع لنفسه، او للمالك؟

______________________________

فيما لو اجاز و اخذ الثمن.

(و سيأتى فى مسألة جواز تتبع العقود للمالك) متعلق ب: جواز (تتمة لذلك، فانتظر)

هذا تمام الكلام فى مسألة بيع الغاصب لنفسه، و قد ظهر انه ان اجاز المالك البيع، صح، و ان كان الغاصب قد قصد البيع لنفسه.

(ثم اعلم: ان الكلام فى صحة بيع الفضولى لنفسه، غاصبا كان، او غيره) بان كان عالما بالغصب أو لا؟

او المراد انه باع فى حال كونه غصب المتاع أو لا؟ كما لو باع مال زيد، و الحال انه لم يغصبه بعد (انما هو: فى وقوعه) اى البيع (للمالك، اذا اجاز) المالك (و هو) اى هذا الفرض فى المسألة، هو (الّذي لم يفرق المشهور بينه و بين الفضولى البائع للمالك، لا لنفسه) بان قالوا بصحة البيع فى كلتا المسألتين.

(و اما الكلام فى صحة بيع الفضولى، و وقوعه لنفسه اذا صار مالكا للمبيع و اجاز) و هو: مسألة من باع، ثم ملك (سواء باع لنفسه، او للمالك) ثم ملك

ص: 133

فلا دخل له بما نحن فيه، لان الكلام هنا فى وقوع البيع للمالك و هناك فى وقوعه للعاقد، اذا ملك.

و من هنا يعلم: ان ما ذكره فى الرياض، من: ان بيع الفضولى لنفسه باطل، و نسب الى التذكرة نفى الخلاف فيه، فى غير محله، الا ان يريد ما ذكرناه.

و هو خلاف ظاهر كلامه

______________________________

المتاع الّذي باعه (فلا دخل له بما نحن فيه، لان الكلام هنا) فى مسألة ما لو باع، ثم اجاز المالك (فى وقوع البيع للمالك) و انه هل يقع له أم لا؟ (و هناك) ما لو باع، ثم ملك (فى وقوعه للعاقد، اذا ملك) المبيع بعد العقد.

(و من هنا) اى من اختلاف مورد المسألتين (يعلم: ان ما ذكره فى الرياض، من: ان بيع الفضولى لنفسه باطل، و نسب) الرياض (الى التذكرة نفى الخلاف فيه) اى فى البطلان (فى غير محله).

اذ: بطلان البيع الّذي ذكره التذكرة، انما هو: من حيث كونه لنفس الغاصب، فلا ينافى كونه صحيحا للمالك اذا اجازه.

فلا وجه لما ذكره الرياض من بطلانه مطلقا، حتى مع اجازة المالك، و نسبته لهذا الكلام الى التذكرة (الا ان يريد) الرياض (ما ذكرناه) اعنى:

البطلان، من حيث كونه لنفسه، لا البطلان حتى مع الاجازة.

(و) لكن (هو) اى قصده ما ذكرناه (خلاف ظاهر كلامه) اى كلام الرياض.

ص: 134

بقى هنا امران.
الأول: انه لا فرق على القول بصحة بيع الفضولى، بين كون مال الغير عينا او دينا فى ذمة الغير

و منه جعل العوض ثمنا، او مثمنا فى ذمة الغير.

______________________________

(بقى هنا) فى مسألة بيع الفضولى (امران)

(الاول: انه لا فرق على القول بصحة بيع الفضولى، بين كون مال الغير) الّذي يبيعه الفضولى (عينا) كما لو قال: بعتك هذا الثوب الّذي هو لزيد، بدينار (او دينا فى ذمة الغير) كما لو قال: بعتك ثوبا كليا فى ذمة زيد بدينار.

و ذلك لان الصور المتصورة، ان كلا من الثمن و المثمن، اما ذميان، او خارجيان، او احدهما ذمى و الآخر خارجى.

و لا يخفى: ان الذمى له صورتان.

الاولى: ان يكون المال ذميا قبل البيع، كما لو طلب محمد من زيد منّا من الحنطة، فباعه زيد لعمرو بدرهم.

الثانية: ان يكون المال ذميا بهذا البيع، كما اذا باع منّا من الحنطة فى ذمة المالك بدرهم.

و المصنف ره اراد بقوله: او فى ذمة الغير الصورة الاولى، و بقوله (و منه) اى من البيع الفضولى الذمى (جعل العوض ثمنا، او مثمنا فى ذمة الغير) الصورة الثانية.

و مثال: جعل العوض ثمنا، انه لو اشترى زيد من خالد ثوبا بدينار فى ذمة محمد.

ص: 135

ثم: ان تشخيص ما فى الذمة الّذي يعقد عليه الفضولى، اما باضافة الذمة الى الغير، بان يقول: بعت كرّا من طعام فى ذمة فلان بكذا، او بعت هذا بكذا فى ذمة فلان.

و حكمه انه لو اجاز فلان يقع العقد له، و ان ردّ بطل رأسا و اما بقصده العقد له، فانه اذا قصده فى العقد، تعين كونه صاحب

______________________________

(ثم: ان تشخيص ما فى الذمة الّذي يعقد عليه الفضولى) و هى الصورة الثانية، و لم يتعرض للصورة الاولى لوضوحها، اذ: هى مثل العين الشخصية (اما باضافة الذمة الى الغير) حال العقد (بان يقول:

بعت كرّا من طعام فى ذمة فلان) بان تسلّمه انت ايها المشترى منه (بكذا) درهم- و هذا فى المثمن- (او بعت هذا) الطعام الموجود (بكذا) من الدراهم (فى ذمة فلان)- و هذا فى الثمن-.

او يقول الفضوليان احدهما للآخر: بعتك بدينار فى ذمة زيد، كرّا من الطعام فى ذمة عمرو، فيقول الآخر: قبلت- و هذا فيما كان الثمن و المثمن كلاهما ذميا-.

(و حكمه) فى صحه البيع و عدمه (انه لو اجاز فلان يقع العقد له و ان ردّ بطل رأسا) و ليس من قبيل بيع الفضولى لنفسه، حيث انه: ان اجاز المالك صار البيع له، لا للفضولى (و اما بقصده) اى الفضولى البائع فى الذمة (العقد له) اى للمالك، بان لم يصرح، بل نواه فى نفسه، كما لو نوى زيد عند اشترائه الثوب: ان ثمنه من كيس خالد (فانه) اى الفضول (اذا قصده) اى المالك (فى العقد، تعين كونه) اى المقصود (صاحب

ص: 136

الذمة، لما عرفت: من استحالة دخول احد العوضين فى ملك غير من خرج عنه الآخر، الاعلى احتمال ضعيف تقدم، عن بعض.

فكما ان تعيين العوض فى الخارج يغنى عن قصد من وقع له العقد.

______________________________

الذمة) لانه لو صار البائع الفضولى صاحب الذمة، لزم اشكالان.

الاول: ان العقود لا تتبع القصود.

و الثانى: لزوم ان يخرج المثمن الى كيس المقصود، و يخرج الثمن من كيس الفضول.

و الى هذا اشار بقوله (لما عرفت: من استحالة دخول احد العوضين) و هو: المثمن (فى ملك) الشخص المقصود، و هو (غير من خرج عنه) العوض (الآخر) اى الثمن، لان الثمن- على الفرض- خرج من كيس الفضول (الاعلى احتمال ضعيف) لا يقول باستحالة ذلك (تقدم) هذا الاحتمال (عن بعض).

و لا يخفى: ان القصد كاف فى اضافة العقد الى المقصود، فلا حاجة الى الاضافة لفظا، مثلا: لو اشترى الفضولى ثوبا من زيد بدينار، قصده كونه من عمرو كفى فى كون العقد لعمرو، و لا حاجة الى ذكر لفظ عمرو عند المعاملة.

(فكما ان تعيين العوض فى الخارج)- كما لو اخذ دينارا من عمرو و اشترى به الثوب- (يغنى عن قصد من وقع له العقد) اذ: كون الدينار لعمرو، كاف فى اضافة المعاملة إليه.

ص: 137

فكذا قصد من وقع له العقد، يغنى عن تعيين الثمن الكلى باضافته الى ذمة شخص خاص.

و حينئذ فان اجاز من قصد مالكيته وقع العقد.

و ان ردّ فمقتضى القاعدة: بطلان العقد واقعا، لان مقتضى رد العقد بقاء كل عوض على ملك صاحبه، اذ: المال مردد فى باب الفضولى بين مالكه الاصلى، و من وقع له العقد.

فلا معنى لخروجه عن ملك مالكه و تردده بين الفضولى، و من وقع له

______________________________

(فكذا قصد من وقع له العقد) بان يقصد اشتراء الثوب بدينار فى ذمة عمرو (يغنى عن تعيين الثمن الكلى باضافته) خارجا، و لفظا (الى ذمة شخص خاص) كعمرو فى المثال، بل بمجرد ان نوى الفضول: ان الثمن من عمرو، اضيفت المعاملة إليه، بلا حاجة الى ذكر لفظ عمرو حين اجراء العقد.

(و حينئذ فان اجاز) العقد (من قصد) الفضول (مالكيته)- كعمرو فى المثال- (وقع العقد) له.

(و ان ردّ) و لم يقبل المعاملة (فمقتضى القاعدة: بطلان العقد واقعا) كما هو: مقتضى الردّ فى كل فضولى (لان مقتضى ردّ العقد بقاء كل عوض على ملك صاحبه) فالثوب يبقى لزيد، و الدينار لعمرو (اذ المال) كالثوب فى المثال (مردّد، فى باب الفضولى بين مالكه الاصلى) و هو زيد (و من وقع له العقد) و هو: عمرو.

(فلا معنى لخروجه) اى المال (عن ملك مالكه) و هو: زيد (و تردده بين الفضولى، و من وقع له

ص: 138

العقد.

اذ لو صح وقوعه للفضولى، لم يحتج الى اجازة، و وقع له، الا ان الطرف الآخر لو لم يصدقه على هذا القصد، و حلف على نفى العلم حكم له على الفضولى، لوقوع العقد له ظاهرا كما عن المحقق، و فخر الاسلام، و المحقق الكركى، و السيورى، و الشهيد الثانى، و قد يظهر من اطلاق

______________________________

العقد) اى عمرو.

و ذلك لوضوح: ان العقود تتبع القصود، و اذا لم يصح المقصود لم يصح عقد اصلا.

(اذ لو صح وقوعه) اى العقد (للفضولى، لم يحتج الى اجازة) المالك للدينار المقصود أولا، كعمرو فى المثال (و وقع له) لانه اقدم على البيع، و هو قابل للانطباق عليه.

هذا كله: فيما اذا صدق الفضول عمرو، ثم رد المعاملة (الا ان الطرف الآخر) الّذي هو: المشترى الاصيل المقصود كعمرو (لو لم يصدقه) اى لم يصدق الفضول (على هذا القصد) بان قال عمرو للفضول: انت تكذب فى انك قصدتنى عند المعاملة (و حلف على نفى العلم) بانى لا اعلم انك ايها الفضول قصدتنى عند المعاملة (حكم له) اى لعمرو الحالف (على الفضولى) فلا يكون عمرو، مكلفا بالرد، و لا باعطاء الثمن (لوقوع العقد له) اى للفضولى (ظاهرا) فلا يحق للفضول ان يرد العقد، للاصل العقلائى (كما عن المحقق، و فخر الاسلام، و المحقق الكركى، و السيورى، و الشهيد الثانى، و قد يظهر من اطلاق

ص: 139

بعض الكلمات، كالقواعد، و المبسوط: وقوع العقد له واقعا.

و قد نسب ذلك الى جماعه فى بعض فروع المضاربة.

و حيث عرفت: ان قصد البيع للغير، او اضافته إليه فى اللفظ يوجب صرف الكلى الى ذمة ذلك الغير، كما ان اضافة الكلى إليه يوجب صرف البيع، او الشراء إليه، و ان لم يقصده، او لم يضفه إليه.

ظهر من ذلك التنافى بين اضافة البيع الى غيره.

______________________________

بعض الكلمات، كالقواعد، و المبسوط: وقوع العقد له) اى للفضولى (واقعا) لا ظاهرا فحسب.

(و قد نسب ذلك) اى وقوع العقد للفضول واقعا (الى جماعة فى بعض فروع المضاربة) كما: لو اوقع العامل المعاملة، ثم قال المالك: لم اجز هذا النوع، قالوا بان المعاملة تقع لنفس العامل.

(و حيث عرفت: ان قصد البيع للغير، او اضافته إليه) اى الى الغير (فى اللفظ) كان يقول: ابيع دار زيد عنه (يوجب صرف الكلى) اى الكلى لو لا القصد و الاضافة (الى ذمه ذلك الغير، كما ان اضافة الكلى إليه) اى نفسه (يوجب صرف البيع، او الشراء إليه) كما لو قال: بعت هذه الدار بدرهم فى ذمتى (و ان لم يقصده) اى لم يقصد كون البيع لنفسه (او لم يضفه إليه) اى الى نفسه.

(ظهر) جواب: و حيث، (من ذلك) الّذي ذكرنا من: ان مقتضى كل اضافه شي ء مخالف لمقتضى الاضافة الاخرى (التنافى بين اضافه البيع الى غيره) كما لو قال: بعت الدار لزيد.

ص: 140

و اضافة الكلى الى نفسه او قصده من غير اضافة.

و كذا: بين اضافه البيع الى نفسه.

و اضافة الكلى الى غيره.

فلو جمع بين المتنافيين بان قال: اشتريت هذا لفلان بدرهم فى ذمتى

______________________________

(و) بين (اضافة الكلى الى نفسه) كما لو قال: بدرهم فى ذمتى (او قصده) ان يكون الكلى عن نفسه (من غير اضافة) لفظية.

(و كذا) ظهر المنافات (بين اضافة البيع الى نفسه) كما لو قال:

بعت لنفسى.

(و) بين (اضافة الكلى الى غيره).

كما لو قال: بدرهم فى ذمة زيد،

و وجه المنافات واضح، لان البيع لنفسه، معناه خروج الثمن من كيسه لان الدار دخلت فى كيسه، فكيف يخرج ثمنها من كيس زيد؟

هذا بالنسبة الى قوله: و كذا، كما ان البيع لغيره معناه خروج الثمن من كيس الغير، فكيف يخرج الثمن من كيس نفسه، و هذا بالنسبة الى قوله: بين اضافة البيع.

و لا يخفى: ان المراد من: اضافة البيع، فى المثالين: الاشتراء.

و حاصله: اشتراء دار لزيد بدرهم من كيس العاقد، او اشتراء دار لنفسه بدرهم من كيس زيد.

(فلو جمع بين المتنافيين) جمعا فى القصد، او فى اللفظ (بان قال:

اشتريت هذا) الثوب (لفلان) اى زيد (بدرهم فى ذمتى) حيث ان: لفلان

ص: 141

او اشتريت هذا لنفسى بدرهم فى ذمة فلان.

ففى الاول: يحتمل البطلان، لانه فى حكم شراء شي ء للغير، بعين ماله.

و يحتمل الغاء احد القيدين، و تصحيح المعاملة لنفسه، او للغير.

و فى الثانى: يحتمل كونه من قبيل شرائه لنفسه بعين مال الغير فيقع للغير بعد اجازته.

______________________________

ينافى: فى ذمتى (او) قال (اشتريت هذا) الثوب (لنفسى بدرهم فى ذمه فلان) اى زيد.

(ففى الاول) و هو: اشتريت لفلان بدرهم فى ذمتى، (يحتمل البطلان) للمعاملة (لانه فى حكم شراء شي ء للغير، بعين ماله).

اذ: الذمة و العين لا تختلفان من هذه الجهة فلا فرق بين ان يقول اشتريت لزيد بهذا الدرهم الّذي هو ملكى، او: بدرهم فى ذمتى.

فكما يبطل فى الاول- لان الثمن خرج من غير كيس من دخل فى كيسه المثمن-

كذلك يبطل فى الثانى.

(و يحتمل الغاء احد القيدين) و هما قوله: لفلان، و: فى ذمتى، (و تصحيح المعاملة لنفسه) ان الغى: لفلان (او للغير) ان الغى: فى ذمتى.

(و فى الثانى) و هو: اشتريت لنفسى بدرهم فى ذمة فلان (يحتمل كونه من قبيل شرائه لنفسه بعين مال الغير) كما لو اخذ درهما من مال زيد، و اشترى به ثوبا لنفسه (فيقع) البيع (للغير بعد اجازته) اى اجازة ذلك

ص: 142

لكن بعد تصحيح المعاوضة بالبناء على التملك فى ذمة الغير اعتقادا.

و يحتمل الصحة بإلغاء قيد ذمة الغير، لان تقييد الشراء أولا، بكونه لنفسه، يوجب الغاء ما ينافيه، من اضافة الذمة الى الغير.

و المسألة تحتاج الى تأمل.

______________________________

الغير للبيع (لكن) الوقوع للغير، انما هو (بعد تصحيح المعاوضة بالبناء على التملك) اى بناء العاقد على انه مالك للدرهم (فى ذمة الغير) و هو فلان (اعتقادا) بانه مالك لدرهم فى ذمته، فانه بهذا الاعتقاد تصح المعاوضة.

اذ: هى عبارة عن خروج الثمن من كيس نفسه، ليدخل فى كيسه المثمن بعوضه، و مفهوم المعاوضة لا يتحقق، الا ببنائه على التملك المفروض

و انما قال: اعتقادا، اذ: لا يمكن الغصب فى الكلّى الثابت فى ذمة الغير، ففرق بين ان يشترى بعين درهم زيد المغصوب، و بين ان يقصد الاشتراء بدرهم كلى فى ذمة زيد، يفرضه انه غاصب له، فان الكلى لا يعقل غصبه.

(و يحتمل الصحة بإلغاء قيد ذمة الغير) الّذي قاله العاقد.

و انما نلغى هذا القيد (لان تقييد الشراء أولا، بكونه لنفسه) حيث قال: اشتريت لنفسى (يوجب الغاء ما ينافيه، من اضافة الذمة الى الغير) لان القيد السابق يلغى ما ينافيه مما يأتى لاحقا.

(و المسألة تحتاج الى تأمل) كما لا يخفى.

ثم لا يخفى: ان خالدا لو اشترى ثوبا من زيد، ثم قال: انى قصدت

ص: 143

ثم انه قال: فى التذكرة لو اشترى فضوليا فان كان بعين مال الغير.

______________________________

كون المعاملة لعمرو.

فله نواحى من الكلام.

الاولى: حكم الواقع، و هو: ان اشتراه لعمرو، حقيقة.

فان اجاز صح، و ان لم يجز بطل، و ان اشتراه لنفسه حقيقة فالمعاملة صحيحة لنفسه، و لا ترتبط بعمرو.

الثانية: حكم زيد.

و زيدان علم صدق خالد فى الفضولية،

فان اجاز عمرو، صحت المعاملة، و الّا بقى الثوب فى ملك زيد، و بطلت المعاملة.

و ان لم يعلم زيد صدق خالد و كذبه.

فان تمكن الفضول من اثبات قصده، كانت الصحة و البطلان معلقين على اجازة عمرو، و رده.

و ان لم يتمكن، حلف زيد على عدم علمه بالفضولية، و انعقدت المعاملة لخالد حسب الظاهر.

الثالثة: حكم عمرو.

فان علم عمرو صدق الفضول، و اجاز اخذ المال من زيد، و دفع ثمنه.

و ان علم كذبه لم تكن معاملة له اطلاقا.

و ان شك و لم يتمكن خالد من اثبات انه اشتراه لعمرو فضولة، لم يكن مكلفا بشي ء.

(ثم انه قال: فى التذكرة لو اشترى فضوليا فان كان بعين مال الغير) كما:

ص: 144

فالخلاف فى البطلان و الوقف، على الاجازة.

الا ان أبا حنيفة، قال: يقع للمشترى بكل حال.

و ان كان فى الذمة لغيره، و اطلق اللفظ، قال علمائنا: يقف على الاجازة.

فان اجاز، صح، و لزمه اداء الثمن، و ان رد نفد عن المباشر، و به قال الشافعى: فى القديم، و احمد.

______________________________

لو اشترى خالد بدينار من عمرو ثوبا من زيد.

(فالخلاف فى البطلان) للبيع (و الوقف، على الاجازة) اى اجازة عمرو، آت هنا فى باب الشراء، مثل الخلاف بين الامرين فى باب ما لو:

باع الفضول مال غيره، اذ: باب الشراء فضوله مثل باب البيع فضولة فى الحكم.

(الا ان أبا حنيفة، قال: يقع) البيع (للمشترى) الفضولى (بكل حال) سواء اجاز، أم لا؟

(و ان كان) الاشتراء (فى الذمة لغيره) كما: لو اشترى خالد ثوبا من زيد بدينار فى ذمة عمرو (و اطلق اللفظ) بان قال: اشتريت الثوب بدينار (قال علمائنا: يقف) البيع (على الاجازة) من عمرو و صاحب الذمة.

(فان اجاز) عمرو (صح) البيع (و لزمه) اى عمرو (اداء الثمن، و ان رد) عمرو (نفذ) و صح البيع (عن المباشر) الّذي هو خالد (و به قال الشافعى: فى) فتواه (القديم، و احمد) قال به أيضا.

ص: 145

و انما يصح الشراء لانه تصرف فى ذمته لا فى مال غيره.

و انما وقف على الاجازة، لانه عقد الشراء له.

فان اجازه لزمه.

و ان رده لزم من اشتراه.

و لا فرق بين ان ينفذ من مال الغير، أو لا.

و قال ابو حنيفة: يقع عن المباشر و هو جديد للشافعى، انتهى.

و ظاهره الاتفاق على وقوع الشراء مع الرد للمشترى واقعا،

______________________________

(و انما يصح الشراء) الّذي اوقعه الفضولى (لانه تصرف فى ذمته) اى ذمة البائع الفضولى (لا فى مال غيره) فليس من قبيل الغصب، حتى يكون باطلا.

(و انما وقف) البيع (على الاجازة) من صاحب الذمة (لانه) اى الفضول (عقد الشراء له) اى لصاحب الذمة.

(فان اجازه لزمه) اى لزم صاحب الذمة، و هو عمرو فى المثال.

(و ان ردّه لزم من اشتراه) و هو: الفضول، فانه اوقع الاشتراء، فيلزمه لاصالة صحة البيع.

(و لا فرق) فى صحة البيع على كل حال (بين ان ينفذ) البيع (من مال الغير) فيما لو اجاز عمرو (أولا) بل من مال نفس الفضول.

(و قال ابو حنيفة: يقع) البيع (عن المباشر) الفضول، على كل حال سواء اجاز عمرو، أم لا؟ (و هو جديد للشافعىّ انتهى) كلام العلامة.

(و ظاهره الاتفاق على وقوع الشراء مع الرد للمشترى واقعا) اى فى

ص: 146

كما يشعر به تعليله بقوله: لانه، تصرف فى ذمته، لا فى مال الغير.

لكن اشرنا سابقا اجمالا، الى ان تطبيق هذا على القواعد مشكل، لانه: ان جعل المال فى ذمته بالاصالة فيكون ما فى ذمته كعين ماله، فيكون، كما لو باع عين ماله لغيره.

______________________________

حال رد من: اشترى الفضول له، فان قوله: قال علمائنا، ظاهره انه مربوط بكلا الشقين، شق اجازة المشترى له، و شق عدم اجازته الّذي ذكر بانه يكون حينئذ لنفس الفضول (كما يشعر به) اى بكونه يقع للمشترى واقعا (تعليله) اى تعليل العلامة للحكم المذكور (بقوله: لانه) اى الاشتراء (تصرف فى ذمته) اى ذمة نفس الفضول (لا فى مال الغير) فاذا لم يقبل الغير، يكون بيعا لنفس الفضول.

(لكن اشرنا سابقا) اشارة (اجمالا، الى ان تطبيق هذا) اى تصحيح المعاملة لنفس الفضول، فيما لو رد المالك- الّذي قصده الفضول- (على القواعد مشكل، لانه: ان جعل المال فى ذمته) اى ذمة الطرف (بالاصالة) فانه يشترى ثوب زيد بدينار فى ذمة عمرو (فيكون ما فى ذمته) كالدينار (كعين ماله) كما لو: اشترى ثوب زيد بدينار خارجى لعمرو مثلا (فيكون كما لو باع عين ما له) اى مال الغير (لغيره) كما لو: باع ثوب بكر- فضولة- لهند.

فكما انه لو لم يجز صاحب الثوب، تكون المعاملة باطلة.

كذلك لو لم يجز صاحب الدينار- الّذي كان الدينار له عينا او ذمة- لزم بطلان البيع، لا صحة البيع لنفس الفضول- كما ظهر من كلام العلامة ره-

ص: 147

و الا وفق بالقواعد فى مثل هذا، اما البطلان لو عمل بالنية بناء على انه لا يعقل فى المعاوضة دخول عوض مال الغير فى ملك غيره قهرا.

و اما: صحته و وقوعه لنفسه لو الغى النية، بناء على انصراف المعاملة الى مالك العين قهرا، و ان نوى خلافه و ان جعل المال فى ذمته لا من حيث الاصالة

______________________________

(و الا وفق بالقواعد فى مثل هذا) الفرع، و هو: ما اشترى ثوب زيد بدينار فى ذمة عمرو (اما البطلان) للبيع، فيما اذا رد صاحب الذمة كعمرو فى المثال (لو عمل)- بصيغة المجهول- (بالنية) اى بما نواه الفضول من ان الثوب لنفسه، فى مقابل دينار يخرج من كيس عمرو- ذمة- (بناء على انه لا يعقل فى المعاوضة دخول عوض مال الغير) كالثوب الّذي هو عوض مال عمرو (فى ملك غيره) كان يدخل الثوب فى ملك الفضول (قهرا) اى دخولا قهريا.

(و اما: صحته) اى البيع (و وقوعه لنفسه) اى نفس الفضول (لو الغى النية) التى نواها الفضول، من: ان الثمن يكون من كيس عمرو.

و انما تلغى النية (بناء على انصراف المعاملة، الى مالك العين قهرا) فالفضول الّذي ملك الثوب يخرج الثمن من كيسه قهرا، و لا تصح نيته من ان الثمن يكون من كيس غيره كعمرو فى المثال، (و ان نوى خلافه) ان وصيلة.

و على هذا: فلا مورد لقوله: ان اجاز لزمه، و ان رد لزم الفضول (و ان جعل) الفضول (المال) الثمن (فى ذمته) كذمة عمرو- فى المثال- (لا من حيث الاصالة) بان لم يقصد خروج الثمن من ذمة عمرو

ص: 148

بل من حيث جعل نفسه نائبا عن الغير فضولا.

ففيه:- مع الاشكال فى صحة هذا- لو لم يرجع الى الشراء فى ذمة الغير ان اللازم من هذا: ان الغير اذا رد هذه المعاملة، و هذه النيابة تقع فاسدة من اصلها، لا انها تقع للمباشر.

نعم: اذا عجز المباشر من اثبات ذلك على البائع لزمه ذلك، فى ظاهر الشريعة كما ذكرنا سابقا و نص عليه جماعة فى باب التوكيل.

______________________________

بما هو عمرو (بل من حيث جعل) الفضول (نفسه نائبا عن الغير) نيابة (فضولا) فهو: يشترى الثوب بدينار فى ذمة عمرو، بما انه كعمرو و نائب عنه.

(ففيه:- مع الاشكال فى صحة هذا-) الجعل، اذ: بمجرد الجعل الّذي ليس له امضاء مالكى، و لا شرعى (لو لم يرجع) هذا الجعل (الى الشراء فى ذمة الغير) الّذي ذكرنا أولا بقولنا: ان جعل المال فى ذمته بالاصالة (ان اللازم من هذا: ان الغير اذا ردّ هذه المعاملة، و هذه النيابة) التى جعل الفضول نفسه قائما مقام ذلك الغير (تقع) المعاملة (فاسدة من اصلها لا انها تقع للمباشر) فقوله: ان رد تقع للمباشر لا وجه له.

(نعم: اذا عجز المباشر) الفضول (من اثبات ذلك) اى اثبات انه اجرى المعاملة فضولة (على البائع) متعلق ب: اثبات (لزمه) اى المباشر (ذلك) كون المعاملة لنفسه (فى ظاهر الشريعة) لاصالة صحة المعاملة (كما ذكرنا) ذلك (سابقا، و نص عليه جماعة فى باب التوكيل) و انه ان انكر الموكل انه وكل الوكيل فى المعاملة الفلانية، و لم

ص: 149

و كيف كان فوقوع المعاملة فى الواقع، مرددة بين المباشر و المنوى، دون التزامه خرط القتاد.

و يمكن تنزيل العبارة على الوقوع للمباشر ظاهرا لكنه بعيد.

الثانى الظاهر انه: لا فرق فيما ذكرنا من اقسام بيع الفضولى، بين البيع العقدى، و المعاطاة،

بناء على افادتها للملك اذ: لا فارق بينها و بين العقد.

______________________________

يعلم طرف المعاملة بان الوكيل اجرى المعاملة وكالة وقعت المعاملة فى ظاهر الشرع.

(و كيف كان ف) ما ذكره العلامة، و نسبه الى علمائنا من (وقوع المعاملة فى الواقع، مردّدة بين المباشر و المنوى) لاجله (دون التزامه خرط القتاد) اذ لا وجه له كما عرفت.

(و يمكن تنزيل العبارة) للعلامة: فان اجاز صح و لزمه اداء الثمن الخ (على الوقوع للمباشر) اذا رد الطرف (ظاهرا) لا واقعا (لكنه بعيد) اذ: ظاهر العبارة الوقوع للمباشر واقعا.

(الثانى: الظاهر) من الادلة السابقة (انه: لا فرق فيما ذكرنا من اقسام بيع الفضولى، بين البيع العقدى) بان يعقد الفضول عقدا لفظيّا (و المعاطاة) كان يعطى الفضول دينار زيد لعمرو، فيأخذ ثوبا من عمرو، فى مقابل الدينار (بناء على افادتها) اى المعاطاة (للملك) لا للاباحة اذ لو قلنا بافادتها للاباحة، كانت خارجه عن المبحث.

و انما قلنا: لا فرق (اذ: لا فارق بينها) اى المعاطاة (و بين العقد) فى

ص: 150

فان التقابض بين الفضوليين، او فضولى و اصيل، اذا وقع بنية التمليك و التملك، فاجازه المالك، فلا مانع من وقوع المجاز من حينه او من حين الاجازة.

فعموم مثل قوله تعالى: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، شامل له.

و يؤيده: رواية عروة البارقى حيث: ان الظاهر وقوع المعاملة بالمعاطاة، و توهم الاشكال فيه، من حيث: ان الاقباض الّذي يحصل به التمليك محرم، لكونه تصرفا فى مال الغير، فلا يترتب عليه اثر، فى غير محله اذ: قد لا يحتاج الى اقباض مال الغير، كما لو اشترى الفضولى لغيره فى الذمة

______________________________

شمول الادلة لهما (فان التقابض بين الفضوليين، او فضولى و اصيل، اذا وقع بنيه التمليك و التملك) اى المعاملة (فاجازه المالك) الاصيل (فلا مانع من وقوع المجاز من حينه) اى حين التقابض- على القول بالكشف- (او من حين الاجازة) على القول بالنقل.

(فعموم مثل قوله تعالى: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ) و: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ، و:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و ما: اشبهها (شامل له) اى للفضولى المعاطاتى.

(و يؤيده) اى صحة الفضولى المعاطاتى (رواية عروة البارقى حيث:

ان الظاهر) من الرواية (وقوع المعاملة بالمعاطاة، و توهم الاشكال فيه) اى فى الفضولى من المعاطاة (من حيث ان الاقباض الّذي يحصل به التمليك) فى باب المعاطاة (محرم، لكونه تصرفا فى مال الغير) بغير اذنه (فلا يترتب عليه) اى على هذا الاقباض المحرم (اثر) فلا معاطاة اصلا (فى غير محله، اذ: قد لا يحتاج) التعامل المعاطاتى (الى اقباض مال الغير، كما لو اشترى الفضولى لغيره فى الذمة) فمثلا، زيد

ص: 151

مع انه قد يقع الاقباض، مقرونا برضى المالك، بناء على ظاهر كلامهم من: ان العلم بالرضا لا يخرج المعاملة، عن معاملة الفضولى.

مع ان النهى، لا يدل على الفساد.

مع انه لو دل لدل على عدم ترتب الأثر المقصود، و هو: استقلال الاقباض فى السببية، فلا ينافى كونه جزء سبب.

و ربما يستدل على ذلك: بان المعاطاة منوطة بالتراضى، و قصد

______________________________

الفضول يشترى من عمرو ثوبا بدينار فى ذمة خالد و يقبض الثوب، فانه يحصل المعاطاة لتحقق احد طرفى القبض، و هو كاف فى تحقق المعاطاة.

(مع انه قد يقع الاقباض، مقرونا برضى المالك) فلا يكون محرما (بناء على ظاهر كلامهم، من: ان العلم بالرضا) اى برضا المالك (لا يخرج المعاملة عن معاملة الفضولى) بل المعاملة فضولية، و ان كان المالك راضيا بها، ما لم يأذن بها.

(مع ان النهى) عن التصرف فى مال الغير، لا يوجب الا الحرمة التكليفية فانه (لا يدل على الفساد) كما حقق فى الاصول.

(مع انه) اى النهى (لو دل) على الفساد (لدل على عدم ترتب الأثر المقصود) على التقابض (و هو: استقلال الاقباض فى السببية) لتحقق المعاطاة التى ان لحقتها الاجازة كانت بيعا تاما (فلا ينافى) عدم تحقق الاستقلال (كونه جزء سبب) فان نفى الكل لا يدل على نفى الجزء.

(و ربما يستدل على ذلك) اى بطلان المعاطاة الفضولى (بان المعاطاة منوطة بالتراضى، و قصد

ص: 152

الاباحة، او التمليك، و هما: من وظائف المالك، و لا يتصور صدورهما من غيره.

و لذا ذكر الشهيد الثانى: ان المكره، و الفضولى قاصدان للفظ دون المدلول، و ذكر ان قصد المدلول، لا يتحقق من غير المالك.

و مشروطة أيضا بالقبض و الاقباض من الطرفين، او من احدهما مقارنا للامرين، و لا اثر له الا اذا صدر من المالك، او باذنه.

______________________________

الاباحة، او التمليك) اذ بدونهما لا معاطاة (و هما: من وظائف المالك) فان: من ملك شيئا، ملك تمليكه، و اباحته (و لا يتصور صدورهما من غيره) اذ: لا معنى لان يبيح غير المالك، او يملك مالا ليس له.

(و لذا) الّذي لا يعقل التمليك، و الاباحة من غير المالك (ذكر الشهيد الثانى: ان المكره، و الفضولى قاصدان للفظ، دون المدلول و ذكر ان قصد المدلول) و هو: التمليك، و الاباحة (لا يتحقق من غير المالك) المختار، فان المكره لا يبيع، و لا يملك، و الفضولى ليس بيده التمليك، و الاباحة.

(و مشروطة) عطف على: منوطة، فهو وجه آخر للبطلان (أيضا بالقبض و الاقباض من الطرفين، او من احدهما) فى حال كونهما (مقارنا للامرين) الاباحة، او التمليك (و لا اثر له) اى للقبض، و الاقباض (الا اذا صدر من المالك، او باذنه) و الا كان لغوا.

و الحاصل: ان المعاطاة تحتاج الى الرضا المالكى و القبض المقارن للرضا، و كلاهما مفقود ان فى المقام.

ص: 153

و فيه ان اعتبار القبض و الاقباض فى المعاطاة عند من اعتبره فيها انما هو لحصول إنشاء التمليك، او الاباحة، فهو عندهم من الاسباب الفعلية، كما صرح الشهيد فى قواعده، و المعاطاة عندهم عقد فعلى.

و لذا ذكر بعض الحنفية القائلين بلزومها: ان البيع ينعقد بالايجاب و القبول، و بالتعاطى.

______________________________

اذ: الفضول لا رضا للمالك عند معاطاته، و قبضه ليس مقارنا للرضا.

و قد اجاب المصنف عن الاشكال الثانى أولا بقوله.

(و فيه ان اعتبار القبض و الاقباض فى المعاطاة عند من اعتبره فيها) فى مقابل من لم يعتبر، و انما اكتفى باحد الامرين، كالنسيئة و السلف (انما هو لحصول إنشاء التمليك، او الاباحة).

فكما إنشاء التمليك، يحصل بعقد الفضولى.

كذلك يحصل بفعله، فقبض الفضول كعقده فى كونه كاشفا عن المعاملة فحال القبض حال العقد فى انه اذا لحقه الرضا صحّ، و الّا بطل.

و لا وجه لتصحيح الايجاب اللفظى من الفضولى، و عدم تصحيح الايجاب الفعلى منه (فهو) اى القبض و الاقباض (عندهم) فى باب المعاطاة (من الاسباب الفعليّة، كما صرح الشهيد فى قواعده، و المعاطاة عندهم عقد فعلى).

(و لذا) الّذي هو عقد فعلى (ذكر بعض الحنفية القائلين بلزومها:

ان البيع ينعقد بالايجاب و القبول) تارة (و بالتعاطى) تارة اخرى.

ص: 154

و حينئذ فلا مانع: من ان يقصد الفضولى باقباضه المعنى القائم بنفسه المقصود من قوله: ملكتك.

و اعتبار مقارنة الرضا، من المالك، للانشاء الفعلى، دون القولى مع اتحاد ادلة اعتبار الرضا، و طيب النفس فى حلّ مال الغير- لا يخلو عن تحكم.

و ما ذكره الشهيد الثانى، لا يجدى فيما نحن فيه.

______________________________

(و حينئذ) اى حين كانت المعاطاة عقدا فعليا (فلا مانع: من ان يقصد الفضولى باقباضه المعنى القائم بنفسه المقصود من قوله: ملكتك) فى ما لو اجرى العقد اللفظى.

(و اعتبار مقارنة الرضا، من المالك، للانشاء الفعلى) الّذي هو القبض فى المعاطاة (دون القولى) الّذي هو اجراء الايجاب و القبول (- مع اتحاد ادلة اعتبار الرضا، و) ادلة (طيب النفس) فى مطلق التعامل، قوليا كان أو فعليا (فى حل مال الغير-) مثل: لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه، و: الا ان تكون تجارة عن تراض منكم (لا يخلو عن تحكم) خبر: و اعتبار.

اى فكما لا تقولون فى الانشاء القولى- فى باب الفضولى-: باعتبار مقارنته لرضا المالك.

كذلك: لا تقولوا فى الانشاء الفعلى: باعتبار مقارنته بالرضا.

(و ما ذكره) المستشكل، و هو (الشهيد الثانى) من: ان الفضولى لا قصد له بالمدلول (لا يجدى فيما نحن فيه) الّذي هو الانشاء الفعلى.

ص: 155

لانا لا نعتبر فى فعل الفضولى ازيد من القصد الموجود فى قوله لعدم الدليل.

و لو ثبت لثبت منه اعتبار المقارنة فى العقد القولى أيضا.

الا ان يقال: ان مقتضى الدليل، ذلك، خرج عنه بالدليل، معاملة الفضولى، اذا وقعت بالقول.

______________________________

(لانا) القائلين بصحة عقد الفضولى القولى (لا نعتبر فى فعل الفضولى) اى القبض و الاقباض المعاطاتى (ازيد من القصد الموجود فى قوله) فيما لو اجرى العقد اللفظى (لعدم الدليل) على لزوم الازيد فى باب الفعل.

(و لو ثبت) اعتبار الازيد من اصل القصد، فى باب الفعل (لثبت منه) اى للازيد من القصد (اعتبار المقارنة فى العقد الفضولى أيضا).

لكن حيث لا نقول: باعتبار الازيد فى القولى، لزم ان لا نقول: بالازيد فى العقد اللفظى.

(الا ان يقال) فى وجه الفرق بين اللفظى الّذي لا نقول: باعتبار ازيد من القصد الى التمليك، و بين الفعلى الّذي نقول: باحتياجه الى قصد التمليك المقارن لرضا المالك (ان مقتضى الدليل، ذلك) اى الاحتياج الى مقارنة العقد- فعلا او قولا- الى الرضا (خرج عنه) اى عن الدليل (بالدليل) الآخر الّذي دل على صحة عقد الفضولى (معاملة الفضولى، اذا وقعت بالقول) و بقيت معاملة الفضولى الواقعة بالفعل و المعاطاة، باقية تحت الدليل الدال على الاحتياج الى الرضا.

ص: 156

لكنك قد عرفت: ان عقد الفضولى ليس على خلاف القاعدة.

نعم: لو قلنا: ان المعاطاة لا يعتبر فيها قبض، و لو اتفق معها بل السبب المستقل هو تراضى المالكين بملكية كل منهما لمال صاحبه، مطلقا

______________________________

(لكنك قد عرفت:) فى اوّل مبحث الفضولى (ان عقد الفضولى ليس على خلاف القاعدة) بل هو على وفق القاعدة، فاذا: لا يحتاج الى اكثر من القصد- اى لا يحتاج الى مقارنة الرضا- فكذلك عقد الفضول الفعلى اى معاطاته.

هذا كله جواب المصنف ره عن الاشكال الثانى لصاحب المقابيس الّذي ذكره بقوله: و مشروطة الى آخره.

اما الاشكال الاول الّذي ذكره بقوله: منوطة بالتراضى، فقد اجاب عنه المصنف ره بقوله:

(نعم) و حاصله تسليم الاشكال- و انه لا معاطاة- على تقدير القول بان مقوم المعاطاة التراضي من المالكين.

لكن المصنف لا يقول: بان مقوم المعاطاة التى تصدر من الفضول التراضي من المالكين.

بل يرى مقومها القبض و الاقباض فقط.

فعليه: (لو قلنا: ان المعاطاة لا يعتبر فيها قبض، و لو اتفق معها) القبض، فانما هو: امر خارج عنها (بل السبب المستقل) للنقل و الانتقال (هو تراضى المالكين بملكية كل منهما لمال صاحبه، مطلقا) و لو لم يصل احد المالين الى المالك الجديد

ص: 157

او مع وصولهما او وصول احدهما.

لم يعقل وقوعها من الفضولى.

نعم: الواقع منه ايصال المال، و المفروض انه: لا مدخل له فى المعاملة، فاذا رضى المالك بمالكية من وصل إليه المال، تحققت المعاطاة من حين الرضا، و لم يكن اجازة لمعاطاة سابقة.

______________________________

(او مع وصولهما) الى مالكهما الجديد (او وصول احدهما) كالنسيئة، و السلف.

(لم يعقل) جواب: نعم (وقوعها) اى المعاطاة (من الفضولى) لان المفروض انتفاء الرضا.

(نعم: الواقع منه) اى من الفضول (ايصال المال) الى الطرف فقط (و المفروض انه: لا مدخل له فى المعاملة) المعاطاتية.

فما كان لا مدخلية له فى المعاطاة و ما له مدخل فيها- اى الرضا- لم يكن، فلا معاطاة.

و يتحقق اشكال صاحب المقابيس على المعاطاة الفضولى حينئذ.

و عليه: فلو اعطى الفضول، و اخذ- و قلنا: ان مقوم المعاطاة الرضا- (فاذا رضى المالك بمالكية من وصل إليه المال) مثلا اعطى زيد الفضول، ثوب عمرو لخالد، ثم رضى عمرو (تحققت المعاطاة من حين الرضا) لحصول المقوم للمعاطاة فى هذا الحين (و لم يكن) رضا المالك (اجازة لمعاطاة سابقة) تحققت حال القبض و الاقباض من الفضول.

ص: 158

لكن الانصاف: ان هذا المعنى غير مقصود للعلماء فى عنوان المعاطاة.

و انما قصدهم الى العقد الفعلى.

هذا كله، على القول بالملك، و اما على القول بالإباحة، فيمكن القول: ببطلان الفضولى، لان افادة المعاملة المقصود بها الملك للاباحة خلاف القاعدة، فيقتصر فيها على صورة تعاطى المالكين.

مع ان حصول الاباحة، قبل الاجازة غير ممكن.

______________________________

(لكن الانصاف: ان هذا المعنى) اى تحقق المعاطاة حال الرضا، لا حال القبض و الاقباض (غير مقصود للعلماء فى عنوان المعاطاة) الفضولية (و انما قصدهم) بالمعاطاة الفضولى (الى العقد الفعلى) و هو: حال القبض و الاقباض.

و منه يتبين ان الفعل لديهم، مثل القول- فى باب الفضولى- ان لحقهما الرضا فهو، و الا فلا.

(هذا كله) الكلام حول المعاطاة الفضولية (على القول ب) افادة المعاطاة (الملك، و اما على القول ب) افادتها (الاباحة، فيمكن القول ببطلان) المعاطاة (الفضولى، لان افادة المعاملة المقصود بها الملك للاباحة خلاف القاعدة) اذ: وقوع الشي ء على خلاف قصد المالك، يحتاج الى دليل قطعى (فيقتصر فيها) اى فى المعاطاة (على صورة تعاطى المالكين) فقط.

(مع ان حصول الاباحة، قبل الاجازة غير ممكن).

لانه اما إباحة مالكية، و المفروض انتفائه.

ص: 159

و الآثار الاخر مثل: بيع المال على القول بجواز مثل هذا التصرف اذا وقعت فى غير زمان الاباحة الفعلية، لم تؤثر اثرا، فاذا اجاز حدث الاباحة من حين الاجازة.

اللهم الا ان يقال: بكفاية وقوعها مع الاباحة الواقعية اذا كشف عنها الاجازة فافهم.

______________________________

و اما إباحة شرعية و لا دليل على ذلك من الكتاب و السنة.

(و الآثار الاخر) المترتبة على الاباحة، فيما لو رتبها المنتقل إليه المال، انتقالا فضوليا، قبل إباحة المالك و رضاه، كما لو باع المشترى عن الفضول- معاطاة- المال المنتقل إليه، قبل ان يبيح المالك (مثل: بيع المال) قبل الاجازة من المالك (على القول بجواز مثل هذا التصرف، اذا وقعت) تلك الآثار (فى غير زمان الاباحة الفعلية) بان وقعت تلك الآثار بعد المعاطاة الفضولية، و قبل اجازة المالك (لم تؤثر اثرا، فاذا اجاز) المالك (حدث الاباحة من حين الاجازة).

(اللهم الا ان يقال: بكفاية وقوعها) اى تلك الآثار (مع) حصول (الاباحة الواقعية) متأخرا.

فيكون الحال هنا: كالحال فى العقد الفضولى، حيث ان الآثار تترتب، اذا لحقت الاجازة بالعقد ف (اذا كشف عنها) اى عن الاباحة (الاجازة) اللاحقة، كانت مؤثرة فى الآثار السابقة (فافهم) اذ: الاباحة كالملكية، فان قلنا بحصول الملك بالمعاطاة الفضولى، اذا اجاز المالك، لزم ان نقول بذلك فى الاباحة، و اذا لم نقل بذلك فى الاباحة لزم ان

ص: 160

القول في الإجازة و الردّ.
اما الكلام فى الإجازة،
اشارة

فيقع تارة فى حكمها و شروطها، و اخرى فى المجيز، و ثالثة فى المجاز.

اما حكمها:
[هل الإجازة كاشفة أم ناقلة]

فقد اختلف القائلون بصحة الفضولى- بعد اتفاقهم على توقفها على الاجازة- فى كونها كاشفة، بمعنى انه يحكم بعد الاجازة بحصول آثار العقد من حين وقوعه حتى كأن الاجازة وقعت مقارنة للعقد او ناقلة: بمعنى ترتب آثار العقد من حينها حتى كان

______________________________

لا نقول به فى الملك أيضا، فالتفكيك بينهما لا وجه له.

(القول فى الاجازة و الرد) من المالك لما فعله الفضولى.

(اما الكلام فى الاجازة، فيقع تارة فى حكمها) و انها كاشفة او ناقلة (و شروطها، و اخرى فى) المالك (المجيز، و ثالثة فى المجاز) اى العقد الّذي اجازه المالك.

(اما حكمها: فقد اختلف القائلون بصحة الفضولى- بعد اتفاقهم على توقفها) اى الصحة (على الاجازة- فى كونها) اى الاجازة (كاشفه، بمعنى انه يحكم) شرعا (بعد الاجازة بحصول آثار العقد من حين وقوعه) اى وقوع العقد، مثلا: باع زيد الفضول دار محمد، لعمرو بالف دينار فى يوم الخميس و رهن عمرو الدار يوم الجمعة، و اجاز محمد يوم السبت.

فان قلنا: بكشف الاجازة كانت الاجازة بمنزلة الاذن فى يوم الخميس (حتى كأن الاجازة وقعت مقارنة للعقد، او) الاجازة (ناقلة: بمعنى ترتب آثار العقد من حينها) اى حين الاجازة فى يوم السبت- مثلا- (حتى كان

ص: 161

العقد وقع حال الاجازة، على قولين.

فالاكثر على الاول، و استدل عليه كما عن جامع المقاصد، و الروضة بان العقد، سبب تام فى الملك، لعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و تمامه فى الفضولى انما يعلم بالاجازة، فاذا اجاز، تبين كونه تاما، فوجب ترتب الملك عليه.

و إلا لزم ان لا يكون الوفاء بالعقد خاصة، بل به مع شي ء آخر

______________________________

العقد وقع حال الاجازة، على قولين) متعلق باختلف.

و سيأتى: ان الكشف على قسمين كشف حقيقى، و كشف حكمى، فالاحتمالات فى المسألة ثلاثة.

(فالاكثر على الاول) الكشف (و استدل عليه كما عن جامع المقاصد و الروضة بان العقد) الصادر من الفضول (سبب تام فى) حصول (الملك لعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) اذ: الظاهر منها الوفاء بالعقد بما هو عقد، بدون انتظار شي ء آخر، و هذا هو معنى كونه سببا تاما (و تمامه) اى العقد (فى الفضولى انما يعلم بالاجازة، فاذا اجاز) المالك (تبين كونه تاما، فوجب ترتب الملك عليه) من حينه.

(و الا) يكن الاثر مترتبا على العقد من حينه (لزم ان لا يكون الوفاء بالعقد خاصة، بل به) اى بالعقد (مع شي ء آخر).

و هذا خلاف ما فرضناه من ظهور الآية فى كون العقد هو السبب دون سواه.

و ان شئت قلت: العقد سبب تام، و: كلما تحقق السبب التام اثر

ص: 162

و بان الاجازة متعلقة بالعقد، فهى رضا بمضمونه، و ليس إلا نقل العوضين من حينه.

و عن فخر الدين فى الايضاح، الاحتجاج لهم، بانها لو لم تكن كاشفه، لزم تأثير المعدوم فى الموجود، لان العقد حالها عدم، انتهى.

و يرد على الوجه الاول: انه ان اريد بكون العقد سببا تاما، كونه علة تامة للنقل، اذا صدر عن رضى المالك، فهو مسلم، الا

______________________________

اثره (و بان الاجازة) المتأخرة (متعلقة بالعقد، فهى رضا بمضمونه) فان معنى: اجازة المالك، ان المالك، راض بما اوقعه الفضول (و ليس) المضمون (الا نقل العوضين من حينه) اى حين العقد، لا بعد الاجازة.

(و عن فخر الدين فى الايضاح، الاحتجاج لهم) اى للقائلين بالكشف بدليل ثالث (بانها) اى الاجازة (لو لم تكن كاشفة، لزم تأثير المعدوم) اى العقد (فى الموجود) اى الاثر الّذي نريد ان نرتبه على العقد- الآن- (لان العقد حالها) اى حال الاجازة (عدم، انتهى).

و حيث: ان المعدوم لا يعقل ان يؤثر فى الموجود، فاللازم ان نقول بان الاجازة كاشفة، حتى يكون العقد- حال وقوعه- مؤثرا فى الآثار لا حال الاجازة.

(و يرد على الوجه الاول) و هو ما ذكره بقوله: بان العقد سبب تام (انه ان اريد بكون العقد سببا تاما، كونه علة تامة للنقل، اذا صدر عن رضى المالك، فهو مسلم، الا) انه لم يتحقق هذا السبب التام- لفرض ان رضى المالك لم يقترن به-.

ص: 163

ان بالاجازة لا يعلم تمام ذلك السبب، و لا يتبين كونه تاما اذ: الاجازة لا تكشف عن مقارنة الرضا.

غاية الامر: ان لازم صحة عقد الفضولى، كونها قائمة مقام الرضاء المقارن، فيكون لها مدخل فى تمامية السبب كالرضاء المقارن فلا معنى:

لحصول الأثر قبلها.

و منه: يظهر فساد تقرير الدليل، بان العقد الواقع، جامع لجميع

______________________________

ف: (ان بالاجازة) اللاحقة (لا يعلم تمام ذلك السبب، و لا يتبين كونه) اى العقد (تاما) فى حين صدوره من الفضول (اذ: الاجازة لا تكشف عن مقارنة الرضا) للعقد، بل المفروض ان الرضا متأخر.

(غاية الامر: ان لازم صحة عقد الفضولى) التى نقول بها (كونها) اى الاجازة (قائمة مقام الرضاء المقارن، فيكون لها) اى للاجازة التى قامت مقام الرضا المقارن (مدخل فى تمامية السبب) الّذي هو العقد (كالرضاء المقارن) الّذي له مدخلية (فلا معنى: لحصول الأثر قبلها) اى قبل الاجازة التى قامت مقام الرضا المقارن.

و الحاصل: ان العقد و الرضا- معا- سبب، و حيث لا رضى قامت الاجازة مقامه.

فما لم يحصل قائم مقام الرضا، لا يكون العقد مؤثرا، لانه بعض السبب لا كل السبب.

(و منه) اى مما ذكرنا فى رد الوجه الاول (يظهر فساد تقرير الدليل، بان العقد الواقع) من الفضول (جامع لجميع

ص: 164

الشروط، و كلها حاصلة، الارضى المالك، فاذا حصل بالاجازة، عمل السبب عمله، فانه اذا اعترف: ان رضى المالك من جملة الشروط فكيف يكون كاشفا عن وجود المشروط قبله؟

و دعوى ان الشروط الشرعية، ليست كالعقلية، بل هى: بحسب ما يقتضيه جعل الشارع، فقد جعل الشارع: ما يشبه تقديم المسبب على السبب

______________________________

الشروط، و كلها حاصلة) كالعربية، و الماضوية، و تقديم الايجاب و غيرها (الارضى المالك، فاذا حصل) رضى المالك (بالاجازة) اللاحقة (عمل السبب) الّذي هو: العقد (عمله) الّذي هو الأثر، فالأثر يحصل من حين العقد، لا من حين الاجازة.

وجه الفساد: ما ذكره بقوله (فانه اذا اعترف: ان رضى المالك من جملة الشروط) كما قال: الارضى المالك (فكيف يكون) الاجازة (كاشفا عن وجود المشروط) الّذي هو: العقد التام الشروط (قبله) اى قبل الاجازة- و المراد بها الرضى-.

(و دعوى) انه لا منافاة بين تأخر الرضا، و تقدم السبب.

لان وجود الرضا فى الزمان المتأخر كاف فى حكم الشارع بوجود السبب التام، حين عقد الفضول، اذ الشرط ليس عقليا، و انما هو شرعى فللشارع اعتبار السبب تاما بشرط ان يأتى الرضى متأخرا، ف (ان الشروط الشرعية، ليست كالعقلية، بل هى) اى الشروط الشرعية (بحسب ما يقتضيه جعل الشارع) متقدما، او متأخرا، او مقارنا (فقد يجعل الشارع: ما يشبه تقديم المسبب على السبب

ص: 165

كغسل الجمعة يوم الخميس.

و اعطاء الفطرة قبل وقته، فضلا عن تقدم المشروط على الشرط كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصائمة،

و كغسل العشاءين، لصوم اليوم الماضى على القول به.

مدفوعة: بانه: لا فرق فيما فرض شرطا، او سببا، بين الشرعى، و غيره.

و تكثير الامثلة

______________________________

كغسل الجمعة يوم الخميس) فالسبب للغسل، و هو: دخول يوم الجمعة متأخر على المسبب الّذي هو الغسل.

(و اعطاء الفطرة قبل وقته) الّذي هو يوم العيد (فضلا عن تقدم المشروط على الشرط) الّذي هو اهون من تقديم المسبب على السبب (كغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصائمة) فان الصوم مشروط بالغسل، و مع ذلك تقدم المشروط الّذي هو الصوم على الشرط الّذي هو الغسل.

(و كغسل العشاءين، لصوم اليوم الماضى) فان المشروط، و هو الصوم تقدم على الشرط الّذي هو الغسل (على القول به) خلافا للمشهور الذين لا يقولون باشتراط الصوم بغسل العشاءين.

(مدفوعة) خبر: دعوى (بانه: لا فرق فيما فرض شرطا، او سببا بين الشرعى، و غيره) كالعقلى.

(و تكثير الامثلة) التى توهم وقوع المشروط، و المسبب قبل الشرط و

ص: 166

لا يوجب وقوع المحال العقلى.

فهى كدعوى: ان التناقض الشرعى بين الشيئين، لا يمنع عن اجتماعهما، لان النقيض الشرعى، غير العقلى.

فجميع ما ورد مما يوهم ذلك انه لا بد فيه من: التزام ان المتأخر ليس سببا، او شرطا، بل: السبب و الشرط، الامر المنتزع من ذلك.

لكن ذلك لا يمكن، فيما نحن فيه، بان يقال: ان الشرط تعقب

______________________________

السبب (لا يوجب وقوع المحال العقلى) الّذي هو: عبارة عن ان المعلول لا يمكن ان يتقدم على العلة، او اجزاء العلة.

(فهى) اى دعوى تقدم المشروط، و المسبب على السبب و الشرط شرعا- (كدعوى: ان التناقض الشرعى بين الشيئين، لا يمنع عن اجتماعهما، ل) حجة (ان النقيض الشرعى، غير) النقيض (العقلى) و لو امكن هذا، لامكن ان يقال: بجواز تقدم المسبب و المشروط، على السبب و الشرط.

(فجميع ما ورد مما يوهم ذلك) الامكان شرعا، لما هو محال عقلا (انه:

لا بد فيه من: التزام ان المتأخر ليس سببا، او شرطا) حقيقة (بل: السبب و الشرط، الامر المنتزع من ذلك) المتأخر، فسبب الغسل عنوان لحوق يوم الجمعة، و شرط الصوم عنوان لحوق الغسل- مثلا-.

(لكن ذلك) الامر المنتزع (لا يمكن، فيما نحن فيه) اى البيع الفضولى الملحوق بالاجازة (بان يقال: ان الشرط) لتأثير عقد الفضولى- فى حين العقد- (تعقب

ص: 167

الاجازة و لحوقها بالعقد، و هذا امر مقارن للعقد، على تقدير الاجازة لمخالفته الادلة.

اللهم الا ان يكون: مراده بالشرط، ما يتوقف تاثير السبب المتقدم فى زمانه على لحوقه.

و هذا- مع انه لا يستحق اطلاق الشرط عليه- غير صادق على الرضا، لان المستفاد من العقل، و

______________________________

الاجازة و لحوقها بالعقد).

(و هذا) اى وصف التعقب و اللحوق (امر مقارن للعقد).

لانه يقال: عقد متصف بانه متعقب بالاجازة (على تقدير الاجازة) اى على تقدير: ان يجيز المالك واقعا، اذ: العقد- حينئذ- يتصف بهذا الوصف.

و انما نقول: بان ذلك لا يمكن (لمخالفته الادلة) اذ: المستفاد من: الادلة، اعتبار الرضا على نحو الشرط المتقدم، اذ: هو الظاهر من قوله: تجارة عن تراض، و نحوه غيره.

(اللهم الا ان يكون: مراده بالشرط، ما يتوقف تأثير السبب المتقدم فى زمانه) متعلق ب: المتقدم (على لحوقه) اى لحوق هذا الشرط.

(و هذا- مع انه لا يستحق اطلاق الشرط عليه-) اذ: الشرط هو: الامر الخارج عن الشي ء الّذي له مدخلية فى تأثير الشي ء، مثل الوضوء بالنسبة الى الصلاة (غير صادق على الرضا) من المالك (لان المستفاد من العقل) الّذي يقبح التصرف فى مال الغير، بدون رضاه (و

ص: 168

النقل اعتبار رضى المالك، فى انتقال ماله، لانه: لا يحل لغيره بدون طيب النفس، و انه لا ينفع لحوقه فى حل تصرف الغير، و انقطاع سلطنة المالك.

و مما ذكرنا: يظهر ضعف ما احتمله فى المقام بعض الاعلام، بل التزم به غير واحد من المعاصرين، من ان معنى: شرطية الاجازة- مع كونها كاشفة- شرطية الوصف المنتزع منها، و هو: كونها لاحقة للعقد فى المستقبل، فالعلة التامة، العقد الملحوق بالاجازة، و هذه صفة مقارنة

______________________________

النقل) الّذي يقول: لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه (اعتبار رضى المالك فى انتقال ماله، لانه: لا يحل لغيره) التصرف فى ماله (بدون طيب النفس) من المالك (و انه لا ينفع لحوقه) اى الرضا (فى حل تصرف الغير و انقطاع سلطنة المالك).

و على هذا فالوجه الاول الّذي ذكر، لاجل كون الاجازة كاشفة، لا ناقلة، غير تام.

(و مما ذكرنا: يظهر ضعف ما احتمله فى المقام بعض الاعلام، بل التزم به غير واحد من المعاصرين، من ان معنى: شرطية الاجازة) فى تحقق البيع (- مع كونها كاشفة-) اى على تقدير كون الاجازة كاشفة (شرطية الوصف المنتزع منها) اى من الاجازة (و هو) اى الوصف المنتزع (كونها) اى الاجازة (لاحقة للعقد فى المستقبل، ف) ليست الاجازة فى الحقيقة، شرطا، بل (العلة التامة) للنقل و الانتقال: (العقد الملحوق بالاجازة، و هذه) اى صفة الملحوق (صفة مقارنة

ص: 169

للعقد، و إن كان نفس الاجازة متأخرة عنه.

و قد التزم بعضهم مما يتفرع على هذا: من انه اذا علم المشترى ان المالك للمبيع سيجيز العقد حل له التصرف فيه بمجرد العقد.

و فيه ما لا يخفى من المخالفة للادلة.

و يرد على الوجه الثانى أولا: ان الاجازة، و ان كانت رضى بمضمون العقد، الا ان مضمون العقد، ليس هو: النقل من حينه حتى يتعلق

______________________________

للعقد، و إن كان نفس الاجازة متأخرة عنه) اى عن العقد.

(و قد التزم بعضهم مما يتفرع على هذا) الّذي ذكر، من ان الشرط وصف الملحوقية، لا الاجازة بذاتها (من انه اذا علم المشترى ان المالك للمبيع سيجيز العقد) فى المستقبل (حل له التصرف فيه) اى فى المبيع (بمجرد العقد) و العلم انما هو لمقام الاثبات، اما مقام الثبوت، فحلّ التصرف متوقف على الاجازة واقعا سواء علم، أم لا؟

(و فيه: ما لا يخفى من المخالفة للادلة) اذ: ظاهر الادلة، ان جواز التصرف يتوقف على الرضا الفعلى، لا الرضا الاستقبالى، فالشرط ذات الرضا، لا وصف اللحوق- كما ذكره هؤلاء-

(و يرد على الوجه الثانى) الّذي استدل به، لكون الاجازة كاشفة و هو ما ذكره بقوله: و بان الاجازة متعلقة بالعقد الى آخره- (أولا ان الاجازة، و ان كانت رضى بمضمون العقد، الا ان مضمون العقد، ليس هو: النقل، من حينه) اى حين العقد (حتى يتعلق

ص: 170

الاجازة، و الرضا بذلك النقل، المقيد بكونه فى ذلك الحال، بل هو:

نفس النقل مجردا عن ملاحظة وقوعه فى زمان، و انما الزمان من ضروريات انشائه، فان قول العاقد: بعت، ليس نقلت من هذا الحين.

و ان كان النقل المنشئ به واقعا فى ذلك الحين، فالزمان ظرف للنقل، لا قيد له.

فكما ان إنشاء مجرد النقل الّذي هو مضمون العقد فى زمان يوجب وقوعه من المنشئ فى ذلك الزمان، فكذلك اجازة ذلك النقل، فى زمان

______________________________

الاجازة، و الرضا) المكشوف بالاجازة (بذلك النقل المقيد بكونه فى ذلك الحال) اى حال العقد (بل هو) اى مضمون العقد (نفس النقل مجردا عن ملاحظة وقوعه فى زمان) فان معنى: بعت، نقلت المال أليك، و ليس فيه ان هذا النقل فى هذا الزمان (و انما الزمان من ضروريات انشائه) اى إنشاء النقل، كما ان العقد لا بد و ان يقع فى مكان، لكن ليس المكان من الامور المرتبطة بالعقد (فان قول العاقد: بعت، ليس) معناه (نقلت من هذا الحين) و لا نقلت فى هذا المكان.

(و ان كان النقل المنشئ به) اى ب: بعت (واقعا فى ذلك الحين) كما هو واقع فى ذلك المكان (فالزمان ظرف للنقل، لا قيد له) فليس مضمون العقد، النقل من حينه، حتى تكون الاجازة كاشفة عن صحة النقل من حين البيع.

(فكما ان إنشاء مجرد النقل الّذي هو مضمون العقد فى زمان) «فى» متعلق ب: إنشاء، (يوجب وقوعه من المنشئ)- بصيغة الفاعل- (فى ذلك الزمان فكذلك اجازة) المالك (ذلك النقل، فى زمان) آخر

ص: 171

يوجب وقوعه من المجيز فى زمان الاجازة.

و كما ان الشارع، اذا امضى نفس العقد، وقع النقل من زمانه، فكذلك اذا امضى اجازة المالك، وقع النقل من زمان الاجازة.

و لاجل ما ذكرنا: لم يكن مقتضى القبول وقوع الملك من زمان الايجاب، مع انه ليس، الا رضى بمضمون الايجاب.

______________________________

(يوجب وقوعه من المجيز فى زمان الاجازة) فمفعول الاجازة، و هو:

جواز التصرف، انما يكون بعد الاجازة.

(و كما ان الشارع، اذا امضى نفس العقد، وقع النقل من زمانه، فكذلك اذا امضى اجازة المالك، وقع النقل من زمان الاجازة).

فالاجازة ناقلة، و ليست بكاشفة.

(و لاجل ما ذكرنا) من ان الزمان ليس داخلا فى مفهوم العقد، و انما هو: صرف النقل (لم يكن مقتضى القبول) اى قبول: بعت (وقوع الملك من زمان الايجاب، مع انه) اى القبول (ليس، الارضى بمضمون الايجاب) فلو قال المالك: فى الآن الاول: بعت، و قال المشترى فى الآن الثالث: قبلت، و كانت للمبيع ثمرة- كاللبن فى الحيوان- ففى الآن الثانى، لم تكن الثمرة للمشترى، بل للبائع، لان الآن الثانى لم يحصل فيه نقل، فان النقل متوقف على تمام الايجاب و القبول، و كذلك لم يجز فى الآن الثانى معاملة الرجل للمرأة- فى باب النكاح- معاملة المحارم، و لم تجب عليه النفقة، الى غيرها من الاحكام.

ص: 172

فلو كان مضمون الايجاب النقل من حينه، و كان القبول رضى بذلك كان معنى امضاء الشارع للعقد، الحكم بترتب الأثر، من حين الايجاب لان الموجب ينقل من حينه و القابل يتقبل ذلك: و يرضى به.

و دعوى ان العقد سبب للملك، فلا يتقدم عليه.

مدفوعة: بان سببيته للملك، ليست الا بمعنى امضاء الشارع لمقتضاه فاذا فرض مقتضاه مركبا من نقل فى زمان

______________________________

(فلو كان مضمون الايجاب النقل من حينه، و كان القبول رضى بذلك) اى النقل من حين الايجاب (كان معنى امضاء الشارع للعقد، الحكم بترتب الأثر) للنقل (من حين الايجاب، لان الموجب ينقل من حينه) اى حين الايجاب (و القابل يتقبل ذلك) النقل من حينه (و يرضى به) اى بالنقل من حينه.

فكما لا تقولون: بهذا النقل من حين الايجاب، كذلك يلزم ان لا تقولوا بالنقل: من حين العقد، فيما اذ الحقته الاجازة، بل كما ان النقل يتوقف على القبول كذلك يتوقف على الاجازة.

(و دعوى) الفرق بين: القبول، و بين: الاجازة، ب (ان العقد سبب للملك، فلا يتقدم) الملك (عليه) اى على العقد- بجميع اجزائه، التى منها القبول- بخلاف الاجازة، فليست حالها حال القبول، فمن الممكن تقدم الملك عليها، اذا كانت لاحقة فى الواقع.

(مدفوعة: بان سببيته) اى العقد (للملك، ليست الا بمعنى امضاء الشارع لمقتضاه) اى مقتضى العقد (فاذا فرض مقتضاه مركبا من نقل فى زمان

ص: 173

و رضى بذلك النقل كان مقتضى العقد، الملك بعد الايجاب.

و لاجل ما ذكرنا أيضا: لا يكون فسخ العقد الا انحلاله من زمانه لا من زمان العقد، فان الفسخ نظير الاجازة، و الرد لا يتعلق الا بمضمون العقد، و هو: النقل من حينه،

______________________________

و رضى بذلك النقل) من طرف المالك (كان مقتضى العقد، الملك بعد الايجاب).

فكما لا تقولوا: بهذا، بل تقولوا: بان الملك لا يتأتى الا بعد تمام اجزاء العلة- التى منها القبول- كذلك لا تقولوا: بان الاجازة كاشفة بل يلزم ان تقولوا بان الملك لا يتأتى الا بعد تمام اجزاء العلة التى منها الاجازة، فى باب عقد الفضول.

(و لاجل ما ذكرنا أيضا) من ان الرضا لا يلحق بالعقد من حين العقد و انما حين الرضا (لا يكون فسخ العقد) و هو أيضا لاحق بالعقد ذاته (الا انحلاله) اى العقد (من زمانه) اى زمان الفسخ، لا من حين العقد، فالنماء فى البين للمشترى- الّذي انتقل إليه المثمن- (لا من زمان العقد).

و حيث: ان الاجازة كالفسخ فى كون هذه ابراما، و ذلك نقضا، يلزم ان تكون مثله فى كون كل منهما من حين نفسه لا من حين العقد (فان الفسخ نظير الاجازة، و الرد لا يتعلق الا بمضمون العقد، و هو:

النقل من حينه).

و مع ذلك فالأثر، انما هو بعد الفسخ.

ص: 174

فلو كان زمان وقوع النقل مأخوذا فى العقد على وجه القيدية، لكان رده و حله، موجبا للحكم بعدم الآثار من حين العقد.

و السرّ فى جميع ذلك: ما ذكرنا من: عدم كون زمان النقل الا ظرفا.

فجميع ما يتعلق بالعقد من الامضاء، و الردّ، و الفسخ، انما يتعلق بنفس المضمون دون المقيد بذلك الزمان.

______________________________

و عليه: يلزم ان نقول: ان اثر الاجازة أيضا انما هو من حين الاجازة، لا من حين العقد (فلو كان زمان وقوع النقل مأخوذا فى العقد على وجه القيدية) يعنى ان النقل من حين العقد، لا ان الزمان ظرف للنقل (لكان رده و حله) بالفسخ (موجبا للحكم بعدم الآثار) للعقد (من حين العقد) لا من حين الفسخ.

فالقول: بان الفسخ يرد الآثار من حين الفسخ، كاشف على ان الزمان ليس قيدا للعقد، و انما هو ظرف، و ذلك يوجب ان نقول: ان الاجازة أيضا كذلك، لا تسبب الانعقاد من حين العقد- حتى ترتب الآثار من حين العقد- بل من حين الاجازة.

(و السرّ فى جميع ذلك) اى فى كون الاجازة و الفسخ يؤثر ان من حينهما، لا من حين العقد (ما ذكرنا من: عدم كون زمان النقل الا ظرفا) و ليس قيدا.

(فجميع ما يتعلق بالعقد من الامضاء، و الرد، و الفسخ، انما يتعلق بنفس المضمون) اى النقل (دون المقيد بذلك الزمان) حتى يوجب الفسخ فى وقت العقد، و الاجازة فى وقت العقد.

ص: 175

و الحاصل: انه لا اشكال فى حصول الاجازة بقول المالك: رضيت بكون مالى لزيد، بإزاء ماله، او: رضيت بانتقال مالى الى زيد و غير ذلك من الالفاظ التى لا تعرض فيها لانشاء الفضولى، فضلا عن زمانه كيف! و قد جعلوا تمكين الزوجة بالدخول عليها اجازة منها، و نحو ذلك،

______________________________

(و الحاصل) لبيان ان الاجازة لا توجب كون النقل من زمان العقد بل من زمان الاجازة (انه لا اشكال فى حصول الاجازة بقول المالك:

رضيت بكون مالى لزيد، بإزاء ماله، او: رضيت بانتقال مالى الى زيد) و ذلك بعد اجراء الفضول عقدا على مال المالك (و غير ذلك من الالفاظ التى لا تعرض فيها لانشاء الفضولى) اى لا يقول: بانه راض باجراء الفضولى للعقد (فضلا عن) التعرض ل (زمانه) اى زمان عقد الفضول، فالاجازة رضى، و الرضا انما هو من الآن و (كيف) تحتاج الاجازة الى ذكر العقد من الفضولى، و زمانه (و) الحال انهم (قد جعلوا تمكين الزوجة بالدخول عليها اجازة منها) فيما اجرى الفضول عقدا عليها، فلما علمت مكنت نفسها من الزوج، و لو اشترط التعرض لانشاء الفضول و زمانه، لم يكن التمكين اجازة.

فكون التمكين اجازة دال على ان الاجازة عبارة عن مجرد الرضا الحاصل بالقول او الفعل، فلا حاجة الى ما يدل على انفاذ العقد.

مع انه لو كان الزمان داخلا لزم الاتيان بما يدل على انفاذ العقد المقيد بالزمان (و نحو ذلك) من الافعال الدالة على الرضا.

ص: 176

و من المعلوم: ان الرضا يتعلق بنفس نتيجة العقد، من غير ملاحظة زمان نقل الفضولى.

و بتقرير آخر، ان: الاجازة من المالك قائمة مقام رضاه، و اذنه المقرون بانشاء الفضولى، او مقام نفس انشائه فلا يصير المالك بمنزلة العاقد، الا بعد الاجازة.

فهى اما شرط، او جزء سبب للملك.

______________________________

(و من المعلوم: ان الرضا) من المالك الّذي اظهره بقوله: رضيت او بعمل يدل على رضاه (يتعلق بنفس نتيجة العقد، من غير ملاحظة) فى الرضا ل (زمان نقل الفضولى) فالزمان ليس داخلا، فالقول بالكشف غير تام.

(و بتقرير آخر) لبيان ان الاجازة من حينها، لا انها تصحح الملك من حين العقد (ان: الاجازة من المالك قائمة مقام رضاه، و اذنه المقرون بانشاء الفضولى).

فكما انه اذا كان راضيا حين الانشاء، صح العقد و اثمر ثمره.

كذلك اذا اجاز بعد العقد (او مقام نفس انشائه) اى نفس إنشاء المالك للعقد (فلا يصير المالك بمنزلة العاقد. الا بعد الاجازة) اذ لو لا رضاه لا يرتبط العقد به (فهى) اى الاجازة (اما شرط، او جزء سبب للملك) اى ملك الطرف لمال المجيز.

و من المعلوم: انه ما لم يتحقق الشرط و اجزاء السبب، لم يتحقق المشروط و المسبب.

ص: 177

و بعبارة اخرى: المؤثر، هو: العقد المرضىّ به.

و المقيد، من حيث انه مقيد لا يوجد الا بعد القيد.

و لا يكفى فى التأثير، وجود ذات المقيد المجردة عن القيد.

و ثانيا: انا لو سلمنا: عدم كون الاجازة شرطا اصطلاحيا ليؤخذ فيه تقدمه على المشروط، و لا جزء سبب، و انما هى من المالك، محدثة للتأثير فى العقد السابق، و جاعلة له سببا تاما، حتى كانه

______________________________

(و بعبارة اخرى) لبيان ان الاجازة تؤثر الملك من حينها، لا من حين العقد (المؤثر هو: العقد المرضى به) من قبل المالك.

(و المقيد) اى العقد المرضى به (من حيث انه مقيد) لا من حيث ذات المقيد (لا يوجد الا بعد القيد) الّذي هو الرضا.

(و لا يكفى فى التأثير، وجود ذات المقيد المجردة عن القيد) فالعقد فى حينه لا اثر له، لانه مجرد عن القيد الّذي هو الرضا.

(و) أما (ثانيا) فى الجواب عن الدليل الثانى للقائل: بالكشف (فلأنا لو سلمنا: عدم كون الاجازة شرطا اصطلاحيا ليؤخذ فيه تقدمه على المشروط) حتى يقال: كيف تكون الاجازة شرطا؟- و الحال انها متأخرة عن العقد- مع العلم ان الشرط يجب ان يتقدم على المشروط، كالوضوء المتقدم على المشروط الّذي هو الصلاة (و لا جزء سبب) لان السبب العقد، و له جزء ان فقط، الايجاب و القبول (و انما) هذا بقية قوله:

سلمنا، اما رده فسيأتى فى قوله: لكن نقول (هى) اى الاجازة (من المالك محدثة للتأثير فى العقد السابق، و جاعلة له سببا تاما، حتى كانه) اى

ص: 178

وقع مؤثرا، فيتفرع عليه ان مجرد رضى المالك بنتيجة العقد، اعنى محض الملكية، من غير التفات الى وقوع عقد سابق ليست باجازة، لان معنى العقد، جعله جائزا، نافذا، ماضيا.

لكن نقول: لم يدل دليل على: امضاء الشارع، لاجازة المالك، على هذا الوجه، لان وجوب: الوفاء بالعقد، تكليف يتوجه الى العاقدين كوجوب الوفاء بالعهد، و النذر.

و من المعلوم: ان المالك لا يصير عاقدا او بمنزلته، الا بعد الاجازة

______________________________

العقد السابق (وقع) حين وقع (مؤثرا، فيتفرع عليه) اى على كون الاجازة محدثة للتأثير فى العقد السابق (ان مجرد رضى المالك بنتيجة العقد، اعنى محض الملكية، من غير التفات الى وقوع عقد سابق ليست باجازة)

اذ: اللازم فى الاجازة- على هذا- التوجه الى العقد السابق (لان معنى اجازة العقد، جعله جائزا، نافذا، ماضيا) ان سلمنا كل ذلك.

(لكن نقول) لابطال الكشف (لم يدل دليل على: امضاء الشارع لاجازة المالك، على هذا الوجه) بان تجعل الاجازة العقد من حينه نافذا ماضيا (لان وجوب: الوفاء بالعقد) المستفاد من قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (تكليف يتوجه الى العاقدين، كوجوب الوفاء بالعهد، و النذر) الّذي هو تكليف يتوجه الى العاهد، و الناذر.

(و من المعلوم: ان المالك لا يصير عاقدا او بمنزلته، الا بعد الاجازة) اى بعدها يكون العقد عقده، و هو عاقدا

ص: 179

فلا يجب الوفاء الا بعدها.

و من المعلوم: ان الملك الشرعى يتبع الحكم الشرعى، فما لم يجب الوفاء فلا ملك.

و مما ذكرنا: يعلم عدم صحة الاستدلال للكشف، بدليل: وجوب الوفاء بالعقود، بدعوى: ان الوفاء بالعقد، و العمل بمقتضاه، هو الالتزام بالنقل من حين العقد، و قس على ذلك ما لو كان دليل الملك

______________________________

(فلا يجب الوفاء) بهذا العقد (الا بعدها) اى بعد الاجازة.

(و من المعلوم: ان الملك الشرعى يتبع الحكم الشرعى) فاذا حكم الشارع، بانه ملك، كان ملكا شرعيا (فما لم يجب الوفاء) و هو قبل الاجازة (فلا ملك) و ان شئت قبل الاجازة لا ملك من قبل المالك، لانه لم يعقد، و لا ملك من قبل الشرع، لانه انما يقول بالملك اذا اوجب الوفاء و ايجابه للوفاء انما هو بعد الاجازة.

(و مما ذكرنا) من انه لا ملك شرعى قبل الاجازة (يعلم عدم صحة الاستدلال للكشف، بدليل: وجوب الوفاء بالعقود) المستفاد من قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

وجه الاستدلال (بدعوى: ان الوفاء بالعقد، و العمل بمقتضاه، هو الالتزام) من الشارع (بالنقل من حين العقد) وجه: يعلم، انه قبل الاجازة لم يحكم الشارع بانه ملك للمشترى، اذ ليس العقد عقد البائع (و قس على ذلك) اى على عدم شمول: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (ما لو كان دليل الملك

ص: 180

عموم: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، فان الملك ملزوم لحلية التصرف، فقبل الاجازة لا يحل التصرف، خصوصا اذا علم عدم رضى المالك باطنا، او تردّده فى الفسخ، و الامضاء.

و ثالثا: سلمنا: دلالة الدليل على امضاء الشارع لاجازة المالك على طبق مفهومها اللغوى و العرفى، اعنى جعل العقد السابق جائزا، ماضيا بتقريب ان يقال: ان معنى: الوفاء بالعقد، العمل بمقتضاه، و مؤداه العرفى، فاذا صار العقد بالاجازة كانه وقع مؤثرا ماضيا، كان

______________________________

عموم: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ) فانه لا يمكن ان يستدل به للملك قبل الاجازة (فان الملك ملزوم لحلية التصرف) اذ: حلية كل تصرف، تلازم الملك (فقبل الاجازة، لا يحل التصرف) و حيث لا يحل التصرف، لا يكون ملك (خصوصا اذا علم عدم رضى المالك باطنا، او تردّده فى الفسخ) لمعاملة الفضولى (و الامضاء) اذ: حينئذ يشمله: لا يحل مال امرئ، لعدم احراز طيب النفس الّذي هو المستثنى.

(و) أما (ثالثا) نقول فى رد الدليل الثانى للكشف (سلمنا: دلالة الدليل على امضاء الشارع لاجازة المالك على طبق مفهومها) اى مفهوم الاجازة (اللغوى) الّذي هو اجازة مضمون العقد الواقع فى نفس وقت العقد (و العرفى، اعنى جعل العقد السابق جائزا، ماضيا) من حين العقد (بتقريب ان يقال) فى بيان ان الاجازة معناها من حين العقد (ان معنى: الوفاء بالعقد، العمل بمقتضاه، و مؤداه العرفى) اى بمقتضى العقد و معناه عرفا (فاذا صار العقد ب) سبب (الاجازة كانه وقع مؤثرا ماضيا، كان

ص: 181

مقتضى العقد المجاز عرفا ترتب الآثار من حينه، فيجب شرعا العمل به على هذا الوجه.

لكن نقول- بعد الاغماض عن: ان مجرد كون الاجازة، بمعنى جعل العقد السابق جائزا نافذا- لا يوجب كون مقتضى العقد، و مؤداه العرفى ترتب الأثر من حين العقد.

كما ان كون مفهوم القبول رضى بمفهوم الايجاب، و امضائه له لا يوجب ذلك، حتى يكون مقتضى: الوفاء بالعقد ترتيب الآثار من حين الايجاب فتأمل.

______________________________

مقتضى العقد المجاز عرفا) «عرفا» قيد ل: مقتضى (ترتب الآثار من حينه) اى حين العقد (فيجب شرعا العمل به) اى بالعقد (على هذا الوجه) اى من حين العقد.

(لكن نقول) مفعول نقول: ان هذا المعنى، الآتى، بعد سطرين (- بعد الاغماض عن: ان مجرد كون الاجازة، بمعنى جعل العقد السابق جائزا نافذا- لا يوجب كون مقتضى العقد، و مؤداه العرفى، ترتب الأثر من حين العقد) بل يمكن ان يكون معناه العمل بهذا المضمون فى الجملة.

(كما ان كون مفهوم القبول، رضى بمفهوم الايجاب، و امضائه) اى القبول (له) اى للايجاب (لا يوجب ذلك) النقل من حين الايجاب (حتى يكون مقتضى: الوفاء بالعقد) المستفاد من: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (ترتيب الآثار من حين الايجاب، فتأمل) اشارة الى انه لو كان معنى الاجازة امضاء ما صدر من الفضول، لزم التأثير من حين إنشاء الفضولى

ص: 182

اذ: هذا المعنى على حقيقته غير معقول لان العقد الموجود على صفة عدم التأثير، يستحيل لحوق صفة التأثير له، لاستحالة خروج الشي ء عما وقع عليه، فاذا دل الدليل الشرعى على امضاء الاجازة على هذا الوجه غير المعقول، فلا بد من صرفه- بدلالة الاقتضاء- الى إرادة معاملة العقد بعد الاجازة، معاملة العقد الواقع مؤثرا من حيث ترتب الآثار

______________________________

فلا معنى لقوله: لا يوجب كون.

و القياس للاجازة بالقبول مع الفارق.

(اذ: هذا المعنى) اى لحوق الاجازة بحيث يترتب على العقد الاثر من حين العقد (على حقيقته) التى هى عبارة عن انقلاب ما لم يكن له اثر، الى ماله اثر (غير معقول، لان العقد) من الفضولى (الموجود على صفة عدم التأثير، يستحيل لحوق صفة التأثير له) بعد اجازة المالك (لاستحالة خروج الشي ء عما وقع عليه) فان الموجود، و لو فى عالم الاعتبار، لا يعقل ان ينقلب الى نوع ثان من الموجودية (فاذا دل الدليل الشرعى على امضاء) الشارع (الاجازة على هذا الوجه غير المعقول) اى امضاءا موجبا لانقلاب الشي ء عما وقع عليه الى شي ء آخر (فلا بد من صرفه) اى الدليل الشرعى (- بدلالة الاقتضاء-) و هى ما يتوقف صدق الكلام، او صحته عليه، فان الشارع لما امتنع عليه ان يقول: شيئا مستحيلا، كان لا بد لنا من تأويل كلامه (الى إرادة) الشارع من كلامه (معاملة العقد بعد الاجازة، معاملة العقد الواقع) فى حال كونه (مؤثرا من حيث ترتب الآثار

ص: 183

الممكنة.

فاذا اجاز المالك حكمنا بانتقال نماء المبيع بعد العقد الى المشترى و إن كان اصل الملك قبل الاجازة للمالك، و وقع النماء فى ملكه.

و الحاصل: انه يعامل بعد الاجازة معاملة العقد الواقع مؤثرا من حينه، بالنسبة الى ما امكن من الآثار.

و هذا نقل حقيقى

______________________________

الممكنة) فليس مراد الشارع ان العقد صار ذا اثر، بعد ان لم يكن كذلك بل مراده ان الآثار الممكنة تترتب على العقد من حين العقد، مثلا: اذا وطئ المالك الحقيقى الامة، قبل الاجازة، ثم اجاز، يقول الشارع: اعط اجرة الوطي الى المالك الجديد، و لا يعقل ان يقول: انقلب وطيك الحلال حراما، بمجرد ان اجزت البيع- مثلا-.

(فاذا اجاز المالك حكمنا بانتقال نماء المبيع بعد العقد الى المشترى و إن كان اصل الملك) للنماء (قبل الاجازة للمالك، و وقع النماء فى ملكه) و: وقع، عطف على: اصل، اذ: هذا الامر معقول بان يكون النتاج أولا ملكا للمالك، ثم بعد الاجازة ملكا للمشترى.

(و الحاصل: انه يعامل) العقد الفضولى (بعد الاجازة معاملة العقد الواقع مؤثرا من حينه) اى حين العقد (بالنسبة الى ما امكن من الآثار) فالانقلاب الحقيقى و ما لم يمكن من الآثار لا نقول به.

(و هذا) المعنى الّذي ذكرناه، و هو ترتيب بعض الآثار الممكنة بعد الاجازة (نقل حقيقى).

ص: 184

فى حكم الكشف من بعض الجهات.

و سيأتى الثمرة بينه و بين الكشف الحقيقى، و لم اعرف من قال:

بهذا الوجه من الكشف، الا الاستاد شريف العلماء، فيما عثرت عليه من بعض تحقيقاته، و الا فظاهر كلام القائلين بالكشف، ان الانتقال فى زمان العقد.

و لذا عنون العلامة ره فى القواعد مسئلة الكشف، و النقل، بقوله:

و فى زمان الانتقال اشكال، فجعل النزاع، فى هذه المسألة نزاعا فى زمان

______________________________

لانا نقول: بترتب الآثار من الآن- بعد الاجازة- (فى حكم الكشف من بعض الجهات) و هى: جهة ترتب بعض الآثار الممكنة من حين العقد.

(و سيأتى الثمرة بينه) اى بين الكشف الحكمى (و بين الكشف الحقيقى) الّذي هو ظاهر جماعة من الفقهاء، و قد ذكرنا انه: غير معقول (و لم اعرف من قال: بهذا الوجه من الكشف، الا الاستاد شريف العلماء فيما عثرت عليه من بعض تحقيقاته، و الا فظاهر كلام القائلين بالكشف، ان الانتقال فى زمان العقد) الّذي هو كشف حقيقى، و قد عرفت انه موجب لانقلاب غير معقول.

(و لذا) الّذي ذكرنا من: ان ظاهرهم الكشف الحقيقى (عنون العلامة ره فى القواعد مسئلة الكشف، و النقل، بقوله: و فى زمان الانتقال) اى التأثير فى زمان الانتقال الّذي هو حال العقد (اشكال فجعل) العلامة (النزاع، فى هذه المسألة نزاعا فى زمان

ص: 185

الانتقال.

و قد تحصل مما ذكرنا: ان كاشفية الاجازة على وجوه ثلاثة، قال بكل منها قائل.

احدها- و هو المشهور-: الكشف الحقيقى، و التزام كون الاجازة فيها شرطا متأخرا.

و لذا اعترضهم جمال المحققين فى حاشيته على الروضة، بان الشرط لا يتأخر.

و الثانى: الكشف الحقيقى، و التزام كون الشرط تعقب العقد

______________________________

الانتقال) حتى انه على الكشف، يكون الانتقال حال العقد.

و لا يخفى ان هذا هو الكشف الحقيقى، و قد عرفت انه غير معقول.

(و قد تحصل مما ذكرنا: ان كاشفية الاجازة) فى مقابل كونها ناقلة (على وجوه ثلاثة، قال: بكل منها قائل).

(احدها- و هو المشهور-: الكشف الحقيقى، و التزام كون الاجازة فيها) اى فى معاملة الفضولى (شرطا متأخرا) فاذا جاء هذا الشرط اثر المشروط اثره.

(و لذا اعترضهم جمال المحققين فى حاشيته على الروضة، بان الشرط لا يتأخر).

اذ: الشرط من الامور المربوطة بسببية السبب، و لا يعقل ان يكون السبب باجزائه و شرائطه مقارنا للمسبب رتبة، فكيف بالتأخر.

(و الثانى: الكشف الحقيقى، و التزام كون الشرط تعقب العقد

ص: 186

بالاجازة، لا نفس الاجازة فرارا عن لزوم تاخر الشرط عن المشروط، و التزم بعضهم بجواز التصرف قبل الاجازة لو علم تحققها فيما بعد.

الثالث: الكشف الحكمى، و هو اجراء احكام الكشف بقدر الامكان مع عدم تحقق الملك فى الواقع، الا بعد الاجازة.

و قد تبين من تضاعيف كلماتنا: ان الانسب بالقواعد، و العمومات هو النقل، ثم بعده الكشف الحكمى.

______________________________

بالاجازة، لا) ان الشرط (نفس الاجازة) و عنوان التعقب مقارن مع العقد.

و انما التزموا بهذا (فرارا عن لزوم تأخر الشرط عن المشروط، و التزم بعضهم بجواز التصرف) من المشترى (قبل الاجازة لو علم تحققها) اى الاجازة (فيما بعد).

بل جواز التصرف واقعا لو حصلت الاجازة واقعا، لان الشرط التعقب لا العلم- كما لا يخفى-.

و (الثالث: الكشف الحكمى، و هو اجراء احكام الكشف بقدر الامكان) و هو الّذي تقدم عن شريف العلماء (مع عدم تحقق الملك) من حين العقد (فى الواقع، الا بعد الاجازة) فهذا نقل حقيقى فى حكم الكشف.

(و قد تبين من تضاعيف كلماتنا: ان الانسب بالقواعد، و العمومات) الدالة على كون الاثر تابع للرضا (هو النقل) و عدم ترتيب اىّ اثر سابق على الاجازة (ثم بعده) اى بعد النقل (الكشف الحكمى) و ترتيب بعض

ص: 187

و اما الكشف الحقيقى- مع كون نفس الاجازة من الشروط- فاتمامه بالقواعد فى غاية الاشكال.

و لذا استشكل فيه العلامة فى القواعد، و لم يرجحه المحقق الثانى فى حاشية الارشاد، بل عن الايضاح اختيار خلافه، تبعا للمحكى عن كاشف الرموز و قواه فى مجمع البرهان، و تبعهم كاشف اللثام فى النكاح هذا بحسب القواعد، و العمومات.

و اما الاخبار: فالظاهر من صحيحة محمد بن قيس الكشف، كما صرح به فى الدروس، و كذا الاخبار التى بعدها، لكن

______________________________

الآثار.

(و اما الكشف الحقيقى- مع كون نفس الاجازة من الشروط-) لا ان العنوان المنتزع من الاجازة، مثل: التعقب و اللحوق، من الشروط اذ: الكشف الحقيقى، لا بأس به اذا كان العنوان المنتزع شرطا (فاتمامه بالقواعد فى غاية الاشكال) لانه موجب للانقلاب- كما عرفت-.

(و لذا استشكل فيه) اى فى الكشف الحقيقى (العلامة فى القواعد و لم يرجحه المحقق الثانى فى حاشية الارشاد، بل عن الايضاح اختيار خلافه، تبعا للمحكى عن كاشف الرموز، و قواه) اى العدم (فى مجمع البرهان، و تبعهم) فى اختيار الخلاف (كاشف اللثام فى النكاح هذا) الاشكال فى الكشف الحقيقى (بحسب القواعد، و العمومات).

(و اما الاخبار: فالظاهر من صحيحة محمد بن قيس) المتقدمة (الكشف كما صرح به فى الدروس، و كذا الاخبار التى بعدها، لكن) لا يخفى

ص: 188

لا ظهور فيها للكشف بالمعنى المشهور، فيحتمل الكشف الحكمى.

نعم صحيحة ابى عبيدة الواردة فى تزويج الصغيرين فضولا، الآمرة بعزل الميراث من: الزوج المدرك الّذي اجاز، فمات، للزوجة غير المدركة حتى تدرك، و تحلف، ظاهر فى قول الكشف.

اذ: لو كان مال الميت قبل اجازة الزوجة باقية على ملك سائر الورثة كان العزل مخالفا لقاعدة: تسلط الناس على اموالهم.

فاطلاق الحكم بالعزل

______________________________

انه (لا ظهور فيها) اى فى تلك الاخبار (للكشف بالمعنى المشهور) الّذي هو الكشف الحقيقى (فيحتمل) عليه (الكشف الحكمى) بمعنى ترتيب الآثار الممكنة.

(نعم صحيحة ابى عبيدة الواردة فى تزويج الصغيرين فضولا، الآمرة بعزل الميراث من: الزوج المدرك الّذي اجاز، فمات، للزوجة غير المدركة حتى تدرك، و تحلف) فان حلفت اعطيت من المال مهرا وارثا، و الا تحلف لم تعط (ظاهر فى قول الكشف) الحقيقى.

و انما كان ظاهرا فى الكشف.

(اذ لو كان مال الميت) الّذي هو الزوج (قبل اجازة الزوجة باقية على ملك سائر الورثة) كما هو مقتضى النقل (كان العزل) لبعض اموالهم التى انتقلت إليهم بالارث (مخالفا لقاعدة: تسلط الناس على اموالهم) اذ: لا وجه للعزل حينئذ.

(فاطلاق) الشارع (الحكم بالعزل) لمقدار مال الزوجة- على

ص: 189

منضما الى: عموم الناس مسلطون على اموالهم، يفيدان العزل لاحتمال كون الزوجة غير المدركة وارثة فى الواقع، فكانه احتياط فى الاموال قد غلبه الشارع على: اصالة عدم الاجازة، كعزل نصيب الحمل، و جعله اكثر ما يحتمل.

بقى الكلام: فى بيان الثمرة بين الكشف باحتمالاته، و النقل.

فنقول: اما الثمرة على الكشف الحقيقى بين كون نفس الاجازة شرطا و كون الشرط تعقب العقد بها و لحوقها له فقد يظهر: فى جواز

______________________________

تقدير اجازتها للعقد- (منضما الى: عموم الناس مسلطون على اموالهم، يفيدان العزل) انما هو (لاحتمال كون الزوجة غير المدركة وارثة فى الواقع) و هذا لا يستقيم، الاعلى الكشف الحقيقى (فكانه) اى العزل لمجرد الاحتمال (احتياط فى الاموال) لئلا يهدر حق الزوجة (قد غلبه الشارع على) الاحتياط لمال الورثة، لان الورثة ان اخذوا المال، لم يؤدوها بعد بخلاف العزل، فانه ان لم تحلف الزوجة لم يتلف المال، بل يرجع الى الورثة.

و على (اصالة عدم الاجازة) و ذلك (ك) امر الشارع ب (عزل نصيب الحمل، و جعله) اى النصيب (اكثر ما يحتمل) كنصيب ولدين.

(بقى الكلام: فى بيان الثمرة بين الكشف باحتمالاته) الثلاثة (و النقل) الّذي ليس فيه شائبة الكشف اطلاقا.

(فنقول: اما الثمرة على الكشف الحقيقى بين كون نفس الاجازة شرطا و كون الشرط تعقب العقد بها) اى بالاجازة (و لحوقها) اى الاجازة (له) اى للعقد- و هذا عطف على: تعقب،- (فقد يظهر: فى جواز

ص: 190

تصرف كل منهما فيما انتقل إليه بانشاء الفضولى، اذا علم اجازة المالك فيما بعد.

و اما الثمرة بين الكشف الحقيقى، و الحكمى مع كون نفس الاجازة شرطا يظهر فى مثل: ما اذا وطئ المشترى الجارية قبل اجازة مالكها، فاجاز

فان الوطي على الكشف الحقيقى حرام ظاهرا، لاصالة عدم الاجازة حلال واقعا، لكشف الاجازة عن وقوعه فى ملكه و لو اولدها صارت أم ولد على الكشف الحقيقى، و الحكمى، لان مقتضى جعل العقد الواقع ماضيا ترتب

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 7، ص: 191

______________________________

تصرف كل منهما) اى من المالكين الجديدين (فيما انتقل إليه بانشاء الفضولى، اذا علم اجازة المالك فيما بعد) فانه لو كان الشرط نفس الاجازة، لم يجز التصرف، لان الشرط غير حاصل بعد، اما لو كان الشرط تعقب الاجازة، اى ان المؤثر: هو العقد المتعقب بالاجازة، فالتصرف جائز، لان هذا الشرط حاصل الآن.

(و اما الثمرة بين الكشف الحقيقى، و الحكمى- مع كون نفس الاجازة شرطا-) لا عنوان التعقب (يظهر فى مثل ما اذا وطئ المشترى الجارية قبل اجازة مالكها، فاجاز) المالك بيعها، بعد ان وطئها المشترى.

(فان الوطي على الكشف الحقيقى، حرام ظاهرا، لاصالة عدم الاجازة) و (حلال واقعا، لكشف الاجازة عن وقوعه) اى الوطي (فى ملكه) اى ملك المشترى (و لو اولدها) المشترى (صارت أم ولد، على الكشف الحقيقى و الحكمى، لان مقتضى جعل العقد الواقع ماضيا) سواء ماضيا من حينه حقيقة، او ماضيا من حينه حكما (ترتب

ص: 191

حكم وقوع الوطي فى الملك.

و يحتمل: عدم تحقق الاستيلاد على الحكمى، لعدم تحقق حدوث الولد فى الملك، و ان حكم بملكيته للمشترى بعد ذلك و لو نقل المالك أمّ الولد عن ملكه، قبل الاجازة فاجاز، بطل النقل، على الكشف الحقيقى لانكشاف وقوعه فى ملك الغير.

مع احتمال كون النقل بمنزلة الرد

______________________________

حكم وقوع الوطي فى الملك) عليه، فيكون الولد له، و تكون هى مستولدة، يترتب عليها حكم أمّ الولد.

(و يحتمل: عدم تحقق الاستيلاد على) الكشف (الحكمى، لعدم تحقق حدوث الولد فى الملك) للمشترى حال الاستيلاد (و ان حكم بملكيته للمشترى بعد ذلك) الاستيلاد (و لو نقل المالك) الاصلى (أمّ الولد عن ملكه، قبل الاجازة) كما لو باع الفضول امة زيد لعمرو فاولدها عمرو و قبل ان يجيز زيد عمل الفضول، نقلها زيد الى انسان آخر، ثم لما عرف زيد بعمل الفضول (فاجاز) البيع (بطل النقل) من زيد، الى المشترى، و صحت اجازته لمعاملة الفضول، بناء (على الكشف الحقيقى) لان الاجازة تصحح المعاملة السابقة، على معاملة نفس المالك- اى زيد- (لانكشاف وقوعه) اى نقل المالك بعد نقل الفضول (فى ملك الغير) اذ: الاجازة كشفت عن سبق نقل وقع على الامة، فلاحق لزيد فى المعاملة الثانية.

(مع احتمال كون النقل) من المالك- اى زيد- (بمنزلة الرد) لعمل الفضول، فالاجازة تقع لغوا.

ص: 192

و بقى صحيحا على الكشف الحكمى.

و على المجيز قيمتها، لانه مقتضى الجمع بين جعل العقد ماضيا من حين وقوعه، و مقتضى صحة النقل الواقع قبل حكم الشارع بهذا الجعل، كما فى الفسخ بالخيار، مع انتقال متعلقه بنقل لازم.

______________________________

و عليه فتصح المعاملة من نفس المالك (و بقى) نقل المالك (صحيحا) و عمل الفضول باطلا (على الكشف الحكمى) اذ: زيد مالك للامة حقيقة حال نقله لها، فالاجازة المتأخرة عن نقله تقع لغوا، بمعنى انها لا تؤثر فى نقل الامة الى عمرو- فى المثال-.

(و على المجيز) و هو: زيد (قيمتها) اى قيمة الامة فى المثال، فيعطى قيمته للمجاز له، الّذي هو عمرو فى المثال (لانه) باع الامة بيعين، بيعا بنفسه، و بيعا بواسطة الفضول- حيث اجازه-.

فعليه ان يعطى العين لاحدهما، و يعطى القيمة للآخر، اذ هو (مقتضى الجمع بين جعل) المالك (العقد ماضيا من حين وقوعه) اى عقد الفضولى (و مقتضى صحة النقل) الّذي فعله نفس المالك (الواقع قبل حكم الشارع بهذا الجعل) اى جعل العقد ماضيا، اذ: الشارع انما حكم بعد الاجازة (كما فى الفسخ بالخيار، مع انتقال متعلقه) اى متعلق الخيار (بنقل لازم) مثلا: لو باع زيد دارا لعمرو بيعا خياريا، ثم ان عمروا باع الدار قبل ان يأخذ زيد بالخيار، ثم فسخ زيد بيعه، فان عمروا يلزم عليه ان يعطى الدار للمشترى، و قيمتها لزيد.

ص: 193

و ضابط الكشف الحكمى: الحكم بعد الاجازة بترتب آثار ملكية المشترى، من حين العقد، فان ترتب شي ء من آثار ملكية المالك، قبل اجازته، كاتلاف النماء، و نقله، و لم يناف الاجازة، جمع بينه، و بين مقتضى الاجازة بالرجوع الى البدل.

و ان نافى الاجازة، كاتلاف العين عقلا، او شرعا، كالعتق، فات

______________________________

(و ضابط الكشف الحكمى: الحكم بعد الاجازة) من المالك (بترتب آثار ملكية المشترى، من حين العقد) لكون النماء للمشترى (فان ترتب شي ء من آثار ملكية المالك، قبل اجازته) لعقد الفضول (كاتلاف النماء، و نقله) مثلا: باع البستان الفضول يوم الخميس، و اتلف المالك ثمره يوم الجمعة، و اجاز العقد يوم السبت، او نقل الثمر، بان باعه، او وهبه او ما اشبه (و لم يناف) عمل المالك بالنسبة الى النماء تلفا، او اتلافا (الاجازة، جمع بينه) اى بين عمل المالك بالنسبة الى النماء (و بين مقتضى الاجازة) بان نقول: عمل المالك كان صحيحا، و اجازته أيضا صحيحة، لكن حيث ان مقتضى الاجازة كون النماء للمشترى، لزم ان نلتزم (بالرجوع) من المشترى (الى البدل) اى بدل النماء التالف و لا نقول: الى العين، لان عمل المالك، كان صحيحا بمقتضى: الناس مسلطون.

(و ان نافى) عمل المالك (الاجازة، كاتلاف العين عقلا) كما لو:

اكل المالك الطعام الّذي باعه الفضولى (او شرعا، كالعتق) لعبده الّذي باعه الفضولى، او الاستيلاد لامته التى باعها الفضولى (فات

ص: 194

محلها، مع احتمال الرجوع الى البدل، و سيجي ء.

ثم انهم ذكروا للثمرة بين الكشف و النقل، مواضع، منها: النماء فانه على الكشف بقول مطلق، لمن انتقل إليه العين، و على النقل، لمن انتقلت عنه.

و للشهيد الثانى فى الروضة عبارة.

______________________________

محلها) اى محل الاجازة فيصبح عمل الفضول لغوا (مع احتمال) ان نقول بصحة الاجازة و (الرجوع) من المشترى (الى) المالك ب (البدل) كان يأخذ قيمة العبد، سواء كانت ازيد من الثمن او اقل؟ (و سيجي ء) تمام الكلام فى ذلك.

(ثم انهم ذكروا للثمرة بين الكشف و النقل، مواضع، منها: النماء) المتوسط بين بيع الفضول، و اجازة المالك (فانه على الكشف بقول مطلق) اى الكشف الحقيقى، فى مقابل الكشف فى الجملة، و النقل فى الجملة- الّذي هو الكشف الحكمى- (لمن انتقل إليه العين) لان الاجازة تكشف عن انتقال المال الى المشترى منذ العقد، فالنماء بعد العقد للمشترى (و على النقل) يكون النماء (لمن انتقلت) العين (عنه) فالنماء للمالك الاول، اذ: قبل الاجازة الملك باق على ملكيته، فنماؤه له و انما بعد الاجازة ينتقل الملك الى المشترى.

(و للشهيد الثانى فى الروضة) شرح اللمعة (عبارة) هى: قوله: و تظهر الفائدة، يعنى فائدة القولين: الكشف، و النقل فى النماء، فان جعلناها كاشفة، فالنماء المنفصل المتخلل بين العقد و الاجازة الحاصل

ص: 195

توجيه المراد منها- كما فعله بعض- اولى، من توجيه حكم ظاهرها.

______________________________

من المبيع للمشترى، و نماء الثمن المعين للبائع، و لو جعلناها ناقلة فهما للمالك المجيز، انتهى.

(توجيه المراد منها) اى من العبارة (- كما فعله بعض-) اذ:

يستشكل على الشهيد فى عبارته الاخيرة، و هى قوله: فهما للمالك المجيز انه لا وجه لكون النمائين للمجيز.

اذ: على النقل، ينتقل الثمن الى المالك المجيز، و المثمن الى المشترى بمجرد الاجازة فنماء المثمن للمالك، و نماء الثمن للمشترى.

و التوجيه الّذي فعله البعض، هو: ان المراد بالمالك المجيز الجنس، بفرض الكلام فى كون كلا الطرفين فضوليا.

فلدى الاجازة يكون نماء الثمن الى قبل الاجازة لمالك الثمن المجيز و نماء المثمن الى قبل الاجازة لمالك المثمن المجيز.

فهذا التوجيه (اولى، من توجيه حكم ظاهرها) اى ظاهر العبارة.

فان ظاهر العبارة: ان كلا من نماء الثمن و نماء المثمن، لشخص واحد، فاذا باع الفضول بستان زيد لعمرو فى قبال جعل عمرو شياهه ثمنا للبستان، ثم انتج البستان قبل الاجازة، و انتجت الشياه فكلا النتاجين لزيد الّذي يجيز بعد النتاج.

اما نتاج البستان فلانه على النقل لم ينتقل البستان من ملكه، فنماؤه قبل الاجازة لزيد.

و اما نتاج الشياه، فلان عمرو الّذي هو مالكها، قد نقلها بمجرد البيع

ص: 196

- كما تكلفه آخر-

و منها: ان فسخ الاصيل لانشائه قبل اجازة الآخر، مبطل له، على القول بالنقل، دون الكشف.

______________________________

فاصبحت ملكا لزيد، فنتاجها له.

و وجه اولوية توجيه المراد، من عبارة الشهيد، من اولوية توجيه الحكم، الاشكال فى توجيه الحكم، اذ: قبل الاجازة لم تنتقل الشياه من عمرو، و لو انه كان باعها، اذ: لا يمكن النقل من جانب المشترى و عدم النقل من جانب البائع.

فان قلنا: بالكشف من جانب البائع- بعد ان اجاز- فنماء الثمن للبائع، و نماء المثمن للمشترى.

و ان قلنا: بالنقل من جانبه، فنماء المثمن للبائع، و نماء الثمن للمشترى (- كما تكلفه آخر-) فان المشترى لم يقدم على كون الثمن و نمائه للبائع مطلقا، و انما اقدم على ان يكونا له بعد ان يملكه البائع المثمن.

(و منها: ان فسخ الاصيل) كالمشترى (لانشائه) العقد (قبل اجازة الآخر) كالبائع فى المثال (مبطل له) اى للعقد (على القول بالنقل، دون الكشف) اذ: على النقل لم يتم العقد، بل حدث احد ركنيه- كالقبول فى المثال-.

و من المعلوم: ان ابطال الركن الواحد قبل مجي ء الركن الآخر مقتضى القاعدة.

اما على الكشف: فقدتم العقد ايجابا و قبولا، و انما النفوذ متوقف

ص: 197

بمعنى انه لو جعلناها ناقلة، كان فسخ الاصيل، كفسخ الموجب قبل قبول القابل، فى كونه: ملغيا لانشائه السابق، بخلاف ما لو جعلت كاشفة فان العقد تام من طرف الاصيل.

غاية الامر: تسلط الآخر على فسخه.

و هذا مبنى على ما تسالموا عليه، من جواز ابطال احد المتعاقدين، لانشائه قبل إنشاء صاحبه،

______________________________

على الاجازة، و من المعلوم ان ابطال العقد بعد تمام ركنيه لا يمكن الا اذا كان خيارا، و تقايل (بمعنى انه لو جعلناها) اى الاجازة (ناقلة كان فسخ الاصيل، كفسخ الموجب قبل قبول القابل) كما لو قال زيد: بعتك الكتاب بدرهم، و قبل ان يقول عمرو، قبلت، قال زيد: الغيت ايجابى (فى كونه) اى فسخ الاصيل (ملغيا لانشائه السابق، بخلاف ما لو جعلت) الاجازة (كاشفة، فان العقد تام من طرف الاصيل) لتمام ركنه، و ركن الطرف الآخر.

(غاية الامر: تسلّط الآخر) الّذي لم يجر هو العقد (على فسخه) فسخ العقد، بان لا يجيزه.

(و هذا) الكلام اى فسخ الاصيل قبل الاجازة يكون ملغيا للعقد، على النقل- لا على الكشف- (مبنى على ما تسالموا عليه، من: جواز ابطال احد المتعاقدين، لانشائه قبل إنشاء صاحبه) كما لو قال البائع:

بعت، ثم قبل ان يقول المشترى: قبلت، قال البائع: الغيت ايجابى، فانه موجب للالغاء، اذ: الوفاء بالعقد واجب، اما لو لم يتحقق العقد

ص: 198

بل قبل تحقق شرط صحة العقد، كالقبض فى الهبة، و الوقف، و الصدقة.

فلا يرد ما اعترضه بعض من: منع جواز الابطال على القول بالنقل معللا: بان ترتب الأثر على جزء السبب بعد انضمام الجزء الآخر، من احكام الوضع، لا مدخل لاختيار المشترى فيه.

______________________________

بعد، لم يجب الوفاء، و الشرائط يجب ان تكون موجودة الى آخر القبول، و الا لم يتحقق العقد، و لم تتحقق الشرائط هنا، اذ: من الشرائط قصدهما من اوّل العقد الى آخره، و قد انتفى قصد الموجب حال قبول القابل (بل قبل تحقق شرط صحة العقد، كالقبض فى الهبة، و الوقف، و الصدقة) فانه لو وهب الواهب، و قبل المتهب، و لكن لم يقبض، جاز للواهب الفسخ.

قالوا: لانه لا يتحقق العقد، الا بعد القبض، فلا يكون ابطاله للهبة مخالفا لدليل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(فلا يرد) على جواز الابطال من الاصيل قبل الاجازة- بناء على النقل- (ما اعترضه بعض) و هو المحقق القمى (من: منع جواز الابطال) للعقد من طرف الاصيل (على القول بالنقل) أيضا- كما يمنع على القول بالكشف- (معللا: بان ترتب الأثر) اى اثر المبيع (على جزء السبب) الّذي هو النقل (بعد انضمام الجزء الآخر) الّذي هو الاجازة (من احكام الوضع).

فالمعلول يترتب على العلة، شاء الاصيل أم لا؟ ف (لا مدخل لاختيار المشترى فيه) فلا ينفع فسخ المشترى قبل اجازة المالك، فى بطلان العقد

ص: 199

و فيه: ان الكلام فى ان عدم تخلل الفسخ بين جزئى السبب شرط فانضمام الجزء الآخر من دون تحقق الشرط غير مجد فى وجود المسبب.

فالاولى فى سند المنع: دفع احتمال اشتراط عدم تخلل الفسخ بإطلاقات صحة العقود، و لزومها.

______________________________

و ضمير: فيه، عائد الى: الوضع.

(و فيه) اى فى اعتراض المحقق القمى (ان الكلام فى ان عدم تخلل الفسخ بين جزئى السبب) اى الجزء الّذي هو العقد، و الجزء الّذي هو الاجازة (شرط) لتحقق العقد (فانضمام الجزء الآخر) الّذي هو الاجازة (من دون تحقق الشرط) الّذي هو عدم تخلل الفسخ (غير مجد فى وجود المسبب) اذ: لا يوجب المسبب الا بعد وجود السبب الكامل.

(فالاولى فى سند المنع) اى منع ان الفسخ من الاصيل صار قبل تحقق الاجازة- بناء على النقل- (دفع احتمال اشتراط) صدق العقد ب (عدم تخلل الفسخ) بين العقد و بين الاجازة، بان نقول: العقد اذا تحقق من الاصيل و الفضول، و لحقته الاجازة، تحقق الاثر، سواء تخلل الفسخ بين العقد و الاجازة أم لا؟

و نستدل لبقاء العقد، و عدم تضرره بالفسخ المتوسط (بإطلاقات صحة العقود، و لزومها).

فان عقد الاصيل و الفضول، مشمول لقوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، سواء فسخ الاصيل قبل اجازة المالك أم لا؟

ص: 200

و لا يخلو عن اشكال.

و منها: جواز تصرف الاصيل، فيما انتقل عنه، بناء على النقل و ان قلنا بان فسخه غير مبطل لانشائه.

فلو باع جارية من فضولى، جاز له وطيها، و ان استولدها صارت أم ولد،

______________________________

(و) لكن التمسك بالإطلاقات، لصحة العقد- و ان تعقبه الفسخ قبل الاجازة- (لا يخلو عن اشكال) للشك فى صدق القصد بعد الفسخ فهو من باب التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية.

الا ان يقال: ان العقد كان صحيحا قابلا للنفوذ قبل الفسخ، فنشك فى اسقاط الفسخ لهذه القابلية، و الاصل العدم.

(و منها) اى من مواضع ثمرة الاختلاف بين الكشف و النقل (جواز تصرف الاصيل، فيما انتقل عنه، بناء على النقل) فاذا باع الفضول دار زيد بشياه من عمرو، جاز تصرف عمرو فى الشياه قبل اجازة زيد- بناء على كون الاجازة ناقلة- (و ان قلنا بأن فسخه غير مبطل لانشائه) ان، وصلية اى يجوز تصرف الاصيل حتى على هذا القول، اى ان فسخ الاصيل قبل الاجازة، لا يبطل إنشاء الاصيل، فلا تنافى بين جواز التصرف من الاصيل و بين قابلية العقد للنفوذ اذا اجاز الطرف الآخر، كزيد فى المثال.

(فلو باع) المالك (جارية من فضولى) بان كان الفضول فى طرف المشترى- عكس مثالنا بالدار و الشياه- (جاز له) اى للبائع (وطيها و ان استولدها) المالك، قبل اجازة الطرف الآخر (صارت أم ولد) للمالك

ص: 201

لانها ملكه.

و كذا لو زوجت نفسها من فضولى، جاز لها التزويج من الغير، فلو حصل الاجازة فى المثالين، لغت، لعدم بقاء المحلّ قابلا.

و الحاصل: ان الفسخ القولى، و ان قلنا انه غير مبطل لانشاء الاصيل، الا ان له فعل ما ينافى انتقال المال عنه على وجه يفوت محل الاجازة، فينفسخ العقد بنفسه بذلك.

______________________________

(لانها) اى الجارية (ملكه) قبل اجازة الطرف، و لا يوجب العقد المركب من الاصيل و الفضول، نقلا للمال، و انما النقل بالاجازة، و لم تحصل بعد.

(و كذا لو زوجت) المرأة (نفسها من فضولى) بان قال زيد الفضول قبلت زواجك نفسك لعمرو (جاز لها التزويج من الغير) اذ: العقد المركب لم يؤثر فى كونها زوجة لعمرو (فلو حصل الاجازة فى المثالين) اى مثال استيلاد الجارية، و مثال تزويج المرأة نفسها من زوج آخر (لغت) الاجازة (لعدم بقاء المحل) للاجازة (قابلا) فان أمّ الولد، لا تنتقل، و زوجة الشخص، لا تكون زوجة لغيره، كما لا يخفى.

(و الحاصل: ان الفسخ القولى، و ان قلنا انه غير مبطل لانشاء الاصيل) فاذا انشأ الاصيل و الفضولى، ثم قال الاصيل: ابطلت العقد لم يؤثر كلامه فى الابطال (الا ان له) اى يحق للاصيل (فعل ما ينافى انتقال المال عنه) كوطى الجارية و استيلادها، او التصرف فى المبيع تصرفا موجبا لبطلان عقده الاول (على وجه يفوت محل الاجازة، فينفسخ العقد بنفسه) لا بابطال الاصيل ابطالا لفظيا (بذلك) الفعل، كما لو باع

ص: 202

و ربما احتمل عدم جواز التصرف، على هذا القول أيضا.

و لعله: لجريان عموم: وجوب الوفاء بالعقد، فى حق الاصيل و ان لم يجب فى الطرف الآخر.

و هو الّذي يظهر من المحقق الثانى، فى مسئلة شراء الغاصب بعين المال المغصوب حيث قال: لا يجوز للبائع، و لا للغاصب التصرف فى العين.

______________________________

ثانيا، ما باعه للفضول أولا، او وقفه، او وهبه، او تصدق به، او ما اشبه ذلك.

(و ربما احتمل عدم جواز التصرف) من الاصيل فى ما عقد عليه (على هذا القول) اى قول من يقول: بعدم حقه فى ابطال العقد، بعد ان قبله الفضولى (أيضا).

فكما لا يصح الابطال اللفظى، كذلك لا يجوز الابطال العملى.

(و لعله) اى وجه عدم جواز التصرف المنافى للعقد (لجريان عموم:

وجوب الوفاء بالعقد، فى حق الاصيل) لانه عقد، فيصدق عليه: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و مقتضاه عدم بطلان عقده بالابطال، و لا جواز تصرفه فيه (و ان لم يجب) الوفاء بالعقد (فى الطرف الآخر) المالك الّذي اجرى الفضول العقد على ماله، اذ: قبل الاجازة ليس العقد عقده.

(و هو) اى عدم جواز تصرف الاصيل (الّذي يظهر من المحقق الثانى، فى مسئلة شراء الغاصب بعين المال المغصوب) كما لو غصب زيد دينار عمرو، فاشترى به كتابا من خالد (حيث قال) المحقق (لا يجوز للبائع و لا للغاصب، التصرف فى العين) الّذي هو الكتاب فى المثال.

ص: 203

لامكان الاجازة، سيما على القول بالكشف، انتهى.

و فيه: ان الاجازة- على القول بالنقل- له مدخل فى العقد، شرطا او شطرا، فما لم يتحقق الشرط، او الجزء، لم يجب الوفاء على احد المتعاقدين، لان المأمور بالوفاء هو: العقد المقيد الّذي لا يوجد الّا بعد القيد.

______________________________

اما البائع، فلانه باع كتابه، فيشمله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

و اما الغاصب، فلان الكتاب ليس بماله، بل هو: اما مال المغصوب منه، او مال المشترى (لامكان الاجازة) من صاحب الكتاب، للمعاملة، و هذا علة عدم جواز تصرف البائع- كخالد فى المثال- (سيما على القول بالكشف) اى كشف الاجازة عن تحقق النقل و الانتقال حال اجراء العقد فان الكتاب حينئذ خرج من مال خالد، فلا يجوز له التصرف فيه (انتهى) كلام المحقق.

(و فيه: ان الاجازة- على القول بالنقل- له مدخل فى العقد، شرطا او شطرا) اى جزءا (فما لم يتحقق الشرط، او الجزء، لم يجب الوفاء على احد) من (المتعاقدين).

فقول المحقق الثانى: سيما على القول بالكشف، الّذي يظهر منه كون الحكم أيضا: عدم جواز تصرف المالك البائع الاصيل فى الكتاب- فى المثال- محل نظر (لان المأمور بالوفاء) به حسب قوله تعالى:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (هو: العقد المقيد) بالاجازة حتى يتحقق: عقودكم.

و الاضافة الى الشخص لا يتحقق الا بعد الاجازة (الّذي لا يوجد الا بعد القيد

ص: 204

و هذا كله على النقل.

و اما على القول بالكشف، فلا يجوز التصرف فيه على ما يستفاد من كلمات جماعة، كالعلامة، و السيد العميدى، و المحقق الثانى، و ظاهر غيرهم.

و ربما اعترض عليه، بعدم المانع له من التصرف، لان مجرد احتمال انتقال المال عنه فى الواقع، لا يقدح فى السلطنة الثابتة له.

و لذا صرح بعض المعاصرين

______________________________

و هذا كله) اى صحة التصرف من المالك الاصيل، قبل اجازة المالك الثانى، انما هو (على النقل) لانه ما دام لم تكن اجازة، لم يكن نقل.

(و اما على القول بالكشف، فلا يجوز التصرف فيه) اى تصرف المالك الاصيل قبل الاجازة فيما انتقل عنه (على ما يستفاد من كلمات جماعة، كالعلامة، و السيد العميدى، و المحقق الثانى، و ظاهر غيرهم) أيضا ذلك.

(و ربما اعترض عليه) اى على قولهم: بعدم جواز التصرف فيما انتقل عنه، قبل الاجازة (بعدم المانع له) اى للاصيل (من التصرف، لان مجرد احتمال انتقال المال عنه فى الواقع) اذ: هو يحتمل اجازة الطرف، الكاشفة عن انتقال المال (لا يقدح فى السلطنة الثابتة له) فان:

النّاس مسلّطون على اموالهم

، شامل له، و يشك فى زوال هذه السلطنة، فالاصل بقائها.

(و لذا) الّذي لا يضر احتمال انتقال المال (صرح بعض المعاصرين

ص: 205

بجواز التصرف مطلقا.

نعم اذا حصلت الاجازة كشفت عن بطلان كل تصرف، مناف لانتقال المال الى المجيز فيأخذ المال مع بقائه، و بدله مع تلفه.

قال: نعم لو علم باجازة المالك، لم يجز له التصرف، انتهى.

اقول: مقتضى عموم: وجوب الوفاء، وجوبه على الاصيل، و لزوم العقد، و حرمة نقضه من جانبه.

و وجوب الوفاء عليه، ليس مراعى باجازة المالك، بل مقتضى العموم

______________________________

بجواز التصرف) اى تصرف الاصيل (مطلقا) اى سواء قلنا بالكشف او النقل؟

(نعم اذا حصلت الاجازة) بعد التصرف (كشفت عن بطلان كل تصرف، مناف لانتقال المال الى المجيز) كما لو تصرف الاصيل فى المال بالركوب او ببيعها- مثلا- (فيأخذ) المجيز (المال مع بقائه، و بدله مع تلفه) كما لو تعدى الاصيل على الدابة فتلفت.

(قال) هذا المعاصر (نعم) يستثنى من قولنا: بجواز التصرف مطلقا ما (لو علم) الاصيل (باجازة المالك، لم يجز له التصرف، انتهى) لانه يعلم بانتقال المال عنه، فلا استصحاب لبقاء السلطة.

(اقول: مقتضى عموم: وجوب الوفاء) المستفاد من: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (وجوبه) اى الوفاء (على الاصيل، و لزوم العقد) عليه (و حرمة نقضه) بالتصرف (من جانبه) اى جانب الاصيل.

(و وجوب الوفاء عليه) اى على المالك (ليس مراعى باجازة المالك) اذ: الآية مطلقة (بل مقتضى العموم

ص: 206

وجوبه حتى مع العلم بعدم اجازة المالك.

و من هنا يظهر: انه لا فائدة فى اصالة عدم الاجازة.

لكن ما ذكره البعض المعاصر، صحيح على مذهبه، فى الكشف من كون العقد مشروطا بتعقبه بالاجازة، لعدم احراز الشرط مع الشك فلا يجب الوفاء به، على احد من المتعاقدين.

______________________________

وجوبه) اى الوفاء (حتى مع العلم) من الاصيل (بعدم اجازة المالك).

لكن ربما يقال: ان صدق: العقد، متوقف على الاجازة- على نحو الكشف- فاذا علم بعد الاجازة، فلا عقد، و لو شك، فالاصل: بقاء السلطة.

(و من هنا) اى مما ذكرنا من: وجوب الوفاء، حتى فى صورة العلم بعدم الاجازة (يظهر: انه: لا فائدة فى اصالة عدم الاجازة) لان العلم بعدم الاجازة، اذا لم يضر، لم يضر الشك فى عدم الاجازة بطريق اولى.

(لكن ما ذكره البعض المعاصر) من: جريان اصالة عدم الاجازة، و جواز التصرف مطلقا (صحيح على مذهبه، فى الكشف من كون العقد مشروطا بتعقبه بالاجازة).

و انما نقول: بانه صحيح (لعدم احراز الشرط) الّذي هو الاجازة (مع الشك) فى انه هل يجيز أم لا؟ (فلا يجب الوفاء به، على احد من المتعاقدين).

اما على المالك، فلانه لم يجز بعد، حتى يكون العقد عقده فيشمله دليل:

الوفاء.

و اما على الاصيل، فلانه يشك فى الاجازة، فيستصحب بقاء سلطته.

ص: 207

و اما على المشهور فى معنى الكشف، من: كون نفس الاجازة المتأخرة شرطا، لكون العقد السابق بنفسه مؤثرا تاما، فالذى يجب الوفاء به، هو: نفس العقد من غير تقييد، و قد تحقق، فيجب على الاصيل الالتزام به، و عدم نقضه الى ان ينقض، فان رد المالك، فسخ العقد من طرف الاصيل كما ان اجازته امضاء له من طرف الفضولى.

و الحاصل: انه اذا تحقق العقد، فمقتضى: العموم- على القول

______________________________

(و اما على المشهور فى معنى الكشف، من: كون نفس الاجازة المتأخرة شرطا، لكون العقد السابق بنفسه مؤثرا تاما) لا ان العقد المتعقب بالاجازة مؤثر- كما يقوله المعاصر- (فالذى يجب الوفاء به، هو نفس العقد من غير تقييد) بشي ء كالاجازة (و قد تحقق) العقد (فيجب على الاصيل الالتزام به، و عدم نقضه الى ان ينقض) بسبب رد المالك (فان رد المالك، فسخ العقد من طرف الاصيل).

و حينئذ يتمكن الاصيل، ان يتصرف فى ماله، اما قبله فلا (كما ان اجازته) اى اجازة المالك للعقد (امضاء له) اى للعقد (من طرف الفضولى) بمعنى: ان العمل الّذي عمله الفضولى، فهو ممضى.

(و الحاصل:) ان كلام المعاصر من جواز التصرف فى المال، للاصيل غير تام، على مذهب المشهور- الذين يجعلون الاجازة، صرف كاشف محض، و انما المؤثر عندهم هو العقد فقط، بدون اشتراط بالاجازة- (انه اذا تحقق العقد) بين الاصيل و الفضول (فمقتضى: العموم) اى عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (- على القول

ص: 208

بالكشف المبنى على كون ما يجب الوفاء به هو العقد، من دون ضميمة شي ء، شرطا او شطرا- حرمة نقضه على الاصيل مطلقا.

فكل تصرف يعد نقضا لعقد المبادلة، بمعنى عدم اجتماعه مع صحة العقد، فهو غير جائز.

و من هنا: تبين فساد توهم ان العمل بمقتضى العقد كما يوجب حرمة تصرف الاصيل فيما انتقل عنه، كذلك توجب جواز تصرفه فيما انتقل إليه

______________________________

بالكشف) «على مذاق المشهور» و هو (المبنى على كون ما يجب الوفاء به- هو العقد) فقط (من دون ضميمة شي ء) آخر- كالاجازة- الى العقد (شرطا او شطرا) و جزءا- فلا تكون الاجازة شرط العقد، و لا جزئه (حرمة) مفعول: مقتضى (نقضه) اى العقد (على الاصيل مطلقا) سواء علم بالاجازة اوشك فى الاجازة؟

(فكل تصرف يعد نقضا لعقد المبادلة.) الّذي اجراه الاصيل، و الفضول، نقضا (بمعنى عدم اجتماعه) اى ذلك التصرف (مع صحة العقد فهو غير جائز) سواء كان تصرفا غير متلف، او تصرفا متلفا.

(و من هنا) الّذي ذكرنا ان مقتضى: الوفاء، عدم تصرفه فى ماله المنتقل عنه- (تبين فساد توهم ان العمل بمقتضى العقد) من جانب الاصيل (كما يوجب حرمة تصرف الاصيل فيما انتقل عنه، كذلك توجب جواز تصرفه) اى الاصيل (فيما انتقل إليه) من مال المالك.

و كان وجه قوله: تبين، التبين بالالتزام، اذ: لم يكن تبين صريح من الكلام السابق.

ص: 209

لان مقتضى العقد، مبادلة المالين.

فحرمة التصرف فى ماله- مع حرمة التصرف فى عوضه- ينافى مقتضى العقد، اعنى المبادلة.

توضيح الفساد: ان الثابت من وجوب وفاء العاقد بما التزم على نفسه من المبادلة، حرمة نقضه و التخطى عنه.

و هذا لا يدل الاعلى حرمة التصرف فى ماله، حيث التزم بخروجه عن

______________________________

و الحاصل من الاستدلال الّذي توهمه المتوهم، انه ان منع الاصيل من التصرف فى ماله، لزم ان تقولوا: بجواز تصرفه فى مال الطرف، لكن حيث لا تقولون: بجواز تصرفه فى مال الطرف، كان اللازم ان لا تقولوا:

بحرمة تصرفه فى مال نفسه (لان مقتضى العقد، مبادلة المالين) باعطاء مال نفسه، و اخذ مال طرفه.

(فحرمة التصرف فى ماله- مع حرمة التصرف فى عوضه- ينافى مقتضى العقد، اعنى المبادلة) اذ: المبادلة، قوامها ذهاب مال، و مجي ء مال آخر مكانه، فاذا ذهب المال: و حرم التصرف فيه، و لم يجئ مال آخر مكانه: بان لم يجز التصرف فى مال المالك، لم تكن مبادلة.

(توضيح الفساد) الّذي قلنا: تبين فساد (ان الثابت من وجوب وفاء العاقد بما التزم على نفسه من المبادلة، حرمة نقضه و التخطى عنه) بان لا يهتم بالمبادلة، و كانها لم تحدث.

(و هذا) اى وجوب الوفاء، و حرمة النقض (لا يدل الاعلى حرمة التصرف فى ماله، حيث التزم) الاصيل (بخروجه) اى ماله (عن

ص: 210

ملكه، و لو بالبدل.

و اما دخول البدل فى ملكه، فليس مما التزمه على نفسه، بل مما جعله لنفسه.

و مقتضى: الوفاء بالعقد، حرمة رفع اليد عما التزم على نفسه.

و اما قيد كونه بإزاء مال، فهو خارج عن الالتزام على نفسه و إن كان داخلا فى مفهوم المبادلة، فلو لم يتصرف فى مال صاحبه، لم يكن ذلك نقضا للمبادلة فالمرجع فى هذا التصرف

______________________________

ملكه، و لو بالبدل) الّذي هو مال الطرف المقابل.

(و اما دخول البدل فى ملكه) اى ملك الاصيل (فليس مما التزمه) الاصيل (على نفسه) اذ: هو نفع له، لا ضرر عليه (بل مما جعله لنفسه) و نفعا لنفسه

(و مقتضى: الوفاء بالعقد، حرمة رفع اليد عما التزم على نفسه) من كون ماله قد انتقل الى الغير.

(و اما قيد كونه) اى كون خروج ماله عن ملكيته الى ملكية غيره (بإزاء مال) يدخل فى ملكيته من طرف المالك الآخر (فهو خارج عن الالتزام على نفسه) اذ: قد عرفت انه لنفسه (و إن كان) «بإزاء مال» (داخلا فى مفهوم المبادلة) لتوقف حقيقتها على ذلك (فلو لم يتصرف) الاصيل (فى مال صاحبه، لم يكن ذلك) اى عدم التصرف (نقضا للمبادلة).

لكن يستشكل هذا: بان عدم التصرف، شي ء لا يضر بمفهوم المبادلة، و عدم الدخول فى ملكه شي ء يضر بمفهوم المبادلة.

و كيف كان (فالمرجع فى هذا التصرف) اى التصرف فى مال الغير

ص: 211

فعلا و تركا الى ما يقتضيه الاصل و هى: اصالة عدم الانتقال.

و دعوى: ان الالتزام المذكور، انما هو على تقدير الاجازة و دخول البدل فى ملكه.

فالالتزام معلق على تقدير، لم يعلم تحققه، فهو: كالنذر المعلق على شرط، حيث حكم جماعة بجواز التصرف فى المال المنذور، قبل تحقق الشرط، اذا لم يعلم بتحققه.

______________________________

(فعلا) بان يتصرف (و تركا) بان لا يتصرف (الى ما يقتضيه الاصل) العملى (و هى: اصالة عدم الانتقال) الى الاصيل.

(و دعوى) ان الامر ليس كذلك، بل للاصيل التصرف فى ماله قبل الاجازة، ل (ان الالتزام المذكور) اى التزام الاصيل بكون مال نفسه منتقلا الى الطرف الآخر (انما هو على تقدير الاجازة) من الطرف الآخر (و) على تقدير (دخول البدل فى ملكه) اى ملك الاصيل.

اذ: الاصيل لم يعط ماله للطرف مجانا، بل بعوض، و العوض لا يتحقق الا باجازة الطرف الآخر.

(فالالتزام معلق على تقدير، لم يعلم تحققه) لان الاصيل، لا يعلم هل يجيز الطرف الآخر، أم لا؟ (فهو) اى نقل الاصيل ماله (كالنذر المعلق على شرط) كما لو نذر: ان هذه الشاة صدقة ان جاء ولده (حيث حكم جماعة بجواز التصرف فى المال المنذور قبل تحقق الشرط) اى قبل مجي ء الولد فى المثال (اذا لم يعلم بتحققه) و ذلك لاصالة بقاء سلطته حين الشك، فى انه هل يتحقق مجي ء الولد أم لا؟

ص: 212

فكما ان التصرف- حينئذ- لا يعد حنثا، فكذا التصرف فيما نحن فيه قبل العلم بتحقق الاجازة، لا يعد نقضا لما التزمه، اذ: لم يلتزمه فى الحقيقة، الا معلقا.

مدفوعة:- بعد تسليم جواز التصرف فى مسئلة النذر المشهورة بالاشكال ان الفرق بينهما، ان الالتزام هنا غير معلق على الاجازة، و انما التزم بالمبادلة متوقعا للاجازة فيجب عليه

______________________________

(فكما ان التصرف) فى المنذور (- حينئذ-) اى حين الشك فى تحقق الشرط (لا يعد حنثا) للنذر (فكذا التصرف فيما نحن فيه) اى تصرف الاصيل فى مال نفسه فى مسئلتنا (قبل العلم بتحقق الاجازة، لا يعد نقضا لما التزمه) الاصيل بكون ماله للطرف، فى مقابل ان يكون مال الطرف له (اذ: لم يلتزمه) الاصيل (فى الحقيقة، الا معلقا)

فدعوى: ان ماله للطرف معلقا بكون مال الطرف له.

(مدفوعة) خبر: دعوى (- بعد تسليم جواز التصرف فى مسئلة النذر المشهورة بالاشكال-) اذ: اللازم ان يبقى المنذور على حاله كى يتمكن الوفاء بالنذر، عند تحقق النذر فرضا ب (ان الفرق بينهما) اى بين مسئلة النذر الّذي يجوز التصرف اذا كان تحقق متعلق النذر مشكوكا و مسئلة بيع الاصيل الّذي لا يجوز التصرف اذا كان تحقق الاجازة مشكوكا (ان الالتزام هنا) من الاصيل بكون ماله للطرف الآخر (غير معلق على الاجازة، و انما التزم بالمبادلة متوقعا للاجازة) اى فى حالكونه يتوقع و ينتظر ان يجيز الطرف الآخر (فيجب عليه) اى على الاصيل

ص: 213

الوفاء به، و يحرم عليه نقضه الى ان يحصل ما يتوقعه من الاجازة، او ينتقض التزامه برد المالك.

و لاجل ما ذكرنا:- من اختصاص حرمة النقض بما يعد من التصرفات منافيا لما التزمه الاصيل على نفسه، دون غيرها- قال فى القواعد، فى باب النكاح: و لو تولى الفضولى احد طرفى العقد، ثبت فى حق المباشر تحريم المصاهرة.

فان كان زوجا، حرمت عليه الخامسة، و الاخت و الام، و البنت، الا

______________________________

(الوفاء به) اى بما التزمه (و يحرم عليه نقضه الى ان يحصل ما يتوقعه من الاجازة) من الطرف الآخر (او ينتقض التزامه) اى التزام الاصيل (برد المالك) للمعاملة.

(و لاجل ما ذكرنا:- من اختصاص حرمة النقض بما يعد من التصرفات منافيا لما التزمه الاصيل على نفسه، دون غيرها-) اى سائر التصرفات غير المنافية لالتزام الاصيل (قال فى القواعد، فى باب النكاح: و لو تولى الفضولى احد طرفى العقد) الايجاب او القبول (ثبت فى حق) الطرف الآخر (المباشر) بنفسه للعقد (تحريم المصاهرة) المنافية للمباشر.

(فان كان) المباشر (زوجا) بان: نكح الفضولى زيد ابنت عمرو، و قبل الزوج بنفسه العقد (حرمت عليه الخامسة) اذا كانت عنده اربع (و الاخت، و الام، و البنت) لبنت عمرو، الاخت جمعا و البنت حال بقاء العقد، و ان لم يدخل بالام، و البنت بمجرد العقد دخل، أم لم يدخل بالام (الا

ص: 214

اذا فسخت على اشكال فى الام.

و فى الطلاق نظر، لترتبه على عقد لازم، فلا يبيح المصاهرة.

______________________________

اذا فسخت) البنت النكاح، بان لم تجز بنت عمرو النكاح، فانه تحل حينئذ الاخت، و الخامسة، و البنت (على اشكال فى الام).

هل انه يصح ان يأخذها زيد بعد بطلان نكاح البنت؟ لان عدم اجازة البنت كاشف عن عدم وقوع النكاح على الام اصلا، فليست أم المزوجة.

أو لا يصح، لان زيدا اقدم بنفسه على الزواج، و تم الامر من جانبه، فصارت أم البنت، أم الزوجة، فلا يصح له نكاحها اطلاقا، لان مجرد النكاح للبنت يوجب حرمة الام، لقوله تعالى: وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ.

(و فى) كون (الطلاق) مفيدا فى رفع حرمة المصاهرة (نظر) فاذا طلق الزوج الاصيل النكاح الّذي اوقعه مع الفضولى- و قد اوقع الطلاق قبل رد البنت او اجازتها-.

فهل تحل الخامسة، و بنتها، و أمها، و ما اشبه، لان الطلاق خصم النكاح فعادت الامور كالسابق.

او لا تحل (لترتبه) اى الطلاق الموجب للحلية (على عقد لازم) و العقد فى المقام ليس بلازم، لتوقفه على اجازة الزوجة، فلا يؤثر الطلاق هنا اثره المتوقع منه فى سائر الطلاقات (فلا يبيح) هذا الطلاق (المصاهرة) التى كانت محرمة بسبب النكاح، كاخذه: لاختها او أمها، او ما اشبه.

ص: 215

و ان كانت زوجة لم يحل لها نكاح غيره، الا اذا فسخ، و الطلاق هنا معتبر، انتهى.

و عن كشف اللثام: نفى الاشكال.

و قد صرح أيضا جماعة بلزوم النكاح المذكور من طرف الاصيل، و فرعوا عليه تحريم المصاهرة.

______________________________

(و ان كانت) الاصيل فى اجراء النكاح (زوجة) بان نكحت نفسها لزيد، و قبل خالد من قبل زيد فضولة (لم يحل لها نكاح غيره) قبل ان يرد الزوج، او يجيز (الا اذا فسخ) الزوج النكاح (و الطلاق) من قبل الزوج (هنا معتبر) اذ: معناه قبول النكاح، فاذا طلق الزوج، كان معناه انه قبل النكاح.

و عليه فيترتب على هذا النكاح جميع ما يترتب على النكاح الصحيح، من قبيل حرمة اب الزوج على الزوجة و ما اشبه (انتهى) كلام القواعد.

(و عن كشف اللثام: نفى الاشكال) يعنى فى تحريم المصاهرة من طرف المباشر، فاذا باشر الزوج النكاح مع فضولى، عن طرف المرأة، لم يجز للزوج قبل فسخ المرأة، ان يأخذ اخت المرأة، و هكذا، لان الامر، تم من قبله، اما المرأة فيحق لها ان تزوج نفسها، لانها لم تزوج نفسها بالرجل.

(و قد صرح أيضا جماعة بلزوم النكاح المذكور) اى ما كان طرفه اصيلا و طرفه الآخر فضوليا (من طرف الاصيل، و فرعوا عليه) اى على كونه صحيحا من طرف الاصيل (تحريم المصاهرة) فلا يحق للاصيل ان يأخذ محرمات النكاح مطلقا، كام الزوجة، و اب الزوج.

ص: 216

و اما مثل النظر الى المزوجة فضولا، و الى أمها- مثلا- و غيره، مما لا يعد تركه نقضا لما التزم التعاقد على نفسه.

فهو باق تحت الاصول، لان ذلك من لوازم علاقة الزوجية غير الثابتة بل المنفية بالاصل.

فحرمة نقض العاقد لما عقد على نفسه لا تتوقف على ثبوت نتيجة العقد اعنى

______________________________

او جمعا كاخت الزوجة، او ما اشبه كبنت الزوجة فى حال عدم الفسخ و الطلاق- فيما لم يدخل بها-.

(و اما مثل النظر الى المزوجة فضولا) بان كان الفضولى فى جانب الزوجة، و الزوج هو الاصيل (و الى أمها- مثلا-) كجدتها أيضا (و غيره) اى غير النظر كالاستمتاع و الارث منها اذا ماتت (مما لا يعد تركه) اى ترك النظر و نحوه (نقضا لما التزم العاقد على نفسه) و قد تقدم ان نقض العاقد لما التزم على نفسه محظور، لانه خلاف: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(فهو) اى: مثل النظر (باق تحت الاصول) الاولية، فيحرم نظر الزوج إليها، و الى سائر محارم المصاهرة، و لا يرث منها لو ماتت، و هكذا (لان ذلك) اى: مثل النظر (من لوازم علاقة الزوجية غير الثابتة) بمجرد عقد اصيل و فضولى (بل المنفية) تلك العلاقة (بالاصل) لانها لم تكن، و لا نعلم بانها حدثت أم لا؟

(فحرمة نقض العاقد) الاصيل (لما عقد على نفسه) اى عقدا كان التزاما على نفسه: لا لنفسه، (لا تتوقف) حرمة النقض (على ثبوت نتيجة العقد اعنى

ص: 217

علاقة الملك، او الزوجية، بل ثبوت النتيجة تابع لثبوت حرمة النقض من الطرفين.

ثم ان بعض متأخرى المتاخرين ذكر ثمرات اخر، لا بأس بذكرها للتنبه بها، و بما يمكن ان يقال عليها.

منها ما لو انسلخت قابلية الملك عن احد المتبايعين بموته قبل اجازة الآخر، او بعروض كفر بارتداد فطرى.

______________________________

علاقة الملك) فى مسئلتنا، و هى مسئلة بيع اصيل و فضولى (او الزوجية) فيما لو زوج احد الطرفين نفسه اصالة، و كان الفضول طرفا عن الطرف الآخر (بل ثبوت النتيجة) و ترتب مطلق الآثار على البيع، او الزواج (تابع لثبوت حرمة النقض من الطرفين).

و لا اشكال فى جواز التفكيك فى الاحكام الشرعية، كما لو شهدت امرأة واحدة بالوصية، فانه يثبت بشهادتها بعض الوصية، مع انه فى الواقع لا يخلو الامر من وجود الوصية او عدمها، فاللازم ان تثبت الوصية بكاملها أو لا يثبت شي ء منها.

(ثم ان بعض متأخرى المتأخرين ذكر ثمرات اخر) للقول بالكشف، او النقل (لا بأس بذكرها للتنبه بها، و بما يمكن ان يقال عليها) اى يستشكل على تلك الثمرات.

(منها ما لو انسلخت قابلية الملك عن احد المتبايعين بموته قبل اجازة الآخر) كما لو باع زيد الاصيل كتابه لبكر الفضول عن قبل خالد، ثم مات زيد قبل اجازة خالد (او بعروض كفر) لزيد (بارتداد فطرى) لان المرتد

ص: 218

او غيره، مع كون المبيع عبدا مسلما، او مصحفا، فيصح- حينئذ- على الكشف، دون النقل، و كذا لو انسلخت قابلية المنقول بتلف، او عروض نجاسة له مع ميعانه الى غير ذلك و فى مقابله ما لو تجددت القابلية قبل الاجازة بعد انعدامها حال العقد

______________________________

الفطرى يخرج امواله عن ملكه (او غيره) اى غير الفطرى- و هو الملى- (مع كون المبيع عبدا مسلما، او مصحفا) لان المرتد و لو كان مليا كافر، و الكافر لا يسلط على العبد المسلم، او المصحف، (فيصح) البيع (- حينئذ-) اى حين ارتد قبل اجازة الآخر، و بعد ذلك اجاز الآخر (على الكشف) لان البيع وقع فى حال كون زيد- الّذي ارتد بعد ذلك مسلما مالكا لا حواله، و للعبد المسلم، و للمصحف (دون النقل) اذ:

الانتقال يقع الآن، فى حال كفر زيد، و من المعلوم ان زيدا لا يملك الآن شيئا (و كذا لو انسلخت قابلية المنقول بتلف) كما لو تلف الكتاب قبل اجازة خالد (او عروض نجاسة له مع ميعانه، الى غير ذلك) فيما كانت الاستفادة منه متوقفة على الطهارة، و لم يكن قابلا لها، كما لو تنجس الدبس، فانه على الكشف يصح البيع، لان الكتاب حين البيع كان قائما، و الدبس كان طاهرا، و على النقل لا يصح البيع، لان حال الاجازة لا وجود للكتاب، و لا طهارة للدبس (و فى مقابلة) اى مقابل ما تقدم من صحة البيع، على الكشف دون النقل حيث ان فى الامثلة الآتية يصح على النقل، دون الكشف (ما لو تجددت القابلية قبل الاجازة بعد انعدامها) اى فقد القابلية (حال العقد) فانه يصح على النقل دون الكشف

ص: 219

كما لو تجددت الثمرة و بدا صلاحها بعد العقد، قبل الاجازة و فيما قارن العقد فقد الشروط، ثم حصلت، و بالعكس.

و ربما: يعترض على الاول بامكان دعوى: ظهور الادلة فى اعتبار استمرار القابلية الى حين الاجازة على الكشف، فيكشف الاجازة عن حدوث الملك من حين العقد مستمرا الى حين الاجازة.

______________________________

(كما لو تجددت الثمرة و بدأ صلاحها بعد العقد، قبل الاجازة) فيما لو باعها الاصيل و الفضولى، قبل بدو الصلاح، فان البيع حينئذ لا يصح.

فان قلنا: بالكشف، بطل البيع لانه وقع حال عدم صحة البيع.

و ان قلنا: بالنقل صح، لان البيع وقع حال بدو الصلاح الموجب للصحة (و فيما قارن العقد فقد الشروط، ثم حصلت) بان كان الشرط حال العقد مفقودا، ثم حصل الشرط قبل الاجازة، فانه يصح العقد على النقل دون الكشف (و بالعكس) بان قارن العقد وجود الشرط، ثم فقد الشرط قبل الاجازة، فانه يصح العقد على الكشف، دون النقل- هذه الثمرة مما ذكره الشيخ جعفر الكبير فى شرحه على القواعد-

(و ربما: يعترض على الاول) و المعترض صاحب الجواهر (بامكان دعوى: ظهور الادلة فى اعتبار استمرار القابلية الى حين الاجازة) بناء (على الكشف، فيكشف الاجازة عن حدوث الملك من حين العقد مستمرا الى حين الاجازة) فلا فرق فى بطلان العقد بموت احد المتبايعين قبل الاجازة، بين الكشف و النقل.

اما على النقل، فواضح.

ص: 220

و فيه: انه: لا وجه لاعتبار استمرار القابلية، و لا استمرار التملك المكشوف عنه بالاجازة الى حينها، كما لو وقعت بيوع متعددة على ماله، فانهم صرحوا بان اجازة الاول، توجب صحة الجميع، مع عدم بقاء مالكية الاول مستمرا

______________________________

و اما على الكشف، فانه و إن كانت الحياة التى هى شرط كانت موجودة حال البيع، لكن اللازم بقاء الشرط الى حال الاجازة، فى الكشف، و حيث لم يبق الشرط، انتفى صلوح العقد للحوق الاجازة عليه.

(و فيه) اى فى اعتراض صاحب الجواهر على كاشف الغطاء (انه: لا وجه لاعتبار استمرار القابلية) على الكشف (و لا استمرار التملك المكشوف عنه) اى عن ذلك التملك (بالاجازة الى حينها) اى حين الاجازة، بل يكفى وجود القابلية كحياة زيد حال العقد فقط، كما يكفى وجود التملك- ككون الدبس طاهرا- حال العقد، و ان مات زيد و تنجس الدبس قبل الاجازة (كما لو وقعت بيوع متعددة) فضولية (على ماله) اى مال المالك (فانهم صرحوا بان اجازة) المالك البيع (الاول، توجب صحة الجميع) كما لو باع زيد مال محمد لبكر، و باع البكر لخالد، و باع الخالد لعمرو، فان محمدا اذا اجاز البيع صحت البيوع اللاحقة (مع عدم بقاء مالكية الاول مستمرا) اذ: بالاجازة خرج المال عن ملك محمد، فكيف يمكن ان تصحح الاجازة البيع الثانى، و الثالث؟ التى وقعت حال خروج المال عن ملك محمد.

اذ: باجازة محمد خرج المال عن ملكه، فالبيع الثانى- اذا اريد

ص: 221

و كما يشعر بعض اخبار المسألة المتقدمة، حيث ان ظاهر بعضها، و صريح الآخر عدم اعتبار حياة المتعاقدين حال الاجازة.

مضافا الى فحوى خبر تزويج الصغيرين الّذي يصلح ردا لما ذكر فى الثمرة الثانية،

______________________________

تأثير الاجازة فيه- انما كان بعد خروج المال عن ملك محمد باجازته البيع الاول، فكيف تؤثر اجازة محمد فى صحة هذا البيع الثانى؟

و ان شئت قلت تأثير الاجازة فى البيع الثانى، انما هو بعد خروج المال عن ملك زيد بسبب تأثير الاجازة فى البيع الاول (و كما يشعر) بعدم اعتبار استمرار القابلية (بعض اخبار المسألة المتقدمة) مسئلة الفضولى (حيث ان ظاهر بعضها، و صريح الآخر عدم اعتبار حياة المتعاقدين) اى حياة كليهما، بان مات احدهما (حال الاجازة).

و اورد على المصنف ره بانه لم يتقدم منه، كما ليس فى اخبار الباب ما يدل على ما ذكره.

اللهم الا ان يريد بالظهور اطلاق اخبار الفضولى.

(مضافا الى فحوى خبر تزويج الصغيرين الّذي يصلح ردّا لما ذكر فى الثمرة الثانية) بين الكشف و النقل.

وجه الفحوى: انه اذا كان موت احد الزوجين غير موجب لرفع قابلية العقد، بل العقد يبقى بعد موت احدهما قابلا للفسخ و الامضاء، فموت احد المتبايعين، لا يوجب بطلان البيع الّذي وقع فضولة، بل البيع يبقى على صلاحيته للرد، و الاجازة.

ص: 222

اعنى خروج المنقول عن قابلية تعلق إنشاء عقد، او اجازة به، لتلف، و شبهه.

فان موت احد الزوجين، كتلف احد العوضين، فى فوات احد ركنى العقد.

مضافا الى اطلاق رواية عروة،

______________________________

و هذا الخبر- بالإضافة الى صلاحيته لرد الثمرة الاولى التى ذكرها الجواهر، و هى خروج احد البائعين عن القابلية- صالح لرد الثمرة الثانية- و هى خروج احد العوضين عن القابلية-.

و بين المراد من الثمرة الثانية بقوله: (اعنى خروج المنقول عن قابلية تعلق إنشاء عقد، او اجازة) عقد فضولى (به) اى بذلك المنقول.

و انما خرج عن القابلية (لتلف، و شبهه) كما لو تنجس، فى مثال الدبس المتقدم.

ثم ان المصنف بين وجه قوله: لا يصح، بقوله (فان موت احد الزوجين) فى مسئلة الصغيرين (كتلف احد العوضين، فى فوات احد ركنى العقد).

لان الزوجين ركنان فى النكاح، كما ان العوضين ركنان فى البيع، فاذا كان موت احد الزوجين لا يضر بصلاحية النكاح للامضاء، فكذلك تلف احد العوضين لا يضر بصلاحية العقد الفضولى للامضاء.

(مضافا الى) انه يرد الجواهر الّذي يقول: بلزوم بقاء الشرائط الى حين الاجازة (اطلاق رواية عروة) البارقى الّذي اعطاه النبي دينارا

ص: 223

حيث لم يستفصل النبي (ص) عن موت الشاة او ذبحها و اتلافها.

نعم ما ذكره اخيرا- من تجدد القابلية بعد العقد حال الاجازة- لا يصلح ثمرة للمسألة، لبطلان العقد ظاهرا، على القولين، و كذا فيما لو قارن العقد فقد الشرط.

و بالجملة: فباب المناقشة

______________________________

لاشتراء شاة فاشترى به شاتين، و باع احدهما بدينار، و جاء الى النبي صلى اللّه عليه و آله بشاة و دينار، فامضى النبي (ص) معاملته (حيث لم يستفصل النبي (ص) عن موت الشاة) التى باعها عروة (او ذبحها، و اتلافها) فانه لو كان بقاء العين شرطا فى صحة الاجازة كان اللازم على النبي (ص) ان يستفسر، هل الشاة المبيعة موجودة او تالفه؟ فيعطى الاجازة فى صورة الوجود فقط.

فعدم استفساره (ص) دليل على انه تصح الاجازة، و لو كانت العين تالفة (نعم ما ذكره) كاشف الغطاء (اخيرا) للفرق بين الكشف و النقل، فى عبارته التى نقلناها بقوله: و فى مقابله ما لو تجددت القابلية ... الخ (- من تجدد القابلية) للمبيع (بعد العقد حال الاجازة-) كبد و الصلاح بعد العقد قبل الاجازة (لا يصلح ثمرة للمسألة) و فارقا بين الكشف و النقل (لبطلان العقد ظاهرا) لان العقد وقع على ما ليس بقابل اصلا (على القولين) الكشف و النقل (و كذا فيما لو قارن العقد فقد الشرط) بان حصل الشرط بعد العقد مباشرة فى مقابل ان يحصل بعده بمدة.

(و بالجملة: فباب المناقشة) على اشكالاتنا على صاحب الجواهر

ص: 224

و ان كان واسعا، الا ان الارجح فى النظر ما ذكرناه.

و ربما يقال: بظهور الثمرة فى تعلق الخيارات، و حق الشفعة، و احتساب مبدأ الخيارات، و معرفة مجلس الصرف،

______________________________

(و ان كان واسعا الا ان الارجح فى النظر ما ذكرناه) من الايرادات التى ذكرناها على الجواهر، و تمامية كلام كاشف الغطاء فى ما ذكره من الثمرة بين الكشف و النقل فى الجملة.

(و ربما يقال: بظهور الثمرة) بين الكشف و النقل (فى تعلق الخيارات) مثلا: لو كان معيبا قبل الاجازة، و كان صحيحا حال الاجازة.

فعلى الكشف: يكون للمشترى خيار العيب.

و على النقل: لا يكون له هذا الخيار (و حق الشفعة) فاذا كان قبل الاجازة مشتركا بين نفرين، و حال الاجازة مشتركا بين اكثر.

فاذا قلنا: بالكشف كان للشريك حق الشفعة.

و اذا قلنا: بالنقل لم يكن له حق الشفعة، لاشتراط الشفعة بان لا يزيد الشركاء على اثنين (و احتساب مبدأ الخيارات) مثلا خيار الثلاثة فى الحيوان، ان قلنا: بالكشف يبتدأ الخيار من يوم الخميس الّذي هو يوم البيع، و ان قلنا بالنقل: يبتدأ الخيار من يوم الجمعة الّذي هو يوم الاجازة (و معرفة مجلس الصرف) لانه اذا لم يتقابض الثمن و المثمن فى مجلس الصرف- و هو بيع الاثمان- يبطل البيع، فاذا لم يتقابضا فى مجلس العقد، و تقابضا فى مجلس الاجازة.

فان كانت الاجازة كاشفة، بطل البيع، لعدم حصول القبض فى مجلس

ص: 225

و السلم و الايمان، و النذور، المتعلقة بمال البائع او المشترى.

و تظهر الثمرة أيضا، فى العقود المترتبة على الثمن او المثمن، و سيأتى إن شاء الله تعالى.

[أما شروطها]
و ينبغى التنبيه على امور.
اشارة

______________________________

البيع.

و ان كانت الاجازة ناقلة، صح البيع لحصول القبض فى مجلس البيع (و) معرفة مجلس (السلم) لاعتبار قبض الثمن فى السلم فى مجلس البيع، فحاله حال الصرف من هذه الجهة (و الايمان، و النذور) و العهود (المتعلقة بمال البائع او المشترى) فاذا نذر البائع، ان جاء ولده، فكل امواله التى هى له الآن صدقة، و كان اليوم خميسا، و كان باع داره للفضولى، ثم اجاز الفضولى يوم الجمعة.

فان قلنا: بالنقل، لزم اعطاء البائع داره صدقة.

و ان قلنا: بالكشف، كانت داره خارجة عن امواله، فلا يلزم دفعها صدقة، و هكذا.

(و تظهر الثمرة أيضا) بين الكشف و النقل (فى العقود المترتبة على الثمن او المثمن، و سيأتى إن شاء الله تعالى) تفصيل الكلام فيه الّذي منه انه ان المبيع فضولة لو باعه المشترى قبل اجازة المالك، ثم اجاز.

فعلى الكشف: يكون بيع المشترى بيعا صحيحا لا فضوليا.

و على النقل: يكون من مسئلة من باع ثم ملك.

(و ينبغى التنبيه على امور) من فروع مسئلة الكشف و النقل.

ص: 226

الأول: ان الخلاف فى كون الاجازة كاشفة او ناقلة، ليس فى مفهومها اللغوى،

و معنى الاجازة، وضعا او انصرافا، بل فى حكمها الشرعى بحسب ملاحظة اعتبار رضى المالك، و ادلة: وجوب الوفاء بالعقود، و غيرهما من الادلة الخارجية.

فلو قصد المجيز الامضاء من حين الاجازة على القول بالكشف او

______________________________

(الاول: ان الخلاف فى كون الاجازة كاشفة او ناقلة، ليس فى مفهومها اللغوى، و) فى (معنى الاجازة، وضعا او انصرافا) هل ان معنى اجاز، نقل الآن، او نقل حين العقد، اذ ليس هذا من المباحث اللغوية (بل فى حكمها الشرعى بحسب ملاحظة اعتبار رضى المالك) مثل: لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه (و ادلة: وجوب الوفاء بالعقود) مثل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (و غيرهما من الادلة الخارجية) اى الادلة الخارجة عن: دليل الاجازة، و انه يصح العقد الفضولى.

فالمراد ان دليل الرضا، يدل على انه كاشف عن تمامية السبب، او انه جزء السبب الناقل.

و هل ان الاجازة شرعا تسبب نسبة العقد الى المجيز: حتى يكون عقودكم، من حين العقد، او من حين الاجازة.

و على ما ذكرناه من ان النزاع فى الحكم الشرعى، و انه كيف حكم الشارع؟ حسب ما يستفاد من ظاهر الادلة.

(فلو قصد المجيز الامضاء) للعقد الفضولى (من حين الاجازة) لا من حين العقد (- على القول بالكشف-) بان قصد خلاف ما قاله الشارع (او)

ص: 227

الامضاء من حين العقد- على القول بالنقل- ففى صحتها وجهان.

الثانى انه يشترط فى الاجازة ان يكون باللفظ الدال عليها، على وجه الصراحة العرفية

كقوله: امضيت، و اجزت، و انفذت، و رضيت، و شبه ذلك، و ظاهر رواية البارقى: وقوعها بالكناية، و ليس ببعيد، اذا اتكل عليه عرفا.

______________________________

قصد (الامضاء من حين العقد) لا من حين الاجازة (- على القول بالنقل-) و ان الشارع جعل الاجازة ناقلة (ففى صحتها وجهان).

الصحة: لان اصل الاجازة حيث يكون مشروعا ينفذ- اما الخصوصية حيث لا تكون مشروعة لا تنفذ-.

و البطلان: لانه انما اجاز مقيدا، فما اجاز لا يمكن، و ما يمكن لم يجز

(الثانى انه يشترط فى الاجازة ان يكون باللفظ الدال عليها، على وجه الصراحة العرفية) و ان كان غير صريح لغة او اصطلاحا (كقوله:

امضيت، و اجزت، و انفذت، و رضيت، و شبه ذلك) من سائر الالفاظ (و ظاهر رواية البارقى: وقوعها) اى الاجازة (بالكناية) لان النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: بارك الله فى صفقة يمينك، و هذا اللفظ كناية عن الاجازة (و ليس) كفاية الكناية (ببعيد، اذا اتكل عليه) اى على اللفظ الكنائى (عرفا).

و ذلك: لان الدليل ان يكون العقد منسوبا إليه، حتى يصدق: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و ذلك يحصل بالكناية الظاهرة.

ص: 228

و الظاهر: ان الفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد كاف، كالتصرف فى الثمن.

و منه اجازة البيع الواقع عليه، كما سيجي ء، و كتمكين الزوجة من الدخول بها اذا زوجت فضولا، كما صرح به العلامة ره.

و ربما يحكى عن بعض، اعتبار اللفظ، بل نسب الى صريح جماعة و ظاهر آخرين، و فى النسبة نظر.

______________________________

(و الظاهر) من الدليل المتقدم (ان الفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد كاف، كالتصرف فى الثمن) فلو اعلم صاحب الكتاب ان الفضول باع كتابه بهذا الدينار، فاخذ الدينار مظهرا الرضا بذلك، كان اجازة عملية.

(و منه) اى من الفعل الدال على الرضا (اجازة البيع الواقع عليه) اى على الثمن، كما لو اشترى الفضول بالدينار- المذكور- كتابا آخر، فقال للفضول: اجزت اشترائك الكتاب، فانه ظاهر فى انه اجاز البيع الاول الواقع على كتابه- فضولة- (كما سيجي ء) الكلام حوله (و كتمكين الزوجة من الدخول بها اذا زوجت فضولا) او كاقدام الرجل المزوج فضولا على وطى الزوجة (كما صرح به العلامة ره) و غيره.

(و ربما يحكى عن بعض، اعتبار اللفظ) فى باب الاجازة، فلا يفيد الفعل الّذي فيه الاشارة (بل نسب الى صريح جماعة و ظاهر آخرين، و فى النسبة نظر) لان كلام أولئك العلماء ليس صريحا فى انحصار الاجازة باللفظ.

ص: 229

و استدل عليه بعضهم من انها كالبيع فى استقرار الملك، و هو يشبه المصادرة.

و يمكن ان يوجه بان الاستقراء فى النواقل الاختيارية اللازمة كالبيع و شبهه، يقتضي اعتبار اللفظ.

و من المعلوم: ان النقل الحقيقى العرفى من المالك يحصل بتأثير الاجازة.

______________________________

(و استدل عليه) اى على اعتبار اللفظ فى الاجازة (بعضهم من انها) اى الاجازة (كالبيع فى استقرار الملك) فان البيع يوجب اصل الملك، و الاجازة توجب استقرار الملك، فاذا كان البيع يحتاج الى اللفظ، فالاجازة أيضا تحتاج الى اللفظ (و هو يشبه المصادرة) لان كون الاجازة مثل البيع اوّل الكلام، فالاستدلال بما هو محل كلام، شبه مصادرة و ليس بمصادرة لانها عبارة عن الاستدلال بنفس المطلوب.

(و يمكن ان يوجه) هذا الاستدلال بما يخرجه عن كونه شبه مصادرة (بان الاستقراء فى النواقل الاختيارية) اى مقابل غير الاختيارية مثل الارث (اللازمة) مقابل غير اللازمة، كبعض اقسام الهبة (كالبيع، و شبهه، يقتضي اعتبار اللفظ) فكان الاستقراء افاد قاعدة كلية، هى: ان كل ناقل لازم يحتاج الى اللفظ.

(و) اذا ضممنا الى هذه الكلية هذه الصغرى، و هى: ان (من المعلوم: ان النقل الحقيقى العرفى من المالك يحصل بتأثير الاجازة) فكانها ناقلة، افاد ان الاجازة تحتاج الى النقل.

ص: 230

و فيه: نظر، بل لو لا شبهة الاجماع الحاصلة من عبارة جماعة من المعاصرين، تعين القول بكفاية نفس الرضا، اذا علم حصوله من اى طريق كما يستظهر من كثير من الفتاوى، و النصوص، فقد علل جماعة عدم كفاية السكوت فى الاجازة، بكونه اعم من الرضا، فلا يدل عليه.

فالعدول عن التعليل بعدم اللفظ الى عدم الدلالة.

______________________________

(و فيه) ان فى هذا التوجيه (نظر).

اذ: أولا، اى دليل على ان كل ناقل يحتاج الى اللفظ؟

و ثانيا: الاجازة ليست ناقلة مطلقا، بل انما تكون ناقلة، على النقل فقط (بل لو لا شبهة الاجماع) على اعتبار اللفظ، او الفعل الدال على الاجازة (الحاصلة من عبارة جماعة من المعاصرين، تعين القول بكفاية نفس الرضا، اذا علم حصوله) اى حصول الرضا (من اى طريق) و العلم انما يحتاج إليه فى مقام الاثبات، اما فى مقام الثبوت، فهو كاف، فالراضى يجب عليه ان يرتب الأثر على رضاه (كما يستظهر) كفاية الرضا فقط، من دون حاجة الى فعل او قول (من كثير من الفتاوى، و النصوص).

اما استفادة ذلك من الفتاوى (فقد علل جماعة عدم كفاية السكوت فى الاجازة، بكونه) اى السكوت (اعم من الرضا، فلا يدل) السكوت (عليه) اى على الرضا- اذ من الممكن ان يكون السكوت خوفا او ما اشبه-.

(فالعدول) اى عدول هؤلاء المعللين (عن التعليل بعدم اللفظ) اى لم يقولوا: السكوت لا يكفى لانه ليس بلفظ (الى عدم الدلالة) حيث

ص: 231

كالصريح فيما ذكرنا.

و حكى عن آخرين، انه: اذا انكر الموكل الاذن فيما اوقعه الوكيل من المعاملة، فحلف، انفسخت، لان الحلف يدل على كراهتها.

و ذكر بعض انه يكفى فى اجازة البكر للعقد الواقع عليها فضولا سكوتها.

و من المعلوم: ان ليس المراد من ذلك انه لا يحتاج الى اجازتها بل المراد كفاية السكوت الظاهر فى الرضا، و ان لم يفد القطع دفعا

______________________________

عللوا بان السكوت لا يدل (كالصريح فيما ذكرنا) من كفاية الرضا اذا علم به.

(و حكى عن آخرين، انه: اذا انكر الموكل الاذن فيما اوقعه الوكيل من المعاملة، فحلف) انه لم يأذن للوكيل (انفسخت، لان الحلف يدل على كراهتها) اى كراهة الموكل للمعاملة.

فهذا يدل على ان الكراهة، توجب الفسخ بدون اللفظ، و حيث ان الفسخ و الامضاء من واد واحد، فالامضاء أيضا يتحقق بالرضا بدون اللفظ.

(و ذكر بعض انه يكفى فى اجازة البكر للعقد الواقع عليها فضولا سكوتها) فيدل هذا الكلام على كفاية السكوت، و عدم الاحتياج الى اللفظ.

(و من المعلوم: ان ليس المراد من ذلك) الكلام بكفاية سكوتها (انه لا يحتاج الى اجازتها، بل المراد كفاية السكوت الظاهر فى الرضا، و ان لم يفد) السكوت (القطع).

و انما يكفى ذلك- و ان لم يفد القطع- (دفعا

ص: 232

للحرج عليها، و علينا.

ثم ان الظاهر: ان كل من قال بكفاية الفعل الكاشف عن الرضا كأكل الثمن، و تمكين الزوجة، اكتفى به من جهة الرضا المدلول عليه به، لا من جهة سببية الفعل تعبدا.

و قد صرح غير واحد، بانه لو رضى المكره بما فعله، صح و لم يعبروا بالاجازة.

______________________________

للحرج عليها) لان حيائها مانع عن ان تتكلم، فاكتفى بسكوتها (و علينا) فاذا امرنا بان نسمع كلامها يلزم علينا التكرار فى استجوابها حتى يصل ذلك الى حد الحرج.

(ثم ان الظاهر: ان كل من قال بكفاية الفعل الكاشف عن الرضا) فى باب الاجازة (كأكل) صاحب الكتاب الّذي يبيع كتابه فضولا- مثلا- (الثمن) عالما عامدا (و تمكين الزوجة) المعقودة فضولة، من نفسها للزوج (اكتفى به) اى بالفعل الدال على الاجازة (من جهة الرضا المدلول عليه) اى على ذلك الرضا (به) اى بالفعل (لا من جهة سببية الفعل تعبدا) اذ: لا تعبد فى كفاية الفعل.

و على هذا فالمعيار هو الرضا لا غير.

(و قد صرح غير واحد، بانه لو رضى المكره بما فعله) حين كونه مكرها كما لو اكره على العقد، ثم رضى به (صح) ما فعله (و لم يعبروا بالاجازة) و ذلك مما يدل على كفاية الرضا.

هذا كله كلماتهم الدالة على كفاية الرضا فى باب الاجازة، و انه لا يحتاج

ص: 233

و قد ورد فى: من زوجت نفسها فى حال السكر، انها اذا اقامت معه بعد ما افاقت، فذلك رضاء منها.

و عرفت أيضا استدلالهم على كون الاجازة كاشفة، بان العقد مستجمع للشرائط، عدا رضى المالك، فاذا حصل، عمل السبب التام عمله.

و بالجملة: فدعوى الاجماع فى المسألة دونها خرط القتاد.

و حينئذ فالعمومات المتمسك بها لصحة الفضولى

______________________________

الى اللفظ و الفعل.

(و) اما الرويات ف (قد ورد فى: من زوجت نفسها فى حال السكر، انها اذا اقامت معه) اى مع الرجل (بعد ما افاقت، فذلك رضاء منها) و هذا كاشف عن ان الرضا كاف فى الاجازة، و الا لم يكن وجه لهذا التعليل.

(و عرفت أيضا استدلالهم على كون الاجازة كاشفة، بان العقد مستجمع للشرائط، عد ارضى المالك، فاذا حصل) رضى المالك (عمل السبب التام عمله).

فهذا يدل على ان الاجازة، انما هى طريقية الى الرضا، و لا خصوصية لها.

(و بالجملة: فدعوى الاجماع) على عدم كفاية الرضا فقط، بدون لفظ افعل (فى المسألة) اى مسئلة الاجازة فى العقد الفضولى (دونها) و اسهل منها (خرط القتاد) عود له شوك حاد، فامرار اليد من فوقه الى اسفله، عكس منبت الشوك، يوجب تقطع اليد و جراحتها.

(و حينئذ) اذ: لا دليل على اعتبار اللفظ او الفعل، فى باب الاجازة (فالعمومات المتمسك بها لصحة الفضولى) مثل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و تجارة

ص: 234

السالمة عن ورود مخصص عليها عدا ما دل على اعتبار رضى المالك فى حل ماله، و انتقاله الى الغير، و رفع سلطنته عنه، اقوى حجة فى المقام.

مضافا: الى ما ورد فى عدة اخبار من ان سكوت المولى بعد علمه بتزويج عبده، اقرار منه له عليه.

و ما دل على ان قول المولى لعبده المتزوج بغير اذنه: طلق، يدل على الرضا بالنكاح، فيصير اجازة.

______________________________

عن تراض (السالمة عن ورود مخصص عليها) يدل ذلك المخصص على اعتبار اللفظ او الفعل (عدا ما دل على اعتبار رضى المالك) نحو: لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه، فما دل على اعتبار رضى المالك (فى حل ماله، و) فى (انتقاله الى الغير، و) فى (رفع سلطنته عنه) اى عن ماله (اقوى حجة فى المقام) اذ: الدليل انما دل على اعتبار الرضى فقط، و لا دليل آخر، يدل على اعتبار شي ء آخر من لفظ او كتابة.

اللهم الا ان يقال: ان الرضا لا يصحح الاستناد، و العقد يحتاج الى الاستناد، حتى يشمله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، المفهوم منه: بعقودكم.

و لذا مجرد رضى الطرفين بالنكاح بدون الاعلام لا يصحح عمل الفضوليين، بدون اجازة لاحقة.

(مضافا: الى ما ورد فى عدة اخبار من ان سكوت المولى بعد علمه بتزويج عبده، اقرار منه) اى من المولى (له) اى للعبد (عليه) اى على التزويج.

(و ما دل على ان قول المولى لعبده المتزوج بغير اذنه: طلق، يدل على الرضا) من المولى (بالنكاح، فيصير اجازة) اذ: طلق، يدل

ص: 235

و على: ان المانع من لزوم نكاح العبد بدون اذن مولاه، معصية المولى التى ترتفع بالرضى.

و ما دل: على ان التصرف من ذى الخيار رضى منه. و غير ذلك.

بقى فى المقام، انه اذا قلنا: بعدم اعتبار إنشاء الاجازة باللفظ، و كفاية مطلق الرضا، او الفعل الدال عليه فينبغى ان يقال: بكفاية وقوع مثل ذلك، مقارنا للعقد، او سابقا، فاذا فرضنا انه علم رضا المالك بقول او فعل، يدل على رضاه ببيع ماله

______________________________

بالالتزام على انه راض بما تقدم من النكاح.

(و) ما دل (على: ان المانع من لزوم) و نفوذ (نكاح العبد بدون اذن مولاه، معصية المولى) معصية خبر: ان، (التى ترتفع بالرضى) من المولى، اذ: لا عصيان مع الرضى، فقوله عليه السلام: فاذا اجاز، معناه:

فاذا رضى، بقرينة المقابلة بين: العصيان، و الاجازة.

(و ما دل: على ان التصرف من ذى الخيار رضى منه) مما يدل على ان الرضا، هو المعيار (و غير ذلك) مما يجده المتتبع.

(بقى فى المقام، انه اذا قلنا: بعدم اعتبار إنشاء الاجازة باللفظ و كفاية مطلق الرضا او الفعل الدال عليه) اى على الرضا (فينبغى ان يقال: بكفاية وقوع مثل ذلك) الرضا (مقارنا للعقد، او سابقا) على العقد (فاذا فرضنا انه) اى المجرى للعقد (علم رضا المالك بقول، او فعل، يدل على رضاه) اى رضى المالك (ببيع ماله) كما لو قال: ليت يشتريه احد بمائة، او قال له احد: هل تبيعه بمائة اذا جاء المشترى الآن، فاشار

ص: 236

كفى فى اللزوم لان ما يؤثر بلحوقه يؤثر بمقارنته، بطريق اولى.

و الظاهر: ان الاصحاب لا يلتزمون بذلك، فمقتضى ذلك، ان لا تصح الاجازة الا بما لو وقع قبل العقد كان اذنا مخرجا للبيع عن بيع الفضولى.

و يؤيد ذلك: انه لو كان مجرد الرضا ملزما، كان مجرد الكراهة فسخا.

فيلزم عدم وقوع بيع الفضولى، مع نهى المالك، لان الكراهة الحاصلة حينه و بعده- و لو آنا مّا- يكفى فى الفسخ

______________________________

برأسه علامة الرضا (كفى فى اللزوم) للبيع (لان ما يؤثر بلحوقه) و هو الرضا (يؤثر بمقارنته) او سبقه الباقى الى التقارن (بطريق اولى) لان العقد حينئذ مقارن للشرط.

(و الظاهر: ان الاصحاب لا يلتزمون بذلك) و ان العقد يخرج بهذا عن الفضولية (فمقتضى ذلك، ان لا تصح الاجازة الا بما لو وقع) ذلك الشي ء (قبل العقد كان اذنا مخرجا للبيع عن بيع الفضولى) و ذلك ليس الرضا المجرد، بل الرضا الّذي يقترن معه فعل او لفظ.

(و يؤيد ذلك) الّذي قلنا ان مجرد الرضا ليس كافيا (انه لو كان مجرد الرضا ملزما، كان مجرد الكراهة فسخا) اذ: الفسخ و الامضاء، من باب واحد، و الرضا و الكراهية من باب واحد، و كل واحد من هذين يلائم ذينك الامرين.

(فيلزم) من ذلك (عدم وقوع بيع الفضولى، مع نهى المالك) سابقا على العقد (لان الكراهة الحاصلة حينه) اى حين العقد (و بعده- و لو آنا مّا- يكفى فى الفسخ) و هذا ما لا يقول به المشهور

ص: 237

بل يلزم عدم وقوع بيع المكره اصلا، الا ان يلتزم بعدم كون مجرد الكراهة فسخا، و ان كان مجرد الرضا اجازة.

«الثالث» من شروط الاجازة ان لا يسبقها الرد،

اذ: مع الرد ينفسخ العقد، فلا يبقى ما يلحقه الاجازة.

و الدليل عليه- بعد ظهور الاجماع بل التصريح به فى كلام بعض مشايخنا- ان الاجازة انما تجعل المجيز احد طرفى العقد، و الا لم يكن مكلفا بالوفاء بالعقد.

لما عرفت من ان وجوب الوفاء، انما هو فى حق العاقدين، او من قام

______________________________

(بل يلزم عدم وقوع بيع المكره اصلا، الا ان يلتزم بعدم كون مجرد الكراهة فسخا، و ان كان مجرد الرضا اجازة) بان يقال: لا تلازم بين الامرين شرعا، فاذا استفدنا من بعض الادلة كفاية الرضا فى الاجازة، و عدم كفاية الكراهة فى باب الفسخ، نلتزم بكل ما استفدناه فى مورده.

(الثالث: من شروط الاجازة) فى كونها موجبة للزوم بيع الفضولى (ان لا يسبقها الرد، اذ: مع الرد ينفسخ العقد، فلا يبقى ما) اى الاعتبار العقلى و الشرعى الّذي (يلحقه الاجازة) فتوجب لزومه.

(و الدليل عليه) اى على ان الرد السابق على الاجازة موجب لعدم نفوذ الاجازة (- بعد ظهور الاجماع بل التصريح به فى كلام بعض مشايخنا ان الاجازة انما تجعل المجيز احد طرفى العقد) فيشمله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (و الا) تكن اجازة (لم يكن) المالك (مكلفا بالوفاء بالعقد) لان العقد حينئذ ليس عقده.

(لما عرفت من ان وجوب الوفاء، انما هو فى حق العاقدين، او من قام

ص: 238

مقامهما.

و قد تقرر ان من شروط الصيغة ان لا يحصل بين طرفى العقد، ما يسقطهما عن صدق العقد الّذي هو فى معنى المعاهدة.

هذا، مع ان مقتضى: سلطنة الناس على اموالهم، تأثير الرد فى قطع علاقة الطرف الآخر عن ملكه فلا يبقى ما يلحقه الاجازة، فتأمل.

نعم: الصحيحة الواردة فى بيع الوليدة، ظاهرة فى صحة الاجازة بعد الرد.

______________________________

مقامهما) اى المالكين الذين قام الوكيل مقامهما فى اجراء العقد.

(و قد تقرر ان من شروط الصيغة) اى صيغة العقد (ان لا يحصل بين طرفى العقد، ما يسقطهما عن صدق العقد الّذي هو فى معنى المعاهدة) و الرد مما يسقط العقد.

(هذا، مع ان مقتضى: سلطنة الناس على اموالهم، تأثير الرد فى قطع علاقة الطرف الآخر عن ملكه) اى ملك الرد، لان امر ملكه بيده، ان شاء اجاز، و ان شاء رد.

(ف) اذا رد (لا يبقى ما يلحقه الاجازة، فتأمل) حيث ان: الناس مسلطون على اموالهم، لا على احكامهم، و كون الرد موجبا لقطع العلاقة بحيث لا يكن ارجاعها بالاجازة، حكم، و ليس يشمله: الناس مسلطون.

(نعم: الصحيحة الواردة فى بيع الوليدة) التى تقدمت (ظاهرة فى صحة الاجازة بعد الرد) لان ظاهرها ان الأب رد بيع الجارية، ثم

ص: 239

اللهم الا ان يقال: ان الرد الفعلى كاخذ المبيع- مثلا- غير كاف بل لا بد من إنشاء الفسخ.

و دعوى: ان الفسخ هنا: ليس باولى من الفسخ فى العقود اللازمة و قد صرحوا بحصوله بالفعل.

يدفعها: ان الفعل الّذي يحصل به الفسخ هو فعل لوازم ملك المبيع، كالوطى، و العتق، و نحوهما، لا مثل اخذ

______________________________

لما ضغط عليه المشترى بأخذ ولده اجاز البيع.

(اللهم الا ان يقال) لبيان عدم دلالة الصحيحة (ان الرد الفعلى) الّذي كان فى بيع الوليدة (كاخذ المبيع) فضولة (- مثلا- غير كاف) فى كونه ردا مبطلا للبيع (بل لا بد من إنشاء الفسخ) لفظا، و لم يحصل من مالك الوليدة إنشاء لفظى للفسخ، بل حصل منه الرد الفعلى، فلم يبطل البيع، بل بقى على صلاحيته فى لحوق الاجازة به.

(و دعوى) ان الفسخ الفعلى فى الفضولى أيضا كاف ل (ان الفسخ هنا، ليس باولى من الفسخ فى العقود اللازمة، و قد صرحوا بحصوله) اى الفسخ فى العقود اللازمة، (بالفعل) كما اذا اعطى المشترى للبائع المبيع مفهما انه يريد الفسخ و الاقالة، فقبل البائع، و رد إليه الثمن.

(يدفعها) اى الدعوى المذكورة (ان الفعل الّذي يحصل به الفسخ) لا نسلم انه كل فعل، بأية كيفية كانت؟ بل (هو فعل لوازم ملك المبيع، كالوطى، و العتق، و نحوهما) حيث ورد: لا عتق الا فى ملك، و لا وطى الا فى ملك، فمثل هذا الفعل يكون فسخا (لا) كل فعل (مثل اخذ

ص: 240

المبيع.

و بالجملة: فالظاهر هنا، و فى جميع الالتزامات، عدم الاعتبار بالاجازة الواقعة عقيب الفسخ، فان سلم ظهور الرواية فى خلافه فليطرح او يؤول.

الرابع: الاجازة اثر من آثار سلطنة المالك على ماله.

______________________________

المبيع) و نحوه.

(و بالجملة: فالظاهر هنا، و فى جميع الالتزامات، عدم الاعتبار بالاجازة الواقعة عقيب الفسخ، فان سلم ظهور الرواية) اى رواية الوليدة (فى خلافه) و انه تنفع الاجازة بعد الرد (فليطرح) لانه خلاف المفهوم عرفا من الرويات الدالة على كفاية الاجازة فى امثال المقام، و لا قوة فى هذه الرواية الواحدة لتنهض فى قبال كل تلك الروايات (او يئول) بان مالك الوليدة انما اخذها ليحصل على ثمنها من ولده، حيث رأى ان هذا الاخذ يوجب الضغط على المشترى، فيضغط على الولد، لا انه اخذها بقصد الفسخ، و لكن لا يخفى ما فى الامرين، فتامل.

(الرابع) من الامور المربوطة بالاجازة و الرد، الكلام حول ان الاجازة من الاحكام الشرعية، و ليست من الحقوق، و لذا لا تورث، و لا تترتب عليه الاحكام المترتبة على الحقوق، ف (الاجازة اثر من آثار سلطنة المالك على ماله) كما ان للمالك سائر اقسام السلطنة، كالبيع، و الشراء، و الهبة، و العتق و ما اشبه.

ص: 241

فموضوعها: المالك.

فقولنا له ان يجيز مثل: قولنا له ان يبيع، و الكل راجع الى ان له ان يتصرف فلو مات المالك لم يورث الاجازة، و انما يورث المال الّذي عقد عليه الفضولى فله الاجازة بناء على ما سيجي ء من جواز مغايرة المجيز، و المالك حال العقد فيمن باع مال ابيه، فبان ميتا و الفرق بين إرث الاجازة، و إرث المال يظهر بالتأمل.

______________________________

(فموضوعها) اى الاجازة (المالك) فلا تنتقل الى الوارث اذا مات المالك، كسائر الاحكام التى موضوعها خاص، فلا يتعدى الحكم الى الوارث اذا مات من له الحكم.

(فقولنا له) اى للمالك (ان يجيز) البيع الفضولى (مثل: قولنا له ان يبيع) اوله ان يهب (و الكل راجع الى ان له) اى للمالك (ان يتصرف فلو مات المالك لم يورث الاجازة) لانها من الحكم لا من الحق (و انما يورث المال الّذي عقد عليه الفضولى) فيكون حال الوارث حال المورث، فى ان له ان يجيز، و ان يبيع، و ان يهب (فله الاجازة) كما كان لمورثه (بناء على ما سيجي ء من جواز مغايرة المجيز، و المالك حال العقد) «و المالك» مربوط ب: حال العقد (فيمن باع مال ابيه، فبان ميتا) و ان الولد البائع كان وارثا للاب.

(و) ان قلت: اىّ فرق بين ان نقول: الوارث يرث المال و تبعا له له ان يجيز، و بين ان نقول: الوارث يرث الاجازة رأسا.

قلت: (الفرق بين إرث الاجازة، و إرث المال يظهر بالتأمل) فانه لو ورث الاجازة كانت الزوجة أيضا وارثة، فيما اذا كان المبيع ارضا، بخلاف ما

ص: 242

الخامس: اجازة البيع ليست اجازة لقبض الثمن، و لا لإقباض المبيع،

و لو اجازهما صريحا، او فهم

______________________________

لو كان مصب الارث الارض، فان الزوجة لا ترث.

و لو شك فى ان الاجازة هل هى من الاحكام او من الحقوق؟ كان اللازم اتباع الاصل فى المسألة، فيما اذا لم يكن هناك ظاهر دليل يؤيد امر الجانبين.

فبعض ذهبوا الى: ان الاصل الحكم، لاصالة عدم التوسعة المترتبة على الحق على هذا الشي ء المشكوك، فان الارث- مثلا- يحتاج الى دليل مفقود فى المقام.

و قال آخرون: الاصل الحق، لان المالكية هى تقتضى الحق، الا ما خرج بالدليل، فاذا قيل لزيد هذا الشي ء- سواء كان عينا او غير دين- استفيد عرفا ان حاله حال سائر الاملاك، الا بالمقدار الخارج بدليل.

(الخامس) من الامور المربوطة بالرد و الاجازة فى الفضولى (اجازة البيع) الفضولى (ليست اجازة لقبض الثمن، و لا لإقباض المبيع) فلو باع الفضول كتاب زيد لعمرو، و سلم الكتاب، و اخذ ثمنه، ثم ان زيد اجاز البيع، لكنه لم يجز القبض و الاقباض، و كان الثمن قد تلف فى يد الفضول، فالمشترى ملزم بدفع الثمن الى مالك الكتاب.

كما انه لو تلف الكتاب قبل اجازة المالك، كان تلفه من مال صاحب المالك لان التلف قبل القبض من مال مالكه (و لو اجازهما) اى القبض و الاقباض المالك (صريحا) بان قال: اجزت بيعك، و قبضك، و اقباضك (او فهم

ص: 243

اجازتهما من اجازة البيع، مضت الاجازة.

لان مرجع اجازة القبض الى اسقاط ضمان الثمن عن عهدة المشترى.

و مرجع اجازة الاقباض الى حصول المبيع فى يد المشترى برضى البائع، فيترتب عليه جميع الآثار المترتبة على قبض المبيع.

لكن ما ذكرنا: انما يصح فى قبض الثمن المعين.

و اما قبض الكلى و تشخصه به

______________________________

اجازتهما من اجازة البيع) فهما عرفيا (مضت الاجازة) للقبض و الاقباض، فلا يترتب على الثمن و المثمن آثار قبل التقابض.

و انما تنفع اجازة القبض و الاقباض.

(لان مرجع اجازة القبض الى اسقاط ضمان الثمن عن عهدة المشترى) فاذا تلف الثمن قبل اخذ المالك، لم يكن على المشترى شي ء.

(و مرجع اجازة الاقباض الى حصول المبيع) كالكتاب فى المثال (فى يد المشترى برضى البائع، فيترتب عليه) اى على هذا الاقباض بالاجازة (جميع الآثار المترتبة على قبض المبيع) كما فى باب الصرف و السلم، و فى انه: لو تلف كان من كيس الآخذ، لا من كيس البائع- لان التلف قبل القبض من مال مالكه- الى غيرها من الآثار المذكورة فى الفقه.

(لكن ما ذكرنا) من مضى اجازة القبض و الاقباض، اذا دل على ذلك صريح كلام المالك، او فهم منه (انما يصح فى قبض الثمن المعين) كما لو باع الفضول كتاب زيد بدينار خاص، لعمرو.

(و اما قبض الكلى) كما لو باع الكتاب بدينار كلى (و تشخصه) اى الكلى (به)

ص: 244

فوقوعه: من الفضولى على وجه تصححه الاجازة، يحتاج الى دليل، معمم لحكم عقد الفضولى، لمثل القبض و الاقباض.

و اتمام الدليل على ذلك لا يخلو عن صعوبة.

و عن المختلف انه: حكى عن الشيخ انه لو اجاز المالك بيع الغاصب لم يطالب المشترى بالثمن.

______________________________

اى بالقبض (فوقوعه) اى التشخص (من الفضولى على وجه تصححه) اى القبض و التشخص (الاجازة)- فاعل يصححه- (يحتاج الى دليل معمم، لحكم عقد الفضولى، لمثل القبض و الاقباض) فان الدليل اللفظى و العرفى، انما دل على ان الفضولى من العقود يصححه الاجازة، اما ان القبض الفضولى يصححه الاجازة فلا دليل عليه.

(و اتمام الدليل على ذلك) اى جريان الفضولى فى الاقباض و القبض (لا يخلو عن صعوبة) كان يقال: بالمناط، و انه اذا جرى الفضولى فى العقد الّذي هو اهم، يجرى فى القبض الّذي هو دون العقد فى الاهمية.

او يقال ان: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، يشمل توابع العقد أيضا، او ما اشبه من انه: امر عقلائى و لم يمنع عنه الشرع.

(و عن المختلف انه: حكى عن الشيخ انه لو اجاز المالك بيع الغاصب لم يطالب) المالك (المشترى بالثمن).

و وجهه: ان اجازة البيع اجازة للقبض، فكان البائع قبض الثمن من المشترى، فاللازم ان يطالب المالك الثمن من الغاصب، لا المشترى.

ص: 245

ثم ضعفه: بعدم استلزام اجازة العقد، لاجازة القبض.

و على اى حال، فلو كان اجازة العقد دون القبض، لغوا، كما فى الصرف و السلم بعد قبض الفضولى، و التفرق، كان اجازة العقد، اجازة للقبض، صونا للاجازة عن اللغوية.

و لو قال: اجزت العقد دون القبض، ففى بطلان العقد، او بطلان رد القبض، وجهان.

______________________________

(ثم ضعفه) المختلف (بعدم استلزام اجازة العقد، لاجازة القبض) فللمالك ان يطالب المشترى بالثمن.

(و على اى حال، فلو كان اجازة) المالك (العقد دون القبض، لغوا) اذ: لا اثر للعقد اصلا، بدون القبض (كما فى الصرف و السلم بعد قبض الفضولى، و التفرق) اذ: لو كان المجلس باقيا، و قبض المالك فى نفس المجلس، لم يكن وجه للبطلان (كان اجازة العقد، اجازة للقبض، صونا للاجازة عن اللغوية).

و هذا اذا لم يكن هناك دليل على ان المجيز اجاز نفس العقد فقط، اذ اللغو منفى عن الله و اوليائه، اما سائر الناس فيتطرق اللغو الى اعمالهم.

(و لو قال) المالك (اجزت العقد دون القبض، ففى بطلان العقد) لان العقد بدون القبض فى السلم و الصرف باطل (او بطلان رد القبض) لان لازم اجازته للعقد، صحة القبض، فرده للقبض يقع باطلا، بعد ان اجاز اصل العقد (وجهان).

ص: 246

السادس: الإجازة ليست على الفور،

للعمومات، و لصحيحة محمد بن قيس و اكثر المؤيدات المذكورة بعدها.

و لو لم يجز المالك و لم يرد، حتى لزم تضرر الاصيل بعدم تصرفه فيما انتقل عنه، و إليه- على القول بالكشف-.

______________________________

و ربما يرجح الاول، لان تطرق الفساد من ناحيته، يوجب الفساد المطلق.

(السادس) من الامور المرتبطة بالرد و الاجازة (الاجازة) المصححة للعقد الفضولى (ليست على الفور) فاذا علم المالك، بان الفضولى باع متاعه فاجاز بعد اسبوع- مثلا- صحت الاجازة، و ليست كحق الشفعة، و ما اشبهه مما قالوا فيه بالفورية (للعمومات) الدالة على اشتراط الاجازة فى نفوذ البيع من غير تقييد بالفورية (و لصحيحة محمد بن قيس) المتقدمة فان الاجازة فيما كانت بعد مدة من العقد (و اكثر المؤيدات المذكورة بعدها) اى بعد الصحيحة التى تؤيد صحة الفضولى.

(و لو لم يجز المالك و لم يرد) بعد الاطلاع او قبله (حتى لزم تضرر الاصيل ب) سبب (عدم تصرفه فيما انتقل عنه، و) فيما انتقل (إليه) لانه لا يعلم هل يجيز، حتى يتصرف فيما انتقل إليه؟ او يرد حتى يتصرف فيما انتقل عنه (على القول بالكشف) اذ: الكشف، هو الّذي يوجب حصول الانتقال من حين البيع.

اما على القول بالنقل، فالمالك الاصيل يجوز له ان يتصرف فيما انتقل عنه قبل الاجازة، لانه لم ينتقل بعد الى الطرف الفضولى.

ص: 247

فالاقوى تداركه، بالخيار، او اجبار المالك على احد الامرين.

السابع: هل يعتبر فى صحة الاجازة مطابقتها للعقد الواقع عموما، او خصوصا أم لا؟ وجهان.

______________________________

(فالاقوى تداركه) اى التضرر (بالخيار) فان: لا ضرر، ينفى لزوم البيع، فان الضرر ناشئ عن لزوم البيع، لا عن اصل البيع، كما ذكروا مثل ذلك فى استدلالهم لبعض اقسام الخيار (او اجبار المالك) من قبل الحاكم الشرعى (على احد الامرين) من الاجازة، او الرد، و ذلك لان الحاكم الشرعى ولى الممتنع، و له اجباره، لكن الخيار يشكل فى مثل عقد النكاح الّذي قالوا: بانه لا يجرى فيه، فتأمل.

(السابع) من الامور المربوطة بالاجازة و الرد (هل يعتبر فى صحة الاجازة مطابقتها للعقد الواقع) من جانب الفضولى (عموما) بان يكون جامعا بين الاجازة و بين العقد فى الجملة، و ان لم تطابق الاجازة خصوصيات العقد- كما سيأتى مثاله- (او خصوصا) فيلزم التطابق بينهما من جميع الجهات (أم لا؟ وجهان) الصحة مطلقا، لان العقد قابل للتبعيض عرفا، فاذا كان المالك هو مجرى العقد، لا يحق له ان يبعضه فيما بعد، لوجوب الوفاء بالعقد، اما لو كان المجرى الفضول فالمالك انما يلتزم بالمقدار الّذي يلتزم به، و لزوم المطابقة لان العقد انما وقع على النحو الخاص، لعدم الالتزام ببعضه فى معنى عدم الالتزام به اصلا.

ص: 248

الاقوى: التفصيل، فلو اوقع العقد على صفقة فاجاز المالك بيع بعضها، فالاقوى الجواز كما لو كانت الصفقة بين مالكين، فاجاز احدهما.

و ضرر التبعض على المشترى، يجبر بالخيار.

و لو اوقع العقد على شرط، فاجازه المالك مجردا عن الشرط.

______________________________

و (الاقوى: التفصيل، فلو اوقع العقد على صفقة) كبيع دارين مثلا (فاجاز المالك بيع بعضها، فالاقوى الجواز) بالصحة فى المجاز و البطلان فى غيره.

فان حال هذا (كما لو كانت الصفقة بين مالكين، فاجاز احدهما) كما لو باع الفضول دار زيد و دار عمرو، فاجاز احدهما دون الآخر، فان مقتضى القاعدة: الصحة فى المجاز دون غيره، لانه بيع عقلائى فيصدق عليه: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(و) ان قلت: ربما تضرر المشترى بسبب تبعض الصفقة.

قلت: أولا: المشترى العالم قد اقدم بنفسه على ذلك و مثل هذا الضرر ليس مرفوعا.

و ثانيا (ضرر التبعض على المشترى يجبر بالخيار) لان لزوم هذا البيع عليه، ضرر عليه، فهو مرفوع بدليل: لا ضرر.

(و لو اوقع العقد على شرط) كما لو باع الفضول دار زيد لعمرو، بشرط ان يتسلمه اياها بعد سنة- لمحذور له فى التسلم قبل ذلك مثلا- (فاجازه المالك مجردا عن الشرط) بان اراد تسليمها له حالا.

ص: 249

فالاقوى عدم الجواز، بناء على عدم قابلية العقد للتبعيض، من حيث الشرط و ان كان قابلا للتبعيض من حيث الجزء، و لذا لا يؤثر بطلان الجزء، بخلاف بطلان الشرط.

و لو انعكس الامر، بان عقد الفضولى مجردا عن الشرط، و اجاز المالك مشروطا

ففى صحة الاجازة مع الشرط- اذا رضى به الاصيل فيكون نظير

______________________________

(فالاقوى عدم الجواز) اى عدم نفوذ هذه الاجازة، و عدم تأثيرها فى صحة بيع الفضولى (بناء على عدم قابلية العقد للتبعيض، من حيث الشرط) لان المشروط ينتفى عرفا عند عدم شرطه، فاجازة المشروط دون الشرط كالتناقض، و ذلك بخلاف الجزء الّذي يرى العرف ان احد الجزءين لا يرتبط بالآخر، و ان كان الواقع ان كلا من الجزء و الشرط مثل الآخر عقلا (و ان كان قابلا للتبعيض من حيث الجزء، و لذا لا يؤثر بطلان الجزء) كما اذا باع الخمر و الخل، فان البيع فى الاول باطل، و يؤثر بطلانه فى بطلان اصل البيع (بخلاف بطلان الشرط) فانه يؤثر فى بطلان البيع، كما اذا باعه الدار، بشرط ان يعمل فيها الخمر- مثلا-

(و لو انعكس الامر، بان عقد الفضولى مجردا عن الشرط، و اجاز المالك مشروطا) كما لو باع الفضول دار زيد بيعا مطلقا، فقبل زيد بشرط تأخير الاقباض الى سنة- مثلا-.

(ففى صحة الاجازة مع الشرط- اذا رضى به) اى بالشرط (الاصيل-) اى الطرف الآخر، مقابل الفضول (فيكون نظير

ص: 250

الشرط الواقع فى ضمن القبول، اذا رضى به الموجب.

او بدون الشرط، لعدم وجوب الوفاء بالشرط، الا اذا وقع فى حيز العقد، فلا يجدى وقوعه فى حيز القبول، الا اذا تقدم على الايجاب ليرد الايجاب عليه أيضا، او بطلانها، لانه اذا لغى الشرط، لغى المشروط، لكون المجموع التزاما واحدا.

______________________________

الشرط الواقع فى ضمن القبول، اذا رضى به الموجب) كما لو قال الموجب:

بعتك الدار بالف، فقال القابل: قبلت بشرط ان تخيط ثوبى، فقال الموجب: قبلت.

و انما يكون هذا نظير ذاك، لان اجازة المالك فى الفضولى بمنزلة القبول.

(او بدون الشرط) عطف على: مع الشرط (لعدم وجوب الوفاء بالشرط، الا اذا وقع فى حيز العقد) لعدم دليل على لزوم الوفاء بالشرط مطلقا (فلا يجدى وقوعه) اى الشرط (فى حيز القبول) كمثال بيع الدار المتقدم (الا اذا تقدم) القبول (على الايجاب، ليرد الايجاب عليه) اى على الشرط (أيضا) كما ورد القبول، كما لو قال المشترى: قبلت اشتراء الدار بالف، بشرط ان تخيط ثوبى، فقال البائع: بعت هكذا (او بطلانها) اى الاجازة (لانه) يلغو الشرط و (اذا لغى الشرط، لغى المشروط) و المشروط عدم، عند عدم شرطه (لكون المجموع التزاما واحدا) و لا يبقى بعض الالتزام حين سقوط بعضه الآخر.

ص: 251

وجوه: اقواها: الاخير.

و اما القول فى المجيز
اشارة

فاستقصاؤه يتم ببيان امور،

الأول يشترط فى المجيز ان يكون حين الاجازة جائز التصرف،

بالبلوغ، و العقل و الرشد، و لو اجاز المريض بنى نفوذها على نفوذ منجزات المريض.

و لا فرق فيما ذكر بين القول بالكشف، و النقل.

______________________________

(وجوه) ثلاثة (اقواها: الاخير) لما عرفت.

و لكن لا يبعد انه لو رضى المالك لزم الوفاء، لصدق انه التزام فى ضمن عقد، فيكون الاقوى هو الوجه الاول.

(و اما القول فى المجيز فاستقصاؤه) ببيان احكامه كاملة (يتم ببيان امور، الاول يشترط فى المجيز ان يكون حين الاجازة جائز التصرف، بالبلوغ، و العقل، و الرشد) بان يكون له ملكة حسن التصرف فى ماله مقابل السفيه الّذي ليست له هذه الملكة (و لو اجاز المريض بنى نفوذها) اى نفوذ الاجازة من العقد (على نفوذ منجزات المريض) و هى: عبارة عن العقود، و ما اشبه، التى يعقدها و ينجزها المريض، ثم يموت.

فقد اختلفوا فى انها هل تنفذ مطلقا؟ أو لا تنفذ، او يفصل بين المنجزات بالنفوذ فى البعض دون البعض.

(و لا فرق فيما ذكر) من اشتراط كون المجيز حين الاجازة جائز التصرف (بين القول بالكشف، و النقل) فلا يتوهم انه لو قلنا: بالكشف لا يجب ان يكون جائز التصرف حال الاجازة.

فمثلا تصح الاجازة من المريض، و ان كان حال الاجازة مريضا و

ص: 252

الثانى: هل يشترط فى صحة عقد الفضولى وجود مجيز حين العقد؟

فلا يجوز بيع مال اليتيم لغير مصلحة، و لا تنفعه اجازته اذا بلغ، او اجازة وليه اذا حدثت المصلحة بعد البيع، أم لا يشترط؟ قولان، اولهما:

للعلامة فى ظاهر القواعد، و استدل له بان صحة العقد- و الحال هذه-

______________________________

قلنا: بعدم صحة منجزات المريض.

وجه التوهم: انه حال العقد كان جائز التصرف، و يكفى ذلك فى نفوذ الاجازة.

و وجه العدم: انه انما تكون الاجازة كاشفة فيما اذا كان المجيز له الاهلية فى حال الاجازة، و الا فالاجازة باطلة، فلا كشف.

(الثانى) من الامور المربوطة بالمجيز (هل يشترط فى صحة عقد الفضولى وجود مجيز حين العقد) أم يكفى وجود المجيز حال الاجازة فقط

و اذا شرطنا وجود المجيز حين العقد (فلا يجوز بيع مال اليتيم لغير مصلحة) فى ما اذا كان البائع وليا، اما غير الولى، فلا يجوز بيعه، حتى لو كان فيه مصلحة (و لا تنفعه اجازته اذا بلغ) لعدم وجود المجيز حال العقد (او اجازة وليه اذا حدثت المصلحة بعد البيع) كما لو باع داره التى تسوى الفا بخمسمائة، ثم حدث ان انخفضت القيمة الى أربعمائة، حيث كان البيع بخمسمائة مصلحة- مثلا- (أم لا يشترط) وجود المجيز حال العقد (قولان، اولهما: للعلامة فى ظاهر القواعد، و استدل له بان صحة العقد) الّذي اجراه الفضول (- و الحال هذه-) بحيث لا مجيز حال العقد

ص: 253

ممتنعة، فاذا امتنع فى زمان، امتنع دائما.

و بلزوم الضرر على المشترى، لامتناع تصرفه فى العين، لامكان عدم الاجازة، و لعدم تحقق المقتضى.

و لا فى الثمن، لامكان تحقق الاجازة فيكون قد خرج عن ملكه.

و يضعف الاول- مضافا الى ما قيل من انتقاضه بما اذا كان المجيز بعيدا امتنع الوصول إليه

______________________________

(ممتنعة) اذ: لم يعقد المالك، و لا مالك اصلا يصح عقده- فى هذا الحال- (فاذا امتنع فى زمان، امتنع دائما) اذ: فى وقت العقد امتناع و فى وقت الامكان لا عقد، فسحب نفس العقد الممتنع نفوذه، الى زمان الامكان، غير ممكن.

(و بلزوم) عطف على: بان صحة العقد (الضرر على المشترى لامتناع تصرفه فى العين) امتناعا شرعيا (لامكان عدم الاجازة) فلا يتمكن ان يتصرف فى الثمن (و لعدم تحقق المقتضى) لجواز التصرف الّذي هو رضى المالك

كما (و) انه (لا) يتمكن ان يتصرف (فى الثمن، لامكان تحقق الاجازة) فيكون الثمن للبائع، لا للمشترى، حتى يتصرف فيه (فيكون) الثمن (قد خرج عن ملكه) فكيف يتصرف فيما ليس ملكا له؟

(و يضعف الاول) و هو ما ذكره العلامة، بقوله: بان صحة العقد الخ (مضافا الى ما قيل من انتقاضه بما اذا كان المجيز بعيدا امتنع الوصول إليه

ص: 254

عادة- منع ما ذكره، من ان امتناع صحة العقد فى زمان، يقتضي امتناعه دائما، سواء قلنا بالنقل أم بالكشف؟

______________________________

عادة) و الحال انه لا يمكن ان يقال: ببطلان الفضولى فى هذه الصورة مع انها مثل عدم المجيز فى حال العقد، فى كون كليهما لا وصول الى المجيز، اما لعدم المجيز، و اما لعدم تمكن التوصل إليه-.

نعم: منتهى الامر، ان يقال: بالخيار للطرف، لقاعدة: لا ضرر و ذلك فيما اذا لم يقدم هو على الضرر، او اقدم هو على الضرر، لكن الشارع لم يجوز مثل هذا الضرر، كما لو باع جميع امواله بحيث صار مضطرا الى القوت- مثلا-.

فمضافا الى ما قيل (منع ما ذكره، من ان امتناع صحة العقد فى زمان يقتضي امتناعه دائما).

و ذلك لعدم التلازم بين الامرين، بل اللازم الفرق بين الحالين.

اذ: فى الحالة الاولى، عدم الصحة مستند الى عدم المجيز.

و فى الحالة الثانية، يوجد المجيز فاللازم ان نقول بالصحة (سواء قلنا بالنقل، أم بالكشف).

اما على النقل، فواضح، لان النقل و الانتقال يكون من حال الاجازة، و فى هذا الحال، المجيز موجود.

و اما على الكشف، فلان المال انما يأتى آخر علل نقله فى حال وجود المجيز، و ان كان هذا الجزء من العلة يكون من قبيل الشرط

ص: 255

و اما الضرر: فيتدارك بما يتدارك به صورة النقض المذكورة.

هذا كله مضافا الى الاخبار الواردة فى تزويج الصغار فضولا الشاملة لصورة وجود ولى النكاح، و اهماله الاجازة الى بلوغهم.

و صورة عدم وجود الولى، بناء على عدم ولاية الحاكم على الصغير فى النكاح، و انحصار الولى فى الأب، و الجد، و الوصى، على خلاف فيه.

______________________________

المتأخر.

(و اما الضرر) الّذي ذكره العلامة بقوله: و بلزوم الضرر (فيتدارك بما يتدارك به صورة النقض المذكورة) اى بما اذا كان المجيز بعيدا الخ.

(هذا كله) مقتضى القاعدة فى العقد الفضولى الّذي لا مجيز حال العقد (مضافا الى الاخبار الواردة فى تزويج الصغار فضولا الشاملة لصورة وجود ولى النكاح) كالاب، و الجد (و اهماله الاجازة الى بلوغهم) و هذه الصورة ليست محل الشاهد، لوجود المجيز حال العقد.

(و صورة عدم وجود الولى) اصلا- حال العقد- (بناء على عدم ولاية الحاكم على الصغير فى النكاح، و انحصار الولى) للنكاح (فى الأب، و الجد، و الوصى على خلاف فيه) اذ: بعض الفقهاء عمم الولاية الى الحاكم، حيث انه ولى من لا ولي له، فاذا اقتضت المصلحة نكاح الصغير، قام الحاكم به.

و بعض الفقهاء خصصها بالاب و الجد و الوصى، لاصالة: عدم ولاية من عداهم.

ص: 256

و كيف كان: فالاقوى: عدم الاشتراط، وفاقا للمحكى عن ابن المتوج البحرانى، و الشهيد، و المحقق الثانى، و غيرهم، بل لم يرجحه غير العلامة ره.

ثم اعلم: ان العلامة فى القواعد، مثل لعدم وجود المجيز، ببيع مال اليتيم.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 7، ص: 257

و حكى عن بعض العامة- و هو البيضاوى

______________________________

و انما قلنا: بناء، لانه بناء على ان الحاكم ولى، لا يمكن صورة لا يكون المجيز موجودا فى حال العقد.

فروايات نكاح الصغير لا تكون دليلا على ما ذكرناه، من: انه لا يشترط وجود المجيز حال العقد.

(و كيف كان) سواء كانت روايات نكاح الصغير شاهدة أم لا؟ (فالاقوى عدم الاشتراط) فلا يشترط وجود المجيز حال العقد (وفاقا للمحكى عن ابن المتوج البحرانى، و الشهيد، و المحقق الثانى، و غيرهم، بل لم يرجحه) اى لم يرجح الاشتراط (غير العلامة ره) ممن عثرنا على اقوالهم من الفقهاء.

و انما قوينا: عدم الاشتراط، لما تقدم من: اصالة عدم الاشتراط، و كفاية وجود المجيز حال الاجازة.

(ثم اعلم: ان العلامة فى القواعد، مثّل لعدم وجود المجيز، ببيع مال اليتيم) الّذي لا ولى له أبا وجدا.

(و حكى عن بعض العامة- و هو البيضاوى) صاحب التفسير

ص: 257

على ما قيل- الايراد عليه، بانه لا يتم على مذهب الامامية من وجود الامام عليه السلام فى كل عصر.

و عن المصنف قدس سره، انه اجاب بان الامام غير متمكن من الوصول إليه.

و انتصر للمورد: بان نائب الامام، و هو المجتهد الجامع للشرائط موجود

______________________________

المشهور، و بيضا قربة من قرى شيراز بايران (على ما قيل-) من انه المحكى عنه (الايراد عليه) اى على المثال المذكور (بانه لا يتم على مذهب الامامية من وجود الامام (ع) فى كل عصر) اذ: الولى موجود فى كل حال، اما الأب و الجد، و اما الامام عليه السلام.

(و عن المصنف قدس سره، انه اجاب بان الامام غير متمكن من الوصول إليه) فليس الامام مكلفا بمزاولة الاعمال، و لا الشخص مكلفا بالرجوع إليه.

و لذا لا يأمر الامام عليه السلام بالمعروف، و لا ينهى عن المنكر، و لا يرشد الجاهل.

و كذلك لا يلزم للانسان مراجعة الامام فى المسائل المشكلة التى لا يهتدى الى حلها سبيلا.

و هكذا فى القضاء و اموال القصر، و ما اشبه مما لو كان الامام حاضرا لم يجز مراجعة غيره.

(و انتصر) المصنف ره (للمورد) اى البيضاوى باشكال آخر، شبيه باشكاله (بان نائب الامام، و هو المجتهد الجامع للشرائط موجود) فلا يمكن

ص: 258

بل لو فرض عدم المجتهد، فالعدل موجود، بل للفساق الولاية على الطفل فى مصالحه مع عدم العدول.

لكن الانتصار فى غير محله، اذ كما يمكن فرض عدم التمكن من الامام، يمكن عدم اطلاع نائبه من المجتهد، و العدول أيضا، فان اريد وجود ذات المجيز.

______________________________

تصور فرض لم يكن المجيز موجودا حال العقد (بل لو فرض عدم المجتهد) لفقد اصل المجتهد فرضا، او فقده فى محل التناول (فالعدل) الّذي يجوز له تولى شأن الطفل (موجود، بل) لو كان العدل غير موجود أيضا (للفساق الولاية على الطفل فى مصالحه، مع عدم العدول) فاين صورة عدم وجود المجيز حال العقد؟

(لكن) لا يخفى ان (الانتصار) الّذي ذكره المصنف (فى غير محله، اذ كما يمكن فرض عدم التمكن من الامام) لغيبته (يمكن عدم اطلاع نائبه من المجتهد، و العدول) حين عدم المجتهد (أيضا).

و عليه: فاشكال البيضاوى غير وارد اطلاقا، لانا نريد بالمجيز، المجيز المتمكن من مزاولة الاجازة و الرد.

و هذا ممكن العدم، لعدم وجود الامام، و عدم اطلاع المجتهد و العدل، اذ: ليس المراد بالمجيز ذات المجيز، بل المجيز المتمكن من المزاولة.

و كيف كان (فان اريد) اى اراد المصنف الّذي رد اشكال البيضاوى و لكنه اشكل على العلامة باشكال آخر (وجود ذات المجيز) يعنى ان ذات

ص: 259

فالاولى منع تسليم دفع الاعتراض بعدم التمكن من الامام (ع).

و ان اريد وجوده مع تمكنه من الاجازة فيمكن فرض عدمه فى المجتهد و العدول اذا لم يطلعوا على العقد.

فالاولى ما فعله فخر الدين، و المحقق الثانى، من تقييد بيع

______________________________

المجيز موجود بسبب وجود المجتهد او العدل- فلا يمكن ان يكون عقد فضولى لا مجيز له حال العقد-.

(فالاولى) للمصنف (منع تسليم دفع الاعتراض بعدم التمكن من الامام (ع)) فان البيضاوى اعترض، و دفعه، ان الامام غير متمكن من الوصول إليه، فسلم المصنف هذا الدفع، لكنه اورد بوجود المجتهد او العدل.

فانه ان اريد ذات المجيز، كان اللازم على المصنف ان لا يسلم دفع الاعتراض، اذ: ذات الامام موجود، و ان لم يتمكن الانسان من الوصول إليه.

(و ان اريد وجوده) اى المجيز حال العقد (مع تمكنه) اى ذات المجيز (من الاجازة ف) انتصاره للمورد فى غير محله.

اذ: (يمكن فرض عدمه فى المجتهد و العدول اذا لم يطلعوا على العقد).

فجمع المصنف بين: ان الامام الخ، و: بان نائب الامام، الخ غير تام.

و حينئذ، فنقول: لبيان اصل صورة المسألة- اى مسئلة انه اذا لم يكن حال عقد الفضولى مجيز ثم وجد، هل يصح العقد بالاجازة أم لا؟-

(فالاولى) مضى (ما فعله فخر الدين، و المحقق الثانى، من تقييد بيع

ص: 260

مال اليتيم بما اذا كان على خلاف المصلحة فيرجع الكلام أيضا الى اشتراط امكان فعلية الاجازة من المجيز، لا وجود ذات من شأنه الاجازة، فانه فرض غير واقع فى الاموال.

الثالث: لا يشترط فى المجيز كونه جائز [التصرف حال العقد]
اشارة

______________________________

مال اليتيم) فى مثال ما لم يكن مجيز ثم وجد (بما اذا كان على خلاف المصلحة) فانه حينئذ لا مجيز اطلاقا، اذ: الأب و الجد، لا يحق لهما اجازة مثل هذا البيع، و الصغير لا قابلية له للاجازة، لكنه اذا بلغ جاز له اجازة مثل هذا البيع.

اما بالنسبة الى كون المراد من: عدم المجيز، عدم ذات المجيز، او عدم فعلية المجيز (فيرجع الكلام أيضا)- الى ما رجع إليه فى الامام من ان المراد عدم فعلية الاجازة، لا عدم ذات المجيز- (الى اشتراط امكان فعلية الاجازة من المجيز).

فعنوان المسألة هكذا: هل يشترط فى عقد الفضولى امكان فعلية الاجازة من المجيز، أم لا؟ (لا) اشتراط (وجود ذات من شأنه الاجازة) حتى يكون عنوان المسألة هكذا: هل يشترط فى صحة عقد الفضولى وجود ذات من شأنه الاجازة، أم لا؟ (فانه) اى عدم وجود ذات من شأنه الاجازة- حتى يختلف فى صحة عقد الفضولى على هذا الفرض- (فرض غير واقع فى الاموال) لوجود ذات من شأنه الاجازة دائما، و هو الامام عليه السلام- على مذهب الشيعة-.

(الثالث) من الكلام فى المجيز (لا يشترط فى المجيز كونه جائز

ص: 261

التصرف حال العقد، سواء كان عدم التصرف لاجل عدم المقتضى، او للمانع؟

و عدم المقتضى قد يكون لاجل عدم كونه مالكا، و لا مأذونا حال العقد و قد يكون لاجل كونه محجورا عليه لسفه، او جنون، او غيرهما.

و المانع، كما لو باع الراهن بدون اذن المرتهن، ثم فك الرهن.

فالكلام يقع فى مسائل،
الأولى: ان يكون المالك حال العقد هو المالك حال الاجازة،

لكن المجيز لم يكن حال العقد جائز التصرف لحجر.

______________________________

التصرف حال العقد، سواء كان عدم التصرف لاجل عدم المقتضى) فى المجيز (او للمانع) فانه قد يكون عدم احتراق الخشب، لاجل عدم المقتضى كعدم النار، و قد يكون لاجل المانع، كرطوبة الخشب.

(و عدم المقتضى قد يكون لاجل عدم كونه) اى المجيز بعد ذلك (مالكا، و لا مأذونا) من المالك و من ينوب منابه (حال العقد) كما لو باع زيد مال عمرو، ثم ملكه (و قد يكون لاجل كونه محجورا عليه لسفه، او جنون او غيرهما) كالفلس (و المانع، كما لو باع الراهن بدون اذن المرتهن) لان الراهن و المرتهن كليهما ممنوعان عن التصرف (ثم فك الرهن) او باع العبد الجانى، ثم فك كونه متعلقا لحق المجنى عليه.

(فالكلام) هنا (يقع فى مسائل، الاولى: ان يكون المالك حال العقد هو المالك حال الاجازة، لكن المجيز لم يكن حال العقد جائز التصرف، لحجر) كما لو باع زيد مال عمرو المفلس المحجور عليه، ثم فك المفلس، و صار مطلقا، فاجاز بيع الفضول.

ص: 262

و الاقوى: صحة الاجازة، بل عدم الحاجة إليها، اذا كان عدم جواز التصرف، لتعلق حق الغير، كما لو باع الراهن، ففك الرهن، قبل مراجعة المرتهن، فانه لا حاجة الى الاجازة، كما صرح به فى التذكرة.

الثانية: ان يتجدد الملك بعد العقد، فيجيز المالك الجديد،

سواء كان هو البائع او غيره؟.

لكن عنوان المسألة، فى كلمات القوم هو: الاول، و هو: ما

______________________________

(و الا قوى: صحة الاجازة، بل عدم الحاجة إليها، اذا كان) المزاول للبيع فضولة، نفس المالك المحجور بان كان (عدم جواز التصرف لتعلق حق الغير، كما لو باع الراهن) مال نفسه المرهون، بدون اجازة المرتهن (ففك الرهن، قبل مراجعة المرتهن، فانه لا حاجة الى الاجازة، كما صرح به فى التذكرة) لانه باع مال نفسه، فلا معنى لاجازته ما اوقع هو بنفسه، و كونه متعلق حق الغير حال العقد، انما يتوقف العقد على اجازة ذى الحق: الغير، فاذا ازال حق الغير، لم يكن وجه لتوقف العقد على شي ء.

(الثانية: ان يتجدد الملك) الّذي جرى عليه العقد الفضولى (بعد العقد، فيجيز المالك الجديد، سواء كان هو البائع) كما لو باع زيد مال ابيه فضولة، ثم مات الأب، و انتقل المال الى زيد البائع (او غيره) كما لو باع زيد مال عمرو، ثم انتقل المال الى ولد عمرو، فاجاز الولد البيع الواقع فضولة من زيد على هذا المال.

(لكن عنوان المسألة، فى كلمات القوم) الفقهاء (هو: الاول، و هو: ما

ص: 263

لو باع شيئا ثم ملكه.

و هذه تتصور على صور، لان غير المالك، اما ان يبيع لنفسه، او للمالك، و الملك اما ان ينتقل إليه باختياره، كالشراء، او بغير اختياره كالارث، ثم البائع الّذي يشترى الملك، اما ان يجيز العقد الاول، و اما ان لا يجيزه، فيقع الكلام فى وقوعه للمشترى الاول، بمجرد شراء البائع له.

و المهم هنا التعرض لبيان: ما لو باع لنفسه، ثم اشتراه من المالك، و اجاز، و ما لو باع و اشترى و لم يجز.

______________________________

لو باع شيئا ثم ملكه) هل انه يحتاج الى الاجازة، أم لا؟

(و هذه تتصور على صور، لان غير المالك، اما ان يبيع لنفسه) جهلا بانه مال غيره، او غصبا، او ما اشبههما (او للمالك، و الملك اما ان ينتقل إليه) اى الى البائع (باختياره، كالشراء، او بغير اختياره كالارث، ثم البائع الّذي يشترى الملك) اى البائع الفضولى، الّذي اشترى الملك من مالكه الاول، بعد ان باعه فضولة (اما ان يجيز العقد الاول) الّذي اوقعه هو بنفسه فضولة (و اما ان لا يجيزه، ف) اذا لم يجزه (يقع الكلام فى وقوعه للمشترى الاول) و هو المشترى من الفضولى مقابل المشترى الثانى، و هو الفضول الّذي اشتراه من المالك، بعد ان باعه فضولة- (بمجرد شراء البائع) اى الفضول (له) اى للملك.

(و المهم هنا) من هذه الصور المختلفة (التعرض لبيان: ما لو باع لنفسه، ثم اشتراه من المالك، و اجاز، و) كذلك المهم بيان صورة (ما لو باع) فضولة (و اشترى) بعد ذلك من المالك (و لم يجز).

ص: 264

و يعلم حكم غيرهما منهما.

اما المسألة الاولى فقد اختلفوا فيها، فظاهر المحقق فى باب الزكاة من المعتبر، فيما اذا باع المالك النصاب قبل اخراج الزكاة، او رهنه، انه صح البيع، و الرهن، فيما عدا الزكاة، فان اغترم حصة الفقراء قال الشيخ صح البيع، و الرهن.

و فيه اشكال، لان العين مملوكة، و اذا ادى العوض ملكها ملكا مستأنفا، فافتقر بيعها الى اجازة مستأنفة، كما لو باع مال غيره ثم اشتراه انتهى.

______________________________

و انما المهم هاتان الصورتان فقط (و يعلم حكم غيرهما منهما).

(اما المسألة الاولى) و هى: ما لو اجاز بعد ان اشترى (فقد اختلفوا فيها، فظاهر المحقق) صحة البيع مع الاجازة، فانه قال (فى باب الزكاة من المعتبر، فيما اذا باع المالك النصاب قبل اخراج الزكاة) كما لو باع كل تمره الّذي تعلق به الزكاة (او رهنه، انه صح البيع، و الرهن فيما عدا الزكاة، فان اغترم حصة الفقراء) بان اداها من مال خارج (قال الشيخ صح البيع، و الرهن) فى حصة الفقراء أيضا.

(و فيه اشكال، لان العين) التى كانت للفقير (مملوكة) له (و اذا ادى) المالك (العوض) عن عين الفقير (ملكها) اى العين التى كانت للفقير (ملكا مستأنفا، فافتقر بيعها الى اجازة مستأنفة) من مالك النصاب (كما لو باع مال غيره) فضولة (ثم اشتراه) حيث انه يحتاج الى اجازة مستأنفة (انتهى) كلام المعتبر.

و قد عرفت: ان ظاهره الاحتياج الى الاجازة، و ان البيع صحيح.

ص: 265

بل يظهر مما حكاه عن الشيخ، عدم الحاجة الى الاجازة، الا ان يقول الشيخ بتعلق الزكاة بالعين، كتعلق الدين بالرهن، فان الراهن اذا باع، ففك الرهن، قبل مراجعة المرتهن، لزم، و لم يحتج الى اجازة مستأنفة.

و بهذا القول صرح الشهيد ره فى الدروس، و هو ظاهر المحكى عن الصيمرى، و المحكى عن المحقق الثانى فى تعليق الارشاد، هو البطلان و مال

______________________________

(بل يظهر مما حكاه) المحقق فى كلامه المتقدم (عن الشيخ، عدم الحاجة الى الاجازة، الا ان يقول الشيخ) بما يخرج المسألة عن عنوان:

من باع ثم ملك، و ذلك (بتعلق الزكاة بالعين، كتعلق الدين بالرهن) بان لا تكون الزكاة فى العين، بل الزكاة فى ذمة المالك، و انما للفقير حق استيفائها من العين، فانه حينئذ لا تدخل مسئلة الزكاة فيمن باع ثم ملك، لان مقدار النصاب من الاول، ملك للبائع، و انما هو متعلق حق الفقير، كالرهن (فان الراهن اذا باع، ففك الرهن، قبل مراجعة المرتهن، لزم) البيع (و لم يحتج الى اجازة مستأنفة) لان العين كانت له و قد باعها.

و كون انسان ذى حق بحيث له ان يبطل البيع، لا يرتبط بالمالك فاذا سقط حق ذلك الانسان لم يكن وجه للاجازة المستأنفة من المالك.

(و بهذا القول صرح الشهيد ره فى الدروس و هو ظاهر المحكى عن الصيمرى، و المحكى عن المحقق الثانى فى تعليق الارشاد، هو: البطلان، و مال

ص: 266

إليه بعض المعاصرين تبعا لبعض معاصريه.

و الاقوى: هو الاول، للاصل، و العمومات السليمة عما يرد عليه، ما عدا امور لفّقها بعض من قارب عصرنا، مما يرجع اكثرها الى ما ذكر فى الايضاح، و جامع المقاصد، الاول: انه قد باع مال الغير لنفسه، و قد مر الاشكال فيه.

و ربما لا يجرى فيه بعض ما ذكر هناك.

______________________________

إليه بعض المعاصرين) و هو صاحب الجواهر (تبعا لبعض معاصريه) و هو: صاحب المقابيس.

(و الاقوى: هو الاول) اى الصحة (للاصل) فان الاصل فى المعاملة النفوذ، الا ما خرج بالدليل، لاصالة عدم شرطية مالكية المجيز حين العقد (و العمومات السليمة عما يرد عليه) مثل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و تجارة عن تراض (ما عدا امور لفّقها بعض من قارب عصرنا) الظاهر من بعض الحواشى ان المراد به صاحب المقابيس.

و قول المصنف: لفّقها، ليس تهجما، بل حقيقة فان الوجوه كما تراها اشبه بالتلفيق من الاستدلال العلمى، فضلا عن الاستدلال الفقهى (مما يرجع اكثرها الى ما ذكر فى الايضاح، و جامع المقاصد الاول:

انه قد باع مال الغير لنفسه، و قد مر الاشكال فيه) و هو ان المثمن يلزم ان يخرج من كيس من يدخل الثمن فى كيسه، فلا يمكن ان يدخل الثمن فى كيس الفضول، بينما يخرج المثمن من كيس المالك صاحب المال.

(و ربما لا يجرى فيه بعض ما ذكر هناك) من وجوه الصحة، فان تنزيل الغاصب نفسه منزلة المالك- هناك- مفقود هنا، اذ: البائع لا ينزل

ص: 267

و فيه: انه قد سبق ان الاقوى صحته.

و ربما يسلم هنا عن بعض الاشكالات الجارية هناك، مثل مخالفة الاجازة لما قصده المتعاقدان.

______________________________

نفسه، فهنا يبيع عن المالك، و المالك لا يجوّز الى الابد، اذ: حين العقد لا اجازة، و بعد الانتقال، لا اجازة من المالك حين العقد.

و الحاصل: ان بيع الغاصب لنفسه ملحوق باجازة المالك، و هنا ليس البيع ملحوقا باجازة المالك، اذ: المالك حال البيع خرج عن ملكه المال فرضا.

(و فيه: انه قد سبق ان الاقوى صحته) لما تقدم من مسئلة ان البيع مبادلة بين المالين، و هى حاصلة، اما نسبة الغاصب المال الى نفسه فهى خارجة عن حقيقة البيع.

(و ربما يسلم هنا) فيمن باع ثم ملك (عن بعض الاشكالات الجارية هناك) و هذا الكلام من المصنف مقابل قول المستشكل و ربما لا يجرى يريد المصنف ان الاشكال هنا اقل من الاشكال فى بيع الغاصب لنفسه، فاذا قلنا بالصحة هناك، نقول بالصحة هنا، بطريق اولى (مثل مخالفة الاجازة لما قصده المتعاقدان) فى بيع الغاصب لنفسه، اذ: الغاصب قصد كون البيع لنفسه، و طرف الغاصب قصد كون البيع للغاصب، فاذا اجاز المالك كانت اجازته مخالفة لهذا القصد، بخلاف مسئلتنا، اذ: لم يقصد الفضول كون البيع لنفسه، بل قصد كونه لمالكه، و مالكه قد فرض انه صار هو الفضول، فلا يتغير القصد الا فى انطباق المالك على نفس الفضول،

ص: 268

الثانى: انا حيث جوزنا بيع غير المملوك مع انتفاء الملك، و رضى المالك، و القدرة على التسليم، اكتفينا بحصول ذلك للمالك المجيز لانه البائع حقيقة، و الفرض هنا عدم اجازته، و عدم وقوع البيع عنه.

و فيه: ان الثابت هو: اعتبار رضاء من هو المالك حال الرضا، سواء ملك حال العقد،

______________________________

بعد ان كان منطبقا على غيره.

(الثانى) من الاشكالات على: من باع ثم ملك (انا حيث جوزنا بيع غير المملوك) كبيع الفضول الّذي يبيع، ما ليس ملكا له (مع انتفاء الملك، و) انتفاء (رضى المالك، و) انتفاء (القدرة على التسليم، اكتفينا) خبر:

حيث اى ان البيع يشترط فيه ملكية الشي ء للبائع و رضاه بالبيع و قدرته على التسليم، فاذا اجزنا البيع لغير المالك- اى الفضول- مع فقد هذه الثلاثة، فانما هو لاكتفائنا (بحصول ذلك) الثلاثة: الملك و الرضى و القدرة (للمالك المجيز) لانه حال الاجازة مالك و راض و قادر على التسليم (لانه) اى المجيز (البائع حقيقة) دون الفضول (و الفرض هنا) فيمن باع ثم ملك (عدم اجازته) اى لم يجوز المالك حال العقد (و عدم وقوع البيع عنه) فكيف يصح بيع لا ملكية- حال البيع- لمجيزه و لا رضى للمالك، و لا قدرة على التسليم- مع ان هذه الثلاثة شرط فى البيع اما فعلا، او بعد الاجازة-. (و فيه: ان الثابت) من الادلة التى تشترط رضى المالك و قدرته على التسليم ملكيته (هو: اعتبار رضاء من هو المالك حال الرضا، سواء ملك) اى كان مالكا (حال العقد

ص: 269

أم لا؟ لان الداعى على اعتبار الرضا: سلطنة الناس على اموالهم، و عدم حلها لغير ملاكها بغير طيب انفسهم، و قبح التصرف فيها بغير رضاهم.

و هذا المعنى لا يقتضي ازيد مما ذكرنا.

و اما القدرة على التسليم، فلا نضائق من اعتبارها فى المالك حين العقد، و لا يكتفى بحصولها فيمن هو مالك حين الاجازة.

و هذا كلام آخر

______________________________

أم لا).

و انما تعتبر رضاه، دون رضى المالك حال العقد (لان الداعى على اعتبار الرضا) فى المالك، انما هو: (سلطنة الناس على اموالهم، و عدم حلها لغير ملاكها بغير طيب انفسهم) لقوله عليه السلام: لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه (و قبح التصرف فيها بغير رضاهم) عطف على: سلطنة.

(و هذا المعنى) اى رضى المالك (لا يقتضي ازيد مما ذكرنا) من رضى المالك حال الاجازة، لانه وقت التصرف، اما قبل الاجازة فليس العقد تصرفا، حتى يتوقف على الرضا، و بدونه يكون قبيحا و باطلا.

(و اما القدرة على التسليم) التى قلتم: بانها مفقودة فى المقام (فلا نضائق من اعتبارها فى المالك حين العقد) بان يكون المالك الاول قادرا على التسليم (و لا يكتفى بحصولها) اى القدرة (فيمن هو مالك حين الاجازة) اذ: لا يرتبط المال بالعاقد، حتى تكفى قدرته. و الحاصل: انه ان اراد قدرة المالك، فهى موجودة حال العقد، و ان اراد قدرة العاقد، فهى ليست بشرط. (و هذا) اى اعتبار القدرة (كلام آخر) لا يرتبط بالاشكال فى: من

ص: 270

لا يقدح التزامه فى صحة البيع المذكور، لان الكلام، بعد استجماعه للشروط المفروغ عنها.

الثالث: ان الاجازة حيث صحت كاشفة على الاصح مطلقا لعموم الدليل الدال عليه، و يلزم حينئذ خروج المال عن ملك البائع قبل دخوله فيه.

______________________________

باع ثم ملك (لا يقدح التزامه) بان نلتزم باشتراطه (فى صحة البيع المذكور) اى بيع الفضول، ثم يملك (لان الكلام) اى كلامنا فى صحة مثل هذا البيع، و عدمه (بعد استجماعه) اى البيع المذكور (للشروط المفروغ عنها) فى كل بيع، كالعقل، و البلوغ، و القدرة على التسليم.

(الثالث) من الاشكالات على: من باع ثم ملك- و هذا الاشكال مبنى على القول بالكشف- (ان الاجازة حيث صحت) اى قلنا: بانها مفيدة لنقل المال (كاشفة) عن سبق الملك حين العقد، لا حين الاجازة (على الاصح مطلقا) حتى فى: من باع ثم ملك- و ليست بناقلة- (لعموم الدليل الدال عليه) اى على كونها كاشفة، فيشمل الدليل: من باع ثم ملك، و غيره، من سائر اقسام الفضولى (و يلزم حينئذ خروج المال عن ملك البائع قبل دخوله) اى المال (فيه) اى فى ملك البائع، مثلا: المال لوالد زيد، فاذا باعه زيد، ثم مات الأب، و دخل المال فى ملك زيد، و اجاز زيد البيع السابق، لزم ان يكون المال خرج من ملك زيد قبل ان يدخل المال فى ملك زيد.

و انما نقول: بان المال خرج من ملك زيد، اذ: انه لم يخرج عن

ص: 271

و فيه: منع كون الاجازة كاشفة مطلقا، عن خروج الملك عن ملك المجيز، من حين العقد حتى فيما لو كان المجيز غير مالك حين العقد، فان مقدار كشف الاجازة، تابع لصحة البيع، فاذا ثبت بمقتضى العمومات:

ان العقد الّذي اوقعه البائع لنفسه، عقد صدر من اهل العقد فى المحل القابل للعقد عليه، و لا مانع من وقوعه، الا عدم رضاء مالكه.

______________________________

ملك الأب.

(و فيه: منع كون الاجازة كاشفة مطلقا) حتى فى: من باع ثم ملك (عن خروج الملك) متعلق: بكاشفة (عن ملك المجيز) متعلق: بخروج (من حين العقد حتى فيما لو كان المجيز غير مالك حين العقد) كما فى مسئلة: من باع ثم ملك (فان مقدار كشف الاجازة، تابع لصحة البيع) فمهما كان البيع صحيحا، تكشف الاجازة عن سبق النقل، و مهما لم يكن البيع صحيحا، لم تكشف الاجازة.

و من المعلوم: ان البيع على المال غير المنتقل الى الانسان ليس بصحيح، و لذا لا تكشف الاجازة من حين قبل الانتقال الى ملك المجيز و انما تكشف عن النقل من بعد انتقال المال الى ملك المجيز (فاذا ثبت بمقتضى العمومات) اى عمومات: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و تجارة عن تراض، و ما اشبه (ان العقد الّذي اوقعه البائع لنفسه، عقد صدر من اهل العقد) حيث ان العاقد يتأهل بعد انتقال المال إليه (فى المحل القابل للعقد عليه) فان الجنس جنس صالح للعقد عليه، و ليس كالخمر، و الخنزير (و لا مانع من وقوعه، الا عدم رضاء مالكه) فاذا ارتفع هذا المانع، اثر العقد

ص: 272

فكما ان مالكه الاول: اذا رضى يقع البيع له.

فكذلك مالكه الثانى اذا رضى يقع البيع له، و لا دليل على اعتبار كون الرضا المتأخر، ممن هو مالك حال العقد.

و حينئذ فاذا ثبت صحته بالدليل، فلا محيص عن القول بان الاجازة كاشفة عن خروج المال عن ملك المجيز، فى اوّل ازمنة قابليته، اذ:

لا يمكن الكشف فيه على وجه آخر.

______________________________

اثره.

(فكما ان مالكه الاول) كأب زيد، فى المثال المتقدم (اذا رضى يقع البيع له) و يرتفع المانع.

(فكذلك مالكه الثانى) الّذي هو الولد (اذا رضى) بعد انتقال المال إليه (يقع البيع له، و لا دليل على) لزوم (اعتبار كون الرضا المتأخر) عن العقد (ممن هو مالك حال العقد) حتى يقال: ان المالك حال العقد لا اثر لرضاه بعد خروج المال عن ملكه، و المالك الثانى لم يقع العقد على ملكه حتى يؤثر رضاه فى النقل و الانتقال.

(و حينئذ) اى حين لا دليل على كون الرضا يلزم ان يكون من المالك الاول (فاذا ثبت صحته) اى العقد الواقع فضولة (بالدليل) الدال على صحة الفضولى مطلقا (فلا محيص عن القول بان الاجازة) من المالك الثانى (كاشفة عن خروج المال عن ملك المجيز، فى اوّل ازمنة قابليته) اى قابلية الخروج عن ملكه- و ذلك انما يكون بعد انتقال المال الى المجيز- (اذ: لا يمكن الكشف فيه) اى فى محل الكلام (على وجه آخر) اذ: لا يمكن

ص: 273

فلا يلزم من التزام هذا المعنى على الكشف، محال عقلى، و لا شرعى حتى يرفع اليد من من اجله عن العمومات المقتضية للصحة.

فإن كان لا بد من الكلام، فينبغى فى المقتضى للصحة، او فى القول بان الواجب فى الكشف عقلا او شرعا، ان يكون عن خروج المال عن ملك

______________________________

ان يخرج المال من ملك من لا يملك المال- و ذلك حال العقد-.

(فلا يلزم من التزام هذا المعنى) اى خروج المال فى اوّل ازمنة قابلية الخروج (على) القول ب (الكشف، محال عقلى و لا شرعى) اذ لا يلزم تناقض، او ما اشبه، و لا دليل على لزوم كون الكشف عن حين العقد مطلقا، حتى فيمن باع ثم ملك (حتى يرفع اليد من اجله) اى من اجل المحال العقلى او الشرعى (عن العمومات المقتضية للصحة) مثل:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: تجارة عن تراض.

و الحاصل: ان المقتضى لصحة هذا العقد الملحوق بالاجازة موجود و هو العمومات- و المانع مفقود، اذ: المانع المتوهم هو الاستحالة، و المفروض انه لا استحالة عقلا و لا شرعا.

(فإن كان لا بد من الكلام) و الاشكال فى: صحة بيع من باع ثم ملك فلا ينبغى الاشكال من جهة الكشف، كما ذكره المستشكل فى هذا الاشكال الثالث- (فينبغى) ان يكون الاشكال (فى) جهة (المقتضى للصحة) و ان هذا البيع، لا مقتضى لصحته، اذ: لا يشمله: العمومات (او فى القول بان الواجب فى الكشف) وجوبا (عقلا او شرعا ان يكون عن خروج المال عن ملك

ص: 274

المجيز وقت العقد.

و قد عرفت: ان لا كلام فى مقتضى الصحة، و لذا لم يصدر من المستدل على البطلان، و انه لا مانع عقلا، و لا شرعا من كون الاجازة كاشفة من زمان قابلية تأثيرها.

و لا يتوهم ان هذا نظير ما لو خصص المالك الاجازة بزمان متأخر عن العقد، اذ: التخصيص

______________________________

المجيز وقت العقد) و ان الخروج عن ملكه وقت الاجازة، مستلزم لمحال عقلى او شرعى.

(و قد عرفت: ان لا كلام فى مقتضى الصحة) لان: العمومات شاملة له (و لذا لم يصدر) اشكال فى مقتضى الصحة (من المستدل على البطلان) اى بطلان: من باع ثم ملك (و انه) عطف على: ان لا كلام (لا مانع عقلا، و لا شرعا من كون الاجازة كاشفة من زمان قابلية تأثيرها) و هو بعد الانتقال الى ملك العاقد المجيز.

(و) ان قلت: كما انه لا يمكن ان يخصص المالك اجازة المعاملة بزمان متأخر عن العقد، كما لو وقع عقد الفضول يوم الجمعة، فقال المالك اجزت من يوم السبت، كذلك لا يمكن ان توجب الاجازة الانتقال من زمان متأخر عن العقد.

قلت: (لا يتوهم ان هذا) اى كشف الاجازة عن زمان متأخر عن العقد (نظير ما لو خصص المالك الاجازة بزمان متأخر عن العقد).

و انما لا يتوهم لوجود الفرق بين المسألتين (اذ: التخصيص) من المالك

ص: 275

انما يقدح مع القابلية، كما ان تعميم الاجازة لما قبل ملك المجيز بناء على ما سبق فى دليل الكشف، من ان معنى الاجازة امضاء العقد من حين الوقوع، او امضاء العقد الّذي مقتضاه النقل من حين الوقوع، غير قادح، مع عدم قابلية تأثيرها، الا من زمان ملك المجيز للمبيع.

الرابع:

______________________________

(انما يقدح) و يضر (مع القابلية) اى قابلية الزمان لاتصال الانتقال بالعقد و ضرره انه خلاف المتعارف الّذي ينصب عليه عموم الادلة و الا فلا ضرر عقلى له (كما ان تعميم الاجازة) بان قال الابن المنتقل إليه المال يوم السبت:

اجزت الانتقال من حين العقد، و هو يوم الجمعة- الّذي لم يكن المال فى ذلك الحين ملكا لى- و قوله: تعميم، اسم لان و: غير قادح، خبره (لما قبل ملك المجيز) متعلق ب: تعميم (بناء على ما سبق فى دليل الكشف، من ان معنى الاجازة امضاء العقد من حين الوقوع، او امضاء العقد) فقط (الّذي مقتضاه النقل من حين الوقوع).

و الفرق بين الامرين، ان: من حين، فى الاول مصرح به حال الاجازة، و فى الثانى مراد من اللفظ، و ان لم يصرح به (غير قادح) هذا التعميم (مع عدم قابلية تأثيرها) اى الاجازة (الا من زمان ملك المجيز للمبيع) فليس التخصيص و التعميم بيد المجيز، و انما بيد الواقع الّذي جعله الشارع.

(الرابع) من الاشكالات على: من باع ثم ملك، فيما لو باع الولد الفضول ملك الأب لزيد، ثم اشتراه الولد من ابيه، ثم اجاز الولد بيعه لزيد فالعقد

ص: 276

ان العقد الاول، انما صح و ترتب عليه اثره باجازة الفضولى، و هى: متوقفة على صحة العقد الثانى المتوقفة على بقاء الملك على ملك مالكه الاصلى.

فيكون صحة الاول مستلزما لكون المال المعين ملكا للمالك و المشترى

______________________________

الاول هو بيع الفضول، و العقد الثانى هو بيع الأب (ان العقد الاول) الفضولى (انما صح و ترتب عليه اثره) بانتقال المال الى زيد (باجازة الفضولى) الّذي انتقل إليه المال من ابيه (و هى) اى اجازة الفضولى (متوقفة على صحة العقد الثانى) بيع الأب للولد، اذ لو لا انتقال المال الى الولد، لم تصح اجازته (المتوقفة) صحة العقد الثانى (على بقاء الملك على ملك مالكه الاصلى) اى الأب، فانه لو لا بقاء الملك على ملكية الأب، لم يصح العقد الثانى.

(فيكون صحة) العقد (الاول) للفضولى (مستلزما لكون المال المعين ملكا للمالك) اى الأب حتى يصح عقد الأب عليه بنقله الى ولده (و) ملك (المشترى) اى الولد- الفضول- اذ: لو لم يكن ملكه، لم يكن كشف الاجازة عن الانتقال عن الولد الى من اشترى منه، فاذا فرضنا ان الولد باع كتاب ابيه يوم الخميس و باع الأب الكتاب الى الولد يوم الجمعة، ثم اجاز الولد، كان اللازم ان يكون الكتاب للاب يوم الخميس، حتى يصح بيعه للولد يوم الجمعة، و ان يكون الكتاب للولد يوم الخميس حتى تكون اجازته يوم الجمعة كاشفة عن سبق انتقال الكتاب حين العقد الى المشترى، فالكتاب يكون ملكا فى يوم الخميس للمالك، و المشترى

ص: 277

معافى زمان واحد، و هو محال لتضادهما.

فوجود الثانى يقتضي عدم الاول و هو: موجب لعدم الثانى أيضا فيلزم وجوده و عدمه، فى آن واحد، و هو: محال.

فان قلت: مثل هذا

______________________________

(معا فى زمان واحد، و هو محال لتضادهما) اذ: كون الشي ء ملكا لهذا مستقلا، مضاد لكونه ملكا لآخر مستقلا.

(فوجود) الملك (الثانى) اى ملك الأب للكتاب- حتى يصح بيعه لولده يوم الجمعة- (يقتضي عدم الاول) اى عدم ملكية الولد للكتاب يوم الخميس (و هو) اى الاول، الّذي هو ملكية الولد للكتاب يوم الخميس (موجب لعدم الثانى) اى ملكية الأب للكتاب يوم الخميس (أيضا) اى كما يقتضي الثانى عدم الاول (فيلزم وجوده) اى وجود كل واحد من ملك الأب للكتاب، و ملك الابن للكتاب، بين زمان عقد الفضول: الابن، و بين زمان اجازة الابن- بعد ان انتقل إليه الكتاب- (و عدمه، فى آن واحد) اى بين العقد الفضولى و الاجازة (و هو: محال) لان الشي ء الواحد لا يكون مملوكا بالملك المستقل لنفرين.

اما لزوم كونه ملكا للاب، فلاجل ان يصح بيع الأب، لولده يوم الجمعة.

و اما لزوم كونه ملكا للابن، فلان اجازة الابن- بعد اشترائه من ابيه يوم الجمعة- تكون كاشفة عن سبق الانتقال من الابن الى المشترى من حين العقد الّذي وقع يوم الخميس.

(فان قلت: مثل هذا) اى توارد الملكين فى زمان واحد، على مملوك

ص: 278

لازم فى كل عقد فضولى، لان صحته موقوفة على الاجازة المتأخرة المتوقفة على بقاء ملك المالك و المستلزمة لملك المشترى كذلك، فيلزم كونه بعد العقد ملك المالك و المشترى معا فى آن واحد.

فيلزم: اما بطلان عقد الفضولى مطلقا، او بطلان القول بالكشف، فلا اختصاص لهذا الايراد

______________________________

واحد (لازم فى كل عقد فضولى) فلو باع زيد دار عمرو لبكر فى يوم الخميس و اجاز عمرو يوم الجمعة، فبين البيع و بين الاجازة، الدار ملك للمشترى بكر، لان الاجازة كشفت عن سبق الملك له من حين العقد، و هى أيضا ملك للمالك: عمرو، لانها لو لم تكن ملكا له، لم يكن معنى لاجازته، فالدار ملك للمالك و المشترى معافى آن واحد (لان صحته) اى عقد الفضول (موقوفة على الاجازة المتأخرة) من المالك- فى يوم الجمعة- (المتوقفة) هذه الاجازة (على بقاء ملك المالك) عمرو، فانه لو لا بقاء ملك عمرو، لم يكن معنى لاجازته (و المستلزمة) اى صحة عقد الفضولى (لملك المشترى) «بكر» (كذلك) أيضا، لان الاجازة كشفت عن سبق الملك له من حين العقد (فيلزم كونه) اى المثمن (بعد العقد ملك المالك و المشترى معافى آن واحد) بين العقد و الاجازة.

(فيلزم: اما بطلان عقد الفضولى مطلقا) فلا يصح عقد الفضولى اطلاقا لا بالنسبة الى من باع ثم ملك، و لا بالنسبة الى سائر اقسام عقد الفضول مما يجيزه المالك (او بطلان القول بالكشف) حتى يكون المثمن ملكا للمالك بين العقد و الاجازة، و ملكا للمشترى بعد الاجازة (فلا اختصاص لهذا الايراد)

ص: 279

بما نحن فيه.

قلنا: يكفى فى الاجازة ملك المالك ظاهرا، و هو: الحاصل من استصحاب ملكه السابق، لانها فى الحقيقة رفع اليد، و اسقاط للحق، و لا يكفى الملك الصورى فى العقد الثانى.

اقول:

______________________________

توارد الملكين، ملك المالك، و ملك المشترى (بما نحن فيه) اى من باع ثم ملك، بل عام لكل فضولى.

(قلنا:) لم يتوارد ملكان فى آن واحد، لان الملك بين العقد و الاجازة- فى كل فضولى- انما هو ملك للمشترى واقعا، و للمالك ظاهرا بخلاف مسئلة: من باع ثم ملك، فان الملك للمالك الأب واقعا، و للمشترى واقعا، فيجتمع الملكان هنا، لا فى كل فضولى.

اذ: (يكفى فى الاجازة) التى يجيزها المالك- فى كل فضولى- (ملك المالك ظاهرا، و هو) اى هذا الملك الظاهرى (الحاصل من استصحاب ملكه السابق، لانها) اى الاجازة (فى الحقيقة رفع اليد) اى رفع المالك يده (و اسقاط للحق) فكان المالك، قال: لا حق لى فى المال منذ العقد (و لا يكفى الملك الصورى فى العقد الثانى) اى عقد المالك الأب- فى المثال- فى مسئلة من باع ثم ملك، اذ: لو لم يكن المال للاب، لم يكن يصح بيعه للولد.

(اقول) هذا الاشكال الرابع، غير وارد على: من باع ثم ملك، اذ:

قوام الاشكال على اجتماع ملك المالك، الأب، و ملك المشترى معا.

ص: 280

قد عرفت: ان القائل بالصحة ملتزم بكون الاثر المترتب على العقد الاول بعد اجازة العاقد له- هو تملك المشترى له من حين ملك العاقد لا من حين العقد.

و حينئذ فتوقف اجازة العقد الاول على صحة العقد الثانى مسلم و توقف صحة العقد الثانى على بقاء الملك على ملك مالكه الاصلى الى زمان العقد مسلم أيضا فقوله:

______________________________

و الحال انا لا نقول بملك المشترى، اذ: الاجازة لا تكشف عن ملك المشترى من حين العقد، بل من الحين الممكن، و هو: بعد اشتراء الولد من الأب.

ف (قد عرفت: ان القائل بالصحة) اى صحة عقد: من باع ثم ملك، (ملتزم بكون الاثر المترتب على العقد الاول) اى عقد الفضول: الابن (- بعد اجازة العاقد له-) حيث ملك الابن المال، ببيع الأب له (هو تملك المشترى) من الابن (له) للمال (من حين ملك العاقد) اى الابن (لا من حين العقد) اى العقد الفضولى.

(و حينئذ) اى حين كانت الاجازة عن ملك المشترى من حين ملك العاقد، لا من حين العقد (فتوقف اجازة العقد الاول) الفضولى (على صحة العقد الثانى) اى عقد الأب للابن (مسلم، و توقف صحة العقد الثانى) عقد الأب (على بقاء الملك على ملك مالكه الاصلى) و هو الأب (الى زمان العقد) عقد الأب (مسلم أيضا) اذ: لو لا كونه ملك الأب، لم يصح عقد الأب.

(فقوله) اى المستدل بالدليل الرابع، لبطلان بيع من باع ثم ملك

ص: 281

صحة الاول يستلزم كون المال ملكا للمالك و المشترى فى زمان، ممنوع، بل صحته تستلزم خروج العين عن ملكية المالك الاصلى.

نعم: انما يلزم ما ذكره من المحال، اذا ادعى وجوب كون الاجازة كاشفة عن الملك حين العقد.

و لكن هذا امر تقدم دعواه فى الوجه الثالث، و قد تقدم منعه فلا وجه لاعادته

______________________________

(صحة) العقد (الاول) و هو عقد الفضول (يستلزم كون المال ملكا للمالك) الأب (و المشترى) من الابن (فى زمان) واحد (ممنوع) اذ: المال ملك للمالك الأب، و انما ينتقل الى المشترى بعد عقد الأب و اجازة الابن (بل صحته) اى العقد الاول، للفضول (تستلزم خروج العين عن ملكية المالك الاصلى) اى الأب.

فان عقد الابن الفضول انما يصح اذا خرج الملك عن ملك الأب الى الابن بسبب العقد الثانى.

(نعم: انما يلزم ما ذكره من المحال) اى اجتماع الملكين على عين واحدة، ملك الأب و ملك المشترى (اذا ادعى وجوب كون الاجازة كاشفة عن الملك حين العقد) حتى يكون الملك بعد عقد الفضول عليه للمشترى و للاب: المالك الاصلى.

(و لكن هذا) الادعاء (امر تقدم دعواه فى الوجه الثالث) من استدلالات القائل: بان من باع شيئا ثم ملكه باطل (و قد تقدم منعه) و ان الاجازة انما تكشف من حين الامكان: و هو بعد عقد الأب، لا من حين عقد الفضول (فلا وجه لاعادته

ص: 282

بتقرير آخر كما لا يخفى.

نعم يبقى فى المقام الاشكال الوارد فى مطلق الفضولى- على القول بالكشف-.

و هو كون الملك حال الاجازة للمجيز، و المشترى معا.

و هذا اشكال آخر- تعرض لاندفاعه اخيرا- غير الاشكال الّذي استنتجه من المقدمات المذكورة، و هو: لزوم كون الملك للمالك الاصلى و للمشترى.

______________________________

بتقرير آخر) فى هذا الوجه الرابع (كما لا يخفى).

(نعم يبقى فى المقام الاشكال الوارد فى مطلق الفضولى- على القول بالكشف-) و ان الاجازة كاشفة عن صحة العقد من حين العقد، لا من حين الاجازة.

(و) الاشكال (هو كون الملك حال الاجازة للمجيز) اذ: لو لا كونه ملكه، لم يكن معنى للاجازة (و المشترى معا) اذ: مقتضى الاجازة الانتقال الى المشترى.

(و هذا اشكال آخر- تعرض لاندفاعه اخيرا-) و انه الى حين الاجازة ملك للمجيز، و بعد تمام الاجازة يكون ملكا للمشترى (غير الاشكال الّذي استنتجه) المستشكل (من المقدمات المذكورة) فى الوجه الرابع (و هو) اى الاشكال الّذي استنتجه (لزوم كون الملك للمالك الاصلى) كالاب (و للمشترى) من الابن، فان هذا الاشكال خاص بمسألة من باع ثم ملك بخلاف الاشكال الاول الّذي هو عام لكل فضولى.

ص: 283

نعم: يلزم من ضم هذا الاشكال العام الى ما يلزم فى المسألة على القول بالكشف- من حين العقد اجتماع ملاك ثلاثة، على ملك واحد، قبل العقد الثانى، لوجوب التزام مالكية المالك الاصلى، حتى يصح العقد الثانى.

و مالكية المشترى له، لان الاجازة تكشف عن ذلك.

و ملكية العاقد له، لان ملك المشترى لا بد ان يكون عن ملكه،

______________________________

(نعم: يلزم من ضم هذا الاشكال العام) فى كل بيع فضولى- و هو ملكية المجيز و المشترى معا- (الى ما يلزم) من الاشكال (فى المسألة) اى مسئلة من باع ثم ملك (- على القول بالكشف- من حين العقد) الفضولى، لا على القول بالكشف من حين الامكان (اجتماع ملاك ثلاثة، على ملك واحد، قبل العقد الثانى) الّذي هو عقد الأب الاصيل للابن، و انما يلزم ملاك ثلاثة، الأب و الابن و المشترى- فى المثال السابق.

اما الأب الاصيل: ف (لوجوب التزام مالكية المالك الاصلى، حتى يصح العقد الثانى) اى عقد الأب للابن، اذ: لو لا كون الأب مالكا، لم يصح عقده للابن.

(و) اما المشترى، فلوجوب (مالكية المشترى له) للمتاع (لان الاجازة تكشف عن ذلك) اى عن ملكية المشترى.

(و) اما ملكية الفضول: الابن، فلوجوب (ملكية العاقد) الفضول (له) للمال (لان ملك المشترى) للمال (لا بد ان يكون) ناشئا، و متفرعا (عن ملكه) اى ملك العاقد، فان المشترى يتلقى المتاع عن العاقد

ص: 284

و الا لم تنفع اجازته فى ملكه من حين العقد، لان اجازة غير المالك لا يخرج ملك الغير الى غيره.

ثم ان ما اجاب به عن الاشكال الوارد فى مطلق الفضولى، لا يسمن و لا يغنى، لان الاجازة اذا وقعت، فان كشفت عن ملك المشترى قبلها، كشفت عما يبطلها، لان الاجازة لا تكون الا من المالك الواقعى.

______________________________

الفضول، فلو لم يكن المتاع ملكا للعاقد، كيف يمكن للمشترى ان يتلقى المالك عنه؟ (و الا لم تنفع اجازته) اى الفضول (فى ملكه) اى فى ان يملك المشترى المال (من حين العقد) فانه فرض ان يكون- على الكشف- الملك من حين العقد (لان اجازة غير المالك لا يخرج ملك الغير) اى المالك (الى غيره) اى المشترى.

هذا تمام الكلام فى بيان عدم ورود الاشكال الرابع على مسئلة: من باع ثم ملك.

(ثم ان ما اجاب به) المستشكل بالاشكال الرابع (عن الاشكال الوارد فى مطلق الفضولى) و الاشكال، هو: ما ذكره بقوله: فان قلت: و الجواب هو ما ذكره بقوله قلنا (لا يسمن و لا يغنى، لان الاجازة اذا وقعت، فان كشفت عن ملك المشترى قبلها) اى قبل الاجازة، مثلا: اوقع الفضول العقد يوم الخميس، و اجاز المالك يوم الجمعة، فتكشف الاجازة عن ملك المشترى للمثمن قبل الاجازة، منذ يوم الخميس، اى من حين وقوع العقد (كشفت) الاجازة (عما يبطلها) اى يبطل الاجازة (لان الاجازة لا تكون) نافذة (الا من المالك الواقعى) و المفروض ان الاجازة كشفت

ص: 285

و المالك الظاهرى انما يجدى اجازته، اذا لم ينكشف كون غيره مالكا حين الاجازة.

و لذا لو تبين فى مقام آخر كون المجيز غير المالك لم تنفع اجازته لان المالكية من الشرائط الواقعية، دون العلمية

______________________________

ان المجيز حال الاجازة، ليس مالكا، اذ: الملك انتقل الى المشترى منذ العقد.

(و المالك الظاهرى) الّذي ذكر المجيب، بان الاصيل مالك ظاهرى (انما يجدى اجازته، اذا لم ينكشف كون غيره مالكا حين الاجازة).

اما لو انكشف، فالظاهر: لا يبقى، فانه من قبيل اصالة الطهارة التى تنتفى بانكشاف الحكم الواقعى، و ان الشي ء الظاهر طهارته، نجس واقعا.

(و لذا) الّذي ذكرناه: من عدم الجدوى فى الملك الظاهرى (لو تبين فى مقام آخر) لا فى مسئلتنا التى هى اجازة المالك (كون المجيز غير المالك) بينما كان الظاهر ان المجيز هو المالك (لم تنفع اجازته) بل توقفت المعاملة على اجازة المالك الواقعى (لان المالكية من الشرائط الواقعية، دون العلمية) فليس من قبيل طهارة البدن حال الصلاة، حيث انه لو انكشف بعد الصلاة النجاسة، لم يكن مضرا بالصلاة، بل من قبيل الحدث حال الصلاة، حيث انه لو انكشف انه كان محدثا، ظهر بطلان صلاته، و ان كان حال الصلاة متيقنا بطهارته عن الحدث.

ثم لا يخفى: ان بعضهم اجابوا عن الاشكال بان الملك التقديرى

ص: 286

ثم ان ما ذكره فى الفرق بين الاجازة، و العقد الثانى، من: كفاية الملك الظاهرى فى الاول دون الثانى تحكم صرف، خصوصا مع تعليله بان الاجازة، رفع لليد، و اسقاط للحق، فليت شعرى: ان اسقاط الحق كيف يجدى و ينفع مع عدم الحق واقعا؟ مع ان الاجازة رفع اليد عن الملك أيضا

______________________________

للمالك، كاف فى الاجازة، و كأنّ مرادهم بالملك التقديرى، انه لو لا الاجازة كان المجيز مالكا.

و اجاب آخرون: بان رتبة ملكية المجيز مقدم على رتبة ملكية المشترى و لو من حيث الزمان، و ان كان كلا الملكين واردين على موضوع واحد مثل حركة المفتاح و اليد.

اما على مبنى المصنف، فالاجازة انما تكشف عن المقدار الممكن لا مطلقا.

(ثم ان ما ذكره) المجيب من: قلنا الى آخره (فى الفرق بين الاجازة و العقد الثانى، من: كفاية الملك الظاهرى فى الاول) اى الاجازة (دون الثانى) اى العقد الثانى، الّذي هو عقد المالك (تحكم صرف) اذ: لا فرق اطلاقا، و انما الكلام يجرى فيهما على نحو واحد (خصوصا مع تعليله) للفرق الّذي ذكره (بان الاجازة، رفع لليد و اسقاط للحق) فقد بين المصنف وجه قوله: خصوصا بقوله: (فليت شعرى: ان اسقاط الحق كيف يجدى و ينفع مع عدم الحق واقعا) لان المجيب سلم بأن الملك ظاهرى و ليس بواقعى (مع) اى و الحال- و ليس هذا جوابا آخر، بل تقرير لقوله: مع عدم،- (ان الاجازة رفع اليد عن الملك أيضا) كما ان العقد الثانى رفع لليد عن الملك

ص: 287

بالبديهة.

و التحقيق: ان الاشكال انما نشأ من الاشكال الّذي ذكرناه سابقا فى كاشفية الاجازة على الوجه المشهور من كونها شرطا متأخرا، يوجب حدوثه تأثير السبب المتقدم من زمانه.

الخامس: ان الاجازة المتأخرة لما كشفت عن صحة العقد الاول، و عن كون المال ملك المشترى الاول فقد وقع العقد الثانى على ماله فلا بد من اجازته

______________________________

أيضا (بالبديهة) اذا فالفرق الّذي ذكره المجيب بين الاجازة، و بين العقد الثانى، لا يكون فارقا.

(و التحقيق) فى الجواب (ان الاشكال) ب: ان قلت، المتقدم- الّذي لم يتمكن المجيب من جوابه- (انما نشأ من الاشكال الّذي ذكرناه سابقا فى كاشفية الاجازة على الوجه المشهور) و هو: (من كونها) اى الاجازة (شرطا متأخرا، يوجب حدوثه تأثير السبب المتقدم) الّذي هو العقد الفضولى (من زمانه) اى من زمان السبب، و الحال ان الاجازة تكشف بالمقدار الّذي لا يلزم منه اشكال عقلى او شرعى.

(الخامس) من الاشكالات على: من باع ثم ملك (ان الاجازة المتأخرة) عن ملك البائع للمبيع (لما كشفت عن صحة العقد الاول) و هو عقد الابن الفضول (و عن كون المال ملك المشترى الاول) الّذي اشتراه من الفضول (فقد وقع العقد الثانى) من الأب للابن (على ماله) اى مال المشترى الاول (فلا بد من اجازته) اى اجازة المشترى الاول للعقد

ص: 288

كما لو بيع المبيع من شخص آخر، فاجاز المالك البيع الاول، فلا بد من اجازة المشترى البيع الثانى حتى يصح، و يلزم.

فعلى هذا يلزم توقف اجازة كل من الشخصين على اجازة الآخر.

______________________________

الثانى- اى عقد الأب للابن- (كما لو بيع المبيع من شخص آخر) اى بيعا فضوليا ثانيا، بان لم يشتره البائع: الابن، بل اشتراه اجنبى، فانه يلزم ان يجيزه المشترى من الابن (فاجاز المالك) الاصيل: الأب (البيع الاول) اى بيع الفضول (فلا بد من اجازة المشترى) من الفضول (البيع الثانى) اى البيع الّذي وقع فضولة ثانيا (حتى يصح، و يلزم) البيع الثانى لان الفرض ان هناك بيعين فضوليين، وقعا على هذا المبيع، فان الفضولى الاول اذا اجيز من قبل المالك، كان البيع الثانى فضوليا بالنسبة الى المشترى الاول، فاللازم ان يجيزه المشترى الاول- اذا اريد نفوذه-.

(فعلى هذا) اى توقف بيع الأب للابن على اجازة المشترى (يلزم توقف اجازة كل من الشخصين على اجازة الآخر) فيلزم توقف بيع الابن المشترى، على اجازة الأب، و توقف بيع الأب للابن، على اجازة المشترى.

فاذا لم يجز الأب: البيع الاول، لم يكن المال للمشترى، فلا قدر لاجازة المشترى.

و اذا لم يجز المشترى: البيع الثانى، لم يكن بيع الأب للابن صحيحا، لان البيع وقع فى ملك المشترى.

فاجازة كل من الأب و المشترى يتوقف على اجازة الآخر.

ص: 289

و توقف صحة كل من العقدين على اجازة المشترى غير الفضولى.

و هو من الاعاجيب، بل من المستحيل لاستلزام ذلك عدم تملك المالك الاصيل شيئا من الثمن و المثمن.

______________________________

(و) يلزم (توقف صحة كل من العقدين) عقد الابن للمشترى، و عقد الأب للابن (على اجازة المشترى غير الفضولى) اى اجازة الابن، اذ يلزم ان يجيز الابن العقد الاول الّذي اوقعه هو بنفسه، يجيزه بعد ان يشترى المتاع من الأب، لانه الآن صار ملكه، فالبيع وقع فى ملكه فضولة- و ان كان هو الّذي اوقع البيع- كما يلزم ان يجيز الابن العقد الثانى الّذي اوقعه الأب، لان الابن طرف لهذا العقد- فالمراد بالاجازة رضاه بالعقد لا الاجازة المصطلحة-.

و فى بعض نسخ الكتاب: كل من العقد و الاجازة، مكان: العقدين.

و عليه: فالمراد عقد الأب، و اجازة الأب للبيع الّذي وقع على ماله.

هذا و قد يراد ب: المشترى غير الفضولى، المشترى من الابن و لا يخفى سوق الكلام على كل من النسختين، على هذا الاحتمال، فتأمل.

(و هو) اى ما يلزم من القول بصحة بيع من باع ثم ملك- مما قلنا انه يلزم، و يلزم (من الاعاجيب، بل من المستحيل لاستلزام ذلك) اللازم الّذي قلنا انه يلزم (عدم تملك المالك الاصيل) الأب (شيئا من الثمن و المثمن) لان المشترى الاول، اذا ملك المبيع قبل ان يبيعه المالك الاصلى، فالمثمن ليس للاب، بل هو للمشترى، و الثمن ليس للاب، اذ: هو فى مقابل المثمن، الّذي كان للمشترى فالمشترى يستحق الثمن

ص: 290

و تملك المشترى الاول: المبيع بلا عوض ان اتحد الثمنان و دون تمامه ان زاد الاول، و مع زيادة، ان نقص، لانكشاف وقوعه فى ملكه، فالثمن له

______________________________

أيضا، لان الأب، انما باع مال المشترى، فيدخل الثمن فى كيس المشترى.

(و) استلزام ذلك (تملك المشترى الاول) الّذي اشتراه من الابن (المبيع بلا عوض ان اتحد الثمنان) فى العقدين، كما لو باع الابن الكتاب بعشرة، و باع الأب الكتاب بعشرة أيضا، و ذلك لان المشترى دفع الى الابن عشرة، و اخذ من الأب عشرة أيضا- حيث ان الأب باع مال المشترى بعشرة، كما هو المفروض- (و) ب (دون) عطف على:

لا عوض (تمامه) اى تمام الثمن (ان زاد) الثمن (الاول) الّذي اعطاه المشترى للابن، من الثمن الّذي اعطاه الابن للاب، كما لو اشترى المشترى من الابن الكتاب بعشرة، و باعه الأب للابن بثمانية، فان الابن يأخذ الثمانية من الأب، فيكون الكتاب عليه بدينارين فقط، و هو دون الثمن الواقعى للكتاب (و مع زيادة) ما حصله المشترى من الثمن على ما اعطاه (ان نقص) الثمن الاول عن الثمن الثانى، كما لو اشتراه المشترى بعشرة، و باعه الأب للابن باحد عشر، فان المشترى حيث يأخذ الاحد عشر من الأب، فقد حصل عنده الكتاب و دينار أيضا، حيث خرج من كيسه عشرة، و دخل فى كيسه احد عشر.

و انما نقول: انه بلا ثمن او مع زيادة او نقيصة (لانكشاف وقوعه) اى وقوع بيع الأب للابن (فى ملكه) اى ملك المشترى- لما تقدم- (فالثمن له)

ص: 291

و قد كان المبيع له أيضا، بما بذله من الثمن و هو: ظاهر.

و الجواب عن ذلك ما تقدم فى سابقه من ابتنائه على وجوب كون الاجازة كاشفة عن الملك، من حين العقد، و هو: ممنوع.

و الحاصل: ان منشأ الوجوه الاخيرة، شي ء واحد، و المحال على تقديره مسلم بتقريرات مختلفة قد نبه عليه فى الايضاح و جامع المقاصد.

السادس: ان من

______________________________

اى للمشترى (و) الحال انه (قد كان المبيع له) اى للمشترى (أيضا، بما بذله من الثمن) للفضول، فهو قد جمع بين الثمن و المثمن، و المالك الاصيل قد فقد الثمن و المثمن (و هو: ظاهر) من البيان المتقدم.

(و الجواب عن ذلك) الاشكال الخامس (ما تقدم) من الجواب (فى سابقه) الرابع (من ابتنائه على وجوب كون الاجازة كاشفة عن الملك) للمشترى (من حين العقد) الفضولى (و هو: ممنوع) بل الاجازة كاشفة من حين صيرورة الملك للبائع.

(و الحاصل: ان منشأ الوجوه) الثلاثة (الاخيرة) الثالث، و الرابع و الخامس (شي ء واحد) و هو كشف الاجازة عن الملك من حين العقد (و المحال على تقديره) اى تقدير كون الكشف من حين الملك (مسلم بتقريرات مختلفة قد نبه عليه فى الايضاح و جامع المقاصد).

لكن من لا يرى الكشف من حين العقد، بل من حين امكان الكشف لا يرد عليه شي ء من تلك الوجوه.

(السادس) من وجوه الاشكال على صحة بيع من باع ثم ملك (ان من

ص: 292

المعلوم انه يكفى فى اجازة المالك، و فسخه، فعل ما هو من لوازمهما و لو باع المالك ماله من الفضولى بالعقد الثانى، فقد نقل المال عن نفسه، و تملك الثمن و هو: لا يجامع صحة العقد الاول، فانها تقتضى تملك المالك للثمن الاول.

و حيث وقع الثانى يكون فسخاله، و ان لم يعلم بوقوعه، فلا يجدى الاجازة المتأخرة.

______________________________

المعلوم انه يكفى فى اجازة المالك) للفضولى (و فسخه، فعل ما هو من لوازمهما) اى لوازم الفسخ و الاجازة، كما لو زوجه زيد امرأة، فلم يعتن، و ذهب، فاخذ اختها، فانه فسخ، او وطئ المزوجة فضولة، فانه امضاء (و لو باع المالك ماله من الفضولى) كالابن- فى المثال السابق- (بالعقد الثانى، فقد نقل المال عن نفسه) الى الابن (و تملك الثمن و هو:) اى هذا العقد الثانى (لا يجامع صحة العقد الاول) الّذي اجراه الفضول- الابن- مع المشترى (فانها) اى صحة العقد الاول الفضولى (تقتضى تملك المالك للثمن الاول) اى ثمن العقد الاول، الّذي اخذ الفضول من المشترى.

(و حيث وقع الثانى) و هو عقد المالك للابن (يكون) هذا الثانى (فسخاله) اى للعقد الاول (و ان لم يعلم) المالك (بوقوعه) اى وقوع العقد الاول الفضولى (فلا يجدى الاجازة المتأخرة) عن العقد الثانى و لا يجدي فى صحة العقد الاول الفضولى.

ص: 293

و بالجملة: حكم عقد الفضولى قبل الاجازة، كسائر العقود الجائزة بل اولى منها.

فكما ان التصرف المنافى مبطل لها، كذلك العقد الفضولى.

و الجواب ان فسخ عقد الفضولى، هو: إنشاء رده، و اما الفعل المنافى لمضيه، كتزويج المعقودة فضولا نفسها من آخر، و بيع المالك ماله المبيع فضولا من آخر.

______________________________

(و بالجملة: حكم عقد الفضولى قبل الاجازة) من المالك (كسائر العقود الجائزة) التى تفسخ بمجرد اتيان المالك بما ينافيها، كما لو وهب جاريته لشخص، ثم وطئها، او باعها، فانهما يوجبان فسخ الهبة (بل) الفضول (اولى منها) اى من العقود الجائزة، بكون فعل المنافى موجبا لبطلانه.

اذ: فى العقود الجائزة التى اوقعها المالك، اذا كان المنافى موجبا لبطلانها، ففى ما لم يفعله المالك- من العقد الفضولى- يكون المنافى اولى ببطلانه.

(فكما ان التصرف المنافى) للعقود الجائزة (مبطل لها) اى لتلك العقود (كذلك) التصرف المنافى فى (العقد الفضولى) مبطل له.

(و الجواب ان فسخ عقد الفضولى، هو: إنشاء رده) بان ينشأ المالك رد العقد (و اما الفعل المنافى لمضيه) اى لنفوذ العقد الفضولى (كتزويج المعقودة فضولا نفسها من آخر) كما لو عقد فضول امرأة فضولة، ثم عقدت المعقودة نفسها من انسان آخر (و بيع المالك ماله المبيع فضولا من آخر) كما

ص: 294

فليس فسخاله خصوصا مع عدم التفاته، الى وقوع عقد الفضولى.

غاية ما فى الباب ان الفعل المنافى لمضى العقد مفوت لمحل الاجازة فاذا فرض وقوعه صحيحا، فات محل الاجازة، و يخرج العقد عن قابلية الاجازة.

اما مطلقا، كما فى مثال التزويج، او بالنسبة الى من فات محل الاجازة بالنسبة إليه كما فى مثال البيع، فان محل الاجازة انما فات بالنسبة الى الاول.

______________________________

لو باع الفضول كتاب زيد فضولة، ثم باعه زيد من انسان آخر (فليس فسخا له) اى للعقد الاول الّذي وقع فضولة (خصوصا مع عدم التفاته) اى العاقدة نفسها و البائع ماله (الى وقوع عقد الفضولى).

(غاية ما فى الباب) مما يسببه عقد مالك المال، او النكاح بعد عمل الفضول (ان الفعل المنافى لمضى العقد) الفضولى (مفوت لمحل الاجازة) لان محل الاجازة هو المال، و قد انتقل من المالك، كما ان محل النكاح هى المرأة الخلية، و قد انتفت كونها خلية (فاذا فرض وقوعه) اى عقد مالك العقد (صحيحا، فان محل الاجازة، و يخرج) بذلك (العقد) الفضولى (عن قابلية) لحوق (الاجازة) له.

(اما مطلقا، كما فى مثال التزويج) اذ المزوجة لا تزوج مرة ثانية (او بالنسبة الى من فات محل الاجازة بالنسبة إليه) و ان بقى محل الاجازة بالنسبة الى المشترى (كما فى مثال البيع، فان محل الاجازة) للعقد الفضولى (انما فات بالنسبة الى الاول) فاذا كان الكتاب لزيد، و باعه عمرو فضولة لخالد، ثم باعه زيد لبكر، فات محل اجازة زيد للبيع الفضولى

ص: 295

فللمالك الثانى ان يجيز.

نعم لو فسخ المالك الاول نفس العقد بانشاء الفسخ، بطل العقد من حينه اجماعا، و لعموم: تسلط الناس على اموالهم بقطع علاقة الغير عنها.

فالحاصل: انه ان اريد من كون البيع الثانى فسخا، انه ابطال لاثر العقد فى الجملة، فهو مسلم.

______________________________

نعم يبقى محل اجازة بكر، لانه مالك وقع على ماله بيع فضولى فاذا اجاز نفذ البيع.

و عليه: (فللمالك الثانى) كبكر، فى المثال (ان يجيز) بيع الفضول.

(نعم لو فسخ المالك الاول) كزيد- فى المثال- (نفس العقد) الّذي اوقعه الفضول (بانشاء الفسخ) لعقد الفضول (بطل العقد من حينه) اى حين الفسخ (اجماعا) فان العقد لا يبقى بعد الفسخ (و لعموم: تسلط الناس على اموالهم) فان عمومه يشمل (بقطع علاقة الغير عنها) فان المشترى من الفضول صار له علاقة بالمال- بحيث يمكن ان تلحقه اجازة المالك- فالمالك يقطع هذه العلاقة.

(فالحاصل) من جوابنا عن الاشكال السادس الّذي ذكره من يقول بعدم صحة بيع من باع ثم ملك (انه ان اريد من كون البيع الثانى فسخا) اى كون بيع المالك فسخا، لبيع الفضول المتقدم على بيع المالك (انه ابطال لاثر العقد فى الجملة) بمعنى ان المالك الاول لا يتمكن بعد ذلك من اجازة العقد الفضولى (فهو مسلم) اذ: المالك قد باع، فلا موقع له

ص: 296

و لا يمنع ذلك من بقاء العقد متزلزلا بالنسبة الى المالك الثانى فيكون له: الاجازة.

و ان اريد انه ابطال العقد رأسا فهو ممنوع، اذ لا دليل على كونه كذلك.

و تسمية مثل ذلك الفعل ردا فى بعض الاحيان من حيث انه مسقط للعقد عن التأثير بالنسبة الى فاعله بحيث تكون الاجازة منه بعده لغوا.

______________________________

لان يجيز العقد الفضولى (و لا يمنع ذلك) ذلك البطلان فى الجملة (من بقاء العقد متزلزلا بالنسبة الى المالك الثانى) الّذي اشتراه من المالك الاصيل، و معنى التزلزل، انه له الحق فى ان يجز عقد الفضول او يفسخه (فيكون له) اى للمالك الثانى (الاجازة) كما له الرد.

(و ان اريد انه ابطال العقد رأسا) حتى بالنسبة الى المالك الثانى (فهو ممنوع، اذ لا دليل على كونه) اى العقد (كذلك) باطل رأسا.

(و) ان قلت: فلم يسمى الفقهاء فعل المالك الاول رد العقد الفضول؟- فان ظاهره بطلان عقد الفضول اطلاقا.

قلت: (تسمية مثل ذلك الفعل) اى عقد المالك الاصيل (ردا) لعقد الفضول (فى بعض الاحيان) اى فى كلام بعض الفقهاء، انما هو (من حيث انه) اى عقد المالك (مسقط للعقد) الّذي اجراه الفضول (عن التأثير بالنسبة الى فاعله) اى المالك الاصيل الّذي عقد على المال- بعد عقد الفضول- (بحيث تكون الاجازة منه) اى من المالك العاقد (بعده لغوا) و ليس مرادهم مطلقا حتى بالنسبة الى المالك الثانى الّذي اشتراه من المالك الاصيل.

ص: 297

نعم: لو فرضنا قصد المالك من ذلك الفعل فسخ العقد، بحيث يعد فسخا فعليا لم يبعد كونه كالانشاء بالقول.

لكن الالتزام بذلك لا يقدح فى المطلب اذ: المقصود ان مجرد بيع المالك، لا يوجب بطلان العقد.

و لذا لو فرضنا انكشاف فساد هذا البيع، بقى العقد على حاله من قابلية لحوق الاجازة.

______________________________

(نعم: لو فرضنا قصد المالك من ذلك الفعل) اى بيعه- بعد عقد الفضول- (فسخ العقد) الّذي اوقعه الفضول (بحيث يعد فسخا فعليا) عرفا (لم يبعد كونه) اى فعله (كالانشاء بالقول) فيبطل عقد الفضول، حتى لا يمكن اجازته من المالك الثانى.

(لكن الالتزام بذلك) ان الفعل من المالك، كالقول (لا يقدح فى المطلب) الّذي نحن بصدده، و هو: صحة بيع، من باع ثم ملك، فى الجملة (اذ: المقصود) لنا (ان مجرد بيع المالك، لا يوجب بطلان العقد) الّذي اجراه الفضول.

(و لذا) الّذي ذكرنا: ان مجرد عقد المالك، لا يوجب بطلان عقد الفضول (لو فرضنا انكشاف فساد هذا البيع) اى بيع المالك (بقى العقد) الفضولى (على حاله من قابلية لحوق الاجازة) و لو كان العقد الثانى- بما انه فعل المالك- فسخا، يجب القول ببطلان عقد الفضول، سواء صح العقد المالكي، أم فسد؟

ص: 298

و اما الالتزام فى مثل الهبة، و البيع فى زمان الخيار بانفساخ العقد من ذى الخيار، بمجرد الفعل المنافى، فلأن صحة التصرف المنافى يتوقف على فسخ العقد، و الا وقع فى ملك الغير بخلاف ما نحن فيه، فان تصرف المالك فى ماله المبيع فضولا، صحيح فى نفسه، لوقوعه فى ملكه فلا يتوقف على فسخه.

______________________________

(و) ان قلت: اذا لم يكن الفعل فسخا، فلما ذا قال الفقهاء: بان بيع الواهب المال الّذي وهبه يكون فسخا للهبة، و كذا بيع مالك الخيار للعين التى فيها له الخيار.

قلت: (اما الالتزام فى مثل الهبة، و البيع فى زمان الخيار) كما لو باع زيد داره من عمرو بخيار له الى مدة شهر، ثم باع الدار فى المدة لبكر، فانه فسخ لبيعه الاول (بانفساخ العقد من ذى الخيار، بمجرد الفعل المنافى) للعقد الاول (فلأن صحة التصرف المنافى) اللازم من حمل: فعل المسلم على تلك الصحة- و المراد صحة البيع الثانى- (يتوقف على فسخ العقد) الاول (و إلا وقع) البيع (فى ملك الغير) و المفروض ان البائع قصد كون البيع الثانى لنفسه، لا فضوليا عن مالكه المشترى- (بخلاف ما نحن فيه) من مسئلة بيع المالك، بعد بيع الفضولى (فان تصرف المالك فى ماله المبيع فضولا) اى تصرفا بعد ان بيع نفس المال فضولا (صحيح فى نفسه، لوقوعه فى ملكه) فليس مثل بيع الواهب ما وهبه، من انه ليس ملكا له، اذا لم يكن بيعه فسخا للهبة (فلا يتوقف) هذا البيع من المالك (على فسخه) اى فسخ عقد الفضول.

ص: 299

غاية الامر انه اذا تصرف، فات محل الاجازة.

و من ذلك: يظهر ما فى قوله ره- اخيرا- و بالجملة: حكم عقد الفضولى، حكم سائر العقود الجائزة، بل اولى، فان قياس العقد المتزلزل من حيث الحدوث على المتزلزل من حيث البقاء قياس مع الفارق فضلا عن دعوى الاولوية.

______________________________

(غاية الامر انه) اى المالك (اذا تصرف) بالبيع- مثلا- (فات محل الاجازة) بالنسبة الى نفسه، و بقى محل الاجازة بالنسبة الى المالك الجديد.

(و من ذلك) الّذي ذكرناه، من: الفرق بين مسئلة بيع المالك ما وقع عقد فضولى عليه، و بين بيع المالك ما وهبه بنفسه، او كان له فيه خيار بيع سابق (يظهر ما فى قوله ره) اى قول المستشكل (- اخيرا- و بالجملة حكم عقد الفضولى، حكم سائر العقود الجائزة، بل اولى) من سائر العقود الجائزة.

وجه الظهور: ما ذكره بقوله (فان قياس العقد المتزلزل) بوجود اختيار للمالك (من حيث الحدوث) كالمال الّذي اجرى عليه الفضول عقدا (على المتزلزل من حيث البقاء) كالعقود الجائزة، اذا اجرى المالك على المال عقدا آخر (قياس مع الفارق).

لما عرفت: من وجه الفرق (فضلا عن دعوى الاولوية) اى اولوية عقد متزلزل حدوثا، على عقد متزلزل بقاء.

ص: 300

و سيجي ء مزيد بيان لذلك فى بيان ما يتحقق به الرد.

السابع: الاخبار المستفيضة الحاكية، لنهى النبي (ص) عن بيع ما ليس عندك.

فان النهى فيها، اما لفساد البيع المذكور مطلقا، بالنسبة الى المخاطب، و الى المالك، فيكون دليلا على فساد العقد الفضولى.

و اما لبيان فساده بالنسبة الى المخاطب خاصة- كما استظهرناه سابقا-

______________________________

(و سيجي ء مزيد بيان لذلك) الفرق بين العقدين (فى بيان ما يتحقق به الرد) إن شاء الله تعالى.

(السابع) من الاشكالات على صحة بيع: من باع ثم ملك (الاخبار المستفيضة الحاكية، لنهى النبي (ص) عن بيع ما ليس عندك) فان من ليس عنده الشي ء، اذا باعه، ثم ملكه، كان بيعه السابق من مصاديق- بيع ما ليس عندك- فهو منهى عنه.

(فان النهى فيها) فى تلك الاخبار (اما لفساد البيع المذكور مطلقا) اى (بالنسبة الى المخاطب، و الى المالك) فالذى يبيع هو بنفسه ما ليس له، و المالك الّذي له المال، و بيع ماله فضولة، البيع فاسد بالنسبة إليهما (فيكون دليلا على فساد العقد الفضولى) مطلقا، اذ: بعد بطلانه بالنسبة إليهما، لا وجه لصحته مطلقا.

(و اما لبيان فساده بالنسبة الى المخاطب خاصة- كما استظهرناه سابقا-) لظهور الخطاب فى ذلك، و لادلة الفضولى، و ليست هى

ص: 301

فيكون دالا على عدم وقوع بيع مال الغير لبايعه مطلقا،- و لو ملكه فاجاز- بل الظاهر: إرادة حكم خصوص صورة تملكه بعد البيع، و إلا فعدم وقوعه له، قبل تملكه،، مما لا يحتاج الى البيان.

و خصوص رواية يحيى بن الحجاج المصححة إليه، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن الرجل يقول لى: اشتر لي هذا الثوب، و هذه الدابة، و بعنيها، اربحك كذا و كذا، قال: لا بأس بذلك، اشترها و لا تواجبه البيع، قبل ان تستوجبها، او تشتريها.

______________________________

تخصيصا بل قرينة للمراد، من: لا تبع ما ليس عندك (فيكون دالا على عدم وقوع بيع مال الغير لبايعه) الّذي باع مال الغير (مطلقا) اى (- و لو ملكه) البائع بعد ان باعه (فاجاز- بل الظاهر) بقرينة الفهم العرفى (إرادة حكم خصوص صورة تملكه بعد البيع) من: لا تبع ما ليس عندك (و إلا فعدم وقوعه) اى البيع (له) اى لمن ليس عنده (قبل تملكه، مما لا يحتاج الى البيان) فانه ليس مالكا حتى يكون له التصرف فيه.

(و خصوص) عطف على: الاخبار المستفيضة (رواية يحيى بن الحجاج المصححة إليه، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن الرجل يقول لى: اشتر لى هذا الثوب، و هذه الدابة، و بعنيها، اربحك كذا و كذا، قال) عليه السلام: (لا بأس بذلك، اشترها و لا تواجبه البيع) اى لا تبع- من الايجاب- (قبل ان تستوجبها) اى قبل ان تشتريها من صاحبها (او تشتريها) هو عبارة اخرى عن الاستيجاب.

ص: 302

و رواية خالد بن الحجاج، قال: قلت لابى عبد الله عليه السلام، الرجل يجيئنى، و يقول: اشتر هذا الثوب، و اربحك كذا و كذا، قال:

أ ليس ان شاء اخذ، و ان شاء ترك؟ قلت: بلى، قال: لا بأس به، انما يحلل الكلام و يحرم الكلام، بناء على ان المراد بالكلام، عقد البيع، فيحلل نفيا، و يحرم اثباتا، كما فهمه فى الوافى، او يحلل، اذا وقع بعد الاشتراء، و يحرم اذا وقع قبله، او ان الكلام الواقع قبل الاشتراء يحرم اذا كان بعنوان العقد الملزم، و يحلل اذا كان على وجه المساومة و المراضاة.

______________________________

(و رواية خالد بن الحجاج، قال: قلت لابى عبد الله عليه السلام الرجل يجيئنى، و يقول: اشتر هذا الثوب، و اربحك كذا و كذا، قال:

أ ليس ان شاء اخذ، و ان شاء ترك) اى انه لم يشتر منك اشتراء عقديا بل قاول معك مقاولة، بحيث انه مختار فى اخذه و عدم اخذه (قلت:

بلى، قال: لا بأس به، انما يحلل الكلام و يحرم الكلام) مما دل على ان بيع غير المالك لا يصح (بناء على ان المراد بالكلام، عقد البيع، فيحلل نفيا) اى اذا لم يبع (و يحرم اثباتا) اى اذا عقد البيع (كما فهمه فى الوافى، او يحلل) الكلام بين الواسطة و المشترى (اذا وقع بعد الاشتراء) اى بعد اشتراء الواسطة من المالك (و يحرم اذا وقع قبله) لانه عقد ممن ليس له المال (او ان الكلام الواقع قبل الاشتراء يحرم اذا كان بعنوان العقد الملزم).

و معنى التحريم عدم النفوذ او حرمة التصرف المترتب على ذلك الكلام (و يحلل اذا كان على وجه المساومة و المراضاة) اذ صرف التكلم حول مال الغير ليس محظورا

ص: 303

و صحيحة ابن مسلم، قال: سألته عن رجل اتاه رجل، فقال له: ابتع لى متاعا، لعلى اشتريه منك، بنقد او نسيئة، فابتاعه الرجل من اجله، قال ليس به بأس، انما يشتريه منه بعد ما يملكه.

و صحيحة منصور بن حازم، عن ابى عبد الله عليه السلام، فى رجل امر رجلا ليشترى له متاعا، فيشتريه منه، قال: لا بأس بذلك، انما البيع بعد ما يشتريه.

و صحيحة معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، يجيئنى الرجل، فيطلب منى بيع الحرير، و ليس عندى

______________________________

(و صحيحة ابن مسلم، قال: سألته عن رجل اتاه رجل، فقال له:

ابتع لى متاعا، لعلى اشتريه منك، بنقد او نسيئة، فابتاعه الرجل من اجله) و باحتمال ان يشتريه منه و يرجحه (قال: ليس به بأس، انما يشتريه منه بعد ما يملكه) فان المفهوم منه ان به بأسا، لو اشتراه الرجل من الوسيط قبل ان يشتريه الوسيط من المالك.

(و صحيحة منصور بن حازم، عن ابى عبد الله عليه السلام، فى رجل امر رجلا ليشترى له متاعا، فيشتريه منه) اى يشترى الآمر من الوسيط بعد ان اشتراه الوسيط- بقرينة الفاء- (قال: لا بأس بذلك، انما البيع) بيع الوسيط للآمر (بعد ما يشتريه) الوسيط من المالك، فان مفهومه الباس لو كان الاشتراء قبل اشتراء الوسيط من المالك.

(و صحيحة معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، يجيئنى الرجل، فيطلب منى بيع الحرير) اى ان ابيعه الحرير (و ليس عندى)

ص: 304

شي ء، فيقاولنى عليه،، و اقاوله فى الربح و الاجل، حتى نجتمع على شي ء، ثم اذهب لاشترى الحرير، فادعوه إليه، فقال: أ رأيت ان وجد مبيعا هو احب إليه مما عندك، أ تستطيع ان تصرف إليه عنه و تدعه قلت: نعم، قال: لا بأس، و غيرها من الروايات.

و لا يخفى ظهور هذه الاخبار من حيث المورد فى بعضها.

______________________________

منه (شي ء، فيقاولنى عليه، و اقاوله فى الربح و الاجل) اى كم يربحنى، و الى أية مدة يسلم المال لى (حتى نجتمع على شي ء) اى نبنى على ثمن معين الى مدة معينة (ثم اذهب لاشترى الحرير، فادعوه إليه) اى الى ان يشترى منى (فقال) عليه السلام (أ رأيت) اخبرنى (ان وجد مبيعا) اما بمعنى المصدر او بمعنى المبيع (هو: احب إليه مما عندك أ تستطيع ان تصرف إليه) اى الى ذلك الشخص الجديد (عنه) اى عن صاحبك، (و تدعه) اى تدع صاحبك.

و مراد الامام عليه السلام بهذا السؤال، كشف ان الرجل قاول مع الوسيط، و لم يجر عقد البيع، او عقد المبيع معه، قبل ان يشترى الوسيط الشي ء (قلت: نعم) ليس احدنا مجبورا للتعامل مع الآخر (قال: لا بأس).

و مفهومه انه: ان كان العقد قد حصل بين الآمر و الوسيط، قبل ان يشترى، كان فيه البأس، و ليس ذلك، الا لانه (و غيرها من الروايات) المذكورة فى الكتب المفصلة.

(و لا يخفى ظهور هذه الاخبار من حيث المورد فى بعضها) الدال

ص: 305

و من حيث التعليل فى بعضها الآخر، فى عدم صحة البيع قبل الاشتراء و انه يشترط فى البيع الثانى، تملك البائع له، و استقلاله فيه و لا يكون قد سبق منه و من المشترى الزام و التزام سابق بذلك المال.

و الجواب: عن العمومات انها انما تدل على عدم ترتب الاثر المقصود من البيع، و هو النقل و الانتقال المنجر على بيع ما ليس عنده فلا يجوز ترتب الأثر على هذا البيع، لا من طرف البائع بان يتصرف فى الثمن

______________________________

على ان البيع قبل اشتراء الوسيط لا يجوز (و من حيث التعليل فى بعضها الآخر) كقوله عليه السلام: انما يحلل الكلام و يحرم الكلام (فى عدم صحة البيع قبل الاشتراء، و انه يشترط فى البيع الثانى) اى بيع الوسيط للمشترى الآمر له (تملك البائع له، و استقلاله) اى للمتاع (فيه) استقلال الملاك فى اموالهم (و لا يكون) عطف على: تملك (قد سبق منه) اى من الوسيط- المفهوم من الكلام- (و من المشترى الزام) من الوسيط (و التزام) من المشترى (سابق) على تملك الوسيط (بذلك المال) و هذا هو مراد القائل ببطلان بيع، من باع ثم ملك.

(و الجواب) اما (عن العمومات) القائلة ب: لا تبع ما ليس عندك، (انها انما تدل على عدم ترتب الاثر المقصود من البيع، و هو النقل و الانتقال المنجز على بيع ما ليس عنده) فليست هذه العمومات نافية للبيع المتزلزل المتوقف على اجازة المالك (فلا يجوز ترتب الأثر على هذا البيع لا من طرف البائع بان يتصرف فى الثمن) قبل اجازة المالك

ص: 306

و لا من طرف المشترى بان يطالب البائع بتسليم المبيع.

و منه يظهر الجواب عن الاخبار فانها لا تدل- خصوصا بملاحظة قوله عليه السلام: و لا تواجبه البيع، قبل ان تستوجبها- الا على ان الممنوع منه، هو الالزام، و الالتزام من المتبايعين بآثار البيع المذكور، قبل الاشتراء، فكذا بعده، من دون حاجة الى اجازة، و هى المسألة الآتية: اعنى لزوم البيع بنفس الاشتراء من البائع من دون حاجة الى

______________________________

(و لا من طرف المشترى بان يطالب البائع بتسليم المبيع) و هذا نقول به نحن.

و يؤيد هذا الظهور، ما دلّ على صحّة بيع الفضول، بعد اجازة المالك.

(و منه) اى من هذا الجواب عن العمومات (يظهر الجواب عن الاخبار) فانها تنهى عن ترتب الاثر، لا عن مجرد اجزاء العقد المتزلزل المتوقف على اجازة المالك (فانها لا تدل- خصوصا بملاحظة قوله عليه السلام: و لا تواجبه البيع، قبل ان تستوجبها- الا على ان الممنوع منه) اى من البيع (هو الالزام، و الالتزام من المتبايعين ب) ترتيب (آثار البيع المذكور، قبل الاشتراء) من المالك الاصلى (فكذا بعده) اى بعد الاشتراء (من دون حاجة الى اجازة) من المالك الجديد (و هى المسألة الآتية) اى ما لو باع الفضول، ثم اشترى المتاع، و لم يجز ما عقده سابقا فهل العقد السابق كاف، اى يحتاج الى اجازة من نفس البائع (اعنى لزوم البيع) الّذي وقع فضولا (بنفس الاشتراء من البائع) الفضولى (من دون حاجة الى

ص: 307

الاجازة، و سيأتى ان الاقوى فيها: البطلان،

و ما قيل من ان تسليم البائع للمبيع- بعد اشترائه- الى المشترى الاول، مفروض فى مورد الروايات، و هى اجازة فعلية.

______________________________

الاجازة، و سيأتى) فى تلك المسألة (ان الاقوى فيها: البطلان) لان البيع- حال وقوعه- لم يثبت الا متوقفا على اجازة المالك.

فعدم حاجته الى الاجازة، بسبب اشتراء نفس البائع، يحتاج الى الدليل، و اىّ فرق بين ان يكون الفضول هو المشترى- بعد ذلك- او غيره.

(و) ربما اشكل على هذا الجواب الّذي ذكرناه عن الاخبار الخاصة بانكم قلتم: ان الظاهر منها: عدم استقرار البيع لا عدم اصل البيع و الحال انها ظاهرة فى: عدم اصل البيع اذ لو كان البيع صحيحا محتاجا الى الاجازة، كان تسليم المالك الثانى، للمتاع الى المشترى اجازة، فهو بيع فضولى ملحوق بالاجازة، فلم لم يجوزها الامام عليه السلام؟ و ليس ذلك الا لاجل ان اصل البيع باطل.

و الى هذا الاشكال، اشار بقوله.

و (ما قيل من ان تسليم البائع) الوسيط (للمبيع- بعد اشترائه-) من المالك الاصلى (الى المشترى) متعلق ب: تسليم، (الاول) صفة:

المشترى، لان الفضول، هو: مشتر ثان (مفروض فى مورد الروايات، و هى اجازة فعلية) فليس منع الامام لعدم الاجازة، بل لعدم صحة اصل البيع مطلقا.

ص: 308

مدفوع: بان التسليم اذا وقع باعتقاد لزوم البيع السابق، و كونه من مقتضيات لزوم العقد، و انه مما لا اختيار للبائع فيه، بل يجبر عليه اذا امتنع، فهذا لا يعد اجازة و لا يترتب عليه احكام الاجازة فى باب الفضولى، لان المعتبر فى الاجازة، قولا و فعلا، ما يكون عن سلطنة و استقلال، لان ما يدل على اعتبار طيب النفس فى صيرورة مال الغير حلالا لغيره، يدل على عدم كفاية ذلك.

______________________________

(مدفوع: بان التسليم اذا وقع باعتقاد لزوم البيع السابق، و) باعتقاد (كونه) اى التسليم (من مقتضيات لزوم العقد) السابق (و) باعتقاد (انه) اى التسليم (مما لا اختيار للبائع فيه، بل يجبر عليه اذا امتنع، فهذا) التسليم (لا يعد اجازة) فعلية (و لا يترتب عليه) اى على هذا التسليم (احكام الاجازة فى باب الفضولى).

و انما لا يعد مثل هذا التسليم اجازة (لان المعتبر فى الاجازة قولا و فعلا) اى سواء كانت اجازة قولية او اجازة فعلية؟ (ما يكون عن سلطنة و استقلال) من المجيز، لا ما كان عن اعتقاد انه مجبور فيه، و ملتزم عليه (لان ما يدل على اعتبار طيب النفس فى صيرورة مال الغير حلالا لغيره) حتى لا يكون من مصاديق: لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفسه (يدل على عدم كفاية ذلك) النوع من الاعطاء الّذي لم يصدر عن استقلال و سلطنة، و انما عن اعتقاد، انه مجبور عليه و ملتزم به.

و على هذا: فلا اجازة فى مورد الروايات.

و الروايات انما نفت هذا القسم من البيع الواقع على ما ليس له، لانه

ص: 309

نعم: يمكن ان يقال: ان مقتضى تعليل نفى البأس فى رواية خالد المتقدمة بان المشترى، ان شاء اخذ، و ان شاء ترك، ثبوت البأس فى البيع السابق بمجرد لزومه على الاصيل.

و هذا محقق فيما نحن فيه، بناء على ما تقدم من انه: ليس للاصيل فى عقد الفضولى فسخ المعاملة قبل اجازة المالك، او رده.

لكن الظاهر: بقرينة النهى

______________________________

لا اجازة فيه، لا لانها تقول بالفساد، و ان لحقتها الاجازة بعد ذلك.

(نعم: يمكن ان يقال) ان الظاهر من بعض الروايات المتقدمة، نفى البيع مطلقا، حتى المتزلزل منه، اذ: (ان مقتضى تعليل نفى البأس فى رواية خالد المتقدمة) حيث قال الامام عليه السلام: أ ليس ان شاء اخذ، و ان شاء ترك؟ قلت: بلى (بان المشترى، ان شاء اخذ، و ان شاء ترك، ثبوت البأس فى البيع السابق) على اشتراء الوسيط من صاحب المال (بمجرد لزومه) اى البيع السابق (على الاصيل).

(و هذا) اى لزومه على الاصيل- و هو الّذي قاول مع الوسيط، اى اشترى منه فضولا- (محقق فيما نحن فيه) من صورة جريان العقد بين الاصيل، و بين الوسيط (بناء على ما تقدم) فى مسئلة الفضولى (من انه: ليس للاصيل فى عقد الفضولى فسخ المعاملة قبل اجازة المالك، او رده) فاذا كان المراد بيع الاصيل و الوسيط، كانت هذه الرواية دالة على منعه، لا انها دالة على المنع عن ترتيب آثار البيع القطعى عليه.

(لكن الظاهر) ان هذا الاشكال، غير وارد، فان الظاهر (بقرينة النهى

ص: 310

عن مواجبة البيع، فى الخبر المتقدم إرادة اللزوم من الطرفين.

و الحاصل: ان دلالة الروايات عموما و خصوصا على النهى عن البيع قبل الملك، مما لا مساغ لانكاره و دلالة النهى على الفساد أيضا، مما لم يقع فيها المناقشة فى هذه المسألة.

الا انا نقول: ان المراد بفساد البيع عدم ترتب ما يقصد منه عرفا من الآثار

______________________________

عن مواجبة البيع، فى الخبر المتقدم) و هو خبر: يحيى بن الحجاج (إرادة اللزوم من الطرفين) و ان المحظور، هو ما يكون فيه لزوم من طرفى الاصيل و الوسيط، لا ما كان فيه لزوم من طرف الاصيل فقط.

اذ: رواية خالد يجب ان تقيد، برواية ابن الحجاج.

فان الاولى: تنهى عن ما يكون فيه لزوم من احد الطرفين الاصيل و الوسيط و الثانية: تنهى عما يكون فيه لزوم من الطرفين، فيلزم ان تقيد الاولى بالثانية.

(و الحاصل) من كلامنا حول هذه الروايات (ان دلالة الروايات عموما و خصوصا على النهى عن البيع، قبل الملك، مما لا مساغ لانكاره) فليس مراد نافى الجواب عنها انكار ظهورها فى النهى (و دلالة النهى على الفساد أيضا، مما لم يقع فيها المناقشة) اذ: النهى فى المعاملات يدل على الفساد (فى هذه المسألة) كسائر المسائل التى ورد فيها النهى عن العبادة.

(الا انا نقول: ان المراد بفساد البيع عدم ترتب ما يقصد منه عرفا من الآثار) كلزوم تسليم المثمن و جواز التصرف فى الثمن، و ما اشبه

ص: 311

فى مقابل الصحة التى هى امضاء الشارع لما يقصد عرفا من إنشاء البيع.

مثلا: لو فرض حكم الشارع بصحة بيع الشي ء قبل تملكه- على الوجه الّذي يقصده اهل المعاملة- كان يترتب عليه بعد البيع، النقل و الانتقال، و جواز تصرف البائع فى الثمن، و جواز مطالبة المشترى البائع بتحصيل المبيع من مالكه، و تسليمه، و عدم جواز امتناع البائع بعد تحصيله عن تسليمه، ففساد البيع، بمعنى عدم ترتب جميع ذلك عليه.

و هو: لا ينافى قابلية العقد، للحوق

______________________________

(فى مقابل الصحة التى هى امضاء الشارع لما يقصد عرفا من إنشاء البيع)

و هذا المقدار: لا يدل على بطلان الفضولية التى هى محل الكلام و نحن نقول بصحتها، و الطرف المقابل يقول: ببطلانها.

(مثلا: لو فرض حكم الشارع بصحة بيع الشي ء قبل تملكه- على الوجه الّذي يقصده اهل المعاملة- كان يترتب عليه) اى على الحكم بالصحة (بعد البيع، النقل و الانتقال، و جواز تصرف البائع فى الثمن و جواز مطالبة المشترى البائع بتحصيل المبيع من مالكه) فان المفروض:

ان المشترى اشترى المتاع من غير مالكه، و الواجب على البائع ان يحصل المتاع حينئذ (و تسليمه) الى المشترى (و عدم جواز امتناع البائع بعد تحصيله) من مالكه (عن تسليمه، ففساد البيع) اى بيع ما لا يملك، كما يستفاد من النهى الوارد فى الروايات المتقدمة، انما هو: (بمعنى عدم ترتب جميع ذلك) الاثر (عليه) اى على بيع ما لم يملكه.

(و هو) اى الفساد بهذا المعنى (لا ينافى قابلية العقد، للحوق

ص: 312

الاجازة من مالكه حين العقد.

او ممن يملكه بعد العقد، و لا يجب- على القول بدلالة النهى على الفساد- وقوع المنهى عنه لغوا غير مؤثر اصلا، كما يستفاد من وجه دلالة النهى على الفساد.

فان حاصله دعوى: دلالة النهى على ارشاد المخاطب، و بيان ان مقصوده من الفعل المنهى عنه، و هو: الملك، و السلطنة من الطرفين، لا يترتب عليه فهو: غير مؤثر فى

______________________________

الاجازة من مالكه حين العقد) ظرف لمالكه، بان يأذن المالك، لهذا العقد الّذي وقع فضولة على ماله.

(او) لحوق الاجازة (ممن يملكه) اى يملك المتاع (بعد العقد) كما فى مسئلة: من باع ثم ملك ثم اجاز (و لا يجب- على القول بدلالة النهى على الفساد- وقوع المنهى عنه) و هو: عقد ما ليس عنده (لغوا غير مؤثرا اصلا، كما يستفاد) عدم المنافات بين الفساد بمعنى عدم ترتب الاثر، و بين وجود القابلية (من وجه دلالة النهى على الفساد) فانه فساد بمعنى عدم ترتب الاثر، لا بمعنى عدم القابلية، للحوق الاجازة.

(فان حاصله) اى حاصل ما يستفاد من دلالة النهى على الفساد (دعوى: دلالة النهى على ارشاد المخاطب، و بيان ان مقصوده من الفعل المنهى عنه) اى بيع ما ليس عنده (و هو) اى مقصوده من الفعل المنهى عنه (الملك، و السلطنة من الطرفين، لا يترتب عليه) اى على الفعل المنهى عنه (فهو) اى هذا الفعل المنهى عنه (غير مؤثر فى

ص: 313

مقصود المتبايعين، لا انه لغو من جميع الجهات، فافهم.

اللهم الا ان يقال: ان عدم ترتب جميع مقاصد المتعاقدين على عقد بمجرد انشائه مع وقوع مدلول ذلك العقد فى نظر الشارع، مقيدا بانضمام بعض الامور اللاحقة، كالقبض فى الهبة، و نحوها.

و الاجازة فى الفضولى لا يقتضي النهى عنها بقول مطلق، اذ: معنى صحة المعاملة شرعا

______________________________

مقصود المتبايعين، لا انه لغو من جميع الجهات) حتى من قابلية لحوق الاجازة (فافهم) فان النهى فى المعاملات، يدل على فقد شرط، او وجود مانع، و معنى ذلك ان النهى يدل حتى على عدم القابلية.

(اللهم الا ان يقال: ان عدم ترتب جميع مقاصد المتعاقدين على عقد بمجرد انشائه) اى عدم ترتب المقاصد عند الانشاء (مع وقوع مدلول ذلك العقد فى نظر الشارع، مقيدا بانضمام بعض الامور اللاحقة) الى العقد (كالقبض فى الهبة، و نحوها) كالصرف و السلم، فانها تشترط بالقبض، و الا لم تترتب عليها جميع الآثار.

(و الاجازة فى الفضولى) حيث انه لو لا الاجازة لم يترتب الاثر على الفضولى (لا يقتضي النهى عنها) اى عن تلك العقود، المتوقفة على التحاق شي ء بها (بقول مطلق) بان يقول الشارع: لا تهب، و هو يريد عدم ترتب الاثر بدون القبض، بل اللازم ان ينهى عنها مقيدا كما لو قال:

لا تهب بدون القبض.

و انما قلنا: لا ينهى بقول مطلق (اذ: معنى صحة المعاملة شرعا،

ص: 314

ان يترتب عليها شرعا المدلول المقصود من انشائه، و لو مع شرط لاحق.

و عدم بناء المتعاملين على مراعاة ذلك الشرط، لا يوجب النهى عنه، الا مقيدا بتجرده عن لحوق ذلك الشرط.

فقصدهم ترتب الملك المنجز على البيع قبل التملك- بحيث يسلّمون الثمن و يطالبون المبيع- لا يوجب الحكم عليه بالفساد.

فالانصاف: ان ظاهر النهى فى تلك الروايات، هو: عدم وقوع البيع، قبل التملك للبائع، و عدم ترتب اثر

______________________________

ان يترتب عليها شرعا المدلول المقصود من انشائه) اى إنشاء عقد تلك المعاملة (و لو مع شرط لاحق) كالقبض فى الهبة، و الاجازة فى الفضولى.

(و عدم) مبتدأ خبره: لا يوجب (بناء المتعاملين على مراعاة ذلك الشرط، لا يوجب النهى عنه) مطلقا، بان يطلق الشارع النهى (الا) نهيا (مقيدا بتجرده) اى العقد (عن لحوق ذلك الشرط) كان يقول:

لا هبة مجردة عن القبض، و لا فضولى مجردا عن الاجازة.

(فقصدهم) اى المتعاملون (ترتب الملك المنجز على البيع قبل التملك) اى قبل تملك البائع، ما باعه فضولة (- بحيث يسلّمون) المتعاملون (الثمن و يطالبون المبيع- لا يوجب الحكم عليه) اى على العقد (بالفساد) ان كان واقعا صحيحا قابلا للحوق الاجازة، كما تدعون انتم من صحة بيع: من باع ثم ملك.

(فالانصاف: ان ظاهر النهى فى تلك الروايات، هو: عدم وقوع البيع قبل التملك للبائع) اى قبل ان يملك البائع المتاع (و عدم ترتب اثر

ص: 315

الانشاء المقصود منه عليه مطلقا حتى مع الاجازة.

و اما صحته بالنسبة الى المالك اذا اجاز، فلان النهى راجع الى وقوع البيع المذكور للبائع، فلا تعرض فيه لحال المالك اذا اجاز فيرجع فيه الى مسئلة الفضولى.

نعم: قد يخدش فيها ان ظاهر كثير من الاخبار المتقدمة ورودها فى بيع الكلى، و انه لا يجوز بيع الكلى فى الذمة، ثم اشتراء بعض افراده، و تسليمه الى المشترى الاول.

______________________________

الانشاء المقصود منه) اى من الانشاء (عليه) اى على الانشاء (مطلقا) اى (حتى مع الاجازة) بعد اشتراء البائع المتاع، (و) ان قلت: فعلى هذا كان اللازم عدم صحته بالنسبة الى مالكه الاصلى اذا اجاز، مع انكم تقولون بصحته.

قلت: (اما صحته) اى الانشاء (بالنسبة الى المالك) الاصلى (اذا اجاز) بيع البائع (فلان النهى) ليس بناظر الى المالك الاصلى اطلاقا، بل انما هو: (راجع الى وقوع البيع المذكور للبائع) الفضولى (فلا تعرض فيه) اى فى النهى (لحال المالك اذا اجاز) المالك (ف) حيث لا تعرض للنهى عن حال المالك (يرجع فيه الى مسئلة الفضولى) و قد تقدم فيها ان مقتضى القواعد: ان الاجازة كافية فى نفوذ مثل هذا البيع.

(نعم: قد يخدش فيها) اى فى دلالة الروايات على المنع عن صحة بيع: من باع ثم ملك (ان ظاهر كثير من الاخبار المتقدمة ورودها فى بيع الكلى، و انه لا يجوز بيع الكلى فى الذمة، ثم اشتراء بعض افراده و تسليمه الى المشترى الاول) اى الّذي اشترى من البائع، كما لو باع زيد

ص: 316

و المذهب جواز ذلك، و ان نسب الخلاف فيه الى بعض العبائر فيقوى: فى النفس انها و ما ورد فى سياقها فى بيع الشخصى أيضا كروايتى يحيى، و خالد، المتقدمتين اريد بها الكراهة، او وردت فى مقام التقية، لان المنع عن بيع الكلى حالا مع عدم وجوده عند البائع حال البيع، مذهب جماعة من العامة، كما صرح به فى بعض الاخبار.

______________________________

كتابا كليا لعمرو، ثم اشترى كتابا و سلمه الى عمرو بعنوان الوفاء.

(و) الحال ان (المذهب) الّذي يختاره فقهاء الشيعة (جواز ذلك) البيع الكلى، ثم اشتراء فرد منه، و تسليمه الى المشترى، من باب الوفاء (و ان نسب الخلاف فيه) اى فى جوازه (الى بعض العبائر) عبائر فقهائنا (فيقوى: فى النفس انها) اى تلك الاخبار الظاهرة فى الكلى (و ما ورد فى سياقها) التى ظاهرها (فى بيع الشخصى أيضا، كروايتى:

يحيى، و خالد، المتقدمتين).

لكن كونهما فى سياق تلك الاخبار، يوجب إلحاقهما بتلك الاخبار (اريد بها الكراهة) بصرف النهى عن ظاهره التحريمى، الى الكراهة، لما دل على جواز بيع الكلى (او) يقال: انها (وردت فى مقام التقية، لان المنع عن بيع الكلى حالا) مقابل السلف (مع عدم وجوده عند البائع) و هو بائع الآن (حال البيع) اما اذا كان موجودا لدى البائع حال البيع، فلا اشكال فى صحته (مذهب جماعة من العامة، كما صرح به فى بعض الاخبار) كصحيحة عبد الرحمن عن الصادق عليه السلام: المتقدمة حيث قال الامام- ع-: لا بأس، فقال الراوى: ان من عندنا يفسده، فقال- ع-

ص: 317

مستندين فى ذلك الى: النهى النبوى عن بيع ما ليس عندك، لكن الاعتماد على هذا التوهين فى رفع اليد عن الروايتين المتقدمتين الواردتين فى بيع الشخصى، و عموم مفهوم التعليل فى الاخبار الواردة فى بيع الكلى، خلاف الانصاف.

اذ: غاية الامر حمل الحكم فى مورد تلك الاخبار- و هو بيع الكلى قبل التملك- على التقية، و هو: لا يوجب طرح مفهوم التعليل رأسا

______________________________

ما تقولون فى السلم الخ (مستندين) اولئك العامة (فى ذلك) المنع (الى: النهى النبوى عن بيع ما ليس عندك) اى قوله «ص» لا تبع ما ليس عندك، قالوا: بانه يشمل البيع الكلى أيضا.

و حيث احتملنا انها وردت فى مقام التقية، فلا دلالة فيها على حرمة و لا كراهة (لكن الاعتماد على هذا التوهين) بان المراد البيع الكلى فيحمل على الكراهة (فى رفع اليد عن الروايتين المتقدمتين الواردتين فى بيع الشخصى) بحملهما على خلاف ظاهرهما، لمجرد انهما فى سياق اخبار البيع الكلى (و) عن (عموم مفهوم التعليل فى الاخبار الواردة فى بيع الكلى) و ان المواجبة، وقعت قبل اشتراء البائع للمتاع، او بعده (خلاف الانصاف) فاللازم ان نقول: بعدم صحة بيع من باع ثم ملك.

(اذ: غاية الامر) فى الخدشة فى الروايات المعللة- اى باستثناء الروايتين الخاصتين- (حمل الحكم) بالنهى (فى مورد تلك الاخبار- و هو بيع الكلى قبل التملك- على التقية) و الا فبيع الكلى قبل التملك، جائز فى نفسه (و هو: لا يوجب طرح مفهوم التعليل رأسا) لان مفهوم

ص: 318

فتدبر.

فالاقوى العمل بالروايات، و الفتوى بالمنع عن البيع المذكور.

و مما يؤيد المنع- مضافا الى ما سيأتى عن التذكرة، و المختلف من دعوى الاتفاق- رواية الحسن بن زياد الطائى الواردة فى نكاح العبد بغير اذن مولاه، قال قلت: لابى عبد الله عليه السلام، انى كنت رجلا مملوكا فتزوجت بغير اذن مولاى، ثم اعتقنى بعد، فاجدد النكاح؟ فقال: علموا

______________________________

التعليل عدم الصحة مطلقا، خرج منه الكلى، لما دل على صحته.

فيحمل المفهوم فى الكلى على التقية، اما الشخصى فيبقى تحت المفهوم بلا معارض (فتدبر) لعله اشارة الى: انه لا يمكن تخصيص الكلى عن المفهوم، لانه يلزم منه خروج المورد، فاللازم، الحمل على التقية مطلقا، فلا دليل فى المفهوم على المنع عن بيع ما ليس عنده مطلقا، سواء كان كليا او شخصيا؟

(فالاقوى) حيث كان هناك مفهوم التعليل، و كانت الروايتان الصريحتان (العمل بالروايات، و الفتوى بالمنع عن البيع المذكور) بان يبيع الانسان شيئا شخصيا، ثم يشتريه و يؤديه الى البائع وفاء.

(و مما يؤيد المنع- مضافا الى ما سيأتى عن التذكرة، و المختلف من دعوى الاتفاق-) على المنع (رواية الحسن بن زياد الطائى، الواردة فى نكاح العبد بغير اذن مولاه، قال قلت: لابى عبد الله عليه السلام، انى كنت رجلا مملوكا، فتزوجت بغير اذن مولاى، ثم اعتقنى بعد، فاجدد النكاح) او النكاح صحيح (فقال) عليه السلام: (علموا

ص: 319

انك تزوجت، قلت: نعم، قد علموا، فسكتوا، و لم يقولوا الى شيئا، قال ذلك اقرار منهم، انت على نكاحك، الخبر، فانها ظاهرة بل صريحة فى ان علة البقاء- بعد العتق- على ما فعله بغير اذن مولاه، هو اقراره المستفاد من سكوته، فلو كان صيرورته حرا، مالكا لنفسه، مسوغة للبقاء مع اجازته، او بدونها، لم يحتج الى الاستفصال عن ان المولى، سكت أم لا؟

للزوم العقد على كل تقدير.

______________________________

انك تزوجت، قلت: نعم، قد علموا، فسكتوا، و لم يقولوا لى شيئا، قال ذلك) السكوت بعد العلم (اقرار منهم، انت على نكاحك) الى آخر (الخبر فانها ظاهرة بل صريحة فى ان علة البقاء- بعد العتق- على ما فعله) من النكاح (بغير اذن مولاه) «على» متعلق ب: البقاء (هو اقراره) اى اقرار المولى (المستفاد من سكوته).

و هذا: يدل على بطلان العقد، و لو اجاز بعد العتق اذا لم يرض المولى (فلو كان صيرورته) اى العبد (حرا، مالكا لنفسه، مسوغة للبقاء مع اجازته) اى العبد (او بدونها) بان لم يحتج الى الاجازة- كما هو مذهب من يقول: ان من باع ثم ملك، لم يحتج الى اجازة جديدة (لم يحتج) بقاء النكاح (الى الاستفصال) الّذي ذكره الامام عليه السلام (عن ان المولى، سكت أم لا؟).

و انما لم يحتج- على هذا التقدير- (للزوم العقد) حينئذ، اذا ملك نفسه- باجازة او بدونها- (على كل تقدير) تقدير رضى المولى و عدم رضاه.

ص: 320

ثم ان الواجب على كل تقدير، هو: الاقتصار على مورد الروايات، و هو: ما لو باع البائع لنفسه، و اشترى المشترى غير مترقب لاجازة المالك و لا لاجازة البائع، اذا صار مالكا.

و هذا هو الّذي ذكره العلامة ره فى التذكرة نافيا للخلاف فى فساده قال: لا يجوز ان يبيع عينا لا يملكها، و يمضى ليشتريها و يسلمها، و به قال الشافعى، و احمد، و لا نعلم فيه خلافا، لقول النبي (ص): لا تبع ما ليس عندك و لاشتمالها على الغرر، فان صاحبها قد لا يبيعها، و هو:

غير مالك لها، و لا قادر على تسليمها.

______________________________

(ثم ان الواجب على كل تقدير) سواء قلنا: بالبطلان، او بالكراهة؟

(هو: الاقتصار على مورد الروايات) الدالة على المنع عن بيع ما ليس عنده (و هو: ما لو باع البائع لنفسه) مال الغير (و اشترى المشترى غير مترقب لاجازة المالك) الاصلى (و لا لاجازة البائع، اذا صار مالكا) بل اشتراه جاز ما غير متوقف على الاجازة.

(و هذا) القسم من البيع (هو الّذي ذكره العلامة ره فى التذكرة نافيا للخلاف فى فساده، قال: لا يجوز ان يبيع عينا لا يملكها، و يمضى ليشتريها) من مالكها (و يسلمها) الى المشترى منه (و به) اى بالفساد (قال الشافعى، و احمد، و لا نعلم فيه خلافا، لقول النبي (ص): لا تبع ما ليس عندك) هذا أولا (و لاشتمالها على الغرر) ثانيا (فان صاحبها قد لا يبيعها، و هو) اى البائع (غير مالك لها، و لا قادر على تسليمها) و يشترط فى البيع: الملك، و القدرة على التسليم.

ص: 321

اما لو اشترى موصوفا فى الذمة- سواء كان حالا، او مؤجلا- فانه جائز اجماعا، انتهى.

و حكى عن المختلف أيضا الاجماع على المنع أيضا.

و استدلاله بالغرر، و عدم القدرة على التسليم، ظاهر، بل صريح فى وقوع الاشتراء، غير مترقب لاجازة مجيز، بل وقع على وجه يلزم على البائع بعد البيع، تحصيل المبيع و تسليمه.

فحينئذ لو تبايعا، على ان يكون العقد موقوفا على الاجازة

______________________________

(اما لو اشترى موصوفا فى الذمة) اى الكلى، لا الشخصى (- سواء كان) بيعا (حالا، او مؤجلا- فانه جائز اجماعا) فان الكلى، لا ينحصر فى الفرد الّذي عند الغير، و ليس فيه غرر، او عدم قدرة على التسليم (انتهى) كلام التذكرة.

(و حكى عن المختلف أيضا) كالتذكرة (الاجماع على المنع أيضا) كاجماع التذكرة.

(و استدلاله) اى العلامة- مبتدأ- (بالغرر، و عدم القدرة على التسليم، ظاهر) «ظاهر» خبر (بل صريح فى وقوع الاشتراء، غير مترقب لاجازة مجيز، بل وقع) الاشتراء (على وجه يلزم على البائع بعد البيع، تحصيل المبيع و تسليمه) فان الاشتراء بترقب غير موجب للغرر، و لا يحتاج الى القدرة على التسليم، كما هو الحال فى سائر اقسام الفضولية.

(فحينئذ) اى حين كان النهى فى الروايات عن خصوص البيع الجزمى غير المترقب لاجازة (لو تبايعا، على ان يكون العقد موقوفا على الاجازة،

ص: 322

فاتفقت الاجازة من المالك، او من البائع بعد تملكه، لم يدخل فى مورد الاخبار، و لا فى معقد الاتفاق.

و لو تبايعا على ان يكون اللزوم موقوفا على تملك البائع دون اجازته، فظاهر عبارة الدروس: انه من البيع المنهى عنه فى الاخبار المذكورة حيث قال: و كذا لو باع ملك غيره، ثم انتقل إليه، فاجاز، و لو اراد لزوم البيع بالانتقال، فهو بيع ما ليس عنده، و قد نهى عنه، انتهى.

لكن الانصاف: ظهورها فى الصورة الاولى، و هى: ما لو تبايعا قاصدين

______________________________

فاتفقت الاجازة من المالك) الاصلى (او من البائع) الفضول (بعد تملكه) للمال، او من المالك الّذي تلقاه من المالك الاصلى- مثلا- (لم يدخل فى مورد الاخبار، و لا فى معقد الاتفاق) لانصراف الاخبار و الاتفاق عن هذه الصورة.

(و لو تبايعا) الفضول و المشترى (على ان يكون اللزوم) للبيع (موقوفا على تملك البائع، دون اجازته) بان قالا: ان مجرد تملك البائع كاف فى الانتقال الى المشترى بدون الاحتياج الى ان يجيز بعد ان تملك (فظاهر عبارة الدروس: انه من البيع المنهى عنه فى الاخبار المذكورة) «فى» متعلق ب: المنهى (حيث قال) الشهيد: (و كذا لو باع ملك غيره، ثم انتقل إليه، فاجاز) البائع الفضول (و لو اراد) الفضول (لزوم البيع بالانتقال، فهو بيع ما ليس عنده، و قد نهى عنه، انتهى) كلام الدروس.

(لكن الانصاف: ظهورها) اى الاخبار الناهية (فى الصورة الاولى) فقط (و هى: ما لو تبايعا، قاصدين

ص: 323

لتنجز النقل و الانتقال، و عدم الوقوف على شي ء.

و ما ذكره فى التذكرة كالصريح فى ذلك، حيث علل المنع بالغرر، و عدم القدرة على التسليم.

و اصرح منه كلامه المحكى عن المختلف، فى فصل النقد و النسيئة.

و لو باع عن المالك فاتفق انتقاله الى البائع، فاجازه، فالظاهر:

أيضا الصحة لخروجه عن مورد الاخبار.

______________________________

لتنجز النقل و الانتقال، و عدم الوقوف على شي ء) آخر من اجازة المالك الاصلى، او اجازة البائع اذا انتقل إليه المال بعد ذلك، فانه المنصرف من الاخبار.

(و ما ذكره فى التذكرة) المتقدم (كالصريح فى ذلك) اى اختصاص الاخبار بالصورة الاولى فقط (حيث علل المنع) عن: بيع ما ليس عنده (بالغرر، و عدم القدرة على التسليم) فان البيع متوقفا على الاجازة ليس غررا، و ليس موجبا للتسليم- كما هو الشأن فى كل فضولى-.

(و اصرح منه) اى من كلام التذكرة (كلامه) اى العلامة (المحكى عن المختلف، فى فصل النقد و النسيئة).

و عليه: فالصورة الثانية لا دليل على المنع عنها من الاخبار، و لا من الاجماع- بدليل كلام العلامة-.

(و لو باع) الفضول المتاع (عن المالك) لا عن نفسه (فاتفق انتقاله الى البائع) قهرا، كالارث، او اختيارا كالاشتراء (فاجازه) البائع (فالظاهر أيضا الصحة) لذلك البيع الفضولى (لخروجه عن مورد الاخبار) حيث عرفت

ص: 324

نعم: قد يشكل فيه من حيث ان الاجازة لا متعلق لها، لان العقد السابق كان إنشاء للبيع عن المالك الاصلى، و لا معنى لاجازة هذا بعد خروجه عن ملكه.

و يمكن دفعه بما اندفع به سابقا الاشكال فى عكس المسألة، و هى:

ما لو باعه الفضولى لنفسه، فاجازه المالك لنفسه، فتأمل.

______________________________

انها ظاهرة فى تنجيز البيع.

(نعم: قد يشكل فيه) اى فى هذا الفرض من: من باع ثم ملك (من حيث ان الاجازة لا متعلق لها).

و ذلك (لان العقد السابق) على الانتقال الى البائع (كان إنشاء للبيع عن المالك الاصلى، و لا معنى لاجازة هذا بعد خروجه عن ملكه) و هذا البائع لم يقع العقد فى ملكه حتى يجيزه.

(و يمكن دفعه) اى دفع هذا الاشكال، و القول بصحة العقد السابق بالاجازة من المالك الجديد، (بما اندفع به سابقا الاشكال فى عكس المسألة، و هى) اى المسألة السابقة، هى: (ما لو باعه الفضولى لنفسه، فاجازه المالك لنفسه) لا للفضول (فتأمل) وجه اندفاع الاشكال ان فى كلتا المسألتين: ان المقصود من المعاملة تبادل المثمن بالثمن، و لا خصوصية للشخص المنسوب إليه العوضان، فاذا حصل هذا التبادل بالعقد، ثم رضى المالك، سواء كان مالكا وقت العقد او غيره؟ صح البيع لصدق: عقودكم، المستفاد من قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

و وجه التأمل: احتمال الفرق بين المسألتين بان فى عكس المسألة،

ص: 325

و لو باع لثالث معتقدا لتملكه، او بانيا عليه عدوانا فان اجاز المالك فلا كلام فى الصحة، بناء على المشهور من عدم اعتبار وقوع البيع عن المالك و ان ملكه الثالث و اجازه، او ملكه البائع

______________________________

مالك موجود حال العقد، هو الّذي يجيز بعد ذلك.

اما فى هذه المسألة فلا مالك موجود حال العقد يجيز البيع بعد ذلك.

فالذى يجيز، غير المالك حال العقد.

و الّذي يملك حال العقد، لا يجيز، و لا يرتبط به الاجازة- حال الاجازة-.

فعقودكم، لا يتحقق، لا بالنسبة الى المالك الاول، لانه خرج عن كونه مالكا، و لا بالنسبة الى المالك الثانى، لانه لم يقع فى ملكه العقد.

و مجرد الاجازة بعد ذلك، لا يوجب صدق: عقودكم، عرفا، كما ان العقد الواقع على الملك فى الازمنة السابقة، حين كان فى ايادى سابقين لا يصدق عليه انه عقد هذا الانسان المتأخر الّذي ملك ملكا جديدا.

(و لو باع) الفضول المال، لا عن المالك كزيد، و لا عن نفسه الّذي هو خالد، بل (لثالث) كبكر- مثلا- (معتقدا لتملكه) بان اعتقد البائع ان المال لبكر، لا لزيد (او بانيا عليه عدوانا) كما يتحقق فى عمال الغاصبين، حيث يبيعون اموال الناس لمصلحة اربابهم (فان اجاز المالك) الواقعى كزيد فى المثال (فلا كلام فى الصحة، بناء على المشهور من عدم اعتبار وقوع البيع) فى قصد البائع (عن المالك) اذ: لا خصوصية لهذا القصد.

(و) على هذا (ان ملكه الثالث) كبكر، كما لو انتقل المال الى بكر (و اجازه) اى البيع الّذي وقع عنه- فضولة- (او ملكه البائع) الفضول

ص: 326

فاجازه، فالظاهر: انه داخل فى المسألة السابقة.

ثم: انه قد ظهر مما ذكرنا فى المسألة المذكورة، حال المسألة الاخرى و هى: ما لو لم يجز البائع بعد تملكه فان الظاهر، بطلان البيع الاول، لدخوله تحت الاخبار المذكورة يقينا.

مضافا: الى قاعدة: تسلط الناس على اموالهم، و عدم صيرورتها حلالا من دون طيب النفس، فان المفروض، ان البائع

______________________________

(فاجازه، فالظاهر: انه داخل فى المسألة السابقة) التى عنونها المصنف بقوله: و لو باع عن المالك، و مراده بالدخول فى هذه المسألة انه خارج عن مورد الاخبار، و لازمه ان يكون العقد صحيحا.

(ثم: انه قد ظهر مما ذكرنا فى المسألة المذكورة) اى مسئلة: من باع ثم ملك (حال المسألة الاخرى، و هى: ما لو لم يجز البائع بعد تملكه) للمال (فان الظاهر، بطلان البيع الاول) الّذي وقع فضولا (لدخوله تحت الاخبار المذكورة يقينا) اذ: الخارج منها، صورة رضاية المالك الجديد، فاذا لم يرض، لم يكن بيع عن رضى، لا عن رضى المالك الاول، و لا عن رضى المالك الثانى، فلا يشمله المستثنى فى: لا يحل مال امرئ الا عن طيب نفسه.

(مضافا: الى قاعدة: تسلط الناس على اموالهم) فالمالك الثانى مسلط على ماله، و لا يحق للمشترى ان يأخذ منه جبرا (و عدم صيرورتها) اى الاموال (حلالا من دون طيب النفس، فان المفروض، ان البائع) فضولا

ص: 327

بعد ما صار مالكا، لم يطب نفسه بكون ماله للمشترى الاول.

و التزامه- قبل تملكه- بكون هذا المال المعين للمشترى، ليس التزاما، الا بكون مال غيره له.

اللهم الا ان يقال: ان مقتضى عموم: وجوب الوفاء بالعقود و الشروط، على كل عاقد و شارط، هو: اللزوم على البائع، بمجرد انتقال المال إليه، و إن كان قبل ذلك

______________________________

(بعد ما صار مالكا، لم يطب نفسه بكون ماله للمشترى الاول) الّذي اشتراه من نفس البائع فضولا- مقابل المشترى الثانى، و هو من اشتراه من المالك، اى البائع الفضول-.

(و) ان قلت: ان البائع التزم بكون المال للمشترى، فهو طيب نفس منه.

قلت: (التزامه) اى البائع الفضول (- قبل تملكه-) للمال (بكون هذا المال المعين للمشترى، ليس التزاما، الا بكون مال غيره) اى المالك الاصيل (له) اى للمشترى، فلم يلتزم بكون مال نفسه للمشترى، حتى يكون ذلك الالتزام رضى من البائع بكون مال نفسه للمشترى.

(اللهم الا ان يقال) فى توجيه ان البائع لا يحق له فسخ العقد، اذا انتقل إليه المال، ببيان (ان مقتضى عموم: وجوب الوفاء بالعقود) المستفاد من قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (و الشروط) المستفاد من قوله ع-: المؤمنون عند شروطهم (على كل عاقد و شارط، هو: اللزوم على البائع، بمجرد انتقال المال إليه، و إن كان) العاقد (قبل ذلك) الانتقال

ص: 328

اجنبيا، لا حكم لوفائه و نقضه.

و لعله: لاجل ما ذكرنا رجح فخر الدين فى الايضاح- بناء على صحة الفضولى- صحة العقد المذكور بمجرد الانتقال، من دون توقف على الاجازة.

قيل و يلوح هذا من الشهيد الثانى فى هبة المسالك، و قد سبق استظهاره من عبارة الشيخ المحكية فى المعتبر، لكن يضعفه ان البائع غير مأمور بالوفاء قبل الملك فيستصحب، و المقام مقام استصحاب حكم الخاص

______________________________

(اجنبيا، لا حكم لوفائه) وجوبا (و) لا ل (نقضه) حرمة.

(و لعله: لاجل ما ذكرنا) من قولنا: اللهم الا ان يقال (رجح فخر الدين فى الايضاح- بناء على صحة الفضولى-) مطلقا (صحة العقد المذكور) الّذي باع ثم ملك (بمجرد الانتقال) للمال الى البائع (من دون توقف على الاجازة) لصدق: عقودكم، عليه، بمجرد الانتقال الى الفضول.

(قيل و يلوح هذا) اى يظهر هذا القول (من الشهيد الثانى فى) كتاب ال (هبة) من (المسالك، و قد سبق استظهاره) و انه الظاهر (من عبارة الشيخ المحكية فى المعتبر، لكن يضعفه) اى احتمال الانتقال بدون الاجازة، مما ذكرناه بقولنا: اللهم الخ (ان البائع) الفضول (غير مأمور بالوفاء) بهذا العقد (قبل الملك) اى قبل ان يملك البائع لهذا المال (فيستصحب) عدم وجوب: الوفاء (و المقام مقام استصحاب حكم الخاص

ص: 329

لا مقام الرجوع الى حكم العام، فتأمل.

______________________________

لا مقام الرجوع الى حكم العام) العام، هو: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، الّذي يشمل المقام، و الخاص، هو: عدم وجوب الوفاء بهذا العقد، لانه ليس عقد البائع، اذ: المراد: عقودكم، فاذا شك فى ان المقام للخاص او للعام، ينظر فى انه هل العام شمل الفرد، ثم خرج منه حصة و شك فى الحصة الثانية من الخاص، هل هى: خارجة أم لا؟ كما لو قال: اكرم العلماء، ثم قال: لا تكرم زيدا يوم الجمعة، فان الشك فى وجوب الاكرام يوم السبت مرجعه الى عموم: وجوب الاكرام، لانه شمل يوم الجمعة، و يوم السبت و الخارج يوم الجمعة فقط، ففى ما عداه يؤخذ بالعام.

او ان العام لم يشمل مثل هذا الفرد من السابق، بل شمله الخاص كما لو قال: اكرم العادل، و كان زيد يوم الجمعة فاسقا، ثم شك فى انه هل صار عادلا يوم السبت أم لا؟، فانه يشك فى شمول العام له، فيستصحب حكم الخاص الّذي هو عدم وجوب الاكرام (فتأمل) حيث: ان المقام ليس من مسئلة الشك فى شمول العام او المخصص لهذا الفرد المشكوك، بل من قبيل التخصص و الخروج الموضوعى.

اذ: الطيب المعتبر فى العقد، غير محقق فى المقام اصلا.

اقول: الكلام فى المسألة طويل جدا، و حيث كان الامر خارجا عن الشرح التوضيحى، امسكنا الكلام حوله.

هذا تمام الكلام فى وجه عدم وجوب العقد على البائع.

ص: 330

مضافا: الى معارضة العموم المذكور بعموم: سلطنة الناس على اموالهم، و عدم حلّها لغيرهم، الا عن طيب النفس.

و فحوى الحكم المذكور فى رواية الحسن بن زياد المتقدمة فى نكاح العبد بدون اذن مولاه- و ان عتقه- لا يجدى فى لزوم النكاح لو لا سكوت المولى الّذي هو بمنزلة الاجازة.

ثم: لو سلم عدم التوقف على الاجازة فانما هو: فيما اذا باع الفضولى لنفسه

______________________________

(مضافا: الى معارضة العموم المذكور) اى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (بعموم سلطنة الناس على اموالهم، و عدم حلّها لغيرهم، الا عن طيب النفس) فالمالك الثانى مسلط على ماله، و لا يحل ماله للمشترى، اذ: لا طيب لنفس المالك فى تصرف المشترى فى ماله.

(و فحوى) اى اولوية (الحكم المذكور فى رواية الحسن بن زياد المتقدمة فى نكاح العبد بدون اذن مولاه- و ان عتقه-) اى العبد (لا يجدى فى لزوم النكاح لو لا سكوت المولى) حال العقد (الّذي هو) اى السكوت (بمنزلة الاجازة) فانه اذا لم يجد العتق فى لزوم النكاح، و النكاح فرج يجب الاحتياط فيه، بعدم ابطاله، بعد انعقاده، لم يجد ملك الفضول فى لزوم العقد، و الحال انه ليس فى باب الملك الاحتياط الواجب مراعاته فى باب النكاح.

(ثم: لو سلم عدم التوقف على الاجازة) و ان: من باع ثم ملك، لزم عقده بدون احتياج الى الاجازة (فانما هو: فيما اذا باع الفضولى لنفسه) فانه بمجرد تملكه للشي ء يصدق: عقودكم، فيلزم.

ص: 331

اما لو باع فضولا للمالك، او لثالث، ثم ملك هو، فجريان عموم: الوفاء بالعقود، و الشروط، بالنسبة الى البائع اشكل.

و لو باع وكالة عن المالك فبان انعزاله بموت الموكل، فلا اشكال فى عدم وقوع البيع له بدون الاجازة، و لا معها، نعم: يقع للوارث مع اجازته.

______________________________

(اما لو باع) الفضولى (فضولا للمالك، او لثالث) كعامل الغاصب الّذي يبيع المغصوب للغاصب- الّذي ليس لنفسه و لا لمالكه الواقعى- (ثم ملك هو) اى الفضول (فجريان عموم: الوفاء بالعقود، و الشروط، بالنسبة الى البائع اشكل) لعدم الاستناد إليه، فانه اوقعه لغيره.

(و لو باع وكالة عن المالك) فيما كان وكيلا عنه سابقا (فبان انعزاله بموت الموكل، فلا اشكال فى عدم وقوع البيع له) اى للبائع الفضول الّذي ملك، بعد ذلك، تلقيا من الوارث (بدون الاجازة) لانه حين ملك لم يجز- كما تقدم- و الفضولى يحتاج الى الاجازة (و لا معها) لعدم الاستناد، فانه لا يصدق: عقودكم، و الحال ان الفضول باع للموكل، لا لنفسه (نعم: يقع للوارث مع اجازته).

و كان المصنف اتى بهذا الفرع، لبيان عدم الفرق بين تلقى الفضول المال من المالك، او من واسطة بينه و بين المالك، و عدم الفرق بين ان يعلم بانه فضول حال العقد، او لم يعلم بذلك، فتأمل.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 7، ص: 333

ص: 332

المسألة الثالثة: ما لو باع معتقدا كونه غير جائز التصرف، فبان كونه جائز التصرف،

و عدم جواز التصرف المنكشف خلافه اما لعدم الولاية، فانكشف كونه وليا، و اما لعدم الملك، فانكشف كونه مالكا، و على كل منهما.

فاما ان يبيع عن المالك، و اما ان يبيع لنفسه، فالصور اربع.

الاولى ان يبيع عن المالك، فانكشف كونه وليا على البيع، فلا ينبغى الاشكال فى اللزوم، حتى على القول ببطلان الفضولى.

______________________________

(المسألة الثالثة: ما لو باع معتقدا كونه غير جائز التصرف، فبان) اى ظهر بعد ذلك (كونه جائز التصرف، و عدم جواز التصرف المنكشف خلافه) بعد البيع (اما لعدم الولاية، فانكشف كونه وليا، و اما لعدم الملك فانكشف كونه مالكا، و على كل منهما) من تقديرى ظنه عدم الولاية، و عدم الملك.

(فاما ان يبيع عن المالك، و اما ان يبيع لنفسه، فالصور اربع).

(الاولى ان يبيع عن المالك) و يزعم انه فضول فى هذا البيع (فانكشف كونه وليا على البيع) لوكالة او ولاية على مال الصغير، او وصاية او حكومة شرعية، او ما اشبه ذلك (فلا ينبغى الاشكال فى اللزوم) للمعاملة و عدم الاحتياج الى الاجازة (حتى على القول ببطلان الفضولى).

و ذلك: لانه ليس بفضولى، و ظن انه فضول لا لغير الواقع، كما انه لو ظن: انه مالك، فبان كونه ليس بمالك، كان فضوليا محتاجا الى الاجازة.

ص: 333

لكن الظاهر من المحكى عن القاضى انه اذا اذن السيد لعبده فى التجارة، فباع و اشترى، و هو لا يعلم باذن سيده- و لا علم به احد- لم يكن مأذونا فى التجارة، و لا يجوز شي ء مما فعله، فان علم بعد ذلك، و اشترى و باع، جاز ما فعله بعد الاذن، و لم يجز ما فعله قبل ذلك فان امر السيد قوما ان يبايعوا العبد،- و العبد لا يعلم باذنه له- كان بيعه و شرائه منهم جائزا، و جرى ذلك مجرى الاذن الظاهر.

فان اشترى العبد بعد ذلك من غيرهم

______________________________

(لكن الظاهر من المحكى عن القاضى انه اذا اذن السيد لعبده فى التجارة، فباع و اشترى، و هو لا يعلم باذن سيده- و لا علم به) اى بالاذن (احد-) بمعنى ان الاذن لم يكن مجهولا مطلقا للعبد و غيره، و انما كان مجهولا للعبد فقط، بان علم الاذن سائر الناس (لم يكن) العبد (مأذونا فى التجارة، و لا يجوز) اى لا ينفذ (شي ء مما فعله) من انواع التجارة (فان علم بعد ذلك) اى بعد ان فعل بعض التجارات (و اشترى و باع) بعد العلم (جاز ما فعله بعد الاذن) و بعد علمه به (و لم يجز ما فعله قبل ذلك) العلم بالاذن (فان امر السيد قوما) او انسانا واحدا (ان يبايعوا العبد) الّذي هو اذن ضمنى للعبد أيضا (- و العبد لا يعلم باذنه) اى السيد (له-) اى للعبد، بان يعلم اذن السيد للقوم بمبايعة العبد (كان بيعه و شرائه منهم جائزا) نافذا (و جرى ذلك) الاذن للقوم، المخفى عند العبد (مجرى الاذن الظاهر) للعبد نفسه.

(فان اشترى العبد بعد ذلك) الاذن للقوم (من غيرهم) اى غير

ص: 334

و باع، جاز، انتهى.

و عن المختلف، الايراد عليه: بانه لو اذن المولى، و لا يعلم العبد ثم باع العبد، صح، لانه صادف الاذن، و لا يؤثر فيه اعلام المولى بعض المعاملين، انتهى، و هو: حسن.

الثانية: ان يبيع لنفسه، و انكشف كونه وليا، فالظاهر أيضا صحة العقد، كما عرفت من ان قصد بيع مال الغير لنفسه، لا ينفع، و لا يقدح.

______________________________

اولئك القوم (و باع، جاز) لما قلنا ان اذن المولى للقوم، جار مجرى الاذن الظاهر (انتهى) كلام القاضى.

(و عن المختلف، الايراد عليه: بانه لو اذن المولى، و لا يعلم العبد) بالاذن (ثم باع العبد، صح) البيع (لانه) اى البيع (صادف الاذن) واقعا (و لا يؤثر فيه) اى فى الجواز و العدم (اعلام المولى بعض المعاملين) حيث ذكر القاضى: ان مع الاعلام للقوم يصح بيع العبد، و بدون الاعلام لا يصح (انتهى، و هو) اى كلام العلامة (حسن) اذ: الالفاظ موضوعة للمعانى الواقعية، و لا مدخلية للعلم فيها، الا اذا كان هناك دليل على ان العلم جزء الموضوع او شرطه.

(الثانية) من مسائل من يبيع باعتقاد انه غير جائز التصرف (ان يبيع لنفسه، و انكشف كونه وليا) و انه جائز البيع واقعا (فالظاهر أيضا صحة العقد، لما عرفت من ان قصد بيع مال الغير لنفسه، لا ينفع) فى كون المعاملة صحيحة (و لا يقدح) فى كون المعاملة باطلة، بل الامر منوط بالواقع.

ص: 335

و فى توقفه على اجازته للمولى عليه، وجه.

لان قصد كونه لنفسه، يوجب عدم وقوع البيع على الوجه المأذون، فتأمل.

الثالثة ان يبيع عن المالك، ثم ينكشف كونه مالكا، و قد مثله الاكثر بما لو باع مال ابيه، بظن حياته، فبان ميتا، و المشهور الصحة، بل ربما استفيد من كلام العلامة فى القواعد، و الارشاد فى باب الهبة: الاجماع

______________________________

(و فى توقفه) اى نفوذ البيع و صحته (على اجازته) اى الولى (للمولى عليه) بان يجيز البيع عن قبل اليتيم- مثلا- (وجه) لا بأس به، فان اجاز صح، و الّا بطل.

(لان قصد كونه لنفسه) اى قصد الولى كون البيع لنفس الولى لا للمولى عليه (يوجب عدم وقوع البيع على الوجه المأذون) فيه لان المأذون فيه البيع لمولى عليه.

و عليه: يكون البيع فضوليا يحتاج الى الاجازة (فتأمل) اذ: الامر دائر مدار الواقع، و قد كان فى الواقع مأذونا.

اما قصده كون البيع لنفسه، فهو خارج عن حقيقة المعاملة، فليس المقام من باب العقود تتبع القصود، و عليه فلا وجه لقوله: وجه.

(الثالثة ان يبيع عن المالك، ثم ينكشف كونه مالكا، و قد مثله الاكثر بما لو باع مال ابيه، بظن حياته) اى حياة الأب (فبان) انه كان حين البيع (ميتا، و المشهور الصحة، بل ربما استفيد من كلام العلامة فى القواعد، و الارشاد فى باب الهبة: الاجماع) على الصحة

ص: 336

و لم نعثر على مخالف صريح، الا ان الشهيد ره ذكر فى قواعده: انه لو قيل بالبطلان، امكن، و قد سبقه فى احتمال ذلك، العلامة، و ولده فى النهاية و الايضاح لانه انما قصد نقل المال عن الأب، لا عنه، و لانه و إن كان منجزا فى الصورة، الا انه معلق، و التقدير ان مات مورثى فقد بعتك، فلانه كالعابث عند مباشرة العقد، لاعتقاده ان المبيع لغيره، انتهى.

اقول: اما قصد نقل الملك عن الأب، فلا يقدح فى وقوعه، لانه

______________________________

(و) نحن (لم نعثر) و لم نطلع (على مخالف صريح، الا ان الشهيد ره ذكر فى قواعده: انه لو قيل بالبطلان، امكن، و قد سبقه فى احتمال ذلك) البطلان (العلامة، و ولده فى النهاية، و الايضاح) و ذلك (لانه انما قصد نقل المال عن الأب، لا عنه) اى لا عن نفسه.

و حيث ان المقصود لم يقع، لا يقع غيره، لان الغير ليس بمقصود (و لانه) اى البيع (و إن كان منجزا فى الصورة، الا انه معلق) فى الواقع، و التعليق فى المعاملات يوجب بطلانها (و التقدير ان مات مورثى فقد بعتك) و التقدير، و ان كان واقعا، الا ان التعليق موجب للبطلان مطلقا (فلانه كالعابث عند مباشرة العقد، لاعتقاده) العاقد (ان المبيع لغيره) و لا يحق له اجراء البيع، و مع ذلك يجريه، و ليس العبث خاصا بالهزء بل كل ما كان لا طائل تحته واقعا، او باعتقاد المتكلم، فهو عبث (انتهى) استدلال من احتمل البطلان.

(اقول: اما قصد) الولد (نقل الملك عن الأب، فلا يقدح) فى الصحة و (فى وقوعه، لانه) اى الولد

ص: 337

انما قصد نقل الملك عن الأب- من حيث انه مالك باعتقاده-، ففى الحقيقة انما قصد النقل عن المالك، لكن اخطأ فى اعتقاده ان المالك ابوه، و قد تقدم توضيح ذلك فى عكس المسألة، اى ما لو باع ملك غيره، باعتقاد انه ملكه.

نعم: من ابطل عقد الفضولى لاجل اعتبار مقارنة طيب نفس المالك للعقد، قوى البطلان عنده هنا، لعدم طيب نفس المالك بخروج ماله عن ملكه.

______________________________

(انما قصد نقل الملك عن الأب- من حيث انه مالك باعتقاده-) اى الأب مالك باعتقاد الولد (ففى الحقيقة انما قصد) الولد (النقل عن المالك) فكانه قال: انقل عن المالك، و الأب المالك (لكن اخطأ فى اعتقاده ان المالك ابوه، و قد تقدم توضيح ذلك) اى البيع عن المالك، و الخطاء فى تطبيق المالك (فى عكس المسألة، اى ما لو باع ملك غيره، باعتقاد انه ملكه) اى ملك نفس العاقد.

و قلنا هناك ان هذا الاعتقاد لا يضر، لانه ليس من مقومات البيع، بل اعتقاد خارج.

(نعم: من ابطل عقد الفضولى لاجل اعتبار مقارنة طيب نفس المالك للعقد) و لا طيب لنفس المالك حال عقد الفضول- غالبا- (قوى البطلان عنده هنا) فيما لو باع ملك نفسه باعتقاد انه ملك الغير (لعدم طيب نفس المالك) عند العقد (بخروج ماله عن ملكه) «بخروج» متعلق:

بطيب.

ص: 338

و لذا نقول نحن- كما سيجي ء- باشتراط الاجازة من المالك بعد العقد لعدم حصول طيب النفس حال العقد.

و اما ما ذكر: من انه فى معنى التعليق، ففيه- مع مخالفته لمقتضى الدليل الاول كما لا يخفى- منع كونه فى معنى التعليق لانه اذا فرض انه يبيع مال ابيه لنفسه- كما هو ظاهر هذا الدليل- فهو انما يبيعه مع وصف كونه لابيه فى علمه فبيعه كبيع الغاصب

______________________________

(و لذا نقول نحن) القائلون بصحة بيع مال نفسه، باعتقاد انه لغيره (- كما سيجي ء- باشتراط الاجازة من المالك بعد العقد لعدم حصول طيب النفس حال العقد) اذ: الولد لم يطب نفسه بنقل مال نفسه، فاذا نقل احتاج الى الاجازة.

(و اما ما ذكر) لوجه بطلان البيع عن الغير، فيما كان المال لنفس العاقد واقعا (من انه) اى البيع (فى معنى التعليق، ففيه- مع مخالفته لمقتضى الدليل الاول) اذ: الاشكال الاول، هو ان الولد قصد نقل المال من الأب، و هذا الاشكال معناه ان الولد قصد نقل المال عن نفسه (كما لا يخفى) فكيف يجمع هذان الاشكالان المتخالفان على مورد واحد (- منع كونه فى معنى التعليق) لان الولد لم يعلق النقل، بل نقل قطعا، و انما ادعى انه هو المالك (لانه اذ افرض انه يبيع مال ابيه لنفسه- كما هو ظاهر هذا الدليل- فهو انما يبيعه مع وصف كونه لابيه فى علمه) اى علم الولد، و: فى، متعلق ب: وصف (فبيعه) اى الولد يكون (كبيع الغاصب) و

ص: 339

مبنى، على دعوى السلطنة و الاستقلال على المال، لا على تعليق للنقل بكونه منتقلا إليه بالارث عن مورثه، لان ذلك لا يجامع مع ظن الحياة.

اللهم الا ان يراد: ان القصد الحقيقى الى النقل، معلق على تملك الناقل، و بدونه فالقصد صورى- على ما تقدم من المسالك- من ان الفضولى و المكره قاصدان الى اللفظ، دون مدلوله.

لكن فيه- حينئذ- ان هذا القصد

______________________________

انه (مبنى على دعوى السلطنة و الاستقلال على المال) ادعاء كذبا (لا على تعليق للنقل بكونه منتقلا إليه بالارث عن مورثه) فلا يقول: بعت ان انتقل (لان ذلك) التعليق (لا يجامع مع ظن الحياة) للاب.

(اللهم الا ان يراد) من التعليق المذكور (ان القصد الحقيقى) من الولد (الى النقل، معلق على تملك الناقل) الولد (و بدونه) اى بدون التملك (فالقصد صورى- على ما تقدم من المسالك- من ان الفضولى و المكره قاصد ان الى اللفظ، دون مدلوله) فقصدهما صورى، و هنا أيضا كذلك.

(لكن فيه) انه ان اراد من التعليق هذا المعنى، لم يكن هذا التعليق مضرا.

كما انه ان اراد من التعليق، المعنى الاول: اى ما ذكره بقوله:

لا على تعليق للنقل بكونه الخ، لم يصح كلامه، اذ: لا تعليق بهذا المعنى.

و انما قلنا: ان التعليق اى الصورى ليس بمضر، اذ: فيه (- حينئذ-) اى حين اراد المستشكل من التعليق: القصد الصورى (ان هذا القصد

ص: 340

الصورى كاف، و لذا قلنا بصحة عقد الفضولى.

و من ذلك يظهر ضعف ما ذكره اخيرا من كونه كالعابث عند مباشرة العقد، معللا بعلمه بكون المبيع لغيره.

و كيف كان، فلا ينبغى الاشكال فى صحة العقد.

الا ان ظاهر المحكى من غير واحد لزوم العقد، و عدم الحاجة الى اجازة مستأنفة، لان المالك هو المباشر للعقد، فلا وجه لاجازة فعل نفسه.

______________________________

الصورى كاف، و لذا قلنا بصحة عقد الفضولى) مع ان القصد فيه أيضا صورى.

(و من ذلك) الجواب عن التعليق، و ان الصورية لا تضر (يظهر ضعف ما ذكره) المستشكل (اخيرا) فى اشكاله الثالث، على: من باع باعتقاد انه ملك غيره، فبان ملك نفسه (من كونه كالعابث عند مباشرة) العاقد (العقد، معللا) لكونه كالعابث (بعلمه بكون المبيع لغيره).

و انما ظهر ضعفه، لان هذا الاعتقاد لا يجعل العاقد عابثا، اذ:

الصورية كافية- كما عرفت-.

(و كيف كان، فلا ينبغى الاشكال فى صحة العقد) اى ما لو باع باعتقاد انه لغيره، و كان فى الواقع لنفسه.

(الا ان ظاهر المحكى من غير واحد لزوم العقد) فيما لو باع عن المالك ثم انكشف انه هو المالك (و عدم الحاجة الى اجازة مستأنفة).

و انما لا يحتاج الى اجازة مستأنفة (لان المالك هو المباشر للعقد، فلا وجه لاجازة فعل نفسه) اذ: الاجازة انما هى لحصول ارتباط العقد بالمالك، و الحال ان العقد مربوط بالمالك فى هذا المقام.

ص: 341

و لان قصده الى نقل مال نفسه- ان حصل هنا بمجرد القصد الى نقل المال المعين الّذي هو فى الواقع ملك نفسه و ان لم يشعر به- فهو اولى من الاذن فى ذلك،- فضلا عن اجازته-.

و الا توجه عدم وقوع العقد له.

لكن الاقوى، وفاقا للمحقق، و الشهيد الثانيين، وقوفه

______________________________

(و لان قصده) اى المالك (الى نقل مال نفسه) حين العقد (- ان حصل هنا بمجرد القصد الى نقل المال المعين الّذي هو فى الواقع ملك نفسه) و ان كان زعم انه ملك غيره ابتداءً (و ان لم يشعر به-) بانه مال نفسه حال العقد (فهو) اى قصد نقل المال المعين (اولى) بانعقاد العقد، و لزومه (من الاذن فى ذلك) النقل سابقا (- فضلا عن اجازته-) لاحقا.

(و الا) يحصل بمجرد القصد المذكور (توجه عدم وقوع العقد له) اذ: العقد بلا قصد ليس عقدا، و الحاصل من قوله: و لان قصده، ان قصد المالك نقل هذا المال المعين- سواء علم انه ما له او لم يعلم- كاف فى نقل المال، اذ: لو لم يكف، لزم عدم نقل المال اصلا، لا النقل المحتاج الى الاجازة.

ثم لا يخفى: ما فى الاستدلال من الاشكال.

(لكن الاقوى، وفاقا للمحق، و الشهيد الثانيين، وقوفه) اى لزوم العقد بالنسبة الى المالك- الّذي باع مال نفسه باعتقاد انه مال غيره-

ص: 342

على الاجازة، لا لما ذكره فى جامع المقاصد، من انه لم يقصد الى البيع الناقل للملك الآن، بل مع اجازة المالك، لاندفاعه بما ذكره بقوله: الا ان يقال ان قصده الى اصل البيع كاف.

و توضيحه: ان انتقال المبيع شرعا بمجرد العقد، او بعد اجازة المالك، ليس من مدلول لفظ العقد، حتى يعتبر قصده، او يقدح قصد خلافه.

______________________________

(على الاجازة، لا لما ذكره) من الاستدلال عليه (فى جامع المقاصد، من انه) اى المالك (لم يقصد الى البيع الناقل للملك الآن) فى حال العقد فان كل فضول يقصد النقل فيما اذا اذن المالك (بل) قصد البيع الناقل (مع اجازة المالك).

و عليه: فيتوقف اللزوم على اجازة المالك- الّذي هو نفس البائع- منتهى الامر، ان البائع اشتبه و زعم ان المالك غيره، بينما ان المالك هو البائع فى الواقع.

و انما قلنا: لا لما ذكره (لاندفاعه بما ذكره) جامع المقاصد بنفسه (بقوله: الا ان يقال ان قصده الى اصل البيع كاف) و لا يحتاج الى قصده النقل فى صورة اجازة المالك.

(و توضيحه) اى توضيح الاندفاع (ان انتقال المبيع شرعا بمجرد العقد) فى العقد المالكى (او بعد اجازة المالك) فى العقد الفضولى (ليس من مدلول لفظ العقد، حتى يعتبر قصده) فى صحة العقد (او يقدح قصد خلافه) بان يسبب بطلان العقد، فيما اذا لم يقصد انتقال

ص: 343

و انما هو من الاحكام الشرعية العارضة للعقود، بحسب اختلافها فى التوقف على الامور المتأخرة، و عدمه مع ان عدم القصد المذكور لا يقدح بناء على الكشف- بل قصد النقل بعد الاجازة، ربما يحتمل قدحه.

فالدليل على اشتراط تعقب الاجازة، فى اللزوم هو عموم: تسلط الناس على اموالهم.

______________________________

المبيع بمجرد العقد.

(و انما هو) اى الانتقال بمجرد القصد (من الاحكام الشرعية العارضة للعقود، بحسب اختلافها) اى العقود (فى التوقف على الامور المتأخرة) كالاجازة فى الفضولى، و القبض فى الصرف و السلم، و نحوهما (و عدمه) اى عدم التوقف على الامور المتأخرة، فتترتب الاحكام على العقد بمجرد وجوده (مع ان عدم القصد المذكور) اى عدم القصد الى البيع الناقل من حين العقد (لا يقدح) فى صحة العقد، و ترتب الاثر عليه (- بناء على الكشف-) اذ: على الكشف يكون النقل من حين العقد (بل) بناء على الكشف (قصد النقل بعد الاجازة، ربما يحتمل قدحه) لانه خلاف مقتضى العقد على الكشف.

و انما قال: ربما، اذ: ربما يقال: بعدم قدحه أيضا، اذ: النقل حكم شرعى يترتب على العقد، سواء قصده العاقد أم لا؟

(فالدليل على اشتراط تعقب الاجازة، فى اللزوم) اى لزوم العقد ليس انه قصده البائع- بل (هو عموم: تسلط الناس على اموالهم) فلا ينتقل الى غيرهم، الا باجازتهم.

ص: 344

و عدم حلها لغيرهم الا بطيب انفسهم.

و حرمة: اكل المال، الا بالتجارة عن تراض.

______________________________

(و عدم حلها لغيرهم الا بطيب انفسهم) و الاجازة كاشفة عن طيب النفس.

(و حرمة: اكل المال، الا بالتجارة عن تراض) و الاجازة هى الكاشفة عن الرضا.

و اذا شئت تقرير الكلام بعبارة اخرى، نقول: لو باع ثم ملك، احتاج الى الاجازة.

وجه الاحتياج آية: لا تأكلوا، و عموم: الناس مسلطون، و قوله:

لا يحل مال امرئ.

و ربما يذكر- فى وجه الاحتياج الى الاجازة- ان البائع هل قصد النقل بالاجازة، أم قصد النقل، و لو بدون الاجازة؟

فان كان الاول: احتاج الى الاجازة.

و ان كان الثانى: كان اصل البيع باطلا، لان الفضولى بلا اجازة المالك لا يوجب اللزوم.

و يجاب عن هذا الوجه: ان نختار الثانى- اى لم يقصد النقل بالاجازة- و ليس البيع باطلا.

أوّلا، لان النقل بالاجازة حكم شرعى لا يتوقف على القصد.

و ثانيا انه قادح على النقل، لا على الكشف.

ص: 345

و بالجملة فاكثر ادلّة اشتراط الاجازة فى الفضولى جارية هنا.

و اما ما ذكرناه من: ان قصد نقل ملك نفسه ان حصل، اغنى عن الاجازة، و الا فسد العقد.

ففيه انه يكفى فى تحقق صورة العقد القابلة للحوق اللزوم، القصد الى نقل المال المعين.

______________________________

(و بالجملة فاكثر ادلة اشتراط الاجازة فى الفضولى) حتى يتحقق البيع، و يكون لازما (جارية هنا).

و انما قال: اكثر الادلة، لان بعضها لا يجرى هنا، مثل دليل: و انه بدون الاجازة لا يكون استنادا الى المالك، و الحال انه يشترط الاستناد، لظهور قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، فى: بعقودكم.

و انما لا يجرى هذا الدليل، لفرض ان المالك هو الّذي اجرى العقد فهو عقده، سواء اجاز أم لم يجز؟

(و اما ما ذكرناه) من قال: بعدم الاحتياج الى الاجازة، فيمن باع ثم ملك (من: ان قصد نقل ملك نفسه ان حصل، اغنى عن الاجازة، و الا فسد العقد) فلا صورة فى البين تتوقف الصحة على الاجازة.

(ففيه انه يكفى فى تحقق صورة العقد القابلة) تلك الصورة (للحوق اللزوم، القصد) من البائع (الى نقل المال المعين): كلمة: القصد، فاعل: يكفى.

و حاصل قوله: ففيه، انا نختار الشق الثانى، و هو قوله: و الّا فسد العقد، و نقول: بانه ان لم يقصد نقل مال نفسه، لم يفسد العقد، بان

ص: 346

و قصد كونه ماله او مال غيره، مع خطائه فى قصده، او صوابه فى الواقع، لا يقدح، و لا ينفع.

و لذا بنينا على صحة العقد بقصد مال نفسه، مع كونه مالا لغيره.

و

______________________________

نمنع تالى الشرطية الثانية، بل اذا قصد المالك نقل المال فى الجملة، صح العقد المتأهل لان يلزم، اذ: لا يلزم فى الصحة اكثر من قصد نقل المال.

اما قصد ان المال مال نفسه فغير لازم.

فاذا تحقق القصد الى نقل المال، ثم لحقته الاجازة، كفى فى اللزوم.

(و قصد) مبتدأ، خبره: لا يقدح (كونه) اى البيع (ماله) اى مال نفس البائع (او مال غيره، مع خطائه فى قصده) بان قصد كونه مال نفسه، ثم تبين انه مال غيره، او قصد كونه مال غيره ثم تبين انه مال نفسه (او صوابه فى الواقع) بان طابق قصده الواقع (لا يقدح) الخطاء فى صحة المعاملة (و لا ينفع) الصواب، اذ: هذا القصد خارج عن العمل المعاملى.

(و لذا بنينا على صحة العقد بقصد مال نفسه) اى عقد العاقد، و كان يزعم ان المعوض مال نفسه (مع كونه مالا لغيره) فى الواقع عكس مسئلتنا التى هى: ان يعقد بقصد انه مال غيره، ثم تبين انه مال نفسه.

(و) الحاصل: انه يعتبر القصد الى مدلول اللفظ ليتحقق اصل العقد، و يعتبر الرضا به من المالك ليتحقق اللزوم، و لا يعتبر ازيد من ذلك، و عليه فلا يعتبر القصد الى نقل المال بعنوان انه مال نفسه، او بعنوان انه مال غيره.

ص: 347

اما ادلة اعتبار التراضي، و طيب النفس، فهى دالة على اعتبار رضاء المالك:

بنقل خصوص ماله بعنوان انه ماله، لا بنقل مال معين يتفق كونه ملكا له فى الواقع فان حكم طيب النفس و الرضا، لا يترتب على ذلك، فلو اذن فى التصرف فى مال معتقد انه لغيره، و المأذون يعلم انه له لم يجز له التصرف بذلك الاذن.

______________________________

و الى هذا اشار بقوله: (اما ادلة اعتبار التراضي، و طيب النفس، فهى دالة على اعتبار رضاء المالك بنقل خصوص ماله، بعنوان انه ماله) اى الامر الثانى و هو الرضا، بان يرضى- و لو بعد العقد- بنقل ماله (لا) انها دالة (بنقل مال معين يتفق كونه ملكا له فى الواقع) فلا خصوصية لعلمه حين العقد بان المال ماله.

(فان حكم طيب النفس و الرضا) و حكمهما جواز تصرف المنتقل إليه فى المال (لا يترتب على ذلك) اى على نقل مال معين يتفق كونه ملكا له فى الواقع.

و على ما ذكرنا من اشتراط الرضا المقارن او الملحوق- و ان جهل كون المال مال نفسه- (فلو اذن فى التصرف فى مال معتقد أنه لغيره و) الحال ان (المأذون يعلم انه له) اى بالواقع، و ان المال لنفس الآذن لا لغيره (لم يجز له) للمأذون (التصرف) فى ذلك المال (بذلك الاذن) لان الاذن، انما يكون مجوزا، لانه يكشف عن الرضا، فلو علمنا بعدم الرضا او لم نعلم به، و لم يكن الاذن كاشفا عنه، لم يفد.

ص: 348

و لو فرضنا انه اعتق عبدا عن غيره، فبان انه له، لم ينعتق.

و كذا لو طلق امرأة وكالة عن غيره، فبانت زوجته، لان القصد المقارن الى طلاق زوجته، و عتق مملوكه، معتبر فيهما، فلا تنفع الاجازة.

و لو غره الغاصب، فقال: هذا عبدى، اعتقه عنك، فاعتقه عن نفسه فبان كونه له فالاقوى أيضا عدم النفوذ، وفاقا للمحكى عن التحرير، و حواشى الشهيد، و جامع المقاصد، مع حكمه بصحة البيع هنا و وقوفه على الاجازة

______________________________

(و لو فرضنا انه اعتق عبدا عن غيره، فبان انه له، لم ينعتق) لانه فى الحقيقة لم يعتق عبد نفسه، فما قصده لم يكن، و ما كان لم يقصد.

(و كذا لو طلق امرأة وكالة عن غيره، فبانت زوجته) لم تطلق، (لان القصد المقارن الى طلاق زوجته، و عتق مملوكه، معتبر فيهما) و الحال انه لم يقصد (فلا تنفع الاجازة) بعد ذلك، لما تقدم من: ان الاجازة لا تنفع فى الايقاعات.

(و لو غره الغاصب، فقال: هذا عبدى، اعتقه عنك) حيث انه يجوز مثل هذا فيما لو قال له المالك، حيث ان معناه الملك الآنى، حتى يصح العتق عنه، اذ: لا عتق الا فى ملك (فاعتقه عن نفسه) اى نفس المأمور (فبان كونه) اى العبد (له) اى لنفسه، و ليس للغاصب (فالاقوى أيضا عدم النفوذ) للعتق (وفاقا للمحكى عن التحرير، و حواشى الشهيد، و جامع المقاصد، مع حكمه) اى جامع المقاصد (بصحة البيع هنا، و وقوفه على الاجازة) كما فى مسئلتنا السابقة، و هى ما لو باع، بزعم: انه مال

ص: 349

لان العتق لا يقبل الوقوف، فاذا لم يحصل القصد الى فك ماله مقارنا للصيغة، وقعت باطلة، بخلاف البيع فلا تناقض بين حكمه ببطلان العتق و صحة البيع مع الاجازة كما يتوهم.

نعم: ينبغى ايراد التناقض على من حكم هناك بعدم النفوذ، و حكم فى البيع باللزوم، و عدم الحاجة الى الاجازة

______________________________

غيره، فبان كونه مال نفسه.

و المراد بالصحة، التأهلية اى قابليته للحوق الاجازة.

و انما فرق جامع المقاصد بين المسألتين (لان العتق لا يقبل الوقوف) اذ: هو من الايقاعات فاما ان تصح رأسا، و اما ان لا تصح اصلا، اما التوقف على الاجازة فلا يمكن فيه (فاذا لم يحصل القصد الى فك ماله) اى قصد مالك العبد الى تحرير عبده (مقارنا للصيغة) اى صيغة العتق، اى لم يحصل القصد مقارنا و ان حصل بعد ذلك، بان اجاز العتق السابق (وقعت) الصيغة (باطلة، بخلاف البيع) فان قصد المالك لا يلزم ان يكون مقارنا للصيغة (فلا تناقض بين حكمه) اى جامع المقاصد (ببطلان العتق، و صحة البيع مع الاجازة) اى الصحة التأهلية التى تتمها الاجازة (كما يتوهم) من ان هناك تناقضا بين قولى صاحب جامع المقاصد.

(نعم: ينبغى ايراد التناقض على من حكم هناك) فى العتق (بعدم النفوذ، و حكم فى البيع باللزوم) فيما اذا صدر من المالك، و لكنه اعتقد انه ليس ماله، و انما هو مال غيره (و) ب (عدم الحاجة الى الاجازة) من المالك.

ص: 350

فان القصد الى إنشاء يتعلق بمعين، هو مال المنشئ فى الواقع- من غير علمه به- ان كان يكفى فى طيب النفس، و الرضا المعتبر فى جميع انشاءات الناس المتعلق باموالهم، وجب الحكم بوقوع العتق.

و ان اعتبر فى طيب النفس المتعلق باخراج الاموال عن الملك، العلم بكونه مالا له، و لم يكف مجرد مصادفة الواقع، وجب الحكم بعدم لزوم البيع

______________________________

وجه التناقض ما ذكره بقوله: (فان القصد الى إنشاء يتعلق ب) شي ء (معين، هو مال المنشئ فى الواقع- من غير علمه به-) اى علم المنشئ حال الانشاء بانه ماله (ان كان يكفى فى طيب النفس، و الرضا المعتبر فى جميع انشاءات الناس) حتى يتحقق المنشأ المقصود (المتعلق باموالهم) سواء كان بيعا، او اجازة، او عتقا، او طلاقا، او ما اشبه- و المراد بالاموال: الاعم من ملك العين، او ملك الحق كالبضع- (وجب الحكم بوقوع العتق) أيضا و عدم الاحتياج الى الاجازة بعد ذلك، حتى يقال: ان العتق لا يقع متزلزلا.

(و ان اعتبر فى طيب النفس المتعلق باخراج الاموال عن الملك، العلم بكونه مالا له) اى للمنشئ (و لم يكف) فى نفوذ الانشاء (مجرد مصادفة) الانشاء (الواقع) بان كان ملكا واقعا، لكن المنشئ لم يعلم ذلك (وجب الحكم بعدم لزوم البيع) لفرض ان المنشئ لا يعلم حين إنشاء البيع بانه ماله.

و على هذا فكيف يجمع بين صحة البيع، و عدم صحة العتق.

ص: 351

فالحق ان القصد الى الانشاء المتعلق بمال معين مصحح للعقد بمعنى قابليته للتأثير، و لا يحتاج الى العلم بكونه مالا له.

لكن لا يكفى ذلك فى تحقق الخروج عن ماله بمجرد الانشاء.

ثم ان كان ذلك الانشاء، مما يقبل اللزوم بلحوق الرضا، كفت الاجازة كما فى العقود، و الا وقع الانشاء باطلا، كما فى الايقاعات.

ثم: انه ظهر مما ذكرنا فى وجه الوقوف على الاجازة

______________________________

و كيف كان (فالحق ان القصد الى الانشاء المتعلق بمال معين مصحح للعقد) تصحيحا تأهليا- فيما كان قابلا للتأهلية كباب البيع، لا ما لم يكن كباب العتق و الطلاق- (بمعنى قابليته للتأثير) فيلزم، اذ الحقته الاجازة (و لا يحتاج الى العلم بكونه مالا له) اى للمنشئ.

(لكن لا يكفى ذلك) اى العقد الى الانشاء- بدون العلم بانه ماله- (فى تحقق الخروج عن ماله) اى مال المنشئ (بمجرد الانشاء) بل يحتاج الى الاجازة.

(ثم ان كان ذلك الانشاء، مما يقبل اللزوم بلحوق الرضا، كفت الاجازة) فى لزوم ما انشأه سابقا (كما فى العقود) لامكان تزلزلها، كباب الفضولى، و غيره (و الا وقع الانشاء باطلا، كما فى الايقاعات) كالعتق و الطلاق، حيث ذكروا عدم قبولها للتزلزل، و لذا لا تقبل الفضولية.

(ثم: انه ظهر مما ذكرنا) من ان قاعدة: التسلط، و: التجارة عن تراض، و ما اشبه، يقتضي عدم نفوذ العقد فى مال الناس، الا باجازتهم (فى وجه الوقوف) للعقد الفضولى، و شبهه (على الاجازة) من المالك

ص: 352

ان هذا الحق للمالك من باب الاجازة، لا من باب خيار الفسخ، فعقده متزلزل من حيث الحدوث، لا البقاء، كما قواه بعض من قارب عصرنا، و تبعه بعض من عاصرناه، معللا بقاعدة: نفى الضرر، اذ فيه ان الخيار فرع الانتقال، و قد تقدم توقفه على طيب النفس.

______________________________

(ان هذا الحق) حق الاجازة (للمالك من باب الاجازة) بمعنى انه:

لولاها، لم يتحقق الانتقال (لا من باب خيار الفسخ) و انه قد تحقق الانتقال، و انما يتمكن من له الفسخ فى ابطاله.

و على ما ذكرناه (فعقده) اى الفضولى و شبهه- و هو ما عقد المالك بزعم ان المال ليس له- (متزلزل من حيث الحدوث، لا) من حيث (البقاء، كما قواه) اى كونه متزلزلا من حيث البقاء (بعض من قارب عصرنا، و تبعه بعض من عاصرناه، معللا) للتزلزل (بقاعدة: نفى الضرر) كما يستدل بهذه القاعدة لتزلزل العقد فى باب خيار العيب، و خيار الغبن مثلا، فكانهما سلما انعقاد العقد، و انما التزلزل من حيث البقاء لاجل الضرر بخلافنا نحن، حيث نقول: بان العقد لم يحدث كاملا فالتزلزل لا يحتاج الى الدليل، بل هو الاصل.

و ذلك لعدم استناده الى المالك (اذ فيه) اى فى ما اختاره المعاصر، و من سبقه (ان الخيار فرع الانتقال، و قد تقدم) انه لم ينتقل الى المشترى ل (توقفه) اى الانتقال (على طيب النفس) من المالك، و طيب النفس، غير حاصل قبل الاجازة.

ص: 353

و ما ذكراه من الضرر المترتب على لزوم البيع، ليس لامر راجع الى العوض و المعوض.

و انما هو لانتقال الملك عن مالكه، من دون علمه و رضاه، اذ لا فرق فى الجهل بانتقال ماله بين ان يجهل اصل الانتقال كما يتفق فى الفضولى

______________________________

(و ما ذكراه) المعاصر و من قبله من: الاستدلال بالضرر، لاجل عدم اللزوم، ففيه ان الضرر هنا، انما هو يوجب القول بعدم حدوث البيع اللازم، لا انه يوجب القول بحدوث البيع و النقل و الانتقال لكنه غير لازم.

و الحاصل: ان الاستدلال بالضرر لاجل عدم اللزوم تام، لكن هل الضرر يوجب عدم اللزوم حدوثا- كما نقول- او عدم اللزوم بقاء- كما يقولان- او نحن نقول بعدم اللزوم حدوثا.

اذ: ما ذكراه (من الضرر المترتب على لزوم البيع)- اذ لزوم البيع الفضولى ضرر على المالك، فلا ضرر ينفى اللزوم- (ليس لامر راجع الى العوض و المعوض) بان يكون احدهما معيبا مثلا، فيكون اللزوم ضرريا، فلا لزوم، بعد ان حصل النقل و الانتقال.

(و انما هو) اى الضرر يترتب (لانتقال الملك عن مالكه، من دون علمه و رضاه) فلا انتقال، لانه ضرر، فالتزلزل حدوثى لا بقائى (اذ لا فرق فى الجهل بانتقال ماله) اى جهل المالك بانتقال ماله (بين ان يجهل اصل الانتقال كما يتفق فى) بيع (الفضولى) حيث لا يعلم المالك اصل انتقال ماله غالبا.

و انما قلنا غالبا، لانه قد يعلم بعمل الفضول، لكنه لم يقرر و لم يرد

ص: 354

او يعلمه و يجهل تعلقه بماله.

و من المعلوم: ان هذا الضرر هو المثبت لتوقف عقد الفضولى على الاجازة، اذ لا يلزم من لزومه بدونها سوى هذا الضرر.

ثم ان الحكم بالصحة فى هذه الصورة، غير متوقفة على القول بصحة عقد الفضولى، بل يجئ

______________________________

بعد (او يعلمه) اى يعلم المالك اصل الانتقال (و يجهل تعلقه) اى الانتقال (بماله) اى مال نفسه، كما لو باع زيد مال نفسه، و لكنه بظن انه مال غيره، فانه أيضا يحتاج الى الاجازة، لان الانتقال- و الحال انه لا يعلم بكونه ماله- ضررى، فدليل: لا ضرر ينفيه.

(و من المعلوم: ان هذا الضرر هو المثبت)- بالكسر- (لتوقف عقد الفضولى على الاجازة) فهو يفيد عدم اللزوم حدوثا، لا عدم اللزوم بقاء (اذ لا يلزم من لزومه) اى عقد الفضول (بدونها) اى بدون الاجازة (سوى هذا الضرر).

و عليه: فما ذكره المعاصر من ان التزلزل هنا، كالتزلزل فى باب الخيار، ليس فى محله.

و ان شئت قلت: ان: لا ضرر، فى المقام يوجب نفى المقتضى للانتقال و فى باب الخيار يوجب وجود المانع عن اللزوم.

(ثم ان الحكم بالصحة) للعقد الّذي اجراه المالك- و لكن بزعم ان المال ليس ماله- (فى هذه الصورة، غير متوقفة على القول بصحة عقد الفضولى، بل يجئ) الحكم بالصحة فى صورة عقد المالك الجاهل بكون

ص: 355

على القول بالبطلان، الا ان يستند فى بطلانه بما تقدم، من: قبح التصرف فى مال الغير، فيتجه عنده حينئذ البطلان

الرابعة: ان

______________________________

المال مال نفسه (على القول بالبطلان) اى بطلان عقد الفضولى.

و ذلك: لان الاستناد الى المالك موجود فى بيع المالك بنفسه، فيصدق: عقودكم، المستفاد من: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، بخلاف الفضولى، فانه لا يوجد الاستناد، اذ: ليس عقد الفضول عقد المالك،

و الحاصل ان دليل بطلان الفضولى- و هو عدم الاستناد- لا يجرى فى صورة عقد المالك، جاهلا بانه ماله (الا ان يستند فى بطلانه) اى بطلان الفضولى (بما تقدم، من: قبح التصرف فى مال الغير، فيتجه عنده حينئذ) اى حين هذا الاستناد (البطلان) للعقد الّذي اجراه المالك، ظانا ان المال ليس له، و ذلك لان القبح موجود هنا، فان الفضول يتصرف فى مال الغير، فهو قبيح، فتصرفه باطل، و المالك الجاهل يتجرّى حيث يزعم انه يتصرف فى مال الغير، و التجرى أيضا قبيح.

فاذا كانت العلة فى بطلان الفضولى القبح، كان اللازم، القول بالبطلان فى المقام أيضا، لانه أيضا قبيح.

منتهى الامر ان القبح فى الفضول، من جهة انه تصرف فى مال الغير، و القبح هنا من جهة انه تجرى.

(الرابعة) من صور ما لو باع معتقدا كونه غير جائز التصرف (ان

ص: 356

يبيع لنفسه، باعتقاد انه لغيره، فانكشف انه له.

و الاقوى هنا أيضا الصحة، و لو على القول ببطلان الفضولى، و الوقوف على الاجازة بمثل ما مر فى الثالثة.

و فى عدم الوقوف هنا وجه، لا يجرى فى الثالثة.

و لذا قوى اللزوم هنا بعض من قال بالخيار فى الثالثة.

______________________________

يبيع لنفسه، باعتقاد انه لغيره، فانكشف انه له) كما لو باع دار والده بزعم ان والده حي فبان ميتا، و ان الدار انتقلت بالارث إليه.

(و الاقوى هنا أيضا الصحة، و لو على القول ببطلان الفضولى و) كذلك الاقوى هنا أيضا (الوقوف على الاجازة) من نفس البائع.

و الدليل هنا على الامرين، انما هو (بمثل ما مر فى الثالثة) استدلالا و جوابا عن الاشكال.

(و فى عدم الوقوف) على الاجازة، بل نفوذ البيع رأسا (هنا) فى الرابعة (وجه، لا يجرى فى الثالثة) لانه فى هذه الصورة باع لنفسه، بخلاف الثالثة فانه باع لغيره، فانه اذا باع لنفسه، فقد حصل منه الرضا بالنقل لما له- اذ: انما يبيع لنفسه، بعد البناء على انه ماله- فلا حاجة الى الاجازة، بخلاف الصورة الثالثة، اذ لم يرض البائع ببيع ماله، بل باع مال غيره.

(و لذا قوى اللزوم هنا) فى الرابعة، و عدم الاحتياج الى الاجازة (بعض من قال بالخيار) فى ان يجيز او يرد (فى الثالثة).

ثم ان فى المسألة صورا اخرى، لم يتعرض لها المصنف ره، و نحن

ص: 357

و اما القول فى المجاز،
اشارة

فاستقصاؤه يكون ببيان امور،

الأول: يشترط فيه كونه جامعا لجميع الشروط المعتبرة فى تأثيره عدا رضى المالك

فلا يكفى اتصاف المتعاقدين بصحة الانشاء.

و لا احراز سائر الشروط بالنسبة الى الاصيل فقط- على الكشف- للزومه عليه

______________________________

مراعاة للتحفظ على سبك الشرح تركناها.

(و) حيث انتهينا عن الكلام فى المجيز.

فنقول (اما القول فى المجاز) اى البيع الّذي يراد اجازته، لان الفضول اجراه فاحتاج الى اجازة المالك (فاستقصاؤه يكون ببيان امور، الاول:

يشترط فيه كونه جامعا لجميع الشروط المعتبرة فى تأثيره) كالعربية، و تقديم الايجاب، و قصد الانشاء، و غير ذلك من شرائط العوضين، و شرائط المتعاقدين (عد ارضى المالك) فانه المفقود فى عقد الفضولى فقط (فلا يكفى اتصاف المتعاقدين بصحة الانشاء) بدون وجود شرائط العوضين، كان يكون المثمن خمرا مثلا، او الثمن مما يجب قبضه فى المجلس- كما فى الصرف و السلم- و لم يقبض.

(و) كذلك (لا) يكفى (احراز سائر الشروط بالنسبة الى الاصيل فقط) بان يكون الفضول طفلا، او مجنونا، او مكرها، او غير قاصد مثلا- (- على الكشف-) اذ: مقتضى الكشف، ان يكون النقل و الانتقال وقعا من حين العقد، فكيف يمكن ان يقع العقد، و الحال ان احد طرفيه من المتعاقدين غير لائق لاجراء العقد (للزومه) اى العقد (عليه)

ص: 358

بل مطلقا لتوقف تأثيره الثابت، و لو على القول بالنقل عليها.

و ذلك لان العقد اما تمام السبب، او جزئه و على اى حال فيعتبر اجتماع الشروط عنده.

و لهذا لا يجوز الايجاب فى حال جهل القابل بالعوضين،

______________________________

اى على الاصيل على القول بالكشف، و لا يمكن القول باللزوم على الاصيل اذا كان احد المتعاقدين غير اهل لاجراء العقد (بل) لا يكفى احراز الشرائط بالنسبة الى الاصيل فقط (مطلقا) على الكشف و النقل أيضا.

و انما لا يكفى الاحراز بالنسبة الى الاصيل فقط، بل يجب الاحراز بالنسبة الى الفضول أيضا (لتوقف تأثيره) اى العقد (الثابت) ذلك التأثير (و لو على القول بالنقل عليها) اى على الشروط.

اذ: لا شك ان العقد مؤثر- على القول بالنقل أيضا- فكيف يمكن تأثير شي ء فاقد للشرائط؟

و لذا فمن اللازم احراز الشرائط فى كل من المالك الاصيل و الفضول عند العقد، سواء قلنا بالكشف او النقل؟

(و ذلك) الّذي ذكرنا من لزوم احراز الشرائط مطلقا- و لو على النقل- (لان العقد اما تمام السبب، او جزئه) و جزئه الآخر، الاجازة من المالك (و على اى حال فيعتبر اجتماع الشروط عنده) اى عند العقد اذ: يعتبر اجتماع الشروط عند جزء العقد أيضا، كالايجاب- مثلا-.

(و لهذا) الّذي يعتبر اجتماع الشروط- حتى عند جزء العقد- (لا يجوز الايجاب فى حال جهل القابل بالعوضين) و ان علم بهما عند

ص: 359

بل لو قلنا: بجواز ذلك، لم يلزم منه الجواز هنا، لان الاجازة- على القول بالنقل- اشبه بالشرط.

و لو سلم كونها جزءا، فهو جزء للمؤثر، لا للعقد، فيكون جميع ما دل من: النص و الاجماع على اعتبار

______________________________

قبوله.

و كذلك لا يصح ان يجرى الايجاب فى حال نوم القابل او عدم وجوده، ثم يستيقظ او يجئ فيقبل، و ان لم يحصل فصل بين الايجاب و القبول (بل لو قلنا: بجواز ذلك) اى اجراء الايجاب فى حال جهل القابل (لم يلزم منه الجواز هنا) فى باب عقد الفضولى، بان يكون احدهما فاقدا للشرائط حال العقد- حتى على القول بالنقل- (لان الاجازة على القول بالنقل- اشبه بالشرط)

و من المعلوم: ان المشروط يجب ان يكون كاملا، فليست حال الاجازة حال جزء العقد، بل العقد بكامله يقع قبل الاجازة.

اما على القول بالكشف فاوضح، اذ: الاجازة لا شأن لها الا شأن الرضا، و هى ليست مربوطة بالعقد اطلاقا فالعقد سابق عليها بكل خصوصياته و اجزائه.

(و لو سلم كونها) اى الاجازة (جزءا، ف) ليس حالها حال سائر اجزاء العقد كالايجاب و القبول، اذ (هو) اى هذا الجزء الّذي هو الاجازة (جزء للمؤثر، لا للعقد) و عليه فاجزاء العقد هى التى جرت بين الاصيل و الفضول (فيكون جميع ما دل من: النص و الاجماع على اعتبار

ص: 360

الشروط فى البيع، ظاهرة فى اعتبارها فى إنشاء النقل و الانتقال بالعقد.

نعم لو دل دليل: على اعتبار شرط فى ترتب الاثر الشرعى على العقد، من غير ظهور فى اعتباره فى اصل الانشاء، امكن القول بكفاية وجوده حين الاجازة.

و لعل من هذا القبيل، القدرة على التسليم، و اسلام مشترى المصحف و العبد المسلم.

ثم هل يشترط بقاء الشرائط المعتبرة حين العقد الى زمان الاجازة،

______________________________

الشروط فى) عقد (البيع، ظاهرة فى اعتبارها) اى تلك الشروط (فى إنشاء النقل و الانتقال بالعقد) فيجب وجود الشروط حينذاك.

(نعم لو دل دليل: على اعتبار شرط فى ترتب الاثر الشرعى على العقد، من غير ظهور) لذلك الدليل (فى اعتباره) اى ذلك الشرط (فى اصل الانشاء، امكن القول بكفاية وجوده) اى وجود ذلك الشرط فى (حين الاجازة) بمعنى عدم لزوم وجوده فى حين العقد و الانشاء.

(و لعل من هذا القبيل) اى الشرط فى ترتب الاثر، لا فى اصل إنشاء العقد (القدرة على التسليم) اذ: لا خصوصية لها حال العقد (و اسلام مشترى المصحف، و) مشترى (العبد المسلم) حيث لا يصح بيعهما للكافر، فان الظاهر كون المانع تسلط الكافر عليهما، فاذا فرض انهما يسلمان حال التسلط المحقق بالاجازة، لم يكن وجه للقول بلزوم اسلامهما حال العقد.

(ثم هل يشترط بقاء الشرائط المعتبرة حين العقد الى زمان الاجازة)

ص: 361

أم لا؟ لا ينبغى الاشكال فى عدم اشتراط بقاء المتعاقدين على شروطهما حتى على القول بالنقل-.

نعم: على القول بكونها بيعا مستأنفا، يقوى الاشتراط.

______________________________

فاذا كان الشرط موجودا حال العقد لا حال الاجازة، كما اذا جن الاصيل حال اجازة المالك لم يكف (أم لا؟) بل اللازم وجود الشرط حال العقد فقط.

احتمالان (لا ينبغى الاشكال فى عدم اشتراط بقاء المتعاقدين على شروطهما- حتى على القول بالنقل-).

و ذلك لما دل من النص و الاعتبار على عدم الاشتراط.

اما النص فهو: ما دل على تزويج الصغيرين مع موت احدهما قبل اجازة الآخر، فانه يدل بالاولى فى المقام، اذ: المتبايعان ليسا ركنا في باب البيع، بخلاف الزوجين فى باب النكاح.

و اما الاعتبار: فلان العقد قد وقع، و العقلاء لا يعتبرون اكثر من لحوق الاجازة به، فيشمله قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و لا فرق فى ذلك بين النقل و الكشف.

اما على الكشف: فلأن العقد اثر من حينه.

و اما على النقل: فلأن الشرط شرط المتعاقدين، و قد كان الشرط موجودا حال العقد، و النقل من حين الاجازة لا يرتبط بالعقد الّذي هو محل الكلام.

(نعم: على القول بكونها) اى الاجازة (بيعا مستأنفا يقوى الاشتراط)

ص: 362

و اما شروط العوضين فالظاهر: اعتبارها- بناء على النقل-.

و اما بناء على الكشف، فوجهان.

و اعتبارها عليه أيضا غير بعيد.

الثانى هل يشترط فى المجاز [كونه معلوما للمجيز بالتفصيل]

______________________________

اذ لم يحصل البيع قبلها، فاللازم وجود الشرائط حين الاجازة.

(و اما شروط العوضين) ككونهما صالحين لاجراء العقد عليهما (فالظاهر: اعتبارها) اى تلك الشروط حال الاجازة (- بناء على النقل-) اذ: النقل يكون حين الاجازة على هذا التقدير،

فظاهر ادلة الاشتراط اعتبار تلك الشروط فى هذا الحال.

(و اما بناء على الكشف، فوجهان).

يحتمل الاعتبار حال الاجازة، لأن الاجازة هى آخر المؤثر فى النقل فيكون حال الاجازة حال: التاء، فى قبلت حيث يجب توفر الشروط فى العوضين الى آخر لفظ العقد.

و يحتمل عدم الاعتبار حالها، اذ: على الكشف قد وقع العقد المؤثر سابقا، و بعد العقد المؤثر لا دليل على اشتراط بقاء الشروط المعتبرة فى العوضين.

(و اعتبارها) اى شروط العوضين (عليه) اى على الكشف (أيضا) كالنقل (غير بعيد) اذ: فى الحقيقة لا يكون العقد عقدا الا بالاجازة، و الا فقبل الاجازة لا يصدق: عقودكم، المستفاد من: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(الثانى) من المسائل المربوطة بالمجاز (هل يشترط فى المجاز

ص: 363

كونه معلوما للمجيز بالتفصيل، من تعيين العوضين، و تعيين نوع العقد من كونه بيعا، او صلحا فضلا عن جنسه، من كونه نكاحا لجاريته، او بيعا لها، أم يكفى العلم الاجمالى بوقوع عقد قابل للاجازة، وجهان، من:

كون الاجازة كالإذن السابق، فيجوز تعلقه بغير المعين، الا اذا بلغ حدا لا يجوز معه التوكيل.

______________________________

كونه معلوما للمجيز بالتفصيل) حتى اذا اجاز، اجاز العقد المعلوم لديه (من تعيين العوضين) تعيينا كاملا (و تعيين نوع العقد من كونه بيعا او صلحا) او هبة، مثلا (فضلا عن جنسه، من كونه نكاحا لجاريته، او بيعا لها، أم يكفى العلم الاجمالى بوقوع عقد قابل للاجازة) و كذا فيما اذا لم يعلم ان العقد مربوط به، او بموكله، او بالمولى عليه الّذي هو وليه (وجهان، من: كون الاجازة كالإذن السابق، فيجوز تعلقه بغير المعين) كما لو قال زيد: لوكيله انت مأذون من قبلى فى خطبة بنت بكر، او بنت عمرو و نكاحها او قال له: انت وكيلى فى اشتراء الدار او البستان مثلا، بل لو قال له: انت وكيلى فى زواج بنت، او شراء دار بهذا المبلغ الموجود عندك فى حال ان الموكل يحتاج الى الامرين (الا اذا بلغ حدا لا يجوز معه التوكيل) لانه خارج عن طريقة العقلاء، فلا يشمله دليل الوكالة كما لو قال:

انت وكيلى فى اجراء عقد ما، لى، كيفما كان، و لم يكن فى ذلك المجمل غرض عقلائى له، و الا فلو كان هناك غرض عقلائى، كما لو حلف ان يعقد عقد اما، و كان ذلك برا لحلفه، لم يكن خارجا عن طريقة العقلاء.

و الحاصل: ان الاجازة كالإذن، فاذا جاز الاذن، جازت الاجازة.

ص: 364

و من: ان الاجازة بحسب الحقيقة احد ركنى العقد، لان المعاهدة الحقيقية، انما يحصل من المالكين بعد الاجازة، فتشبه القبول مع عدم تعيين الايجاب عند القابل.

و من هنا يظهر قوة احتمال اعتبار العلم بوقوع العقد، و لا يكفى مجرد احتماله، فيجيزه على تقدير وقوعه، اذا انكشف وقوعه لان الاجازة، و ان لم تكن من العقود، حتى يشملها معاقد اجماعهم على جواز التعليق فيها،

______________________________

و وجه كون الاجازة كالإذن، انهما شي ء واحد، منتهى الامر احدهما سابق و الآخر لاحق (و من: ان الاجازة بحسب الحقيقة) و الواقع (احد ركنى العقد، لان المعاهدة الحقيقية، انما يحصل من المالكين) الاصيل و المالك المجيز (بعد الاجازة) اذ: قبلها لا معاهدة (فتشبه) الاجازة (القبول مع عدم تعيين الايجاب عند القابل) كما لو قال الموجب: لفظا، و لم يعلم القابل، انه قال: بعتك، او زوجتك، فانه لا يصح له القبول و ان كان محتاجا الى كل واحد من الامر، لما دل على وجوب تعيين الشي ء الّذي ينصب عليه العقد، و على هذا فتبطل الاجازة.

(و من هنا) اى وجه لزوم تعيين متعلق العقد حتى تصح اجازته (يظهر قوة احتمال اعتبار العلم بوقوع العقد) حتى تصح الاجازة (و لا يكفى مجرد احتماله، فيجيزه على تقدير وقوعه، اذا انكشف وقوعه).

و انما يقوى هذا الاحتمال (لان الاجازة، و ان لم تكن من العقود، حتى يشملها معاقد اجماعهم على جواز التعليق فيها) فانهم اجمعوا على

ص: 365

الا انها فى معناها و لذا يخاطب المجيز بعدها بالوفاء بالعقد السابق.

مع: ان الوفاء بالعقد السابق، لا يكون الا فى حق العاقد فتأمل.

______________________________

انه لا يجوز التعليق فى العقود، و كانه لاجل عدم صدق العقد الّذي هو ما فيه التزام مبرم مما ينافى مفهومه التعليق الّذي هو ليس بمبرم (الا انها) اى الاجازة (فى معناها و لذا يخاطب المجيز) خطابا شرعيا (بعدها) اى بعد الاجازة (بالوفاء بالعقد السابق) اذ: بمجرد ان اجاز، يقال له:

اوف بعقدك، فالاجازة بمنزلة العقد.

(مع: ان الوفاء بالعقد السابق، لا يكون الا فى حق العاقد) هذا تقريب كون الاجازة بمنزلة العقد، فيشملها دليل عدم جواز التعليق فى العقود.

و تقريب الاستدلال ان يقال: هل للمالك عقد فى المقام، أم لا؟

لا يمكن القول بالثانى، اذ: لو قلنا: انه لا عقد له لزم ان لا يجب الوفاء عليه، و عدم وجوب الوفاء مقطوع العدم.

و اذا قلنا بان له عقدا يقال: هل العقد تحقق بمجرد اجراء الفضول او بالاجازة، لا يمكن الاول، اذ: لو كان كذلك لزم الوفاء بمجرد الاجراء و هو مقطوع العدم، فلم يبق الا انه تحقق بالاجازة، فيثبت المطلوب (فتأمل) اذ: الاجازة ليست عقدا، فلا تشملها الادلة الدالة على عدم جواز التعليق فى العقد.

و الجواب عن التقريب المتقدم ان الاجازة تسبب ان يكون العقد السابق عقد المالك، لا ان تكون الاجازة عقدا حتى يلحقها حكم سائر العقود.

ص: 366

الثالث: المجاز اما العقد الواقع على نفس مال الغير، و اما العقد الواقع على عوضه،

و على كل منهما اما ان يكون المجاز، اوّل عقد «وقع على المال او عوضه» او آخره، او عقدا بين سابق و لاحق واقعين على مورده، او بدله، او بالاختلاف.

______________________________

(الثالث) من الامور المربوطة بالمجاز (المجاز، اما العقد الواقع على نفس مال الغير، و اما العقد الواقع على عوضه، و على كل منهما) سواء اجاز العقد الواقع على نفس مال الغير، او العقد الواقع على عوض مال الغير (اما ان يكون المجاز، اوّل عقد «وقع على المال او عوضه» او) المجاز (آخره) اى آخر عقد وقع على المال او عوضه (او) يكون المجاز (عقدا بين سابق و لاحق)- لا الاول او الاخير- فى حال كونهما (واقعين) اى السابق و اللاحق (على مورده) اى نفس مورد العقد المجاز (او بدله، او بالاختلاف) و لا يخفى ان الاولى سقوط جملة: وقع على المال او عوضه، من المتن، لأنه يوجب التشويش، و قد اشرنا حوله بقوسين، علامة لاسقاطه.

ثم ان الاقسام اثنى عشر، ستة مربوطة بقوله: اما العقد الواقع على نفس مال الغير.

و ستة مربوطة بقوله: و اما العقد الواقع على عوضه.

و ذلك لان العقد الواقع على نفس مال الغير ستة.

فالمجاز: (1) اوّل عقد وقع.

(2) آخر عقد وقع.

(3) عقد متوسط بين سابق و لاحق واقعين على مورده.

ص: 367

و يجمع الكل فيما اذا باع عبد المالك بفرس، ثم باعه المشترى بكتاب ثم باعه الثالث بدينار، و باع البائع الفرس بدرهم، و باع الثالث الدينار بجارية، و باع بائع الفرس الدرهم برغيف، ثم بيع الدرهم بحمار، و بيع الرغيف بعسل.

______________________________

(4) عقد متوسط بين سابق و لاحق على بدله.

(5) عقد متوسط بين سابق و لاحق بالاختلاف بان يكون اوّل العقدين على مورده، و آخر العقدين على بدله.

(6) عقد متوسط بين سابق و لاحق بالاختلاف بان يكون اوّل العقدين على بدله، و آخر العقدين على مورده-.

و العقد الواقع على عوضه ستة أيضا، كما ذكر.

(و يجمع الكل) اى الاقسام الاثنى عشر (فيما اذا باع) الفضول (عبد المالك بفرس، ثم باعه) اى العبد (المشترى بكتاب، ثم باعه) اى العبد (الثالث) الّذي وقع العبد عنده (بدينار) هذه ثلاث معاملات (و باع البائع) الفضول (الفرس) الّذي وقع فى يده (بدرهم، و باع الثالث الدينار) الّذي وقع فى يده (بجارية، و باع بائع الفرس) و هو الفضول الاول (الدرهم برغيف) خبز (ثم بيع الدرهم) اى من حصل فى يده الدرهم باعه (بحمار، و بيع الرغيف) باعه من حصل الرغيف فى يده (بعسل) و توضيح الامثلة هكذا:

1- باع زيد الفضول، عبد بكر، بفرس لخالد.

2- باع خالد، العبد، بكتاب لمحمد.

ص: 368

..........

______________________________

3- باع محمد، العبد، بدينار لعلى.

4- باع زيد الفضول، الفرس، بدرهم.

5- باع محمد، الدينار، بجارية.

6- باع زيد الفضول، الدرهم، برغيف لتقى.

7- باع تقى، الدرهم، بحمار.

8- باع زيد الفضول، الرغيف، بعسل.

فان هذه المعاملات الثمانية تتضمن الصور الاثنتى عشرة.

ستة للعقد الواقع على نفس مال الغير.

و ستة للعقد الواقع على عوضه، حيث ان بعض الامثلة الثمانية يتضمن اكثر من قسم واحد من الاقسام الاثنى عشر.

بيان ذلك: ان الاقسام الستة الواقع على نفس مال الغير: بيع العبد بفرس، هو اوّل عقد وقع على مال الغير.

و: بيع العبد بدينار، هو آخر عقد وقع على مال الغير.

و: بيع العبد بكتاب، هو مثال لاربعة اقسام من الاقسام الستة.

(1) وسط بين الاول و الثالث الواقعين على مورده.

(2) وسط بين بيع الفرس بالدرهم، و بيع الدينار بجارية، الواقعين على عوض المورد.

(3) وسط بين بيع العبد بفرس الواقع على مورده و بين بيع الدينار بجارية الواقع على عوض المورد.

(4) وسط بين بيع الفرس بالدرهم الواقع على عوض المورد، و بين بيع العبد بدينار الواقع على مورده.

ص: 369

اما اجازة العقد الواقع على مال المالك، اعنى العبد بالكتاب، فهى ملزمة له، و لما بعده مما وقع على مورده اعنى العبد بالدينار- بناء على الكشف-

______________________________

اما الاقسام الستة الواقعة على عوض مال الغير فهو:

(1) بيع الفرس بدرهم، و هو اوّل عقد وقع على عوض مال الغير.

(2) بيع الرغيف بالعسل، و هو آخر عقد وقع على عوض مال الغير.

(3) بيع الدرهم بالرغيف، هو مثال لاربعة اقسام من الاقسام الستة.

(1) وسط بين الاول و الثالث و الاول مورده و الثانى بدل مورده.

(2) وسط بين مورده السابق، و مورده اللاحق، و هما بيع الفرس بدرهم، و بيع الدرهم بالحمار.

(3) وسط بين بدل مورده السابق و بدل مورده اللاحق، و هما بيع العبد بالفرس و بيع الرغيف بالعسل.

(4) وسط بين بدل مورده السابق، و مورده اللاحق، و هما بيع العبد بالفرس و بيع الدرهم بالحمار.

(اما اجازة العقد الواقع على مال المالك، اعنى) ما فعله المشترى من الفضول من: بيع (العبد بالكتاب) بان اجاز مالك العبد، بيعه بالكتاب (فهى) اى الاجازة (ملزمة له) لهذا العقد (و لما بعده مما وقع على مورده، اعنى العبد بالدينار) لان العبد خرج من مال المالك باجازته، فمن باعه بعد ذلك كان بيعه صحيحا لا يرتبط بالمالك الاصلى (- بناء على الكشف-) اذ: الاجازة تكشف عن صحة العقد السابق،

ص: 370

و اما بناء على النقل، فيبنى على ما تقدم من اعتبار ملك المجيز حين العقد، و عدمه، و هى: فسخ بالنسبة الى ما قبله مما ورد على مورده اعنى بيع العبد بفرس، بالنسبة الى المجيز.

اما بالنسبة الى من ملك بالاجازة و هو المشترى بالكتاب فقابليته للاجازة، مبنية على مسئلة اشتراط ملك المجيز حين العقد.

______________________________

فتبعه صحة العقد اللاحق.

(و اما بناء على النقل، فيبنى) لزوم: ما بعده مما وقع على مورده، (على ما تقدم من اعتبار ملك المجيز حين العقد، و عدمه) اى عدم اعتباره.

فان قلنا: بالاعتبار، فاللازم القول بالبطلان.

و ان قلنا: بعدم الاعتبار، فاللازم القول بالصحة، لان هذه المسألة من صغريات: من باع ثم ملك (و هى) اى الاجازة- و هذا عطف على قوله:

فهى ملزمة- (فسخ بالنسبة الى ما قبله مما ورد على مورده اعنى بيع العبد بفرس بالنسبة الى المجيز) اذ: معنى اجازة مالك العبد البيع المتأخر، انه صرف النظر من البيع المتقدم، فلم يبق محل لصحة البيع المتقدم عنده.

و (اما بالنسبة الى من ملك بالاجازة) اى الّذي صار مالكا للعبد باجازة المالك الاول (و هو المشترى) للعبد (بالكتاب فقابليته) اى قابلية ما قبل، و هو: بيع العبد بفرس (للاجازة) لان المشترى ملك العبد، فيجيز ما وقع قبله من بيع العبد بفرس (مبنية على مسئلة اشتراط ملك المجيز حين العقد).

فان قلنا: بالاشتراط، لم يصح بيع العبد بفرس باجازة المالك

ص: 371

هذا حال العقود السابقة و اللاحقة على مورده، اعنى مال المجيز.

و اما العقود الواقعة على عوض مال المجيز، فالسابقة على هذا العقد، و هو: بيع الفرس بالدرهم، يتوقف لزومها على اجازة المالك الاصلى للعوض، و هو: الفرس، و اللاحقة له اعنى بيع الدينار بجارية،

______________________________

المتأخر للعبد.

و ان قلنا: بعدم الاشتراط، صح ان يجيز هذا المالك الجديد البيع السابق.

و الحاصل: ان المسألة داخلة فى: بيع ثم ملك، لا: باع ثم ملك (هذا حال العقود السابقة) و قد تكلمنا حولها على كل من: الكشف و النقل، و على كل من: اجازة المالك الاول و اجازة المالك الجديد (و) كذلك حال العقود (اللاحقة) الواقعة تلك العقود السابقة و اللاحقة (على مورده، اعنى مال المجيز) الّذي هو مورد الفضولى.

و (اما العقود الواقعة على عوض مال المجيز، ف) مقتضى القاعدة:

ان العقود (السابقة على هذا العقد) بيع العبد بالكتاب (و هو) اى العقد السابق (بيع الفرس بالدرهم، يتوقف لزومها على اجازة المالك الاصلى للعوض، و هو) اى العوض (الفرس) اذ: المفروض ان الفضول باع الفرس، فاذا لم يجز مالك الفرس كان البيع باطلا (و) العقود (اللاحقة له) اى لبيع العبد بالكتاب (اعنى) من العقد اللاحق (بيع الدينار بجارية) فان الدينار بدل العبد- و هو لاحق على بيع العبد بالكتاب- فالبدل و هو الدينار، قد وقع عليه عقد بان بدّل بالجارية

ص: 372

تلزم بلزوم هذا العقد.

و اما اجازة العقد الواقع على العوض، اعنى بيع الدرهم بالرغيف فهى: ملزمة للعقود السابقة عليه، سواء وقعت على نفس مال المالك، اعنى بيع العبد بالفرس، او على عوضه، و هو: بيع الفرس بالدرهم، و للعقود اللاحقة له اذا وقعت على المعوض و هو: بيع الدرهم بالحمار اما الواقعة على هذا البدل المجاز، اعنى

______________________________

(تلزم بلزوم هذا العقد) اذا لعبد لو بدل بالكتاب، كان لآخذ العبد ان يبيعه بدينار، و لآخذ الدينار ان يبيعه بجارية.

(و اما اجازة العقد الواقع على العوض، اعنى بيع الدرهم بالرغيف) الرغيف بدل الدرهم، و الدرهم بدل الفرس، و الفرس بدل العبد الّذي كان للمالك- (فهى) اى الاجازة من مالك العبد (ملزمة للعقود السابقة عليه) اى على بيع الدرهم بالرغيف (سواء وقعت) تلك العقود السابقة (على نفس مال المالك، اعنى بيع العبد بالفرس) حيث ان العبد مال المالك (او على عوضه) اى عوض مال المالك (و هو: بيع الفرس بالدرهم) فان الفرس عوض مال المالك.

و انما كانت اجازة العقد الواقع على المعوض، ملزمة للعقود السابقة اذ: ما لم تصح العقود السابقة لم يكن لاجازة العقد المتأخر معنى (و) ملزمة أيضا (للعقود اللاحقة له اذا وقعت على المعوض و هو: بيع الدرهم بالحمار) اذ: لما ملك المشترى من الفضول الدرهم، كان له ان يعامل بالدرهم ما شاء (اما) العقود (الواقعة على هذا البدل المجاز، اعنى

ص: 373

بيع الرغيف بالعسل، فحكمها حكم العقود الواقعة على المعوض ابتداءً

و ملخص ما ذكرنا: انه لو ترتبت عقود متعددة مترتبة على مال المجيز فان وقعت من اشخاص متعددة، كان اجازة وسط منها فسخا لما قبله و اجازة لما بعده- على الكشف-

______________________________

بيع الرغيف بالعسل) الرغيف الّذي صار مالا للمالك، لانه عوض عبده بعد معاملات- (فحكمها) اى تلك العقود (حكم العقود الواقعة على المعوض ابتداءً) كالعقود الواقعة على العبد- فى المثال- فان اجاز المالك، صح و ما بعده، لا ما قبله، لان صحة العقود المتأخرة، مترتبة على هذا العقد.

(و ملخص ما ذكرنا) من صور الاجازة، و قد لخصها الفقهاء فى قولهم: فى العقود الواقعة على المثمن يصح المجاز و ما بعده: و فى العقود الواقعة على الثمن يصح المجاز و ما قبله (انه لو ترتبت عقود متعددة مترتبة على مال المجيز، فان وقعت) تلك العقود (من اشخاص متعددة) كبيع زيد لخالد، و خالد لمحمد، و محمد لعلى- فى المثال المتقدم- (كان اجازة) مالك (وسط منها) اى من تلك العقود: كالعبد بالكتاب،- فى المثال- (فسخا لما قبله) اذ: لو صح ما قبله، لم يكن المال للمالك حتى يجيز الوسط (و اجازة لما بعده) لان اجازة الوسط يوجب خروج المال عن ملك المالك، فالعقود اللاحقة صحيحة لا ترتبط بالمالك.

هذا (- على الكشف-).

اما على النقل: فقد تقدم الاشكال فيه فى قولنا: و اما بناء على

ص: 374

و ان وقعت من شخص واحد انعكس الامر، و لعل هذا هو: المراد من المحكى عن الايضاح، و الدروس فى حكم ترتب العقود، من: انه: اذا اجاز عقدا على المبيع صح، و ما بعده، و فى الثمن ينعكس، فان العقود المترتبة على المبيع، لا يكون الا من اشخاص متعددة.

______________________________

النقل، (و ان وقعت) العقود (من شخص واحد) كبيع زيد الفضول- فى المثال- العبد بالفرس، و الفرس بدرهم، و الدرهم بالرغيف (انعكس الامر) بان كانت اجازة المالك للوسط فسخا لما بعده، و اجازة لما قبله، و قد اشكل على المصنف الطباطبائى ره فراجع (و لعل هذا) الّذي ذكرناه من قولنا: و ملخص ما ذكرنا، (هو: المراد من المحكى عن الايضاح، و الدروس فى حكم ترتب العقود، من: انه) اى المالك (اذا اجاز عقدا على المبيع) كاجازة بيع العبد بالفرس (صح، و ما بعده) لان العبد اذا خرج عن يد المالك صح كل عقد وقع عليه (و فى الثمن ينعكس) فان الاجازة توجب الصحة و ما قبله، لان هذا الثمن لا يكون ثمنا للمالك، الا اذا صحت العقود المتقدمة عليه.

مثلا: اذا باع العبد بالفرس، و الفرس بدرهم، و الدرهم بالرغيف، و الرغيف بالعسل، فاجاز المالك الرغيف بالعسل- بان اخذ العسل- كان اللازم صحة العقود المتقدمة، و الا كيف يكون العسل له؟

و انما قلنا: لعل هذا، (فان العقود المترتبة على المبيع، لا يكون الا من اشخاص متعددة) كما تقدم فى مثال العبد بالفرس، ثم بالكتاب، ثم بدينار.

ص: 375

و اما العقود المترتبة على الثمن، فليس مراد هما ان يعقد على الثمن الشخصى مرارا، لان حكم ذلك، حكم العقود المترتبة على المبيع- على ما سمعت سابقا- من قولنا: اما الواقعة على هذا البدل المجاز الى آخره بل مرادهما ترامى الاثمان فى العقود المتعددة، كما صرح بذلك المحقق و الشهيد الثانيان، و قد علم من ذلك ان مرادنا بما ذكرنا فى المقسم من:

العقد المجاز على عوض مال الغير، ليس العوض الشخصى الاول له، بل العوض و لو بواسطة.

______________________________

(و اما العقود المترتبة على الثمن، فليس مرادهما) الايضاح و الدروس (ان يعقد على الثمن الشخصى مرارا) كان يبيع عبدا بفرس، ثم الفرس بكتاب، ثم الفرس بدرهم (لان) هذا لو كان مرادهما، كان حكمه حكم العقود المتعددة على المثمن، فان (حكم ذلك، حكم العقود المترتبة على المبيع- على ما سمعت سابقا- من قولنا: اما الواقعة على هذا البدل المجاز، الى آخره) حيث ذكرنا ان حكمها حكم العقود الواقعة على المعوض ابتداءً (بل مرادهما) الايضاح و الدروس (ترامى الاثمان فى العقود المتعددة) كما تقدم فى مثال بيع العبد بالفرس، و الفرس بدرهم الخ (كما صرح بذلك) اى بان مرادهم ترامى الاثمان- لا ان يعقد على الثمن الواحد مرارا- (المحقق و الشهيد الثانيان، و قد علم من ذلك) الّذي تقدم فى المثال، و فى بيان احكامه (ان مرادنا بما ذكرنا فى المقسم من: العقد المجاز على عوض مال الغير، ليس العوض الشخصى الاول له) اى لمال الغير (بل العوض) مطلقا (و لو بواسطة) لان

ص: 376

ثم ان هنا اشكالا- فى شمول الحكم بجواز تتبع العقود لصورة علم المشترى بالغصب- اشار إليه العلامة ره فى القواعد، و اوضحه قطب الدين و الشهيد فى الحواشى المنسوبة إليه، فقال: الاول فيما حكى عنه، ان وجه الاشكال: ان المشترى مع العلم، يكون مسلطا للبائع الغاصب على الثمن، و لذا لو تلف لم يكن له الرجوع.

______________________________

بعض الاحكام مترتبة على وجود الوسائط- كما عرفت-.

(ثم ان هنا) فى باب العقود المتعددة الفضولية (اشكالا- فى شمول الحكم بجواز تتبع العقود لصورة علم المشترى بالغصب-) اى انما قلنا: بانه يجوز ان يتبع بعض العقود بعضا آخر، فى باب بيع الفضول و هذا لا يصح و لا يجوز فى ما لو علم المشترى بالغصب. و عدم الصحة من جهتين.

الاولى- من جهة لزوم قابلية العقود للصحة و ذلك باستجماعها لشرائط الثمن و المثمن.

و الثانية- من جهة ورود العقود على عين المتتبع- او عوضه، و كلا الامرين مفقود ان فى باب العقود المتعددة فى مفروض الكلام- كما سترى- (اشار إليه العلامة ره فى القواعد، و اوضحه قطب الدين و الشهيد فى الحواشى المنسوبة إليه، فقال: الاول) قطب الدين (فيما حكى عنه، ان وجه الاشكال: ان المشترى مع العلم) بكون البائع غاصبا (يكون مسلطا)- بالكسر- (للبائع الغاصب على الثمن، و لذا لو تلف) الثمن (لم يكن له) اى للمشترى (الرجوع) اذ: هو اتلف مال نفسه بان اعطاه لشخص ليتلفه بدون ضمان.

ص: 377

و لو بقى ففيه الوجهان فلا ينفذ فيه اجازة الغير بعد تلقه بفعل المسلط، بدفعه ثمنا عن مبيع اشتراه و من ان الثمن عوض عن العين المملوكة

______________________________

(و لو بقى) الثمن موجودا (ففيه الوجهان) احتمال ان: للمشترى الرجوع، لانه عين ماله فيأخذه متى ما اراد.

و احتمال ان ليس له الرجوع، لانه فى اعطائه المال للغاصب يكون كمن اعرض عن ماله، فالقاه فى الطريق فأخذه الآخر، فانه ليس للمعرض الرجوع، لسلب علاقة المالكية عرفا عن مثله، فلا يشمله دليل الملك (فلا ينفذ فيه) اى فى الثمن (اجازة الغير) الّذي هو المالك (بعد تلفه) اى تلف الثمن (بفعل المسلط) اى المشترى الّذي سلط الغاصب على ثمنه (بدفعه) اى بسبب دفع المال (ثمنا عن مبيع اشتراه) المشترى من الغاصب.

يعنى ان المشترى سلط الغاصب على الثمن فصار الثمن ملكا للغاصب فلو اجاز المالك الاصلى بيع الغاصب كان معناه ان المثمن خرج من ملك المالك، و لم يدخل فى ملكه الثمن، اذ: الثمن قد تلف عند الغاصب، و صار ملكا للغاصب.

و من المعلوم: ان بيعا يخرج المثمن من كيس، و لا يدخل فى ذلك الكيس الثمن، ليس قابلا للاجازة من المالك.

هذا وجه الاشكال فى بيع الغاصب.

اما وجه الصحة، فهو: ما ذكره بقوله (و من ان الثمن عوض عن العين المملوكة)

ص: 378

و لم يمنع من نفوذ الملك فيه، إلا عدم صدوره عن المالك، فاذا اجاز جرى مجرى الصادر عنه، انتهى.

و قال فى محكى الحواشى: ان المشترى مع علمه بالغصب يكون مسلطا للبائع الغاصب على الثمن، فلا يدخل فى ملك رب العين.

فحينئذ اذا اشترى به البائع متاعا فقد اشتراه لنفسه، و اتلفه عند الدفع الى البائع

______________________________

للمالك المجيز (و لم يمنع من نفوذ الملك) للمالك المجيز (فيه) اى فى الثمن (إلا عدم صدوره) اى صدور البيع (عن المالك) اذ: المالك لم يبع، و انما باعه الغاصب (فاذا اجاز) المالك (جرى) البيع (مجرى الصادر عنه) اى عن المالك ابتداءً، فيكون الثمن ثمنا للمالك المجيز، و المشترى لم يسلط الغاصب على الثمن بعنوان الاعواض، او بعنوان ان الثمن ملكا للغاصب، حتى يكون الثمن داخلا فى ملك الغاصب (انتهى) كلام قطب الدين.

(و قال) الشهيد (فى محكى الحواشى: ان المشترى مع علمه بالغصب يكون مسلطا)- بالكسر- (للبائع الغاصب على الثمن، فلا يدخل) الثمن (فى ملك رب العين) اى مالك المثمن.

(فحينئذ) اى حين كان الغاصب مسلطا- من قبل المشترى- على الثمن (اذا اشترى به) اى بالثمن (البائع) الغاصب (متاعا، فقد اشتراه) اى المتاع (لنفسه، و اتلفه) اى اتلف الغاصب الثمن (عند الدفع الى البائع) الّذي باع الغاصب المتاع.

ص: 379

فيتحقق ملكيته للمبيع، فلا يتصور نفوذ الاجازة هنا لصيرورته ملكا للبائع، و ان امكن اجازة المبيع مع احتمال عدم نفوذها أيضا، لان ما دفعه الى الغاصب كالمأذون له فى اتلافه، فلا يكون ثمنا، فلا تؤثر الاجازة فى جعله ثمنا، فصار الاشكال فى صحة البيع.

______________________________

مثلا: اشترى زيد بدينار كتاب عمرو من الغاصب، فاذا اشترى الغاصب بالدينار عباء لنفسه، فقد اتلف الدينار (فيتحقق ملكيته) اى الغاصب (للمبيع) كالعباء فى المثال (ف) اذا اجاز عمرو- صاحب الكتاب- للبيع (لا يتصور نفوذ الاجازة هنا) اى فى الملكية للعباءة، بان يملك عمرو العباء- الّذي هو بدل الدينار- (لصيرورته) اى المتاع- كالعباء- (ملكا للبائع) الغاصب (و ان امكن) لعمرو صاحب الكتاب (اجازة المبيع) الّذي باعه الغاصب، و انما يمكن، لان معناه حينئذ قبوله تصرف الغاصب فى ثمنه الّذي كان بإزاء كتابه (مع احتمال عدم نفوذها) اى الاجازة، فى البيع (أيضا) كما لا تنفذ فى ملكية العباءة- فى المثال- (لان ما دفعه) المشترى (الى الغاصب) ثمنا للكتاب (كالمأذون له) اى للغاصب (فى اتلافه، فلا يكون ثمنا) للكتاب (فلا تؤثر الاجازة) من مالك الكتاب (فى جعله ثمنا) اذ: صار الثمن ملكا للغاصب فكيف يرجع و يكون ملكا لمالك الكتاب؟ (فصار الاشكال) اشكالين.

الاول: (فى صحة) اصل (البيع) الّذي اجراه الغاصب على الكتاب، و هذا ما بينه بقوله: مع احتمال عدم نفوذها.

ص: 380

و فى التتبع.

ثم قال: انه يلزم من القول ببطلان التتبع، بطلان اجازة البيع فى المبيع لاستحالة كون المبيع بلا ثمن.

فاذا قيل: ان الاشكال فى صحة العقد كان صحيحا أيضا، انتهى، و اقتصر فى جامع المقاصد على ما ذكره الشهيد اخيرا فى وجه سراية هذا الاشكال الى صحة عقد الفضولى مع علم المشترى بالغصب،

______________________________

(و) الثانى: (فى التتبع) اى اتباع المالك للغاصب فى بيعه الثانى، بان يجيزه او يرده، لانه حصل بثمنه، و هذا ما بينه بقوله: فلا يتصور نفوذ الاجازة فيها.

(ثم قال: انه يلزم من القول ببطلان التتبع، بطلان اجازة البيع فى المبيع) اى لاحق للمالك فى ان يجيز البيع الثانى الّذي وقع بثمن المال الّذي كان للمالك (لاستحالة كون المبيع بلا ثمن) فان الثمن حسب الفرض صار للغاصب، لا للمالك.

و المفروض ان البيع الثانى وقع بهذا الثمن الّذي هو للغاصب، فأي حق للمالك فى ان يجيز البيع الثانى او يرده.

(فاذا قيل: ان الاشكال فى) اصل (صحة العقد) اى الّذي اوقعه الغاصب على مال المالك (كان) الاشكال (صحيحا أيضا) لانه بيع بلا ثمن يدخل فى كيس المالك (انتهى، و اقتصر فى جامع المقاصد على ما ذكره الشهيد اخيرا فى وجه سراية هذا الاشكال) اى اشكال لزوم كون البيع بلا ثمن فى باب تتبع العقود (الى صحة عقد الفضولى مع علم المشترى بالغصب

ص: 381

و المحكى عن الايضاح ابتناء وجه بطلان جواز تتبع العقود للمالك مع علم المشترى على كون الاجازة ناقلة، فيكون منشأ الاشكال فى الجواز و العدم الاشكال فى الكشف و النقل، قال فى محكى الايضاح: اذا كان المشترى جاهلا فللمالك تتبع العقود، و رعاية مصلحته.

______________________________

و المحكى عن الايضاح ابتناء وجه بطلان جواز تتبع العقود للمالك) اى كون الحق للمالك فى ان يجيز اىّ العقود المتعددة التى وقعت على ماله او على ابداله (مع علم المشترى) بالغصبية (على كون الاجازة ناقلة) على، متعلق ب: ابتناء، اى ففيه الاشكال، لان المثمن دخل فى ملك المشترى، و الثمن يبقى بلا مالك- ان لم ينتقل الى الغاصب- اذ: خرج عن ملك المشترى، و لم يدخل فى ملك المالك، حيث ان قبل الاجازة لا ينتقل الثمن الى ملك المالك، لفرض كون الاجازة ناقلة.

و هذا بخلاف ما لو قلنا: بالكشف، فانه بمجرد العقد دخل المثمن فى ملك المشترى، و دخل الثمن فى ملك المالك، فاذا اجاز المالك طالب الثمن من اىّ، من الغاصب و المشترى حسب اختياره لاخذه من احدهما (فيكون منشأ الاشكال فى الجواز) اى جواز تتبع المالك للعقود (و العدم) اى عدم جوازه، بمعنى انه ليس للمالك ذلك (الاشكال فى الكشف و النقل).

فعلى الكشف: لا اشكال فى جوازه.

و على النقل يقع الاشكال فى الجواز (قال فى محكى الايضاح: اذا كان المشترى جاهلا) بالغصبية (فللمالك تتبع العقود، و رعاية مصلحته)

ص: 382

و الربح فى سلسلتى الثمن و المثمن.

و اما اذا كان عالما بالغصب، فعلى قول الاصحاب من: ان المشترى اذا رجع عليه بالسلعة، لا يرجع على الغاصب بالثمن، مع وجود عينه، فيكون قد ملّك الغاصب مجانا، لانه بالتسليم الى الغاصب ليس للمشترى استعادته من الغاصب بنص الاصحاب، و المالك قبل الاجازة لم يملك الثمن، لان الحق ان الاجازة شرط، او سبب، فلو لم يكن للغاصب، فيكون الملك بغير

______________________________

فى ان يجيز ايها شاء، و يرد ايها شاء (و) رعاية (الربح) لنفسه (فى سلسلتى الثمن و المثمن) اذ: المفروض ان المثمن قد وقع عليه عقود متعددة، و كذلك الثمن.

(و اما اذا كان) المشترى (عالما بالغصب، فعلى قول الاصحاب من:

ان المشترى اذا رجع) المالك (عليه بالسلعة) بان اخذها منه (لا يرجع على الغاصب بالثمن، مع وجود عينه) لانه هو الّذي اعرض عن ماله بمل ء اختياره (فيكون قد ملك) المشترى ثمنه (الغاصب مجانا، لانه بالتسليم) لما له (الى الغاصب ليس للمشترى استعادته) اى الثمن (من الغاصب بنص الاصحاب) فالثمن ليس للمشترى (و المالك قبل الاجازة لم يملك الثمن، لان الحق ان الاجازة) من المالك لبيع الفضول (شرط، او سبب) اى او جزء للعقد.

و من المعلوم: ان المشروط و المسبب لا يأتيان قبل الجزء و الشرط (فلو لم يكن للغاصب) و الحال انه ليس للمالك، و لا للمشترى (فيكون الملك بغير

ص: 383

مالك، و هو محال، فيكون قد سبق ملك الغاصب للثمن على سبب ملك المالك له اى الاجازة، فاذا نقل الغاصب الثمن عن ملكه، لم يكن للمالك ابطاله، و يكون ما يشترى الغاصب بالثمن، و ربحه له، و ليس للمالك اخذه لانه ملّك الغاصب.

______________________________

مالك، و هو محال).

و عليه فالثمن للغاصب فلا بدل للمالك الاصلى (فيكون قد سبق ملك الغاصب للثمن) بمجرد العقد، و اعراض المشترى عن ماله، مبيحا له للغاصب (على سبب ملك المالك له) اى للثمن (اى الاجازة) هذا تفسير ل: سبب ملك المالك، اذا، فلا حق للمالك فى الثمن (فاذا نقل الغاصب) هذا جواب ما ذكره قبل اسطر، بقوله: و اما اذا كان عالما بالغصب،- و لا يخفى تشوش العبارة- (الثمن عن ملكه) بان اشترى الغاصب بالثمن شيئا جديدا (لم يكن للمالك) الاصلى (ابطاله) اى ابطال البيع الّذي اوقعه الغاصب على الثمن (و يكون ما يشترى الغاصب بالثمن، و ربحه) اى ربح ما يشتريه (له) اى للغاصب، فاذا باع الغاصب كتاب زيد لعمرو العالم بالغصب بدينار، ثم اشترى الغاصب بالدينار شاة، كان لبن الشاة و عين الشاة للغاصب، و لم يكن لمالك الكتاب ابطال هذا البيع للشاة (و ليس للمالك اخذه) اى اخذ الثمن، و لا اخذ بدله (لانه ملك الغاصب).

هذا كله مبنى على القول بالنقل- اذ: يتقدم ملك الغاصب للمال على ملك المالك له-.

ص: 384

و على القول: بان اجازة المالك كاشفة، فاذا اجاز العقد كان له.

و يحتمل ان يقال لمالك العين حق تعلق بالثمن، فان له اجازة البيع و اخذ الثمن، و حقه مقدم على حق الغاصب، لان الغاصب يؤخذ باخس احواله، و اشقّها عليه و المالك مأخوذ باجود الاحوال.

ثم قال: و الاصحّ عندى، مع وجود عين الثمن للمشترى العالم اخذه و مع التلف ليس له الرجوع به، انتهى كلامه ره.

______________________________

(و على القول: بان اجازة المالك كاشفة، فاذا اجاز) المالك (العقد) الّذي وقع على ماله (كان) الثمن (له) اى للمالك.

(و يحتمل ان يقال)- على الكشف أيضا- (لمالك العين حق تعلق بالثمن، فان له اجازة البيع و اخذ الثمن) من الغاصب (و حقه مقدم على حق الغاصب) اذ: حقه تولد من كون الثمن فى ازاء ماله، و حق الغاصب تولد من اعطاء المشترى الثمن له بإزاء ما اخذه منه من العين المغصوبة، فليس تمليكا للثمن للغاصب اعتباطا، حتى لا يبقى حق للغاصب (لان الغاصب يؤخذ باخس احواله، و اشقها عليه و المالك مأخوذ باجود الاحوال) فاذا تعارض حقهما قدم حق المالك.

(ثم قال: و الاصح عندى، مع وجود عين الثمن) عند الغاصب يكون (للمشترى العالم) بالغصب (اخذه) لانه عين ماله (و مع التلف ليس له) اى للمشترى (الرجوع به) اى بالثمن، لانه هو اتلف ماله بتسليط الغاصب عليه (انتهى كلامه ره) اى الفخر فى الايضاح.

ص: 385

و ظاهر كلامه انه لا وقع للاشكال- على تقدير الكشف-.

و هذا هو المتجه، اذ: حينئذ يندفع ما استشكله القطب، و الشهيد بان تسلط المشترى للبائع على الثمن- على تقدير الكشف- تسليط على ما ملكه الغير بالعقد السابق، على التسليط الحاصل بالاقباض فاذا انكشف ذلك بالاجازة عمل مقتضاه.

______________________________

(و ظاهر كلامه) حيث قال: و على القول (انه لا وقع للاشكال- على تقدير الكشف-) فللمالك تتبع العقود و إن كان المشترى عالما بالغصب.

(و هذا) اى عدم وقع الاشكال (هو المتجه، اذ: حينئذ) اى حين قلنا: بعدم الاشكال على تقدير الكشف (يندفع ما استشكله القطب، و الشهيد) حيث استشكلا فى بيع الغاصب بالاشكال المتقدم.

و وجه الاندفاع: ما بيّنه بقوله: (بان تسليط المشترى للبائع على الثمن- على تقدير الكشف- تسليط على ما ملكه الغير) تسليط (بالعقد السابق، على التسليط الحاصل بالاقباض).

و الحاصل ان فى المقام امرين:

العقد الموجب لملكية المالك للثمن.

و التسليط الموجب لازالة المشترى احترام ماله بجعله للغاصب اعتباطا، و العقد مقدم على التسليط (فاذا انكشف ذلك) اى كون الثمن للمالك (بالاجازة) الحاصلة من المالك، بعد التسليط (عمل مقتضاه) الّذي هو كون الثمن للمالك، فيكون التسليط المتأخر باطلا، فلا يرد اشكال القطب و الشهيد على بيع الغاصب.

ص: 386

و اذا تحقق الرد انكشف كون ذلك تسليطا من المشترى على ماله فليس له ان يسترده بناء على ما نقل من الاصحاب،.

نعم:- على القول بالنقل- يقع الاشكال فى جواز اجازة العقد الواقع على الثمن، لان اجازة مالك المبيع له، موقوفة على تملكه للثمن لانه قبلها

______________________________

(و اذا تحقق الرد) بان لم يجوز المالك البيع (انكشف كون ذلك) التسليط من المشترى للغاصب على الثمن، ليس تسليطا على مال الغير بل (تسليطا من المشترى على ماله) اى مال نفسه (فليس له) اى للمشترى (ان يسترده) اى يطلب ماله من الغاصب، اذ: هو الّذي اباح ماله للغاصب (بناء على ما نقل من الاصحاب) من ان المشترى اذا سلط الغاصب على مال نفسه، لم يكن له استرداده، سواء كان المال موجودا او تالفا.

(نعم:- على القول بالنقل- يقع الاشكال) المتقدم عن القطب و الشهيد، و هذا عطف على قوله: على تقدير الكشف (فى جواز اجازة العقد الواقع على الثمن) فلا يصح للمالك ان يجيز العقد الثانى الّذي وقع على ثمن ماله، كما لو باع الغاصب مال المالك بدينار ثم اشترى الغاصب بالدينار كتابا، فانه ليس للمالك اجازة العقد الثانى الواقع على الكتاب (لان اجازة مالك المبيع له) اى للغاصب، اى الّذي اشتراه الغاصب لنفسه (موقوفة على تملكه للثمن) فانه ان لم يكن المالك مالكا للثمن، لم يكن له ربط بالعقد الثانى حتى يجيزا و يرد (لانه) اى المالك (قبلها)

ص: 387

اجنبى عنه، و المفروض ان تملكه الثمن موقوف على الاجازة- على القول بالنقل-.

و كذا الاشكال فى اجازة العقد الواقع على المبيع بعد قبض البائع الثمن او بعد اتلافه اياه على الخلاف فى اختصاص عدم رجوع المشترى على الثمن بصورة التلف و عدمه، لان

______________________________

اى قبل الاجازة (اجنبى عنه) اى عن الثمن (و المفروض ان تملكه) اى المالك (الثمن موقوف على الاجازة- على القول بالنقل-) فيكون عقد الغاصب باشتراء الكتاب- فى المثال- سابقا على انتقال الثمن الى المالك، و اذا كان سابقا و خرج الثمن من عند الغاصب لم يكن الثمن للمالك حتى يجيز العقد الثانى او يرده.

(و كذا) يرد (الاشكال)- على القول بالنقل- (فى اجازة العقد الواقع على المبيع) بان اوقع المشترى، الّذي اخذ الكتاب من الغاصب عقدا على الكتاب فباعه بدينار لعمرو- مثلا- (بعد قبض البائع) الّذي هو مشترى الكتاب فى العقد الاول (الثمن او بعد اتلافه) اى البائع (اياه) اى الثمن.

و انما قلنا: بعد قبضه، او بعد اتلافه (على الخلاف) بين الفقهاء (فى اختصاص عدم رجوع المشترى) عن الغاصب (على الثمن) الّذي اعطاه للغاصب (بصورة التلف) للثمن، فيأتى قولنا: بعد اتلافه (و عدمه) اى لا اختصاص له بصورة التلف، فيأتى قولنا: بعد قبض البائع.

و انما قلنا: و كذا الاشكال فى اجازة الخ (لان) اعطاء مشترى الكتاب

ص: 388

تسليط المشترى للبائع على الثمن قبل انتقاله الى مالك المبيع بالاجازة فلا يبقى مورد للاجازة.

و ما ذكره فى الايضاح من: احتمال تقديم حق المجيز، لانه اسبق و انه اولى من الغاصب المأخوذ باشق الاحوال، فلم يعلم له وجه بناء على النقل

______________________________

من المشترى- فى العقد الثانى- (تسليط المشترى) الثانى (للبائع) الّذي هو المشترى الاول (على الثمن قبل انتقاله) اى الثمن (الى مالك المبيع) المالك الاصلى للكتاب (بالاجازة) متعلق ب: انتقاله، (فلا يبقى مورد للاجازة) اذ: معنى الاجازة، بعد انتقال الثمن الى البائع، كون البيع بدون الثمن و هو غير معقول.

و الحاصل: انه- على القول بالنقل- لو باع زيد كتاب بكر لعمرو بدينار، و اعطى الدينار للبائع، ثم اشترى خالد الكتاب من عمرو بدرهم و سلم الدرهم لعمرو، لم يكن لمالك الكتاب- الّذي هو بكر- ان يجيز العقد الاول، و لا العقد الثانى، لانه اجازة عقد بلا ثمن.

و قد اشار المصنف ره الى ان ليس له اجازة العقد الاول، بقوله:

يقع الاشكال، و الى ان ليس له اجازة العقد الثانى بقوله: و كذا الاشكال.

(و ما ذكره فى الايضاح من: احتمال تقديم حق المجيز) اى المالك الاصلى (لانه) اى حق المجيز (اسبق) من حق الغاصب (و انه) اى المجيز (اولى من الغاصب المأخوذ باشق الاحوال، فلم يعلم) خبر: ما ذكره، (له) اى لما ذكره الايضاح (وجه، بناء على النقل) و انما لم يعلم له وجه

ص: 389

لان العقد جزء سبب لتملك المجيز، و التسليط المتأخر عنه علة تامة لتملك الغاصب، فكيف يكون حق المجيز اسبق؟

نعم: يمكن ان يقال ان حكم الاصحاب بعدم استرداد الثمن لعله لاجل التسليط المراعى بعدم اجازة مالك المبيع، لا لان نفس التسليط علة تامة لاستحقاق الغاصب على تقديرى الرد و الاجازة.

______________________________

(لان العقد) من الغاصب (جزء سبب لتملك المجيز) و جزئه الآخر الاجازة (و التسليط المتأخر عنه) اى تسليط المشترى الغاصب على الثمن (علة تامة لتملك الغاصب) الثمن (فكيف يكون حق المجيز اسبق) مع ان العلة التامة تؤثر اثرها، و جزء العلة لا يؤثر الاثر.

(نعم: يمكن ان يقال) بصحة كلام الايضاح، و انه اذا اجاز المالك استحق الثمن، و إن كان قد سلط المشترى الغاصب عليه،- حتى بناء على النقل-.

و ذلك ببيان: (ان حكم الاصحاب بعدم استرداد الثمن) اى انه لا يحق للمشترى ان يسترد الثمن من الغاصب (لعله لاجل التسليط) من المشترى (المراعى) ذلك التسليط (بعدم اجازة مالك المبيع) فكان المشترى قال للغاصب: هذا الثمن لك اذا لم يجز المالك، فاذا اجاز المالك، لم يكن التسليط سببا لتملك الغاصب للثمن (لا) عطف على:

لاجل (لان نفس التسليط علة تامة لاستحقاق الغاصب على تقديرى الرد) من المالك (و الاجازة) منه.

ص: 390

و حيث ان حكمهم هذا مخالف للقواعد الدالة على عدم حصول الانتقال بمجرد التسليط المتفرع على عقد فاسد وجب الاقتصار فيه على المتيقن، و هو التسليط على تقدير عدم الاجازة فافهم.

______________________________

(و حيث ان حكمهم هذا) اى بعدم استرداد الثمن من الغاصب بعد التسليط (مخالف للقواعد الدالة على عدم حصول الانتقال) لمال المشترى الى الغاصب (بمجرد التسليط المتفرع على عقد فاسد) فان اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه، و حيث ان اللّه حرم عقد الغاصب حرم الثمن الحاصل منه، و لانه من اكل المال بالباطل، فقول الاصحاب بعدم الاسترداد و اجماعهم، دليل لبى على خلاف القواعد.

و حينئذ (وجب الاقتصار فيه على) القدر (المتيقن، و هو التسليط) من المشترى (على تقدير عدم الاجازة) اما اذا اجاز المالك، فلا تسليط، و يكون البيع صحيحا، فلا اشكال فى بيع الغاصب، و لا فى تتبع العقود (فافهم) حيث انه لا دليل على عدم حق للمشترى فى استرداد الثمن، سواء بقى او تلف؟ اذ: لم يعرض المشترى عن ماله، و انما اعطاه مقابل المثمن، و لا حق للغاصب فى الثمن، لانه من اكل المال بالباطل، و اذا كان المال بعد غير مملوك للغاصب، حتى اذا اتلفه، صح للمالك ان يجيز البيع، و ان يأخذ المال من ايّهما شاء، و لو اخذه من المشترى كان له الحق فى الرجوع الى الغاصب، اما اذا اخذه من الغاصب لم يكن له حق الرجوع الى المشترى، لان عين المال او بدله- على تقدير التلف- موجود ان عند الغاصب فقرار الضمان عليه.

ص: 391

مسئلة فى احكام الرد،
[ما يتحقق به الرد]

لا يتحقّق الردّ قولا الا بقوله: فسخت، و رددت و شبه ذلك، مما هو صريح فى الردّ، لاصالة بقاء اللزوم من طرف الاصيل، و قابليته من طرف المجيز، و كذا يحصل بكل فعل مخرج له عن ملكه بالنقل، او بالاتلاف و شبههما، كالعتق، و البيع و الهبة، و التزويج

______________________________

(مسئلة: فى احكام الرد) اى رد المالك لما عقده الفضول من بيع او غيره (لا يتحقق الرد قولا) اى فيما اذا اراد الرد القولى (الا بقوله: فسخت و رددت، و) لا اجيز، و (شبه ذلك، مما هو صريح فى الردّ).

و انما نقول بلزوم الصراحة (لاصالة بقاء اللزوم من طرف الاصيل) ما لم يأت الطرف الآخر بالردّ الصريح (و قابليته) اى اصالة قابلية العقد (من طرف المجيز) فانه قابل للحوق الاجازة ما لم يأت بالردّ الصريح (و كذا يحصل) الردّ (بكل فعل) ممن له الاجازة و الردّ (مخرج له) اى للمال (عن ملكه بالنقل) كما لو باعه المالك فانه مبطل لعقد الفضول (او بالاتلاف) كما لو اكل الخبز الّذي باعه الفضول (و شبههما) اى شبه النقل و الاتلاف.

ثم مثل المصنّف ره للثلاثة اى النقل و الاتلاف و شبههما بقوله (كالعتق، و البيع، و الهبة، و التزويج) فلو زوّج الفضول البنت ثم زوجت نفسها من انسان آخر بطل التزويج الفضولى، و كذا اذا كان لازم التزويج بطلان تزويج الفضول كما لو زوج الفضول هذه لزيد فاخذ زيد

ص: 392

و نحو ذلك.

و الوجه فى ذلك ان تصرفه- بعد فرض صحته- مفوت لمحلّ الاجازة، لفرض خروجه عن ملكه.

[هل يتحقق الرد بالتصرف غير المخرج عن الملك]

و اما التصرف غير المخرج عن الملك، كاستيلاد الجارية، و اجارة الدار و تزويج الامة، فهو و ان لم يخرج الملك عن قابلية وقوع الاجازة عليه، الا انه مخرج له عن قابلية وقوع الاجازة من زمان العقد،

______________________________

اختها او الخامسة- مثلا- فانه مبطل لتزويج الفضول (و نحو ذلك) من سائر التصرفات، كما لو وقف البناء بعد بيع الفضول له.

(و الوجه فى ذلك) الّذي ذكرنا من ان تصرف الاصيل تصرفا منافيا يبطل عقد الفضول (ان تصرفه) اى المالك (- بعد فرض صحته-) اذ:

المفروض ان التصرف صحيح، لانه اجراه المالك له، الّذي له حق هذا التصرف (مفوت لمحل الاجازة، لفرض خروجه عن ملكه) اى خروج الشي ء عن ملك المالك، بعد ان تصرف، فكيف يجيز تصرفا سابقا؟

(و اما) اذا تصرف المالك (التصرف غير المخرج عن الملك، كاستيلاد الجارية، و اجازة الدار و تزويج الامة) من قبل المالك (فهو و ان لم يخرج الملك عن قابلية وقوع الاجازة عليه) فى الجملة اذ: يمكن الاجازة التى نقول بكونها ناقلة- فيما اذا وقعت الاجازة بعد ان مات الولد، او بعد ان طلقت الامة، او تقع على الدار مسلوبة المنفعة مدة الاجارة (الا انه) اى التصرف غير المخرج عن الملك (مخرج له عن قابلية وقوع الاجازة من زمان العقد) اى على القول بكون الاجازة كاشفة عن وقوع عقد

ص: 393

لان صحة الاجازة- على هذا النحو- توجب وقوعها باطلة، و اذا فرض وقوعها صحيحة، منعت عن وقوع الاجازة.

و الحاصل ان وقوع هذه الامور صحيحة مناقض لوقوع الاجازة لاصل العقد، فاذا وقع احد المتنافيين صحيحا، فلا بد من امتناع وقوع

______________________________

المؤثر من حين العقد.

و لا يخفى ان هذا لا يجرى بالنسبة الى مثل اجارة الدار، اذ:

الكشف أيضا لا محذور فيه.

و انما قلنا: الا انّه مخرج الخ (لان صحة الاجازة- على هذا النحو-) اى كونها كاشفة (توجب وقوعها) اى الاجازة (باطلة) لانها لا مجال لها من حين العقد، مثلا: لو آجر الفضول الدار من اوّل محرم التسعين، ثم آجرها المالك من نفس ذلك الزمان، تكون اجازة المالك لاجازة الفضول باطلة، اذ: الدار لا تصلح ان تكون اجارة عند اثنين (و اذا فرض وقوعها) اى الاستيلاد، و الاجارة، و التزويج (صحيحة) من المالك- كما هو مقتضى القاعدة- (منعت عن وقوع الاجارة) لان الاجازة و هذه الاعمال متنافيان.

(و الحاصل ان وقوع هذه الامور) الاستيلاد، و الاجارة، و التزويج (صحيحة مناقض لوقوع الاجازة) من المالك (لاصل العقد) الّذي اجراه الفضول على الامة، و الدار، و ما اشبه (فاذا وقع احد المتنافيين صحيحا) و هو هذه الامور التى اجراها المالك (فلا بد من امتناع وقوع

ص: 394

الآخر او ابطال صاحبه، او ايقاعه على غير وجهه.

و حيث لا سبيل الى الاخيرين تعيّن الاول.

و بالجملة كلما يكون باطلا- على تقدير لحوق الاجازة المؤثر من

______________________________

الآخر) اى المنافى الآخر الّذي هو الاجازة (او ابطال صاحبه) اى تقع الاجازة صحيحة، و تبطل صاحبها الّذي هو عبارة عن الاستيلاد، و الاجارة، و التزويج- فى المثال- (او ايقاعه) اى الصاحب (على غير وجهه) مثلا: اذا صحت اجازة المالك، لاجارة الفضولى من اوّل محرم التسعين، و آجر المالك أيضا من اوّل محرم التسعين، يلزم وقوع اجارة المالك على غير وجهه، بان تصح اجارته من اوّل محرم عام واحد و تسعين.

(و حيث لا سبيل الى الاخيرين) اى ابطال صاحبه، او ايقاعه الى غير وجهه.

و انما نقول: بانه لا سبيل، اذ: لا وجه لابطال الاجازة المتأخرة العمل الصحيح السابق، بل مقتضى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، لزوم العقد الّذي اجراه المالك، قبل ان يجيز عمل الفضول.

كما لا وجه لتحويل الاجازة المتأخرة العقد الّذي اجراه المالك سابقا، عن مجراه الى مجرى آخر، لانه مقتضى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

فحيث لا سبيل إليهما (تعيّن الاول) و هو بطلان الاجازة رأسا.

(و بالجملة كلما يكون باطلا) من تصرفات المالك (- على تقدير لحوق الاجازة) على الفضولى (المؤثر) ذلك اللحوق (من

ص: 395

حين العقد- فوقوعه صحيحا مانع من لحوق الاجازة، لامتناع اجتماع المتنافيين.

نعم: لو انتفع المالك بها قبل الاجازة بالسكنى، و اللبس كان عليه اجرة المثل اذا اجاز، فتأمل.

و منه يعلم انه لا فرق بين وقوع هذه

______________________________

حين العقد-) متعلق ب: المؤثر، (فوقوعه) اى ذلك التصرف،- و الضمير يرجع الى: كلما- (صحيحا مانع من لحوق الاجازة لامتناع اجتماع المتنافيين).

فاذا كان الاستيلاد صحيحا، كانت اجازة بيع الفضولى لها باطلة.

و اذا كانت الاجازة صحيحة، كان الاستيلاد باطلا، اى غير مؤثر اثره فى المنع عن بيع المستولدة.

(نعم: لو) باعها الفضول، و (انتفع المالك بها) اى بتلك العين المبيعة (قبل الاجازة بالسكنى، و اللبس) و الركوب، و ما اشبه، ثم اجاز المعاملة (كان عليه) اى على المالك (اجرة المثل) للاصيل (اذا اجاز) لان الاجازة- على الكشف- كشفت عن سبق ملك الاصيل، فيكون تصرف المالك موجبا للضمان (فتأمل) حيث انه لا فرق بين سكنى الدار و اجارتها فى انها اما منافيان لبيع الفضول، أو لا؟ فالفرق بينهما بكون الاجارة مانعة عن الاجازة، و السكنى غير مانعة، لا وجه له.

(و منه) اى مما ذكرنا من ان كل عمل ينافى الاجازة، يوجب كون الاجازة باطلة (يعلم انه لا فرق بين وقوع هذه) الامور المنافية للاجازة

ص: 396

مع الاطلاع على وقوع العقد، و وقوعها بدونه، لان التنافى بينهما واقعى.

و دعوى: انه لا دليل على اشتراط قابلية التأثير من حين العقد فى الاجازة.

______________________________

(مع الاطلاع) من المالك (على وقوع العقد، و وقوعها) اى هذه الامور (بدونه) اى بدون الاطلاع، فان المالك اذا استولد الامة كان ذلك منافيا للعقد الفضولى الواقع عليها قبلا، سواء علم المالك حين الاستيلاد بوقوع عقد فضولى عليها، أم لا؟ (لان التنافى بينهما) اى بين الاستيلاد و البيع الفضولى- مثلا- (واقعى) فى صورتى العلم و الجهل.

(و دعوى) انه من الممكن القول بعدم التنافى بين عقد الفضول، و بين بعض المذكورات التى اوقعها المالك، مثلا: اذا عقد الفضول يوم الجمعة على بيع الدار، و آجر المالك الدار فى يوم السبت لمدة يوم واحد، ثم اجاز البيع فى يوم الاحد، لم يكن تنافيا بين العقد و بين الاجارة، لان الاجازة انما تكشف عن صحة العقد من يوم الاحد- حتى على الكشف- و الانتقال من يوم الاحد لا ينافى الاجارة فى يوم السبت.

ف (انه: لا دليل على اشتراط قابلية التأثير) للعقد الفضولى (من حين العقد فى الاجازة) متعلق ب: القابلية، اى قابلية الاجازة لان تؤثر فى عقد الفضول من حين العقد.

ص: 397

و لذا صحح جماعة- كما تقدم- اجازة المالك الجديد، فيمن باع شيئا ثم ملكه.

مدفوعة:- باجماع اهل الكشف- على كون اجازة المالك حين العقد مؤثرة من حينه.

______________________________

(و لذا) الّذي لا يلزم قابلية التأثير من حين العقد (صحح جماعة) من الفقهاء (- كما تقدم-) الكلام حوله (اجازة المالك الجديد، فيمن باع شيئا ثم ملكه) كما لو باع الولد مال ابيه يوم الجمعة، و مات الأب يوم السبت، فاجاز الولد البائع البيع يوم الاحد، فان الاجازة تنفذ فى صحة العقد الواقع على ملك الأب، مع ان الاجازة لا يمكن ان تكون نافذة من حين العقد، و انما نفوذها من حين الانتقال الى الولد بالارث.

فليكن ما نحن فيه أيضا كذلك، بان تكون الاجازة نافذة من حين الامكان، اى بعد تمام عمل المالك، لا من حين العقد، حتى تقولون بانها منافية لعمل المالك.

(مدفوعة) هذه الدعوى (- باجماع اهل الكشف-) الذين يقولون بان الاجازة كاشفة، و ليست بناقلة (على كون اجازة المالك حين العقد) ظرف للمالك، اى الّذي كان مالكا من حين العقد- فى مقابل من ملك بعد العقد- (مؤثرة من حينه) اى من حين العقد، فالاجماع هو الفارق بين مسئلة: من باع ثم ملك، و بين مسئلة: من كان مالكا ثم عمل عملا ينافى العقد، بان الاجازة فى: من باع ثم ملك،

ص: 398

نعم لو قلنا: بان الاجازة كاشفة- بالكشف الحقيقى- الراجع الى كون المؤثر التام، هو العقد الملحوق بالاجازة كانت التصرفات مبنية على الظاهر، و بالاجازة ينكشف عدم مصادفتها للملك، فتبطل هى، و تصح الاجازة.

بقى الكلام فى التصرفات غير المنافية لملك المشترى من حين العقد

______________________________

تؤثر من حين الامكان، و فى: من كان مالكا، لا بد و ان تؤثر من حين العقد.

لكن حيث لا يمكن تأثيرها من حين العقد، لعمل المالك عملا منافيا فلا بد ان نقول ببطلان الاجازة و عدم صحة العقد الفضولى اصلا.

(نعم لو قلنا: بان الاجازة كاشفة- بالكشف الحقيقى-) لا الكشف الحكمى (الراجع) هذا القول (الى كون المؤثر التام، هو العقد الملحوق بالاجازة) بان لا مدخلية للاجازة- الاعلى نحو الشرط المتأخر- (كانت التصرفات) من المالك، صحتها (مبنية على الظاهر) حيث لم تأت الاجازة بعد، حتى تكشف عن بطلان تلك التصرفات (و بالاجازة ينكشف عدم مصادفتها) اى مصادفة تلك التصرفات (للملك) للمالك، بل كان الشي ء ملكا للمشترى واقعا (فتبطل هى) اى تلك التصرفات، كاجازة المالك للدار، و استيلاده للجارية (و تصح الاجازة) لكن القول بالكشف الحقيقى محل مناقشة.

(بقى الكلام فى التصرفات غير المنافية لملك المشترى) اذا تصرف المالك بتلك التصرفات، بعد العقد و قبل الاجازة (من حين العقد) متعلق ب: ملك المشترى اى كون المشترى مالكا من حين العقد الفضولى

ص: 399

كتعريض المبيع، و البيع الفاسد.

و هذا أيضا على قسمين:

لانه اما ان يقع حال التفات المالك الى وقوع العقد من الفضولى على ماله.

و اما ان يقع فى حال عدم الالتفات.

اما الاول: فهو ردّ فعلى للعقد.

و الدليل على الحاقة

______________________________

لا تنافيه تلك التصرفات (كتعريض) المالك (المبيع) الى البيع (و) ك (البيع الفاسد) بان يبيعه المالك بيعا فاسدا.

(و هذا) اى التصرف غير المنافى، من المالك (أيضا على قسمين) كما ان التصرفات المنافية كانت منقسمة الى تصرف مقارن لعلم المالك بالعقد الفضولى، و تصرف مقارن لجهل المالك.

(لانه اما ان يقع حال التفات المالك الى وقوع العقد من الفضولى على ماله) متعلق ب: وقوع.

(و اما ان يقع) التصرف من المالك (فى حال عدم الالتفات).

(اما الاول: فهو ردّ فعلى للعقد) كما لو علم المالك ان الفضولى باع داره بالف، و مع ذلك عرضها المالك للبيع، فانه اذا لم تبع الدار لم يكن للمالك بعد ذلك اجازة عقد الفضول، لان تعريضها للبيع رد لعقد الفضولى.

(و الدليل على الحاقة) اى الرد القولى- فى ابطال عقد الفضول-

ص: 400

بالرد القولى- مضافا الى صدق الرد عليه، فيعمّه- ما دل على ان للمالك الرد، مثل ما وقع فى نكاح العبد، و الامة بغير اذن مولاه و ما ورد فيمن زوجته أمه، و هو غائب من قوله عليه السلام: ان شاء قبل، و ان شاء ترك الا ان يقال: ان الاطلاق مسوق لبيان: ان له الترك، فلا تعرض فيه لكيفيته ان المانع من صحة الاجازة بعد الرد القولى موجود فى الرد الفعلى، و هو: خروج المجيز بعد الرد عن كونه بمنزلة احد طرفى

______________________________

(بالرد القولى) كما لو قال المالك رددت (- مضافا الى صدق الرد عليه فيعمه-) اى يشمل الرد الفعلى (ما دل على ان للمالك الرد، مثل) مثال ل: ما دل (ما وقع فى نكاح العبد، و الامة بغير اذن مولاه) حيث قال الامام عليه السلام: ذلك الى مولاه، ان شاء فرق بينهما، و ان شاء اجاز نكاحهما (و ما ورد فيمن زوجته أمه، و هو غائب، من قوله عليه السلام: ان شاء قبل، و ان شاء ترك) الى غيرهما من الروايات الواردة بهذا المضمون.

اللهم (الا ان يقال) لا دلالة لهذه، الروايات على المقصود ل (ان الاطلاق) فيها (مسوق لبيان: ان له) للمولى و الولد (الترك) للنكاح (فلا تعرض فيه) اى فى الاطلاق (لكيفيته) و ان الرد هل يحصل بمجرد التعريض للبيع، و لنكاح جديد- مثلا- او يحتاج الى ردّ لفظى؟

(ان المانع من صحة الاجازة) هذا خبر قوله: و الدليل (بعد الرد القولى) من المالك للعقد الفضولى (موجود فى الرد الفعلى، و هو) اى المانع (خروج المجيز بعد الرد عن كونه بمنزلة احد طرفى

ص: 401

العقد مضافا الى فحوى الاجماع المدعى على حصول فسخ ذى الخيار بالفعل، كالوطى، و البيع، و العتق، فان الوجه فى حصول الفسخ هى دلالتها على قصد فسخ البيع، و الا فتوقفها على الملك، لا يوجب حصول الفسخ

______________________________

العقد) فلا يشمله دليل: الوفاء بالعقد (مضافا) فى الاستدلال على كون الرد الفعلى موجبا لبطلان العقد الفضولى (الى فحوى الاجماع المدعى على حصول فسخ ذى الخيار ب) سبب اتيانه ب (الفعل) المنافى للعقد (كالوطى، و البيع، و العتق) فاذا باع المالك جاريته و جعل الخيار لنفسه ثم وطئ الجارية او باعها او عتقها كان عمله هذا فسخا للعقد السابق، فاذا كان الفعل فسخا للعقد الثابت، كان الفعل ابطالا للعقد الّذي لم يصدق عليه المالك بعد، بطريق اولى.

اذ: فى باب الخيار، العقد ثبت، و هنا العقد لم يثبت بعد (فان الوجه فى حصول الفسخ) بالوطى، و ما اشبه (هى دلالتها على قصد فسخ البيع) فاذا دلت هذه الافعال على قصد الفسخ فاوجبت الفسخ، كانت دلالتها فى باب الفضولى اولى (و الا) يكن وجه الفسخ فى هذه الافعال دلالتها على قصد الفسخ، بل كان الوجه شيئا آخر لم يكن وجه، وجيه.

اذ غاية ما يمكن ان يقال: فى وجه كونها فاسخة ان هذه الافعال تتوقف على ملك الفاعل، للجارية، و التوقف على الملك لا يوجب كونها فسخا (ف) ان (توقفها) اى هذه الافعال (على الملك، لا يوجب حصول الفسخ)

ص: 402

بها، بل يوجب بطلانها، لعدم حصول الملك المتوقف على الفسخ قبلها حتى تصادف الملك.

و كيف كان فاذا صلح الفسخ الفعلى لرفع اثر العقد الثابت المؤثر فعلا، صلح لرفع اثر العقد المتزلزل، من حيث الحدوث القابل للتأثير بطريق اولى.

و اما الثانى: و هو ما

______________________________

للعقد (بها) اى بهذه الافعال (بل يوجب بطلانها) اى بطلان هذه الافعال، بان يكون الوطي حراما، و البيع و العتق غير نافذين، لانها وردت على غير الملك (لعدم حصول الملك المتوقف على الفسخ) اذ: انما يملك المالك البائع، الشي ء المبيع، اذا فسخ العقد، فالملك متوقف على الفسخ (قبلها) اى قبل هذه الافعال (حتى تصادف) هذه الافعال (الملك) من الفاعل لها.

(و كيف كان) الامر (فاذا صلح الفسخ الفعلى لرفع اثر العقد الثابت المؤثر فعلا) كالوطى من المالك، فيما اذا كان له خيار، فان العقد ثابت و مؤثر فعلا لملكية المشترى، و مع ذلك الوطي يرفع هذا العقد المؤثر (صلح) الفعل (لرفع اثر العقد المتزلزل، من حيث الحدوث) و هو عقد الفضول الّذي لم يثبت بعد (القابل) ذلك العقد (للتأثير) اذا انضم إليه اجازة المالك (بطريق اولى) فان دفع الثابت اصعب من دفع ما يريد ان يثبت.

(و اما الثانى: و هو ما) اذا اوقع المالك فعلا على الشي ء المبيع

ص: 403

يقع فى حال عدم الالتفات فالظاهر عدم تحقق الفسخ به، لعدم دلالته على إنشاء الرد، و المفروض عدم منافاته أيضا للاجازة اللاحقة، و لا يكفى مجرد رفع اليد عن الفعل بانشاء ضده، مع عدم صدق عنوان الرد الموقوف على القصد، و الالتفات الى وقوع المردود، نظير انكار الطلاق الّذي جعلوه رجوعا، و لو مع عدم الالتفات الى وقوع الطلاق- على

______________________________

فضولة مع جهله بالمعاملة الفضولية، بان (يقع) الفعل (فى حال عدم الالتفات) كما لو وطئ الجارية، و هو لا يعلم ان الفضول قد باعها (فالظاهر عدم تحقق الفسخ به) بهذا الفعل (لعدم دلالته) اى الفعل (على إنشاء الردّ، و المفروض عدم منافاته) اى الفعل الصادر بدون التفات (أيضا للاجازة اللاحقة) فلا يكون الفعل مبطلا، لا من جهة كونه إنشاء الرد، و لا من جهة كونه: منافيا بحيث يبطل العقد الفضولى السابق (و لا يكفى) فى الرد (مجرد رفع اليد) القهرى (عن الفعل) الّذي هو عقد الفضول (بانشاء ضده) بان يأتى المالك بشي ء هو ضد العقد (مع عدم صدق عنوان الرد الموقوف) ذلك العنوان (على القصد، و الالتفات) من الفاعل المالك (الى وقوع المردود) متعلق ب: الالتفات (نظير) اى لا يكفى إنشاء الضد هنا، و ان قالوا بالكفاية فى باب رد الطلاق (انكار الطلاق) كما لو طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، ثم قيل له: هل طلقت زوجتك، فقال: لا (الّذي جعلوه) اى الانكار (رجوعا، و لو مع عدم الالتفات) حين الانكار (الى وقوع الطلاق) منه سابقا (- على

ص: 404

ما يقتضيه اطلاق كلامهم-.

نعم: لو ثبت كفاية ذلك فى العقود الجائزة كفى هنا، بطريق اولى كما عرفت-.

لكن لم يثبت ذلك هنا فالمسألة محل اشكال

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 7، ص: 405

______________________________

ما يقتضيه اطلاق كلامهم-) حيث انهم جعلوا: الانكار، رجوعا الى المرأة، سواء كان ملتفتا حين الانكار الى انه طلق سابقا، أم لم يكن ملتفتا؟.

(نعم: لو ثبت كفاية ذلك) الفعل المضاد من غير التفات (فى العقود الجائزة) كما لو وهب ماله لشخص هبة جائزة، ثم تصرف فيها تصرفا مضادا، كما لو باع المال لآخر، من دون التفات الى انه وهبه سابقا، و قلنا: بان البيع اللاحق يبطل الهبة الجائزة (كفى هنا) فى باب الفضولى اذا تصرف المالك فى المال تصرفا مالكيا ينافى العقد الفضولى، و كان المالك غير ملتفت الى العقد الفضولى، (بطريق اولى) لان العقد الجائز متزلزل من حيث البقاء، و الفضولى متزلزل من حيث الحدوث، فاذا كان تصرف يوجب فسخ المتزلزل بقاء- مع ان المالك هو الّذي عقد- كان التصرف موجبا لرد الفضولى بطريق اولى الّذي هو متزلزل حدوثا (- كما عرفت-) الاولوية سابقا قبل اسطر.

(لكن لم يثبت ذلك) اى كفاية الفعل فى فسخ العقد الجائز (هنا) فى باب العقود الجائزة (فالمسألة) اى مسئلة الرد للفضولى، بمجرد الفعل المنافى بدون قصد، و التفات (محل اشكال) هل يكون

ص: 405

بل الاشكال فى كفاية سابقه أيضا.

فان بعض المعاصرين يظهر منهم دعوى الاتفاق على اعتبار اللفظ فى الفسخ كالاجازة.

و لذا استشكل فى القواعد فى بطلان الوكالة، بايقاع العقد الفاسد على متعلقها جاهلا بفساده.

و قرره فى الايضاح، و جامع المقاصد على الاشكال.

و الحاصل: ان المتيقن من الرد

______________________________

ردا أم لا؟ (بل الاشكال فى كفاية سابقه) اى كون الفعل مع القصد و الالتفات يكون ردا للفضولى (أيضا) كالاشكال فى الفعل بلا قصد و التفات.

(فان بعض المعاصرين يظهر منهم دعوى الاتفاق على اعتبار اللفظ فى الفسخ) للفضولى (كالاجازة) التى هى محتاجة الى اللفظ أيضا.

(و لذا) الّذي ذكرنا من الاحتياج الى اللفظ (استشكل فى القواعد فى بطلان الوكالة، بايقاع العقد الفاسد على متعلقها) اى متعلق الوكالة فى حالكون العاقد (جاهلا بفساده) اى فساد العقد، كما لو و كل زيد عمروا فى بيع داره، ثم باعها زيد من بكر بيعا فاسدا- كما لو كان الثمن مثلا مجهولا- فان العلامة اشكل فى كون هذا البيع الفاسد مبطلا للوكالة مع ان البيع فعل ينافى الوكالة.

(و قرره) اى القواعد (فى الايضاح، و جامع المقاصد على الاشكال) بان لم يردا اشكال العلامة.

(و الحاصل: ان المتيقن من الرد) للبيع الفضولى الموجب لزوال

ص: 406

هو الفسخ القولى، و فى حكمه تفويت محل الاجازة بحيث لا يصح وقوعها على وجه يؤثر من حين العقد.

و اما الرد الفعلى، و هو الفعل المنشأ به مفهوم الرد فقد عرفت نفى البعد عن حصول الفسخ به.

و اما مجرد ايقاع ما ينافى مفهومه، قصد بقاء العقد من غير تحقق مفهوم الرد، لعدم الالتفات الى وقوع العقد.

فالاكتفاء به مخالف للاصل.

______________________________

اثر العقد (هو الفسخ القولى) اما الفسخ الفعلى ففيه اشكال (و فى حكمه) اى حكم القولى (تفويت محل الاجازة) اى الشي ء الّذي وقع عليه الفضولى (بحيث لا يصح وقوعها) اى الاجازة (على وجه يؤثر من حين العقد) كما لو استولد المالك الامة.

(و اما الرد الفعلى) الّذي لا يفوت محل الاجازة، كما لو باع المالك المتاع (و هو الفعل المنشأ به مفهوم الرد، فقد عرفت نفى البعد عن حصول الفسخ به) بان اتى المالك بالفعل قاصدا به رد العقد الّذي اوقعه الفضولى.

(و اما مجرد ايقاع ما ينافى مفهومه) اى مفهوم المنافى ف: مفهومه فاعل ينافى، و مصداق: ما، هو الفعل (قصد بقاء العقد) «قصد» مفعول: ينافى، (من غير تحقق مفهوم الرد) بذلك الفعل (لعدم الالتفات) من المالك (الى وقوع العقد) من الفضول.

(فالاكتفاء به) اى مجرد ايقاع ما ينافى (مخالف للاصل) لاصالة

ص: 407

و فى حكم ما ذكرنا: الوكالة و الوصاية.

و لكن الاكتفاء فيهما بالرد الفعلى، اوضح.

و اما الفسخ فى العقود الجائزة بالذات، او الخيار، فهو منحصر باللفظ، او الرد الفعلى.

و اما فعل ما لا يجامع صحة العقد، كالوطى، و العتق

______________________________

بقاء قابلية العقد للحوق الاجازة به ما لم يخرج بالدليل، و الدليل دل على سقوط القابلية فى الرد القولى، و الفعلى المنشأ بقصد الرد.

(و فى حكم ما ذكرنا) من العقد الفضولى، و ان الرد القولى و الفعلى المنشأ بقصد الرد يبطلانه (الوكالة و الوصاية) فلو وكل انسانا، او اوصى الى انسان، ثم رد الوكالة و الوصاية باللفظ، او بفعل إنشاء بقصد الرد بطلتا.

(و لكن الاكتفاء فيهما) اى فى الوكالة و الوصاية (بالرد الفعلى، اوضح) لانهما فى ذاتهما الجواز، بخلاف البيع الفضولى فانه فى ذاته اللزوم.

(و اما الفسخ فى العقود الجائزة بالذات) كالهبة غير اللازمة (او) الجائزة ب (الخيار) كالبيع، و الاجازة بخيار من احد الطرفين (فهو) اى الفسخ (منحصر باللفظ، او الرد الفعلى) كان يبيع لعمرو، ما باعه بيعا خياريا، لزيد، و يكون بيعه الثانى بقصد فسخ البيع الاول.

(و اما فعل) من له الفسخ لجواز او لخيار (ما) اى عملا (لا يجامع) ذلك العمل (صحة العقد) السابق (كالوطى) للامة (و العتق) للعبد،

ص: 408

و البيع، فالظاهر: ان الفسخ بها من باب تحقيق القصد قبلها لا لمنافاتها لبقاء العقد، لان مقتضى المنافات بطلانها لا انفساخ العقد عكس ما نحن فيه، و تمام الكلام فى محله.

______________________________

فانه لا يجامع كون الامة و العبد للغير، اذ: لا وطى الا فى ملك، و:

لا عتق الا فى ملك (و) كذا (البيع، فالظاهر: ان الفسخ بها) اى بالوطى و العتق، و البيع، ليس لانها فعلا ينافى صحة العقد، بل (من باب تحقق القصد) اى قصد الواطئ و المعتق (قبلها) اى قبل الوطي و العتق و البيع (لا لمنافاتها لبقاء العقد).

و انما قلنا: ان الظاهر (لان مقتضى المنافات) بين العقد السابق و بين الوطي و العتق اللاحق (بطلانها) اى حرمة الوطي و بطلان العتق و البيع (لا انفساخ العقد) السابق عليها، اذ: الوطي و العتق و البيع- بناء على عدم قصد ذى الخيار، ابطال العقد السابق- وقعت فى ملك الناس، فمقتضى القاعدة: انها تبطل، لا انها تبطل العقد السابق (عكس ما نحن فيه) من العمل المنافى الصادر من المالك فى باب العقد الفضولى، فان مقتضى صدور الوطي و العتق و البيع من المالك- فيما عقد الفضول سابقا على الامة و العبد و البيع- ابطالها للعقد الفضول، لانها صدرت فى ملكه و نفت العقد.

و الحاصل: ان فى باب الخيار المالكى، لو فعل ذو الخيار منافيا للعقد بطل المنافى، لان المال ليس ملكه، و فى باب الفضولى، لو فعل المالك منافيا لعقد الفضول بطل العقد، لان المال ملكه (و تمام الكلام فى محله)

ص: 409

ثم: ان الرد انما يثمر فى عدم صحة الاجازة بعده.

و اما انتزاع المال من المشترى لو اقبضه الفضولى، فلا يتوقف على الرد، بل يكفى فيه عدم الاجازة.

و الظاهر ان الانتزاع بنفسه رد مع القرائن الدالة على ارادته منه لا مطلق الاخذ، لانه اعم.

و لذا ذكروا: ان الرجوع فى الهبة لا يتحقق به.

______________________________

فى باب فسخ ذى الخيار فسخا فعليا مع القصد، او بدون القصد.

(ثم: ان الرد انما يثمر فى عدم صحة الاجازة بعده) اى بعد الرد فلو رد المالك عقد الفضول، ثم اجاز بعد الرد لم تكن اجازته مثمرة، لان العقد لا يكون عقده بعد الرد، عرفا، فلا يشمله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(و اما انتزاع المال من المشترى لو اقبضه) اى اقبض المال الى المشترى (الفضولى، فلا يتوقف على الرد، بل يكفى فيه) اى فى الانتزاع (عدم الاجازة) فلو انتزعه كان له ان يجيز بعد ذلك لان الانتزاع ليس ردا.

(و) لكن (الظاهر) من العرف الّذي هو الميزان فى تطبيق الكليات على المصاديق (ان الانتزاع بنفسه رد مع القرائن الدالة على ارادته) اى إرادة المالك الرد (منه) اى من الانتزاع (لا مطلق الاخذ) و الانتزاع من المشترى، يكون ردا (لانه) اى الاخذ (اعم) من الرد، لامكان ان يكون المالك اخذ المال حتى يعطيه المشترى الثمن، ثم يسلم المال إليه.

(و لذا ذكروا: ان الرجوع فى الهبة) الجائزة (لا يتحقق به) اى بالاخذ لامكان ان يكون اخذه بقصد الغصب، او ما اشبه.

ص: 410

سيصدر القسم الرابع من كتاب البيع عن قريب إن شاء اللّه تعالى

ص: 411

محتويات الكتاب

الموضوع الصفحة

فى شرطية اذن المولى ان كان العاقد مملوكا 3

فى ان من شروط المتعاقدين ان يكونا مالكين او مأذونين 22

فى بيع الفضولى و اقسامه 26

فى بيع الفضولى للمالك مع عدم منع سابق من المالك 31

فى الاستدلال بصحة عقد الفضولى 33

فى ادلة المبطلين للعقد الفضولى 68

فى بيع الفضولى للمالك مع سبق المنع من المالك 89

فى بيع الفضولى لنفسه 94

فى عدم الفرق بين بيع الفضولى عقدا او معاطاة 150

فى الاجازة و الردّ من المالك 161

فى ان كاشفية الاجازة على وجوه ثلاثة 186

فى بيان الثمرة بين الكشف و النقل 190

فى ان الخلاف فى كون الاجازة ناقلة او كاشفة فى حكمها الشرعى 227

فى ان الاجازة يلزم ان تكون باللفظ 228

فى ان من شروط الاجازة ان لا يسبقها الردّ 238

فى ان الاجازة من الاحكام لا من الحقوق 241

ص: 412

الموضوع الصفحة فى ان اجازة البيع ليست اجازة للقبض و الاقباض 243

فى ان الاجازة ليست بفورى 247

فى ان الاجازة هل يعتبر مطابقتها للعقد أم لا؟ 248

فى ان صحة الاجازة هل تكون مع الشرط او بدونه 250

فى اشتراط ان المجيز يلزم ان يكون جائز التصرف حال الاجازة 252

فى انه هل يشترط فى صحة عقد الفضولى وجود مجيز أم لا؟ 253

فى عدم اشتراط كون المجيز جائز التصرف حال العقد 261

فى ما لو باع لنفسه ثم اشتراه من المالك 264

فى الاشكالات على صحة بيع: من باع ثم ملك 267

فى بيان المراد بفساد البيع 310

فى ما لو باع معتقدا انه غير جائز التصرف فبان خلافه 333

فى الامور المربوطة بالمجاز 358

فى ترتب عقود متعددة على مال المجيز 374

فى احكام الرد 392

فى التصرفات غير المنافية لملك المشترى 399

محتويات الكتاب 412

ص: 413

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.